من دخل على الأمراء فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني

حديث: من دخل على الأمراء فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني

عن كعب بن عجرة، قال: خرج إلينا رسول اللَّه ﷺ ونحن تسعة، خمسة، وأربعة، أحد العددين من العرب، والآخر من العجم، فقال: «اسمعوا، هل سمعتم أنه سيكون بعدي أمراءُ، فمن دخل عليهم فصدّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولستُ منه، وليس بوارد عليّ الحوض، ومن لم يدخل عليهم ولم يُعنهم على ظلمهم ولم يصدقهم بكذبهم فهو مني وأنا منه، وهو واردٌ علي».

صحيح: رواه الترمذي (٢٢٥٩) عن هارون بن إسحاق الهمدانيّ، حدّثني محمد بن عبد الوهاب، عن مِسْعَر، عن أبي حصين، عن الشّعبيّ، عن عاصم العدويّ، عن كعب بن عُجرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث:
عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: خرج إلينا رسول اللَّه ﷺ ونحن تسعة، خمسة، وأربعة، أحد العددين من العرب، والآخر من العجم، فقال: «اسمعوا، هل سمعتم أنه سيكون بعدي أمراءُ، فمن دخل عليهم فصدّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولستُ منه، وليس بوارد عليّ الحوض، ومن لم يدخل عليهم ولم يُعنهم على ظلمهم ولم يصدقهم بكذبهم فهو مني وأنا منه، وهو واردٌ علي».

1. شرح المفردات:

● أمراء: الحكام والولاة الذين يتولون شؤون الناس.
● صدّقهم بكذبهم: أي صدقهم في أقوالهم الكاذبة التي يزعمونها لتبرير ظلمهم وتجاوزاتهم.
● أعانهم على ظلمهم: ساعدهم في أفعالهم الظالمة، سواء بالعمل معهم، أو التأييد، أو السكوت عن إنكار المنكر.
● ليس مني: أي ليس على طريقي وهديي، أو ليس من جماعتي وأتباعي المخلصين.
● ولست منه: تأكيد للبراءة منه في الآخرة.
● واردٌ علي الحوض: الحوض هو حوض النبي ﷺ في يوم القيامة، الذي يشرب منه المؤمنون قبل دخول الجنة. والورود عليه يعني الشرب منه، وهو علامة على النجاة والوصول إلى رضوان الله.
● هو مني وأنا منه: أي هو على هديي وسنتي، وأنا متوليه في الدنيا والآخرة.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبر النبي ﷺ أصحابه - وكانوا مجموعة من العرب والعجم - أنه سيكون بعد وفاته حكام وأمراء لا يلتزمون بالعدل، بل يقعون في الكذب والظلم. ثم يبين الموقف الشرعي الذي يجب على المسلم اتخاذه تجاههم:
- فمن تعامل مع هؤلاء الأمراء فصدقهم في أكاذيبهم، وساعدهم في ظلمهم، فقد برئ منه النبي ﷺ، وهو ليس من أتباعه الحقيقيين، ولن ينجو يوم القيامة بشرب من حوضه.
- ومن ابتعد عنهم، فلم يدخل في دائرتهم، ولم يصدقهم في كذبهم، ولم يساعدهم في ظلمهم، فهو على هدي النبي ﷺ وسنته، وهو من خاصة أصحابه، وسينجو يوم القيامة بشرب من حوضه الشريف.

3. الدروس المستفادة منه:

1- تحذير شديد من التعاون مع الظالمين: الحديث يضع حدودًا فاصلة بين المسلم وبين دعم الحكام الظالمين، ويمنع التأييد المطلق لهم، خاصة في أفعالهم المنكرة.
2- البراءة من أفعال الظالمين: يجب على المسلم أن يبرأ من الكذب والظلم، حتى لو صدر من ولاة الأمر، فلا يجوز السكوت عن المنكر أو المشاركة فيه.
3- ضوابط التعامل مع ولاة الأمر: الحديث لا يدعو إلى الخروج على الحكام أو العصيان، بل يحدد ضوابط التعامل معهم بعدم مشاركتهم في الباطل وعدم تصديقهم فيه. وهذا يتوافق مع توجيهات الإسلام الأخرى بالسمع والطاعة في المعروف.
4- أهمية الصدق والنصح: على المسلم أن يكون ناصحًا لأمته، فلا يغش ولا ينافق، ولا يزين الباطل للحكام أو للرعية.
5- الوعيد الشديد: تبرؤ النبي ﷺ من الشخص الذي يعين الظالمين ويصدقهم هو وعيد شديد، مما يدل على عظم هذه الجريمة عند الله.
6- الجزاء الأخروي: الوعد بشرب من حوض النبي ﷺ هو أعلى درجات النجاة والفلاح، والحرمان منه علامة على الخسران.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث من الأحاديث التي تُعتبر أصلاً في باب الولاء والبراء، وموقف المسلم من الحكام.
- رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي والنسائي، وهو حسن.
- فهم أهل السنة والجماعة لهذا الحديث لا يتعارض مع وجوب طاعة ولاة الأمر في المعروف، وعدم الخروج عليهم. بل يفرقون بين الطاعة في المعروف وبين المشاركة في المعصية والظلم. فطاعتهم واجبة فيما هو طاعة لله، أما إذا أمروا بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
- من أعظم أنواع الإعانة على الظلم: السكوت عن إنكاره، أو الترضي عن أفعاله، أو الترويج لأكاذيبهم بين الناس.
- هذا الحديث يربي في المسلم الاستقلالية الفكرية والموضوعية، فلا يكون تابعًا لأحد في الباطل، حتى لو كان في موقع السلطة.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٢٢٥٩) عن هارون بن إسحاق الهمدانيّ، حدّثني محمد بن عبد الوهاب، عن مِسْعَر، عن أبي حصين، عن الشّعبيّ، عن عاصم العدويّ، عن كعب بن عُجرة، فذكره.
وإسناده صحيح، ورجاله ثقات، وصحّحه ابنُ حبان (٢٧٩)، والحاكم (١/ ٧٩)، كلاهما من هذا الوجه.
قال الترمذيّ: «هذا حديث صحيح غريب، لا نعرفه من حديث مسعر إلّا من هذا الوجه. قال هارون: فحدّثني محمد بن عبد الوهاب، عن سفيان، عن أبي حصين، عن الشعبيّ، عن عاصم العدويّ، عن كعب بن عُجرة، عن النبيّ ﷺ، نحوه. قال هارون: وحدّثني محمد، عن سفيان، عن زُبيد، عن إبراهيم -وليس بالنّخعيّ- عن كعب بن عجرة، عن النبيّ ﷺ نحو حديث مسعر».
قال الأعظمي: وأما حديث سفيان فرواه النسائيّ (٧/ ١٦٠)، والإمام أحمد (١٨١٢٦) كلاهما من حديث يحيى بن سعيد، عن سفيان، بإسناده نحوه.
وصحّحه ابن حبان (٢٨٢، ٢٨٣، ٢٨٥)، والحاكم (١/ ٧٩).
وللحديث طرق أخرى صحيحة، ومنها ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (١١/ ٤٥٣) عن الفضل ابن دُكين، عن سفيان، بإسناده.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 828 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من دخل على الأمراء فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني

📜 حديث: من دخل على الأمراء فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من دخل على الأمراء فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من دخل على الأمراء فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من دخل على الأمراء فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية