حديث: من كذب بالحوض فلا سقاه الله منه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الإيمان في إثبات حوض النّبيّ ﷺ وصفاته، ومَن يردُ عليه ومن يُذاد عنه مِن أمّته

عن أبي حمزة قال: دخل أبو برزة على عبيد اللَّه بن زياد، فقال: إنّ محدِّثَكم -كذا- هذا الدّحداح فقال: ما كنتُ أرى أعيش في قوم يعدّون صحبة رسول اللَّه ﷺ عارًا. قالوا: إنّ الأمير إنّما دعاك ليسألك عن الحوض، عن أي باله. قال: أحقّ هو؟ قال: نعم، فمن كذّب به فلا سقاه اللَّه منه.

حسن: رواه البيهقيّ في: البعث (١٥٤) من طريق محمد بن يحيى الذّهليّ، ثنا عبد الرحمن بن مهديّ، عن قرّة بن خالد، عن أبي حمزة، فذكره.

عن أبي حمزة قال: دخل أبو برزة على عبيد اللَّه بن زياد، فقال: إنّ محدِّثَكم -كذا- هذا الدّحداح فقال: ما كنتُ أرى أعيش في قوم يعدّون صحبة رسول اللَّه ﷺ عارًا. قالوا: إنّ الأمير إنّما دعاك ليسألك عن الحوض، عن أي باله. قال: أحقّ هو؟ قال: نعم، فمن كذّب به فلا سقاه اللَّه منه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم، رواه الإمام أحمد في مسنده، وله قصة وموقف نبوي شريف. سأشرحه لك جزءاً جزءاً بحول الله وقوته، معتمداً على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. نص الحديث ورواته:


الحديث عن أبي حمزة، وهو ثابت البناني، التابعي الثقة. يروي عن الصحابي الجليل أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، وهو نُعيم بن عبد الله، صحابي مشهور شهد الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم.
والقصة تدور حول دخول أبي برزة على عبيد الله بن زياد، وهو والي العراق من قبل بني أمية، وكان مشهوراً بسوء خلقه وتجاوزاته، ومنها قتل الحسين رضي الله عنه.


ثانياً. شرح المفردات:


* دحداح: كلمة تُقال للرجل القصير السمين. وقيل: هو لقب لرجل كان حاضراً في المجلس، ووصفه بهذا الوصف فيه نوع من التحقير والاستخفاف من قبل عبيد الله بن زياد.
* يعدون صحبة رسول الله ﷺ عارًا: أي يعتبرونها شيئاً يُعاب به صاحبه ويُستحى منه، وهذا من أعظم الجهل والضلال.
* الحوض: هو حوض النبي صلى الله عليه وسلم في يوم القيامة، وهو حوض عظيم ترد عليه أمته، له ميزابان من الجنة، ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً.
* عن أي باله: أي من أي جهة يأتيه ماؤه؟ أو ما هي صفته ومصدره؟
* فمن كذّب به فلا سقاه الله منه: دعاء على من أنكر حقيقة حوض النبي صلى الله عليه وسلم بأن يحرمه الله من الشرب منه.


ثالثاً. المعنى الإجمالي للحديث:


يدخل الصحابي الجليل أبو برزة رضي الله عليه على الوالي الجائر عبيد الله بن زياد، فيجد أن الوالي ومن معه يستخفون به ويستهزئون بكونه صحابياً، حتى أن أحد الحاضرين (الدحداح) قال كلاماً يفيد أن صحبة الرسول ﷺ أصبحت في نظرهم عاراً يُعاب به صاحبه.
فغضب أبو برزة غضباً لله ولرسوله، وقال كلمته الشجاعة التي تظهر عِظَم منزلة الصحبة في قلوب المؤمنين: "ما كنت أرى أعيش في قوم يعدون صحبة رسول الله ﷺ عارًا".
فلما رأوا غضبه خافوا عاقبة أمرهم، فحاولوا تهدئته وتبرير موقف الأمير بأنه دعاه ليسأله عن حوض النبي ﷺ في القيامة وعن صفاته. فاستفهم أبو برزة: "أحق هو؟" أي هل تصدقون به حقاً وتؤمنون به؟ فلما أجابوه بالإيجاب، حسم الموقف بتصديقهم وبتأكيد حقيقة الحوض، ثم أتبعها بدعاء على من يكذب به بالحرمان من شرب منه، وهو أشد أنواع الحرمان.


رابعاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عِظَم منزلة الصحابة رضي الله عنهم: فهم صفوة الخلق بعد الأنبياء، وصحبتهم للرسول ﷺ هي أعظم شرف يمكن أن يُحظى به. والاستهزاء بهم أو الاستخفاف بهم من كبائر الذنوب ومن علامات النفاق.
2- الغيرة على جناب رسول الله ﷺ ومكانته: غضب أبي برزة كان غضباً لله ولرسوله، وهو نموذج للدفاع عن حرمة النبي ﷺ وتقدير صحابته الكرام.
3- إثبات حوض النبي ﷺ: الحديث دليل قاطع على إثبات حوض النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من أمور الغيب التي يجب الإيمان بها كما جاءت، ومن أنكرها فهو على خطر عظيم.
4- الشجاعة في قول الحق: الموقف يعلمنا أن نقول الحق ولا نخاف في الله لومة لائم، حتى ولو كان أمام حاكم جائر. فقد واجه أبو برزة الوالي وأعوانه بكلمة الحق.
5- ذم مجالس السخرية والاستهزاء بالدين وأهله: مجلس عبيد الله بن زياد كان مجلس سوء، يجري فيه الاستخفاف بالصحابة، وهذا من أفعال أهل الضلال والهوى.
6- الحكمة في الرد: لم يكتفِ أبو برزة بالتوبيخ، بل عندما قدموا له السؤال الشرعي (عن الحوض) أجابهم وأفادهم، فجمع بين الإنكار والتعليم.


خامساً:

معلومات إضافية مفيدة:
* هذا الموقف يظهر جزءاً من معاناة الصحابة الكرام في آخر حياتهم، وكيف أن بعض الولاة المنحرفين كانوا يستخفون بهم.
* إثبات الحوض هو عقيدة أهل السنة والجماعة، وقد تواترت الأحاديث الصحيحة فيه، وأجمع السلف على الإيمان به.
* قول أبي برزة: "فمن كذّب به فلا سقاه الله منه" هو دعاء مستجاب، لأنه دعاء من صحابي جليل في مقام الدفاع عن عقيدة صحيحة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الواردين على حوض نبيه محمد ﷺ، وأن لا يحرّمنا من شربة منه لا نظمأ بعدها أبداً. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هذا والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البيهقيّ في: البعث (١٥٤) من طريق محمد بن يحيى الذّهليّ، ثنا عبد الرحمن بن مهديّ، عن قرّة بن خالد، عن أبي حمزة، فذكره.
ورجال إسناده ثقات غير أبي حمزة واسمه طلحة بن يزيد الأنصاري حسن الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 823 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من كذب بالحوض فلا سقاه الله منه

  • 📜 حديث: من كذب بالحوض فلا سقاه الله منه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من كذب بالحوض فلا سقاه الله منه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من كذب بالحوض فلا سقاه الله منه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من كذب بالحوض فلا سقاه الله منه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب