حديث: يجزئ من الضرورة غبوق أو صبوح

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب متى يحل أكل الميتة؟

عن سمرة بن جندب، أن رسول الله ﷺ قال: «يجزئ من الضرورة أو الضارورة غبوق أو صبوح».

صحيح: رواه الحاكم (٤/ ١٢٥) من طريق معاذ بن معاذ العنبريّ، ثنا ابن عون قال: قرأت عند الحسن كتاب سمرة بن جندب إلى بنيه، وفيه: أن رسول الله ﷺ قال فذكره.

عن سمرة بن جندب، أن رسول الله ﷺ قال: «يجزئ من الضرورة أو الضارورة غبوق أو صبوح».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يفتح لنا أبواب فضله وكرمه، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين وارض عنا يا أكرم الأكرمين.
هذا الحديث الذي ذكر حديث صحيح، رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهما. وهو من الأحاديث التي تتعلق بآداب الطعام والشراب، وتقدير الضرورة فيها.

أولاً. شرح المفردات:


● يُجْزِئُ: أي يكفي ويُقنِع، ويُسقِط الفرض أو يُسقِط الحرج.
● مِنَ الضَّرُورَةِ أو الضَّارُورَةِ: (بفتح الضاد وضمها) والمراد بها هنا: الحاجة الملحَّة أو الشهوة القوية للشرب ليلاً أو نهاراً.
● غَبُوقٌ: هو الشرب بعد العشاء، أي في الليل.
● صَبُوحٌ: هو الشرب أول النهار، أي في الصباح.
فالمعنى الإجمالي: أن الذي يشرب الخمر (أو أي شراب مُسكر) مضطراً إليه، إما لشدة العطش أو لحاجة مرضية أو نحو ذلك، فإنه يكفيه أن يشرب مرة في الليل أو مرة في النهار لدفع تلك الضرورة، ولا يتجاوز ذلك إلى الإكثار.

ثانياً. شرح الحديث:


هذا الحديث جاء في سياق تحريم الخمر، وأنها رجس من عمل الشيطان، ولكنه يبيّن رحمة الإسلام ومرونته في حال الضرورة. فإذا اضطر الإنسان إلى شرب شيء محرم لدفع ضرر محقق، كأن يخاف على نفسه الهلاك من العطش الشديد، ولم يجد إلا خمراً، فإنه يجوز له أن يشرب بقدر ما يدفع به الضرورة فقط.
والحديث يحدد هذه الكمية بأنها "غبوق أو صبوح"، أي شربة في الليل أو شربة في النهار، ولا يزيد على ذلك. وهذا من باب التخفيف على المضطر، مع منعه من الإسراف أو التمادي في الشرب.

ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- رحمة الإسلام ومرونته: فالشريعة الإسلامية لم تأتِ لتعنت على الناس، بل لترفع عنهم الحرج، وتيسر عليهم أمورهم، خاصة في حالات الضرورة.
2- تقدير الضرورة بقدرها: فإذا اضطر الإنسان لمحرم، فإنه لا يتوسع فيه، بل يأخذ منه بقدر ما يدفع به الضرورة فقط، كما قال تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}.
3- تحريم الإسراف: حتى في حال الضرورة، فإن الإسلام ينهى عن الإسراف والتجاوز للحدود.
4- التنبيه على خطورة الخمر: فحتى في حال الضرورة، لم يأذن بالإكثار منها، بل بقدر الضرورة فقط.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يدخل تحت القاعدة الفقهية المشهورة: "الضرورات تبيح المحظورات"، ولكن بشروط، منها: أن تكون الضرورة حقيقية، وأن لا يتعدى المضطر قدر الحاجة.
- المقصود بالشرب هنا هو شرب الخمر أو أي مسكر، ولكن الحكم يشمل أي محرم إذا اضطر الإنسان إليه.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على أن المضطر إذا شرب الخمر للضرورة، فإنه لا حد عليه، لأنه لم يشربها للتلذذ، بل لدفع الضرورة.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الحاكم (٤/ ١٢٥) من طريق معاذ بن معاذ العنبريّ، ثنا ابن عون قال: قرأت عند الحسن كتاب سمرة بن جندب إلى بنيه، وفيه: أن رسول الله ﷺ قال فذكره.
ورواه أبو عبيد في غريب الحديث (١/ ٦١) عن معاذ بهذا الإسناد مثله إِلَّا أنه لم يذكر فيه رسول الله ﷺ، ولا يضره ذلك لأن الظاهر أنه ذكر في أول الحديث من الكتاب كما هي طبيعة الصحف، والنسخ المروية بإسناد واحد.
وإسناده صحيح. وقوله: «الضارورة هي لغة في الضرورة كما في النهاية، وقوله: «غبوق» هو الشرب آخر النهار، والصبوح في أوله ثمّ استعملا في الأكل، فالأكل الصبوح هو الغداء، وأكل الغبوق هو العشاء.
وأمّا ما رُوي عن أبي واقد الليثي: أنهم قالوا: يا رسول الله إنا بأرض تصيبنا بها المخمصة، فمتى تحل لنا الميتة؟ قال: «إذا لم تصطبحوا، ولم تغتبقوا، ولم تحتفئوا فشأنَكم بها». فهو معلول. رواه الأوزاعي عن حسان بن عطية واختلف عليه: فرواه الإمام أحمد (٢١٩٠١) عن الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعيّ، ثنا حسان بن عطية، عن أبي واقد الليثي فذكره.
ورواه الحاكم (٤/ ١٢٥) من طريق أبي عاصم (هو الضَّحَّاك بن مخلد)، ثنا الأوزاعي بهذا الإسناد.
قال الحاكم: «صحيح على شرط الشّيخين». فتعقبه الذّهبيّ بقوله: «فيه انقطاع».
قال الأعظمي: يشير إلى أن حسان بن عطية لم يسمعه من أبي واقد، وإنما بينهما واسطة، وكذلك قال البيهقيّ في المعرفة (١٤/ ١٢٩): «هذا حديث منقطع لم يسمعه حسان بن عطية من أبي واقد، وإنما سمعه من مرثد أو عن أبي مرثد، وهو مجهول». وقد رجّح الدَّارقطنيّ في العلل (١١٥٤) رواية الوليد بن مسلم المنقطعة. فهو لا يخلو من انقطاع أو مجهول. ومعنى الحديث: إذا لم يجد الرّجل غداء أو عشاء حلت له الميتة وإلَّا فلا.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن سمرة بن جندب أن النَّبِيّ ﷺ قال: «إذا روّيت أهلك من اللبن غبوقا فاجتنبْ ما نهى الله عنه من ميتة».
رواه الحاكم (٤/ ١٢٥)، والبيهقي (٩/ ٣٥٧) من طريق يحيى بن يحيى، عن خارجة، عن ثور، عن راشد بن سعد، عن سمرة بن جندب فذكره. وصحّح إسناده الحاكم.
قال الأعظمي: كذا قالا! مع أن في إسناده خارجة وهو: ابن مصعب بن خارجة، أبو الحجاج الخراسانيّ، متفق على وهنه، قال النسائيّ وغيره: متروك الحديث، وكذبه يحيى بن معين في رواية.
تنبيه: تمّ تصحيح هذا الحديث في المنة الكبرى (٨/ ٣٧٣) ظنا مني بأن خارجة هذا هو: خارجة بن مصعب بن خارجة بن مصعب بن خارجة الحفيد، والصحيح أنه خارجة بن مصعب بن خارجة أبو الحجاج الجدّ وهو متروك.
وفي الباب عن الفُجيع العامري أنه أتى رسول الله ﷺ فقال: ما يحل لنا من الميتة؟ «قال: «ما
طعامكم؟ قلنا: نغتبق ونصطبح، قال: ذاك - وأبي - الجوع، فأحل لهم الميتة على هذه الحال. ففي إسناده ضعف، وفي متنه نكارة.
قال أبو نعيم: فسَّره لي عقبة: قدح غدوة، وقدح عشية.
رواه أبو داود (٣٨١٧) عن هارون بن عبد الله، ثنا الفضل بن دكين، ثنا عقبة بن وهب بن عقبة العامري قال: سمعت أبي يحدّث عن الفُجيع العامري فذكره.
وفيه قول أبي نعيم: فسَّره لي عقبة: قدح غدوة، وقدح عشية.
ومن طريق أبي داود رواه البيهقيّ (٩/ ٣٥٧).
وفي إسناده وهب بن عقبة العامري لم يوثقه غير ابن حبَّان، ولم يرو عنه إِلَّا أبنه عقبة بن وهب، فهو مجهول، وقال الحافظ: «مستور».
وأمّا ابنه عقبة بن وهب العامري البكائي الكوفي فمختلف فيه، والأكثر على أنه لا يعرف، وقال الحافظ في التقريب «مقبول» يعني حيث يتابع، ولم أجد من تابعه عليه، ولذا قال الذّهبيّ في الميزان: «لا يعرف وخبره لا يصح». يعني حديثه هذا. وقال البيهقيّ: «في ثبوته نظر».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 98 من أصل 127 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يجزئ من الضرورة غبوق أو صبوح

  • 📜 حديث: يجزئ من الضرورة غبوق أو صبوح

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يجزئ من الضرورة غبوق أو صبوح

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يجزئ من الضرورة غبوق أو صبوح

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يجزئ من الضرورة غبوق أو صبوح

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب