النبي ﷺ يحوي لصفية وراءه بعباءة

حديث: النبي ﷺ يحوي لصفية وراءه بعباءة

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَدِمْنَا خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحِ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا النَّبِيُّ ﷺ لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا، حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ، فَبَنَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ لِي: «آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ». فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَتَهُ عَلَى صَفِيَّةَ، ثمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، وَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ.

صحيح: رواه البخاريّ في المغازي (٤٢١١) من طريقين عن يعقوب بن عبد الرحمن الزّهري، عن عمرو مولى المطلب، عن أنس فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فهذا حديث شريف رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه، يتعلق بزواج النبي صلى الله عليه وسلم من صفية بنت حيي رضي الله عنها، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:

● خَيْبَر: مكان معروف شمال المدينة المنورة، كانت تسكنه قبائل يهودية قوية.
● الْحِصْن: القلعة أو المكان الحصين.
● جَمَالُ صَفِيَّةَ: حسنها وجمالها.
● عَرُوسًا: حديثة عهد بالزواج.
● اصْطَفَاهَا: اختارها لنفسه.
● سَدَّ الصَّهْبَاءِ: مكان بين خيبر والمدينة.
● حَلَّتْ: حلَّ زواجها، أي أصبحت حلالاً له بعد انقضاء عدتها.
● بَنَى بِهَا: دخل بها وتزوجها.
● حَيْسًا: طعامٌ يصنع من التمر والأقط والسمن.
● نِطَعٍ صَغِيرٍ: قطعة من الجلد تُبسط للأكل.
● آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ: نادِ من حولك من الصحابة ليدعوهم إلى الوليمة.
● يُحَوِّي لَهَا: يجمع لها الثوب أو العباءة ليسترها.
● يَضَعُ رُكْبَتَهُ: يثني ركبته لتكون وسيلة لتركب الجمل.

ثانيًا. شرح الحديث:

يحدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه عن واقعة فتح خيبر، حيث انتصر المسلمون على يهود خيبر بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم. بعد الفتح، ذُكر للنبي صلى الله عليه وسلم جمال صفية بنت حيي بن أخطب، وهي من سبايا الحرب، وكان زوجها قد قُتل في المعركة، وكانت حديثة عهد بالزواج (عروسًا). فاصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه، أي اختارها لتكون من ضمن نسائه، وذلك بعد أن أعتقها وتزوجها، making her حرة وكريمة.
ثم خرج بها صلى الله عليه وسلم من خيبر متجهًا إلى المدينة، وفي الطريق عند مكان يسمى "سَد الصهباء"، حلَّت له بعد انقضاء عدتها (التي كانت على الراجح ثلاثة حيض)، فبنى بها، أي دخل بها وأصبحت زوجة له شرعًا.
ثم صنع النبي صلى الله عليه وسلم طعامًا بسيطًا (حيسًا) وهو خليط من التمر والسمن والأقط، ووضعه على نطع صغير (جلد)، ثم أمر أنسًا أن يدعو من حوله من الصحابة لتناول الطعام، فكانت هذه هي وليمة الزواج، والتي تميزت بالبساطة وعدم التكلف.
وفي طريق العودة إلى المدينة، يصف أنس رضي الله عنه مدى رقة النبي صلى الله عليه وسلم وأدبه مع زوجته، حيث كان يحوي لها وراءه بعباءة (أي يجمعه لها لتستتر به من أعين الناس)، ثم يجلس عند بعيرها ويضع ركبته لتضع صفية رجلها عليها وتركب، مما يظهر تواضعه وحرصه على راحتها.

ثالثًا. الدروس المستفادة:

1- جواز نكاح السبية بعد استبرائها: إذا أسرت المرأة في الحرب، يجوز للقائد أن يتزوجها بعد استبراء رحمها (بانقضاء عدتها).
2- بساطة النبي صلى الله عليه وسلم في الوليمة: حيث كانت وليمته طعامًا بسيطًا يدل على عدم التكلف والإسراف.
3- التواضع والرفق بالزوجة: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على خدمة زوجته ومساعدتها في ركوب الدابة، مما يدل على خلق الإسلام العظيم في معاملة النساء.
4- الجمع بين الشجاعة والرحمة: النبي صلى الله عليه وسلم قائد منتصر، لكنه رحيم بالنساء والأسرى، ويعاملهن بأخلاق عالية.
5- شرعية الدعوة إلى وليمة العرس: وإن كانت بسيطة، فهي سنة مستحبة.

رابعًا. معلومات إضافية:

- صفية بنت حيي رضي الله عنها كانت من ذرية نبي الله هارون عليه السلام، وأسلمت وحسن إسلامها، وكانت من أفقه نساء النبي صلى الله عليه وسلم.
- هذا الزواج كان له بعد سياسي وحكمة إلهية، حيث إن صفية كانت ابنة زعيم يهود خيبر، فزواج النبي منها كان سببًا في تآلف قلوب اليهود ودخول بعضهم في الإسلام.
- الحديث يدل على أن الإسلام رفع من مكانة المرأة، حتى في حالات الحرب، وجعل لها كرامة وحرمة.
أسأل الله أن يفقهنا في السنة، وأن يجعلنا من المتبعين لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المغازي (٤٢١١) من طريقين عن يعقوب بن عبد الرحمن الزّهري، عن عمرو مولى المطلب، عن أنس فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 569 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: النبي ﷺ يحوي لصفية وراءه بعباءة

📜 حديث: النبي ﷺ يحوي لصفية وراءه بعباءة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: النبي ﷺ يحوي لصفية وراءه بعباءة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: النبي ﷺ يحوي لصفية وراءه بعباءة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: النبي ﷺ يحوي لصفية وراءه بعباءة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية