كل ذي ناب من السباع حرّم يوم خيبر

حديث: كل ذي ناب من السباع حرّم يوم خيبر

عن أبي هريرة قال: إن رسول الله ﷺ حرّم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع، والمجثّمة، والحمار الإنسي ....

حسن: رواه الترمذيّ (١٧٩٥)، وأحمد (٨٧٨٩) من طريق زائدة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة قال: إن رسول الله ﷺ حرّم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع، والمجثّمة، والحمار الإنسي ....

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
الحديث الذي تفضلت بذكره جزء من حديث أطول رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه تحريم أنواع من الحيوانات. إليك الشرح المفصل:

1. شرح المفردات:

* يَوْمَ خَيْبَرَ: أي في غزوة خيبر التي وقعت في السنة السابعة للهجرة. وذكر الزمان ("يوم خيبر") للتنصيص على وقت تشريع هذا الحكم وتأكيده، وليس للحصر، فالحكم عام ومستمر.
* حَرَّمَ: أي حرّم أكلها وحلّها، وجعلها محرمة على المسلمين.
* ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ: كل حيوان مفترس يتميز بناب قوي يعدو به على فريسته ويتمزق لحمها به. مثل: الأسد، النمر، الذئب، الفهد، الكلب، والقطط المفترسة.
* وَالْمُجَثِّمَةِ: هي الطير أو الحيوان الذي يُصاد أو يُقتل بواسطة أداة ثقيلة (كالحجر أو الخشبة) تُلقى عليه فتسحقه أو تجثم عليه (أي تقع وتثبت عليه)، فتموته بثقلها، وليس بحدّها أو نصلها. سُميت بذلك من "الجثم" وهو الثقل والقعود. ويحرم أكلها لأنها لم تذكّى تذكية شرعية (أي لم يُسال دمها بطريقة مشروعة).
* وَالْحِمَارِ الْإِنْسِيِّ: هو الحمار الأهلي المستأنس الذي يُركب ويُستخدم في الحمل والأشغال، وليس الحمار الوحشي.

2. شرح الحديث:

في غزوة خيبر، وبعد أن منّ الله على المسلمين بالفتح، ووجدوا الكثير من المواشي والأنعام، قام رسول الله ﷺ ببيان ما هو حلال وما هو حرام من اللحوم، فأعلن تحريم ثلاثة أصناف:
* الصنف الأول: ذو الناب من السباع: وحكمة تحريمه تعود إلى أسباب متعددة، منها:
* الخبث والضرر: لأنها تتغذى على الجيف واللحوم النجسة، فتصير لحمها خبيثاً ضاراً بالإنسان.
* الطبع السيء: لأنها حيوانات متوحشة، وفي أكلها تشبه بها وتقليد لطبعها الوحشي.
* النص الشرعي: فالتحريم جاء بنص صريح من الشارع الحكيم.
* الصنف الثاني: المجثمة: وحكمة تحريمها هي أن طريقة قتلها هذه لا تُخرج الدم الخارج من البدن على الوجه المشروع (الذكاة)، والدم محرم بأمر الله تعالى. فالشرع اشترط في الذكاة أن تُسال دماء الذبيحة بإراقة الدم عن طريق قطع الحلقوم والمريء بالآلة الحادة، مما يضمن خروج أكبر قدر من الدم الذي هو موطن للجراثيم والميكروبات.
* الصنف الثالث: الحمار الإنسي (الأهلي): وقد كان تحريمه لأسباب خاصة، منها أنه في ذلك الوقت كان يستخدم في الأعمال الشاقة والنقل، فأكله يؤدي إلى تعطيل المصالح العامة. وقيل لأسباب أخرى تتعلق بالطهارة والنجاسة. وقد جاء النص الصريح بتحريمه.

3. الدروس المستفادة منه:

1- رحمة الإسلام وحرصه على صحة الإنسان: فما حرمه الله إلا لما فيه من ضرر وخبث، سواء كان ظاهراً أو خفياً، وهذا من كمال الشريعة وعدلها.
2- التشريع التدريجي: كثير من الأحكام كانت تُنزل منجمة حسب الحاجة والوقائع، كما حدث في غزوة خيبر.
3- النهي عن التشبه بأفعال الكفار: فقد كان العرب في الجاهلية يأكلون هذه المحرمات، فجاء الإسلام ليهذب الأخلاق ويبني أمة متميزة.
4- الاهتمام بطريقة الذبح (الذكاة): فليس المهم مجرد أكل اللحم، بل كيف تم الحصول عليه، مما يدل على نظافة المنهج الإسلامي في المأكل والمشرب.
5- طاعة الله ورسوله فيما أمر وفيما نهى: فالمسلم يسلم أمره لله ويوقن أن في تشريع الحكيم الخبير مصلحة له.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* يستثنى من "ذي الناب" الأرنب على الراجح من أقوال العلماء، فقد ثبت أن الصحابة كانوا يأكلونه في عهد النبي ﷺ ولم ينكر عليهم، وهو وإن كان له ناب إلا أنه ليس بسبع مفترس.
* الصنف الرابع الذي أكمله الحديث في روايات أخرى هو "كل ذي مخلب من الطير" كالصقر والنسر والبازي، وهي الطيور التي تصيد بمخالبها، وتحرم لنفس حكم السباع.
* الحديث دليل على تحريم أكل الكلب، لأنه من ذوات الناب المفترسة.
* ما ذُكر في الحديث هو من المحرمات التي نص عليها، ويضاف إليها ما حرمه الله في القرآن كالميتة والدم ولحم الخنزير.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (١٧٩٥)، وأحمد (٨٧٨٩) من طريق زائدة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره. وقال الترمذيّ: «حسن صحيح».
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو، هو ابن علقمة بن وقَّاص الليثي فإنه حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات، وزائدة هو ابن قدامة الثقفي.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 104 من أصل 127 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كل ذي ناب من السباع حرّم يوم خيبر

📜 حديث: كل ذي ناب من السباع حرّم يوم خيبر

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كل ذي ناب من السباع حرّم يوم خيبر

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كل ذي ناب من السباع حرّم يوم خيبر

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كل ذي ناب من السباع حرّم يوم خيبر

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية