قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن الحض على الصلاة في وقتها في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴾ [البقرة: 3]
ليس الفضل والمزيَّة في الإيمان بما تشاهده بعينيك فحسبُ، ولكن في الإيمان بما لا تُدركه حواسُّك ممَّا أخبر به الوحيُ. ألا ترى أن المتَّقين قد مُدحوا بإقامة الصلاة لا بمجرَّد أدائها؟ إن في إقامتها معنى المحافظة عليها، والوفاء بحقوقها. فيا أيها المؤمنُ، صلاتُك صِلتُك بربِّك، فأحسن الصِّلة! لو استحضرنا فضلَ الله علينا وعظيمَ بِرِّه بنا وجميلَ إحسانه إلينا، لكان ذلك دافعًا لنا إلى البِرِّ بعباده الضعفاء، والإحسان إلى المحتاجين والفقراء. مَن أيقن بالخلَف من الله الرزَّاق جادت نفسُه بالبذل والعطاء، فلا تبخل بما آتاك، وأنفِق يُنفَق عليك. شيوع النفقة في المجتمع المسلم يجعل الحياةَ مجالَ تعاونٍ وتراحُم، لا مُعترَكَ تطاحُنٍ وتزاحُم، ويُشعر العاجزين والضعفاء أنهم يعيشون بين قلوبٍ ونفوس، لا بين أنيابٍ ومخالب! أيها المؤمن، لا يطلُب الله تعالى منك أن تتصدَّق بكلِّ ما رزقك، بل يدعوك إلى أن تنفقَ ممَّا وهبك، فلا تبخل بالإنفاق في مَحابِّ مَن أعطاك. |
﴿فَتَلَقَّىٰٓ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِۦ كَلِمَٰتٖ فَتَابَ عَلَيۡهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 37]
ما أسرعَ ما شرع الله للمخطئين بابَ التوبة، وما أكرمَ ما يسَّر لهم ولوجَ ذلك الباب! فإيَّاكم والقنوطَ من رحمة الله، فإنَّ خير الخطَّائين التوَّابون. علَّمه كيف يتوب، ثم وفَّقَه للتوبة وقبِلها منه، ألا ما أوسعَ رحمتَه، وما أبلغَ عفوَه! إنه الله التوَّاب الرحيم. جعل هبوطَ عبده سببًا في ارتفاعه، وبُعدَه سببًا في قُربه، جلَّ من توَّابٍ كريمٍ سبقت رحمتُه غضبَه! |
﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرۡكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43]
قُدِّمت الصلاة؛ لأنها أفضلُ العبادات البدنيَّة، فقدِّمها. وقُرنت بالزكاة، وهي أفضلُ العبادات الماليَّة، فلا تؤخِّرها. كن مع المؤمنين الخاضعين لربِّ العالمين، لتكون من الفائزين، واحذر معيَّة المعرضين المكذِّبين، فتكون من الخاسرين. |
﴿۞ أَتَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44]
كما أن تلاوتك سببٌ لزيادة علمك، فليكن علمُك سببًا لتزكيتك، وليكونا زادكَ في الدعوة إلى سبيل ربِّك، وقد أفلح من زكَّى نفسَه بالعلم والعمل. أمرُك بالمعروف ونهيُك عن المنكر إرشادٌ لغيرك إلى المصلحة وتحذيرٌ له من المفسدة، وهو إحسانٌ مطلوب، لكن لا تنسَ نفسك التي بين جنبَيك فهي أَولى بالإحسان. |
﴿وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45]
إن أردتَّ التعاليَ على فتن الشهوات، والصمودَ أمام أمواج الشبُهات، فتسلَّح بالصبر، ووثِّق حصونك بالصِّلة بالله عزَّ وجلَّ. الصبر والصلاة قرينان متلازمان، ولا سبيلَ إلى المحافظة على الصلاة إلا بزادٍ من الصبر، ولا يغذِّي الصبرَ ويقوِّيه مثلُ الصلاة. |
﴿ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَأَنَّهُمۡ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ ﴾ [البقرة: 46]
مَن تيقَّن الموت على الدَّوام، لم يُفارقه الخشوعُ في كلِّ آن؛ لأن استحضار الموت يقوِّي دواعيَ التوبة والقنوت، والقانتُ يخشى من التقصير. |
﴿وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ لَا تَعۡبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَانٗا وَذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسۡنٗا وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ ثُمَّ تَوَلَّيۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنكُمۡ وَأَنتُم مُّعۡرِضُونَ ﴾ [البقرة: 83]
إفراد الله بالعبادة أوَّل ميثاقٍ أُخِذ على بني إسرائيل، وهو أوَّل ميثاقٍ أُخِذ على البشرية في أوَّل أوامر القرآن: ﴿يا أيُّها الناسُ اعبُدوا ربَّكم﴾ . أوثق المواثيق توحيدُ الله تعالى؛ إنه الأصل في الحياة الكريمة، وكلُّ فعل جميل وخُلق نبيل تبَعٌ له، ومتى أخلَّ العبد بأصله خسر كلَّ ما بعده! أعظِم ببِرِّ الوالدين والإحسان إليهما! ألا ترى أن الله قرن بِرَّهما بتوحيده وإخلاص عبادته؟ وإن الإحسان نهاية البِرِّ فيدخل فيه كلُّ ما ينبغي من الرعاية والعناية وخفض الجناح. مَن لم يجد أبًا يحنو عليه فليعلم أن له ربًّا أرحم به من أبيه، لقد أخذ الله الميثاقَ على الناس جميعًا بالإحسان إلى اليتيم. إن في الله خلَفًا عن كلِّ مفقود. حقُّ المسكين يتجاوز البذلَ الواجب إلى مُطلَق الإحسان إليه، فإن تعذَّر الإحسان بالمال فبالكلمة الطيِّبة، فإنها صدقة. أخذ الله الميثاقَ عليك أن تقولَ للناس حُسنًا؛ أمرًا بمعروف، أو نهيًا عن منكر، أو تبشيرًا وتشجيعًا، فهل تعجِز عن ذلك ؟! استعِن على الوفاء بالميثاق بالصلاة لتُصلحَ قلبَك وأخلاقك، وبالزكاة لتتعوَّدَ البذلَ وتصِلَ الأقربين، وبهما كمالُ الإحسان، وإنك لأهلٌ له. |
﴿وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ ﴾ [البقرة: 110]
كما أمر الله المؤمنين بالإعراض عن الكافرين؛ أمرهم بالإقبال على النفس لإصلاحها بالصلاة، وبالإقبال على الناس بالإحسان إليهم بالزكاة، إنها شعائرُ عظيمةٌ تعين على النوائب، وتذلِّل أسباب النصر. إنها لبِشارةٌ لكلِّ العاملين والمجاهدين في ساحات الحياة، أن الله مطَّلعٌ على كلِّ ما يقدِّمونه؛ ليعظُمَ رجاؤهم في الثواب، وتهونَ عليهم المشاقُّ والصِّعاب. |
﴿وَلِلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ ﴾ [البقرة: 115]
بيانٌ لشمول ملَكوت الله سبحانه لجميع الآفاق، وفي ذلك تحذيرٌ للناس من المعاصي وزجرٌ لهم عن ارتكابها، فأين يفرُّون منه وهو ربُّ المشارق والمغارب؟! أنعِم بها من تسليةٍ للنبيِّ ﷺ وأصحابه الذين ظُلِموا بإخراجهم من المسجد الحرام، وتسليةٍ لأتباعه على مرِّ الدهر متى شرَّدتهم يدُ الطغيان! |
﴿۞ سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيۡهَاۚ قُل لِّلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [البقرة: 142]
العقول السفيهة في كلِّ زمان لا تفتأُ تعترض على شريعة الله، وتورد الأسئلةَ على أحكامها؛ غمزًا منها وانتقاصًا. إذا رزقك الله تعالى تسليمًا لأحكام شريعته، فتلك بعضُ أنوار الهداية التي غمرَك الله بها. |
﴿وَلَئِنۡ أَتَيۡتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ بِكُلِّ ءَايَةٖ مَّا تَبِعُواْ قِبۡلَتَكَۚ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ وَمَا بَعۡضُهُم بِتَابِعٖ قِبۡلَةَ بَعۡضٖۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ إِنَّكَ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [البقرة: 145]
ليتفطَّن المسلم إلى سبب مخالفة الناس لدعوته، حتى لا يَجهَدَ نفسَه في طريقٍ غير مُجدية، وليقابِل كلًّا بما يستحق. يتوجَّه الوعيد إلى أهل العلم أكثرَ من غيرهم، فآفة العالم غالبًا ما تكون من جهة الهوى، والانسياق إليه تساهلًا أو تأوُّلًا. أعظِم بالعلم شرفًا ومرتبةً أن سمَّى الله تعالى أمر النبوَّات والدلائل والمعجزات باسم العلم! |
﴿وَلِكُلّٖ وِجۡهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَاۖ فَٱسۡتَبِقُواْ ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ أَيۡنَ مَا تَكُونُواْ يَأۡتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ﴾ [البقرة: 148]
دعك من الاشتغال بما يبثُّه أهل الكتاب من دسائسَ وفتنٍ وشبُهات، ولا تجعلها تصرفُك عن العمل والاستباق إلى الخيرات. الأمر بالمسابقة إلى الخيرات أبلغُ من الأمر بالمسارعة إليها؛ وهو حثٌّ على إحراز قَصَب السَّبق في كلِّ أمور الخير. إن الذي أمركم بالتوجُّه تِلقاءَ الكعبة من جميع الجهات، سوف يجمعكم من الأقطار المتباينة حيثُ كنتم إلى موقفِ القيامة. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴾ [البقرة: 153]
الصلاة من خير ما يُستعان به على جميع الأمور، وقد كان النبيُّ ﷺ إذا حزَبَه أمرٌ فزع إليها، وحريٌّ بمَن التجأ إلى الله أن يُعان، وبمَن صبَر أن ينالَ شرف المعيَّة. إن شئت أن يكونَ الله معك، يسدِّدك ويعينك، فاجعل الصبرَ دَيدَنك في حياتك كلِّها. |
﴿۞ لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَٰهَدُواْۖ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]
أوَّل خِصال البِرِّ ورأسها الإيمانُ بالله، ومَن فاته هذا البِرُّ فقد فاته أعظمُ مقصود. الإيمان باليوم الآخر يبعث في النفس الطُّمَأنينةَ بحصول العدل التامِّ، وبأن الحياة على هذه الأرض ليست سُدًى، ولا فوضى بغير حساب. عظَّم الله الإيمانَ بالملائكة فنظَمَه في سِلك المسائل الكبار، فلنؤمن بهم، ولنستحضِر عظمةَ الله في خلقهم. الإيمان بالكتاب والنبيِّين يعني الإيمانَ بالرسالات جميعًا، ويؤكِّد في يقين المؤمن أن للبشر كافَّةً إلهًا واحدًا، وغايةً واحدة. الإنفاق على ذوي القُربى من خِصال البِرِّ، وفيه تحقيقٌ لمروءة النفس، وصيانةٌ لكرامة الأسرة، وقيامٌ بصِلة الرَّحِم. الصدقة لليتامى تعويضٌ عن فِقدانهم الرعايةَ الأبويَّة، وحمايةٌ لهم وللأمَّة من الانحراف والضياع والنقمة على مجتمعٍ لم يرعَهُم. من رحمة الله بمَن أضعفَته الحاجة، وأذلَّته الفاقة، أنه أوجب في المال حقًّا له يحفظ كرامتَه، ويُقيل عَثرتَه. في إيجاب الصَّدقة للمنقطِع عن ماله وأهله إشعارٌ له أن كلَّ مسلم أخٌ له، وكلَّ بلاد المسلمين وطنُه، فيتسلَّى عن أهلٍ بأهل، وعن مالٍ بمال، وعن ديارٍ بديار. الصَّدقة للسَّائلين إسعافٌ لحاجتهم، وكفٌّ لهم عن المسألة، وذلك من إحسان الله إلى عباده. |
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]
عجبًا لعبدٍ يعلم قربَ ربِّه منه، ووعَدَه إيَّاه بإجابة مسألته، ثم يُعرض عن الدعاء، ويفرِّط في السؤال! لا تحتاج في دعاء ربِّك إلى واسطةٍ تصلك به، وشافعٍ يوصلك إلى بابه، ولكن ادعُه يُجِبك، وسَله يُعطِك، فما أعظمَها من نعمةٍ تستحقُّ عظيمَ الشكر! الدعاء هو العبادة، وما أشرفَها من عبادة، وما أسعدَ المتقرِّبين إلى الله بها! استجابة الله تعالى للعباد مرجوَّةٌ حين يستجيبون لأمره، ويستقيمون على شرعه، فيمُنُّ عليهم بالرُّشد والهُدى، والصلاح والتُّقى، وهو الغنيُّ الحميد. |
﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ ﴾ [البقرة: 238]
في الأمر بالمحافظة على الصلاة في سياق بيان أحكام الأسرة إشارةٌ إلى أن الصلاة أعظمُ عون للعبد على تخطِّي العقبات، وتنبيهٌ على أنه لا ينبغي للمؤمن أن ينشغلَ عن صلاته بشيءٍ من شؤون زوجه وولده وسائر أمور دنياه. ليس الواجب عليك في الصلاة مجرَّد أدائها، وإنما القيامُ بها على وجهها، والمحافظة عليها في أوقاتها، وألَّا يشغلَك عنها شاغل. من أعظم مقاصد الصلاة تعظيمُك لربِّك عزَّ وجلَّ بالقيام بين يديه، فأحسِن قيامك، وأقبِل عليه بقلبك، واستشعِر نظرَه إليك. |
﴿فَإِنۡ خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانٗاۖ فَإِذَآ أَمِنتُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمۡ تَكُونُواْ تَعۡلَمُونَ ﴾ [البقرة: 239]
الصلاة هي العُدَّة في الخوف والشدَّة، يؤدِّيها المحارب ليتَّصلَ بربِّه وهو أحوجُ ما يكون إليه، إنها سيفُه ودرعه وسلاحه الأنجع في طريق النصر والتمكين. حتى الحالاتُ العارضة والنادرة - كالصلاة في حال الخوف - لم تُهمل الشريعة بيانها، وفي ذلك أبلغُ دليل على سموِّها وكمالها. يرفع الله بالصلاة الخوفَ من النفوس، ويثبِّت بها الأمنَ في القلوب، ولذا شُرِعت في الأمن وفي الخوف. وماذا كان البشر يعلمون لولا أن علَّمهم الله؟ إن الواجب في العبادة أن تكونَ وَفقَ شرعه الذي علَّمهم، لا بالأهواء والآراء، فإن ترخَّصتَ فبشرع الله، وإن أتمَمتَ فبشرعه سبحانه. سمَّى الله الصلاة ذِكرًا لأن الذِّكر حاضرٌ في جميع أركانها، ولأجله شُرعت إقامتُها، جعلنا الله أبدًا من الذاكرين! |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ﴾ [البقرة: 277]
لا تكون السعادةُ بجمع المال كيفما كان، ولكن بالإيمان والعمل والإحسان. ما أحسنَ أثرَ الصلاة والزكاة والأعمال الصالحة الخالصة في ترك المعاملة بالرِّبا؛ فإن مَن صَلَحت صلاتُه وسائر طاعاته صَلَحت معاملاتُه في جميع أحواله. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقۡرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمۡ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعۡلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغۡتَسِلُواْۚ وَإِن كُنتُم مَّرۡضَىٰٓ أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوۡ جَآءَ أَحَدٞ مِّنكُم مِّنَ ٱلۡغَآئِطِ أَوۡ لَٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدٗا طَيِّبٗا فَٱمۡسَحُواْ بِوُجُوهِكُمۡ وَأَيۡدِيكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء: 43]
مَن أراد الوقوفَ بين يدَي مولاه فليغسِل أدرانَ قلبه وعقله، قبل أدران بدَنه؛ فالمقامُ بين يدَي الله يحتاج إلى طهارةِ الباطن والظاهر. ما أشبهَ مَن أسكرَتهُ الغفلةُ فلم يعلَم ما يقول في صلاته، بمَن أسكرَته الخمرةُ فلم يعقِل في تصرُّفاته، ففي غياب التفكير تشابهَتِ الأحلام، وإن اختلفَتِ الأحكام. كما تُصان المساجد عن الجنُب والسَّكران، ينبغي أن يُصانَ القلب عن الخواطر الدنسة، ليدخلَ المرء المساجدَ زكيَّ النفس طاهر الفؤاد. تعلَّم من القرآن حسنَ الخطاب ولُطفَ الكناية والأدب؛ ألا تراه عبَّر عن قضاء الحاجة باسم المكان، ولم يُسنِد الفعلَ إلى المخاطَبين، وعبَّر عمَّا يكون بين الزوجين بتعبير راقٍ كريم؟! من محاسن الشريعة أن البدائلَ الشرعيَّة متوافرة؛ ففي الطهارة للصلاة إن عُدِم الماء ففي التراب مسجدٌ وطَهور، وبذلك يبقى العبدُ متَّصلًا بربِّه، لا يحجُزه عن الوقوف بين يديه شيء. مَن كان في تشريعه سبحانه مُيسِّرًا لا معسِّرًا، وفي أحكامه مبشِّرًا لا منفِّرًا، فإنه لذنوب عباده الخاطئين عَفوٌّ، ولسيِّئات المذنبين غفور. |
﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمۡ كُفُّوٓاْ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُمۡ يَخۡشَوۡنَ ٱلنَّاسَ كَخَشۡيَةِ ٱللَّهِ أَوۡ أَشَدَّ خَشۡيَةٗۚ وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبۡتَ عَلَيۡنَا ٱلۡقِتَالَ لَوۡلَآ أَخَّرۡتَنَآ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖۗ قُلۡ مَتَٰعُ ٱلدُّنۡيَا قَلِيلٞ وَٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظۡلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ [النساء: 77]
جهاد النفس مقدَّمٌ على جهاد العدوِّ، فمَن انتصر على نفسه قوِيَ على مواجهة عدوِّه. مَن استعجل الأمرَ قبل أوانه، ولم يصبر عليه أوانَ حُلوله، كان ذلك أَمارةً على أن استعجاله كان تهوُّرًا لا شجاعة. نقل الأقوالِ إلى أعمالٍ صالحة، والإراداتِ إلى أفعالٍ صادقة، من أَمارات الصدق. حين تغيب شمسُ أُمنيَّاتِ النهار، بظهور ليل الأخطار، حينئذٍ يبحث ذوو الحماسة الزائفة عن أعذارٍ تُعفيهم من المواجهة. كيف يلهو العاقلُ بمتاع قليل زائل، متناسيًا به المتاعَ الكثير الدائم؟ على أن ذلك القليل منغَّصٌ بالمكروهات! إن اشتدَّت على نفسك التكاليف، وثقُل قيدُها على قدمَي هواك، فمَنِّها بقُربِ ما تهواه من الطيِّبات، إذا صبَرَت واتَّقَت. اليقين بعدل الله تعالى وفضله يزرع في النفس الاطمئنان، فيسعى الإنسانُ إلى عمل الخير مهما قلَّ، ويوقن بأن الله لن يُضيعَ عمله، ويحذَر من كلِّ سوء مهما صغُر؛ لأن الله سيُحصيه عليه. |
﴿وَإِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ إِنۡ خِفۡتُمۡ أَن يَفۡتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْۚ إِنَّ ٱلۡكَٰفِرِينَ كَانُواْ لَكُمۡ عَدُوّٗا مُّبِينٗا ﴾ [النساء: 101]
الصَّلاة صلةٌ بين العبد وربِّه، لا تَقبل القطعَ إلا بذهاب مُوجِبها وهو العقل، وإن العبد لأحوَجُ ما يكون إلى تلك الصِّلة في موطنٍ هو مَظِنَّةُ فراقِ الدنيا، والإقبالِ على الآخرة. لو كانت الصلاةُ تسقط عن المكلَّف في حالٍ من الأحوال لسقطَت عن المجاهد في ساحة حربه، وعن المسافر في عناء سفره. لا تصدِّق ألسنةَ الكافرين المحاربين، وقد كشفَ عن قلوبهم ربُّ العالمين، فمعسولُ كلامِهم لا ينسخُ خبرَ خالقِهم سبحانه. |
﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمۡ فَأَقَمۡتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَلۡتَقُمۡ طَآئِفَةٞ مِّنۡهُم مَّعَكَ وَلۡيَأۡخُذُوٓاْ أَسۡلِحَتَهُمۡۖ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلۡيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمۡ وَلۡتَأۡتِ طَآئِفَةٌ أُخۡرَىٰ لَمۡ يُصَلُّواْ فَلۡيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلۡيَأۡخُذُواْ حِذۡرَهُمۡ وَأَسۡلِحَتَهُمۡۗ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ تَغۡفُلُونَ عَنۡ أَسۡلِحَتِكُمۡ وَأَمۡتِعَتِكُمۡ فَيَمِيلُونَ عَلَيۡكُم مَّيۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ إِن كَانَ بِكُمۡ أَذٗى مِّن مَّطَرٍ أَوۡ كُنتُم مَّرۡضَىٰٓ أَن تَضَعُوٓاْ أَسۡلِحَتَكُمۡۖ وَخُذُواْ حِذۡرَكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٗا مُّهِينٗا ﴾ [النساء: 102]
المربِّي الناجحُ قريبٌ من الناس، يعيش معهم مُرشدًا معلِّما، ومصحِّحًا مقوِّما، إنه طبيبٌ بصيرٌ إن هجمَ السُّقمُ بادرَ إلى علاجه، فعادت إلى الحياة عافيتُها. إنه الحرصُ على الصلاة في ساحة المعركة، والصلاةُ من أنجع أسلحة المعركة، فلا بدَّ من تنظيم استخدام هذا السلاح بما يناسبُ طبيعة المعركة. لو صلَّى المجاهدون كلُّ فرقةٍ بإمام لكان أوفقَ لهيئة الصلاة، ولكن جُمعوا على إمام واحدٍ من أجل اجتماع كلمتهم، ولما فيه من الهيبة والعزَّة. بالصلاة يدحر المسلمُ عدوًّا يحاول التغلُّبَ على دينه ونفسه، وبالسلاح يهزم عدوًّا يبغي السيطرة على دينه وأرضه، فهو يعدُّ لكلِّ معركة عُدَّتها. إن أعداء الإسلام حريصون على إضعاف المسلمين، وعلى أن تكونَ الشوكة لهم من دون المؤمنين؛ إن في قلوبهم من شدَّة الغيظ ما يودُّون معه الإجهازَ على المسلمين في أقرب فرصةٍ ممكنة. الغفلة عن واقع العدوِّ ومخطَّطاته يُعطيه الفرصةَ للانقضاض على خصمه بأسهل الطرق، وقد يكون في ذلك القضاءُ عليه مرَّة واحدة. يأمر الإسلامُ أهلَه بأخذ الحِيطة والحذَر، وعدم إلقاء النفس في التَّهلُكة والخطر، لا تخويفًا لهم من عدوِّهم، ولكن تأمينًا لهم من فجأة الضَّرر. |
﴿فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡۚ فَإِذَا ٱطۡمَأۡنَنتُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ كِتَٰبٗا مَّوۡقُوتٗا ﴾ [النساء: 103]
الصلاة اتِّصالٌ بين الخالق والمخلوق، فإذا قُضِيت فإن قضاءها لا يعني تركَ الصِّلة بالله، ولكنَّه انتقالٌ من ذِكرٍ إلى ذِكر، ومن صلةٍ بالله إلى صلةٍ أخرى، وتنويعُ العبادة يُورِث في القلب حُبَّها. تشريع الصلواتِ الخمس في أوقاتٍ معلومة يربِّي المسلمَ على النظام ودقَّةِ المواعيد، فما أعظمَ هذا الدينَ الذي يعلِّمُنا تنظيمَ حياتنا بامتثال شعائر ديننا! |
﴿لَّٰكِنِ ٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ مِنۡهُمۡ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَۚ وَٱلۡمُقِيمِينَ ٱلصَّلَوٰةَۚ وَٱلۡمُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ أُوْلَٰٓئِكَ سَنُؤۡتِيهِمۡ أَجۡرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 162]
العلم الراسخ يُثمر الإيمانَ الثابت الذي يبدو في صورة عملٍ صالح، فمَن رسَخَ علمُه ثبت إيمانُه، ومَن ثبت إيمانُه حسُن عملُه. مَن أراد الأجرَ العظيم فليجمع إلى حُسن عبادته لله، إحسانَه إلى عباد الله، وليتقرَّب بالعبادات الماليَّة، كما يتقرَّب بالعبادات البدنيَّة. مَن وعدَك من البشر بأجرٍ عظيم فستطيرُ لوعده فرحًا، فكيف إذا كان الوعدُ من الله الكريم؟! |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ وَأَيۡدِيَكُمۡ إِلَى ٱلۡمَرَافِقِ وَٱمۡسَحُواْ بِرُءُوسِكُمۡ وَأَرۡجُلَكُمۡ إِلَى ٱلۡكَعۡبَيۡنِۚ وَإِن كُنتُمۡ جُنُبٗا فَٱطَّهَّرُواْۚ وَإِن كُنتُم مَّرۡضَىٰٓ أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوۡ جَآءَ أَحَدٞ مِّنكُم مِّنَ ٱلۡغَآئِطِ أَوۡ لَٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدٗا طَيِّبٗا فَٱمۡسَحُواْ بِوُجُوهِكُمۡ وَأَيۡدِيكُم مِّنۡهُۚ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجۡعَلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ حَرَجٖ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمۡ وَلِيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ﴾ [المائدة: 6]
الصلاة مناجاةٌ لله؛ فلا بدَّ لها من طهارةٍ ظاهرة وطهارةٍ باطنة؛ تأدُّبًا معه سبحانه، وعملًا بشرعه. الطهارة الشرعيَّة تَشمَل أعضاءَ عمل الإنسان التي تكتسب الخطايا، فيأتي الوضوءُ لتكفير خطايا الأعضاء، أمَّا الجنابةُ فمن شهوةٍ تعُمُّ الجسدَ كلَّه فكانت الطهارة لجميعه. التيمُّم وإن لم يكن طهارةً ظاهرة فهو طهارةٌ باطنة، تتمثَّل في الانقياد لشرع الله والتسليم لحكمه. رحمة الله ظاهرةٌ في تكليفه لعباده، فلا يريد سبحانه أن يُعنتَهم، فشرَع لهم التيمُّمَ حال فقدِ الماء أو تعذُّر استعماله، فما أعظمَه من تيسير! تشريع العبادة وتيسيرُها ورفعُ الحرَج عن المؤمنين نعمٌ من الله تستحقُّ الشكر. المؤمن يعيش بين خيرين؛ نعمةٍ يشكرها، ومصيبةٍ يصبِر عليها، فإذا أحاطه اللهُ جلَّ جلاله بلطفه وبِرِّه، فهو فضلٌ يدعو إلى حمده وشكره. |
﴿۞ وَلَقَدۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ وَبَعَثۡنَا مِنۡهُمُ ٱثۡنَيۡ عَشَرَ نَقِيبٗاۖ وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مَعَكُمۡۖ لَئِنۡ أَقَمۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَيۡتُمُ ٱلزَّكَوٰةَ وَءَامَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرۡتُمُوهُمۡ وَأَقۡرَضۡتُمُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّكُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ فَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 12]
من التدابير الحكيمة اتخاذُ نُقباءَ يكونون مرجعًا عند النزاع، ومفوَّضين عن غيرهم في جلبِ النفع ودفع الضُّرِّ من أمور الحياة. معِيَّة الله حِصنٌ حصين، ومأوًى أمين، فمَن كان الله معه فلا شيءَ يضرُّه، ولا أحدَ يُضلُّه. طاعة الله وطاعة رسوله ﷺ هي طريقُ الظفَر بمعِيَّة الله، فمَن كان أكثرَ إسراعًا في هذه الطريق كان أسرعَ وصولًا إلى تلك الغاية العُليا. علامَ يسمِّي الإنفاقَ قرضًا لولا أنه يَعِدُ بردِّه؟ أتُراه وهو الغنيُّ عن القَرض يُخلف وعدَه، ومُلكُ السماوات والأرض بيده وحدَه؟! لا ينفكُّ المسلم عن الخطأ والزَّلل، فإذا خاض غمارَ هذه الهَنات، ثم ركب قاربَ التوبة وبادر بالحسنات، فليُبشِر بغُفران السيِّئات. يا طُوبى لعبدٍ جمع الله له يوم القيامة بين حصول المحبوب، واندفاع المكروه، فنال النعيمَ الذي رجاه، وأمِنَ ما كان يخشاه! لا بدَّ من التخلية قبل التحلية، فليحرِص المؤمنُ على تكفير السيِّئات، فذلك مفتاح دخول الجنات. إنما يعظُم الكفرُ بعِظَم النعمة التي يُكفَر بها، فإن زادت النعمةُ زاد قبحُ كفرانها، فأيُّ نعمةٍ أعظم من الإيمان؟ وأيُّ كفرٍ أعظم من الكفر بها؟! |
﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَٰكِعُونَ ﴾ [المائدة: 55]
يا مَن اتخذتَ اللهَ ورسولَه وليَّين، أيليقُ بك أن تُواليَ مَن عادى ربَّك ورسولَك وإخوانَك؟ ليس الإيمانُ مجرَّدَ عنوان، ولا كلمةً تُردَّد في اللسان، بل هو اعتقادٌ وعمل يوجب نصرةَ أهله، ومناوأةَ أعدائه. أعمـالُ الإيمــان تحتـاج إلى إخــــلاصٍ وخضوع، فليس من الإيمان عُجبُ المرء بطاعته وامتثاله. |
﴿وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوٗا وَلَعِبٗاۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ ﴾ [المائدة: 58]
حين يعجِز أعداءُ الحقِّ عن إبطاله، وصدِّ الناس عن امتثاله، يلجؤون إلى حرب الاستهزاء لزعزعة مَن اعتنقَه، وردِّ مَن أراد الوصولَ إليه. لو ذاق الجاحدُ حلاوةَ الصلاة ولذَّتها، وعرَف شرفها وعظمَتها، واغتسل قلبُه بنَمِير راحتِها، وتطهَّر لسانُه بعذب أذكارها، لما استهزأ بها. |
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ فِي ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِ وَيَصُدَّكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُونَ ﴾ [المائدة: 91]
أعدى أعداءِ الإنسان هو الشيطان، فاحذر مصايدَه؛ فإن فيها العداوةَ والهلاك. ساء نظرُ مَن يرى في هذه المعاصي أُنسًا وخيرًا، وهي التي تثير العداوةَ والبغضاء بين القُرناء، وتستجلب سخطَ ربِّ الأرض والسماء. للمؤمن في ذكر الله تعالى وإقامة الصلاة رَوحٌ ورَيحان، وسعادةٌ واطمئنان، فما يصدُّ عنهما فهو سوءٌ يُجتنَب، وشرٌّ لا يُرتكَب. لقد رَفَقَ بك مولاك الكريمُ فيما نهاك عنه، فارفُق بنفسك ولا تفعله؛ فإن في فعله فسادَ العاجلة والآجلة. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ شَهَٰدَةُ بَيۡنِكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ حِينَ ٱلۡوَصِيَّةِ ٱثۡنَانِ ذَوَا عَدۡلٖ مِّنكُمۡ أَوۡ ءَاخَرَانِ مِنۡ غَيۡرِكُمۡ إِنۡ أَنتُمۡ ضَرَبۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَأَصَٰبَتۡكُم مُّصِيبَةُ ٱلۡمَوۡتِۚ تَحۡبِسُونَهُمَا مِنۢ بَعۡدِ ٱلصَّلَوٰةِ فَيُقۡسِمَانِ بِٱللَّهِ إِنِ ٱرۡتَبۡتُمۡ لَا نَشۡتَرِي بِهِۦ ثَمَنٗا وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰ وَلَا نَكۡتُمُ شَهَٰدَةَ ٱللَّهِ إِنَّآ إِذٗا لَّمِنَ ٱلۡأٓثِمِينَ ﴾ [المائدة: 106]
كم رخَّصَ في السفر من الأحكام، في الطهارة والصلاة والصيام، ومع ذلك يحثُّ في الوصيَّة على لزوم التمام، ويدعو إلى عدم التهاون فيها بالسفر؛ لِما يترتَّب عليها من المصالح. إذا كان الموتُ مصيبةً لا تخطئُ أحدًا من البشر فإن من الواجب عليهم الاستعدادَ لها، بأداءِ الحقوق كاملةً لأهلها؛ لله ولخلقه. ليتَ الصلاةَ تفعل في نفوس الناس فِعلَها الذي شُرِعَت له؛ إذن لما أنطقَتهم إلا بالصِّدق، ولما وجَّهَتهم في معاملاتهم إلا نحوَ الخير. الأوقات تتفاضلُ بما يكون فيها من العبادات، فمراعاةُ الحُرَم فيها إذ ذاك أجدر، والمخالفةُ فيها بالعقوبة أكبر. الإقســام بالله تعــالى يذكِّر المُقسِمَ بعظمة الله، فيخشى حينئـذٍ الميـلَ عـن الحقيقـة والإخبـارَ بخلافها، فمَـن عظُمَ اللهُ في قلبه سيصدقُ في قسَمه؛ فإن الله علَّام الغيوب. المؤمن لا يبيع آخرتَه بدنياه، فمهما بلغت فإنها متاعٌ قليل، لا يساوي شيئًا أمامَ الدين الذي به نَيلُ النعيم الكثير في الآخرة. الإحسان إلى ذوي القربى لا يتناول محاباتَهم في حقوقِ الناس، فمَن أحسنَ إليهم في ذلك فقد أساء إلى نفسه، وإلى أصحاب الحقوق. ألا تلاحظُ تعظيمَ اللهِ لأمر الشهادة إذ أضافها إلى نفسه؟ فعلى المسلمين الاعتناءُ بها، والقيامُ بالقِسطِ فيها، وألا يتركوا هذا الواجبَ المتعلِّقَ بحقوق الناس؛ فإن كتمانَ الحقِّ إثم. |
﴿وَأَنۡ أَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّقُوهُۚ وَهُوَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ﴾ [الأنعام: 72]
إقامة الصلاة والتزيُّنُ بالتقوى من مظاهر الاستسلام لربِّ العالمين، فمَن ضيَّعَهما فقد استسلمَ للشياطين. الناجونَ في الحشر إلى ربِّ العالمين هم المستسلمون له، الذين لم يقدِّموا على الانقياد لأمره الآراء، ولا اتِّباعَ الشهَواتِ والأهواء. |
﴿وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ مُّصَدِّقُ ٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَاۚ وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ يُؤۡمِنُونَ بِهِۦۖ وَهُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ يُحَافِظُونَ ﴾ [الأنعام: 92]
على مِقـدار منزلة الله في نفسـك يكون حالك مع كتابه، فأعظِم بكتابٍ منزَّلٍ من لدُنْ خالقِك العظيم! فما أجدرَه بالقراءة والعمل، والإجلالِ والتكريم! مَن تدبَّر القرآنَ وعمل به فما أكثرَ ما يجدُ من بركاتِه وفوائده على قلبه وعقلِه، وجسدِه ورُوحه! القرآن أصدقُ مَن يخبِر عن الكتب السابقة، فلا يستطيع أحدٌ أن يقيمَ حُجَّةً ناصعةً على ما فيها بعد هذه الحِقَبِ الزمنيَّة إلا من طريقِ القرآن. بيئة الداعيةِ هي أُولى وِجهاتِ دعوته، ومنها ينطلق إلى ما بعدها في تبليغِ رسالته، فالأقربون أولى بالمعروف. مَن أقرَّ بالآخرة مؤمنًا بها خافَ عاقبتَها، فبحث عن سبيل نجاته فيها، ولن يجدَ أحسنَ من كتاب ربِّه، فإن صدقَ في إقراره فسيؤمن بهذا الكتاب ويتَّبع ما فيه. لله ما أشرفَ قدرَ الصلاة، وما أشدَّ خطرَها! إنها لتُقرَنُ هنا بالإيمان، في حين تُسمَّى بالإيمان حينًا آخر. الإيمان بالآخرة وبما جاء في القرآن يَهدي إلى المحافظة على أعمالِ الشريعة، وأهمُّها الصلاة. |
﴿ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةًۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ ﴾ [الأعراف: 55]
هو ربُّك تعالى الذي ربَّاك وآواك، أفيَليقُ بك أن تتوجَّه إلى غيره، أو تسألَ أحدًا سواه؟! لا يليق بالمؤمن أن يكونَ من المعتدين في الدعاء؛ إمَّا بترك دعاء ربِّه، وإمَّا بسؤاله ما لم يَشرَعه له، وإمَّا برفع صوته وصياحه بدعائه. من رحمته أنه أرشدَك إلى الدعاء لتدعوَه ليعطيَك، ونهاك عما يرُدُّ دعاءك لئلَّا يحرمَك، فهل رأيتَ مثلَ هذا الكرم؟ |
﴿وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِينَ ﴾ [الأعراف: 170]
التمسُّك بالكتاب بقوَّة، وتحكيمُه في حياة الناس، مع إقامة الصَّلاة، وسائر شعائر العبادة؛ هي أسسُ المنهج الربَّانيِّ لصلاح الحياة والنفوس. يا ويلَ مَن ضيَّعَ عبادةَ الصلاة التي لها في الإسلام شأنٌ عظيم؛ حتى إنها لَتُذكر بالخصوص بعد عموم يحتويها؛ تعظيمًا لشأنها. |
﴿وَٱذۡكُر رَّبَّكَ فِي نَفۡسِكَ تَضَرُّعٗا وَخِيفَةٗ وَدُونَ ٱلۡجَهۡرِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ ﴾ [الأعراف: 205]
تأمَّل معانيَ الذِّكر الذي يَلهجُ به لسانُك، واستحضِر جلالَ مَن تذكُره في قلبك، واذكره في كلِّ حين؛ لئلَّا تُكتبَ من الغافلين. |
﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]
ذِكرُ اللهِ بذكر اسمه وعظمته ورحمته، وهو شعورٌ يبعث على استحضار عظمَة الله، والإكثارِ من الخير، فلا يزال صاحبُه قريبًا من الطاعات، بعيدًا عن المحرَّمات. إنما تظهر آثارُ حلاوة الإيمان في القلب عندما تجدُ اللسانَ يستحلي ذكرَ ربِّه، وتسارع الجوارحُ إلى طاعته. إذا عَمَرَت القلوبُ بالإيمان، أصغَت لتلاوة القرآن، فوقع أثرُه فيها، فزاد إيمانُ أصحابها. لا يجتمع كمالُ توحيد الله والتوكُّلُ على سواه في قلبٍ واحد، فمَن وجد في قلبه توكُّلًا على أحد أو سببٍ غيرَ الله فلخللٍ في إيمانه. |
﴿ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴾ [الأنفال: 3]
لا بدَّ للإيمان من صورةٍ عمليَّة واقعيَّة يتجلَّى فيها، ليُثبَتَ حضورُه ويُكشفَ عن حقيقته. اقتران الصلاة بالزكاة، والثناءُ على فاعليهما، دليلٌ على أن قيام مصالح الدارَين عليهما، وأنه لا فلاحَ لمَن أخلَّ بهما. المال مالُ الله، فمَن أنفقَ منه فمن رزق ربِّه بذَل، ومن نعمتِه أعطى، فليس له حينئذٍ أن يُعجَب ويَمُنَّ. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّٗاۚ لَّهُمۡ دَرَجَٰتٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَمَغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ ﴾ [الأنفال: 4]
ليس لكلِّ أحدٍ أن يصفَ نفسَه بكونه مؤمنًا حقًّا، فإن الله وصف بذلك أقوامًا مخصوصين على أوصاف مخصوصة، لا يعلمُ صِحَّتَها من أهلها إلا الله. إذا حقَّقتَ أعمالَ الإيمان على ما يحبُّ ربُّك فثِق بما وعد الله به المؤمنين؛ لأن ما وعدَ به فهو عنده، لا عند غيره. |
﴿فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلۡأَشۡهُرُ ٱلۡحُرُمُ فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَخُذُوهُمۡ وَٱحۡصُرُوهُمۡ وَٱقۡعُدُواْ لَهُمۡ كُلَّ مَرۡصَدٖۚ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ﴾ [التوبة: 5]
على المسلمين اليقظةُ في معاملة العدوِّ، وحراسةُ المراصد التي يُخشى تسلُّلُ الأعداء منها، فليس أخو الحاجات مَن بات نائمًا. التوبة النصوح مَطهرةٌ عامَّةٌ لكلِّ ذنب، فمَن امتلأت صفحتُه أذًى ومحاربة، وفتنةً ومخالفة، فليتُب إلى ربِّه، وليستقِم على شريعته. لقد جعل اللهُ في التوبة والصلاة والزكاة مخرجًا لمَن ضُيِّقت عليه الخيرات، وأُلقيَ في صنوف الآفات. فضيلةٌ ظاهرةٌ للصلاة والزكاة في حفظ دماء الناس وأموالهم، فما أعظمَ أن تُراعى حرمةُ المصلِّين المُزكِّين! إن التوبة لا تكون توبةً مقبولة حتى يُبرهَنَ عليها بأعمالٍ صالحة تدلُّ على صدق صاحبها. ينال التائبون مغفرةَ الله رحمةً منه بهم، لا بمجرَّد عملهم؛ فالحمد لله على رحمته. |
﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِۗ وَنُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ ﴾ [التوبة: 11]
من أعظم المصالح الدنيوية للتوبة من ملَّة الكفر أن يصبحَ التائبُ أخًا للمسلم، له ما له وعليه ما عليه، أُخوَّة باقية ما بقي الإيمان. إقامة الصلاة أداءٌ لحقِّ الخالق، وإيتاءُ الزكاة أداءٌ لحقِّ المخلوق، وبهما يقوى عودُ الأخوَّة، وتبسُق فروعُها. إن منهاجَ التعامل مع الكافر بيِّنٌ مفصَّل، لا يَعمى إلا على أصحاب التصوُّرات الخاطئة عن حقيقة الدين، أو حقيقة الكافرين. |
﴿إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18]
تعاهُد المساجد ودوامُ ملازمتها بالطاعة تشهد على إيمان المرء، كما تعينُه على تجويد صلاته، وتسهِّل عليه بذلَ ماله، وتغرس فيه تقديمَ مُرادِ الله وخشيته على كلِّ مُراد. المساجد بيوتُ الله، فلا يحقُّ أن يُدعى فيها سواه، فمَن دعا فيها صالحًا أو وليًّا واستغاث به، فقد تعدَّى على ربِّه في بيته، وهذا من أبشع سوء الأدب مع الله تبارك وتعالى. ربَط الله عِمارةَ المسجدِ بالإيمان، فمَن عمَر المساجدَ فلنُحسِن به الظنَّ، حتى يَظهرَ منه خلافُ ذلك. لا تجعل خشيتَك إلا من الله سبحانه؛ فهو الذي بيده الأمر كلُّه، ولن يستطيعَ العباد نفعَك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولا ضَرَّكَ إلا بشيء قد كتبه الله عليك. |
﴿وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَٰتُهُمۡ إِلَّآ أَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِۦ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُمۡ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمۡ كَٰرِهُونَ ﴾ [التوبة: 54]
الإيمان بالله ورسوله معراجُ قَبول الأعمال، فلا صُعودَ لها إلى الله تعالى إلا عليه. خسرَ أولئك الطائعون من دون غرضِ العبوديَّة لله تعالى والانقيادِ له، فلو آمنوا وجعلوها لله وحدَه لربحوا خيرَ الدنيا والآخرة. كيف يُنفِق عن إخلاصٍ ورغبةٍ مَن يتهاون بالصلاة التي هي أعظمُ عبادة؟! الصلاة والصدقة عبادتان عظيمتان، ينبغي للعبد ألا يأتيَ إليهما إلا مُحبًّا لهما، نشيطًا للإقبال عليهما، يرجو ذُخرَهما، وثوابَهما من الله وحدَه. قال محمَّد بنُ الفضل: (مَن لم يَعرفِ الآمرَ قام إلى الأمر على حدِّ الكسل، ومَن عرف الآمرَ قام إلى الأمر على حدِّ الاستغنام والاسترواح). |
﴿وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ ﴾ [التوبة: 71]
المؤمنون بإيمانهم كالجسد الواحد، يُوالي بعضُهم بعضًا في تحقيق الخير ودفع الشرِّ، وإحياءِ التضامُن والتكافل فيما بينهم. ليست وظيفةُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاصَّةً بالرجال، بل على النساء أن يأمُرنَ بالمعروف ويَنهَينَ عن المنكر في إطارهنَّ المشروع. من أخصِّ أوصاف المؤمنين، وأقواها دَلالةً على صحَّة عَقدهم، وسلامةِ سريرتهم: أنهم يأمرون بالمعروف وينهَون عن المنكر. من تمام الموالاة بين المؤمنين القيامُ بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونُصرة مَن يقوم بذلك والذبُّ عنه. الصلاة والزكاة رُكنانِ عظيمان يقوم عليهما عمودُ الإيمان، أحدُهما يتعلَّق بالأموال، وثانيهما بالأبدان. ما قام المنافقُ إلى الصلاة إلا ورافقَه الكَسَل، ولا طُلبت منه الزكاةُ إلا ومنعَه البَخَل. مَن أنكر وجوبَ طاعة النبيِّ ﷺ زاعمًا الاكتفاءَ بالقرآن، فقد خلع رِبقةَ الإيمان. إن دخول الجنَّة كائنٌ برحمة الله التي لا تُنال بالرجاء الخالي من الأعمال، بل تُنال بتوفيقِ الله عبدَه لصالح الأفعال والأحوال. رحمة اللهِ بعبده المؤمن لا تقتصر على الآخرة، بل تكون في الدنيا، في اطمئنان القلب واتصاله بالله، والرعايةِ والحماية من الفتن. |
﴿قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِتَلۡفِتَنَا عَمَّا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلۡكِبۡرِيَآءُ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا نَحۡنُ لَكُمَا بِمُؤۡمِنِينَ ﴾ [يونس: 78]
مَن نشأَ على شيءٍ ألِفَه وتعلَّق بأحوالِه ومُلابَساته، وما أقبحَ أن ينشأ المرءُ على باطلٍ فيَقبله دون تفكُّرٍ ولا نظر! نزع جذور البيئة السيِّئة من العقول والقلوب يحتاج من الداعية إلى صبر؛ لأنها صارت لدى بعض الناس كالدِّين المتَّبع. التمسُّكُ بتقليد الآباء أو العظماءِ في النفوس، والحرصُ على الرئاسة الدنيوية؛ يمنعانِ أصحابَهما من قَبول دعوةِ الحق. اتهامُ داعيةِ الحق بالحرص على الشهرة، وخطفِ أضواء الإعجاب، ونَيلِ مآرب الدنيا الظاهرة أمرٌ قديم جديد، لم تتجدَّد إلا وسائلُه، وكثرةُ المتفوِّهين به. |
﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِۚ إِنَّ ٱلۡحَسَنَٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ ذَٰلِكَ ذِكۡرَىٰ لِلذَّٰكِرِينَ ﴾ [هود: 114]
ليس ثمَّةَ أبلغُ أثرًا في تطهير النفس من خطاياها من حسَنة إقامة الصلوات، فإنها كالنهر الجاري الذي يغتسلُ فيه العبدُ كلَّ يومٍ خمسَ مرَّات. مَن ضعُفت نفسُه أمام السيِّئات فلم يصبِر عنها فعليه بالتوبة، وليتقوَّ بفعل الحسنات، وليصبر عليها حتى يغسلَ ذنوبه. أهل الذِّكر هم أجدرُ الناس بالاعتبار والاتِّعاظ بما في القرآن الكريم. |
﴿وَٱلَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ رَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ وَيَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ ﴾ [الرعد: 22]
لا يُحمَدُ على الصبرِ عند اللهِ مَن لم يكن صبرُه في سبيلِه، وابتغاء وجهِه تعالى. مَن صبرَ على مصيبته كانت نعمةً في حقِّه؛ لأن الصبرَ شفاءٌ لنفسه، وزيادةٌ في حسناته، ومَن جزعَ جمعَ مصيبتين: مرارةَ المصيبة، وذهابَ الأجر وحصولَ الإثم. صبرًا على فعلِ العبادات، وعلى بذلِ المالِ في الطاعات، فمَن صبرَ فبعقبى الدارِ ظَفِر. مَن يقابل المسيءَ بالإحسان؛ فيعطي مَن حَرَمه، ويعفو عمَّن ظلمَه، ويَصلُ مَن قَطعَه، فكيف سيعامِلُ مَن أحسنَ إليه؟! |
﴿قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا بَيۡعٞ فِيهِ وَلَا خِلَٰلٌ ﴾ [إبراهيم: 31]
إذا تمتَّعَ الكافرون في حياتهم بما يشتهون من الحرام فإن أهلَ الإيمان متمتعون بالقرب من الله بفعلِ طاعاته، فيَسعَدون بصلتهم من الخالق، ومن المخلوقين، وبذلك يغنمون الدنيا والآخرة. جميلٌ بك أيها المُنفِقُ أن تصونَ كرامةَ الفقراء حين تُنفقُ عليهم سرًّا، وأن تكون قدوةً طيبة للمجتمع حين تنفقُ علانيةً، فانظر المصلحة وقدِّرها. إذا كنتَ تريدُ الاتِّجارَ في سوقِ الآخرة فتعامل مع الله، وإن كنتَ تُحبُّ بقاءَ الألفة، فأحبَّ في الله ولله. |
﴿رَّبَّنَآ إِنِّيٓ أَسۡكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيۡرِ ذِي زَرۡعٍ عِندَ بَيۡتِكَ ٱلۡمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱجۡعَلۡ أَفۡـِٔدَةٗ مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهۡوِيٓ إِلَيۡهِمۡ وَٱرۡزُقۡهُم مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَشۡكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 37]
مَن افتقرَ إلى ربِّه، وانكسر بين يديه، وعرضَ حالَه عليه، وتذلَّلَ إليه؛ ليجيبَ له دعاءه، كان أقربَ إلى أن يحققَ اللهُ له رجاءه. طلبَ إبراهيمُ عليه السلام تيسيرَ المنافع على أولاده حتى يتفرغوا لإقامة الصلوات وأداءِ الواجبات، وذاك مقصودُ العاقلِ من منافع الدنيا. إذا رأيتَ جموعَ الوافدين المشتاقين من أقطار الدنيا إلى الكعبة، وكم بذلوا من أموال، وكم من سنينَ انتظرها بعضُهم ليصلَ إليها، أدركتَ مدى دعوة إبراهيم. |
﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡنِي مُقِيمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّيَّتِيۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلۡ دُعَآءِ ﴾ [إبراهيم: 40]
إن شأنَ الصلاة لعظيم، حتى إن خليلَ الرحمنِ دعا بالثبات عليها، لنفسه ولذرِّيته. لا يمنعنَّك عملٌ تؤدِّيه من أن تسألَ اللهَ تعالى الثباتَ عليه، فذاك شأنُ الصالحين. إن سؤالَ اللهِ تعالى القبولَ هو من سيما العبادِ الموفَّقين، الذين يخافون أن يعتريَ عباداتِهم ما يَنقُصُ أجرَها، أو يمنعُ رَفعَها. اسمُ الربِّ يناسبُ أحوالَ الرعاية، ورزق الدنيا والدين، وحسنِ التدبير؛ فلذلك كرره إبراهيمُ الخليلُ في أدعيته المختلفة، فلله الحمدُ على أسمائه وصفاته. |
﴿أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمۡسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيۡلِ وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودٗا ﴾ [الإسراء: 78]
إذا دهَمَتك الأحداثُ فافزَع إلى الصلاة، فإنها كهفُ الناجين من كيد الكائدين، ومنارُ السالكين في ليالي الماكرين. يريد اللهُ منك أن تكونَ على صلةٍ دائمة به؛ فلذلك شرَع لك في نهارك وليلك فرائضَ تجعلك به موصولًا، فكلَّما صرفتك همومُ الحياة عنه أعادك الأذانُ إليه. إن ركنَ الصلاة الأعظمَ ومقصودَها الأكبر هو ما يُتلى فيها من القرآن الكريم، ولمَّا كانت صلاة الفجر أطولَ قراءةً سمَّاها قرآنًا. كم غافلٍ عن صلاة الفجر فاته هذا المشهدُ العظيم الذي تشهده ملائكةُ الليل والنهار، وكم ينال شاهدُه من الخير والبركة والسعادة! |
﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا ﴾ [الإسراء: 79]
تأسَّ بنبيِّك ﷺ في عبادة قيام الليل؛ عسى أن يرفعَك اللهُ إلى مقام عظيم، كما رفع بذلك رسولَك الكريم. |
﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدۡعُواْ ٱلرَّحۡمَٰنَۖ أَيّٗا مَّا تَدۡعُواْ فَلَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتۡ بِهَا وَٱبۡتَغِ بَيۡنَ ذَٰلِكَ سَبِيلٗا ﴾ [الإسراء: 110]
خير ما دعوتَ به اللهَ تعالى والتجأتَ به إليه أسماؤه الحسنى وصفاتُه العُلا، فتعبَّده بها، وسله بها حوائجَك، يُستجَب بإذن الله دعاؤك. على الداعي أن يتَّبعَ آدابَ الدعاء في دعائه، فيعلم بمَ يدعو الله، وكيف يدعو، وإن التوسُّط بين السرِّ والجهر في الدعاء من تلك الآداب. |
﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيۡنَ مَا كُنتُ وَأَوۡصَٰنِي بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمۡتُ حَيّٗا ﴾ [مريم: 31]
داوِم على الصلاة مدةَ حياتك؛ فهي وصية الله لعيسى كلمِته، وآخرُ وصية نبيك محمد لأمته. مَن كانت الصلاةُ والزكاة من لوازم سيرته كما يحب الله، فيُرجى منه الصلاح والعدالة والصدق؛ لأن بهاتين العبادتين صلاحَ علاقة العبد مع خالقه، ومع بني جنسه. |
﴿وَكَانَ يَأۡمُرُ أَهۡلَهُۥ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِۦ مَرۡضِيّٗا ﴾ [مريم: 55]
قال الحسن: (مَن كان له واعظٌ من نفسه كان له من الله حافظ، فرحم الله من وعظ نفسه وأهله، فقال: يا أهلي؛ صلاتَكم صلاتكم، زكاتَكم زكاتكم، مساكينَكم مساكينكم؛ لعل الله أن يرحمكم يوم القيامة؛ فإن الله عز وجل أثنى على عبد كان هذا عمله). |
﴿۞ فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59]
لم يَقدُر الصلاة حقَّ قدرها مَن أضاع وقتها، ولم يبالِ بفواتها، ولو كانت لديه عظيمة لصلَّاها في وقتها، وشقَّ عليه فواتها. كيف يحافظُ على واجباته مَن ضيَّع عمادها وخيرها؟ فمَن ضيع الصلاةَ فهو لما سواها أضيع. مَن أضاع الصلاة صار نُهبة للشهوات، وبالعكس، وما دُفعت الشهوات بمثل حسن الصلاة، وما حسنت الصلاة بمثل دفع النفس عن اتباع الشهوات. |
﴿وَإِن تَجۡهَرۡ بِٱلۡقَوۡلِ فَإِنَّهُۥ يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخۡفَى ﴾ [طه: 7]
إخباره تعالى بعلمه سِرَّك وعلنَك دعوةٌ لك لإصلاح باطنك، وتصفية سريرتك؛ حتى تكونَ له باطنًا وظاهرًا كما يحبُّ، لا كما تحب. |
﴿إِنَّنِيٓ أَنَا ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدۡنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكۡرِيٓ ﴾ [طه: 14]
يا مَن آمنتَ بأن الله لا إله إلا هو، لا تتوجَّه في عباداتك وصلواتك إلا إليه، ولا تشغلنَّك أعباء الحياة ومشاغلها عن ذكره. |
﴿فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ غُرُوبِهَاۖ وَمِنۡ ءَانَآيِٕ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡ وَأَطۡرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرۡضَىٰ ﴾ [طه: 130]
لن يسلم المؤمنُ من طعن أهل الباطل، وحرب ألسنتهم الذرِبة، وإيذاء إعلامهم الأفَّاك، ولكن في حصن الصبر منجى للمؤمنين من سهام أولئك الطاعنين المؤذين. ما أسعدَ تلك اللحظات التي يُعطى فيها المؤمن ثواب أعماله الصالحة بين يدي ربه، فيرضى بما أعطاه الله تعالى، ويتسع صدرُه سرورًا بما نال، على صالح الأعمال! حينما يوقنُ الإنسانُ بأن الله تعالى يُعطي عبده العامل يوم لقائه ما يُرضيه يطمئن قلبه، وتقَرُّ عينه بعبادة ربه، ويتسلى بها عن أذية الأعداء، فيخِف عليه حينئذ الصبر. |
﴿وَأۡمُرۡ أَهۡلَكَ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصۡطَبِرۡ عَلَيۡهَاۖ لَا نَسۡـَٔلُكَ رِزۡقٗاۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكَۗ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلتَّقۡوَىٰ ﴾ [طه: 132]
تزكية الإنسان نفسَه يكمل تمامها بنصحه لغيره، بأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وأحقُّ الناس بذلك الأهل، وأعظم النصائح بعد التوحيد النصيحة بالصلاة. مَن ظن أن إقامة الصلاة، والأمر بها، وتفريغَ جزء من الوقت عن المصالح الدنيوية لأجلها هدرٌ اقتصادي، وتأخير لعجلة التنمية، فليراجع نفسه، وليعلم أن الرزق بيد من شرع الصلاة. انشغل بما أُمرت به، ولا تشغَل بالك فيما ضُمن لك، فأقم صلاتك واصطبر عليها، وأبشر برزقك المقسوم؛ فإنه لك مضمون. كن من المتقين الذين زهدوا في الحياة الدنيا، وأقاموا الصلاة، وأمروا بها، وأبشر بعدها بالعاقبة الحسنة في الدنيا والآخرة. |
﴿وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَهۡدُونَ بِأَمۡرِنَا وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِمۡ فِعۡلَ ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَوٰةِۖ وَكَانُواْ لَنَا عَٰبِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 73]
إنما تكون الهدايةُ بأمر الله، لا بآراءِ العِباد، وإن جلَّت أقدارهم. الإمام الحقُّ مَن كان الوحيُ مصدرَه، والخيرُ عملَه، وأداء حقِّ الله وحق المخلوقين ديدنَه. أشرفُ العبادات البدنية الصلاة، وقد شُرعت لذكر الله، وأشرف العبادات المالية الزكاة، وبهما يكون التعظيمُ لأمره، والشفقةُ على خلقه. أسبغَ عليهم نعمَه، وأسبل عليهم إحسانه، فشكروه على إنعامه وإحسانه بأن كانوا على عبادته ثابتين، وإلى خلقه محسنين، فنعمَ ما أُتُوا، ونعم ما أَتوا. |
﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكٗا لِّيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۗ فَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَلَهُۥٓ أَسۡلِمُواْۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُخۡبِتِينَ ﴾ [الحج: 34]
من عظيم البراهين على منزلة عبادة من العبادات أن تراها مشروعةً في جميع الشرائع، وهكذا كان النحر، فهل يقدر المسلم هذه الشعيرةَ قدرها؟ مالُك هو من رزق الله لك، ومن فضله عليك، فمن شُكره أن تبتغي به رضاه، فتنسُبه إليه. ذبحُ النسيكة مشهدٌ من مشاهد التوحيد؛ فبها يتقرَّب المسلم الموحِّد إلى الله، وعلى اسمه يذبحها، وله وحدَه يصرف شكرَها. طوبى للحجيج المخبِتين الذي استسلموا لربِّ العالمين، وانقادوا له راضين، وكانوا له متواضعين. مَن أخبتَ لله قلبُه استنارت بالأعمال الصالحات جوارحُه، فنالته البِشارات، وهطَلَت عليه الخيرات، فأصلِح قلبك؛ فإنه موضع نظر ربِّك منك. |
﴿ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَٱلصَّٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمۡ وَٱلۡمُقِيمِي ٱلصَّلَوٰةِ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴾ [الحج: 35]
من صفات المُخبِتين الوجَل عند ذكر الله عزَّ وجل، وذلك يقتضي معرفتَهم بعظيم شأنه، واستشعارهم تقصيرَهم في جنبه، وبُعدهم عن العُجب بما هم عليه. إذا أردتَّ البشرى فأحسن ببارئك الظنون، ولا تتبرَّم من أقداره فيك؛ فإنه بحكمته يبتليك فيصطفيك. حين لم يتمكَّن حبُّ الدنيا من قلوب المخبتين ظلُّوا بين العباد منفقين، غيرَ بخلاء بما رُزقوا؛ لعلمهم أن المال ماله، والفضل فضله. |
﴿وَٱلَّذِينَ سَعَوۡاْ فِيٓ ءَايَٰتِنَا مُعَٰجِزِينَ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ ﴾ [الحج: 51]
مَن ظنَّ أنه يستطيع معاجزةَ ربه بصد الناس عنه أو عن رسوله، أو منعِ نفسه من حلول عذاب الله به وغلبته له فقد خاب ظنه، وبطل سعيه، واستحق عذاب الجحيم إن مات على ذلك. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرۡكَعُواْ وَٱسۡجُدُواْۤ وَٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمۡ وَٱفۡعَلُواْ ٱلۡخَيۡرَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ۩ ﴾ [الحج: 77]
من أدلِّ الدلائل على صدق إيمان العبد، صلاته وخضوعه لله في ركوعه وسجوده، وهي أرجى ما يُقابل به العبد ربَّه يوم لقائه. بالعبادةِ لله تقوم حياة الأمة المسلمة الفردية على قاعدة ثابتة وطريق واصل، وبفعل الخير تستقيم حياتها الجماعية على قاعدة من الإيمان وسبيل قاصد، وتلك أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة. |
﴿وَجَٰهِدُواْ فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦۚ هُوَ ٱجۡتَبَىٰكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمۡ إِبۡرَٰهِيمَۚ هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ مِن قَبۡلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيۡكُمۡ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِۚ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ فَنِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِيرُ ﴾ [الحج: 78]
ختمُ هذه السورة بالأمر بالمجاهدة هو كالتنبيه على أن السلامة من أهوال القيامة، وأن أداء الواجبات في الحجِّ والهجرة، لا بدَّ لها من مجاهدة. يا مَن خصَّه الله تعالى بالتكليف، لقد حظيت بأعظم تشريف، أوليس قد اختارك مولاك لخدمته، والاشتغال بطاعته، فأيُّ رتبة أعلى من هذه الرتبة؟ مَن اعتقد أن فيما أمر الله به مثقال ذرة من حرج، فقد كذب الله ورسوله، فكيف بمن اعتقد أن المأمور به قد يكون فسادًا وضررًا لا منفعة فيه ولا مصلحة لنا؟! مَن اعتذر عن الإسلام بتقليده دينَ الآباء؛ أفلا كان اقتدى بأبيه إبراهيمُ عليه السلام الذي أعلن التوحيدَ وكسر الأصنام؟ ليس من الإسلام الافتخارُ بغيره من نسب أو بلد، أو جنس أو مذهب، أو طريقة أو انتماء آخر. على تتابع الأجيال والرسل والرسالات، كانت الأمة المسلمة ذات منهج واحد، وهو إسلام الوجه والقلب لله تعالى وحده، لا شريك له. بالصلاة تتوثق العلاقة بين العبد وربِّه، وبالزكاة تتعمق صلته بأفراد جنسه، وبالاعتصام بالله تعالى تتوحد الأمة على المنهج الربَّاني. كمالُ النصرة على العدو بحسب كمال الاعتصام بالله تعالى. إذا تولى الله تعالى عبدًا كفاه، وإذا نصر أحدًا أعلاه، ومَن أراد تلك الوَلاية فليُقِم الصلاة، وليؤت الزكاة. |
﴿قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ﴾ [المؤمنون: 1]
مَن اتصف بما أمر الله تعالى أن يُتصف به فقد أفلح الفلاحَ كلَّه في كلِّ آنٍ، فمتى زاد حظُّه من تلك الصفات زاد حظُّه من الفلاح والنجاح. |
﴿ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 2]
تستحضِر قلوب المؤمنين رهبةَ الموقف في الصلاة بين يدَي الله، فتسكن فيها، ويسري خشوعها إلى جوارحهم وملامحهم وحركاتهم، فلا يشغلها عنها شاغل. إنما يزداد خشوع المرء في صلاته بازدياد إيمانه ومعرفته قدرَ ربِّه، ومدى تقصيره في حقِّه. |
﴿وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَوَٰتِهِمۡ يُحَافِظُونَ ﴾ [المؤمنون: 9]
المفلحون على صلواتهم يحافظون، فلا يتركونها، ولا يقصِّرون في حقوقها، بل هم لأركانها وشروطها وآدابها مقيمون، وعلى أدائها في أوقاتها محافظون. |
﴿ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ﴾ [النمل: 3]
المهتدون بالقرآن يؤدون صلاتهم على الدوام، ولا يقصرون في الحفاظ على ما وجب فيها. الإيمان بالآخرة يصدُّ المؤمن عن جموح الشهوات، ويغمُر روحه بتقوى الله وخَشيته، ويجعله يستحيي من الوقوف بين يديه موقفَ العاصي. |
﴿ٱتۡلُ مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَصۡنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45]
لا تكون تلاوةُ القرآن الحقَّة إلا باتِّباع ما فيه، وتدبُّر معانيه، وإقامة أحكامه، وتصديق أخباره. الصلاة تعني أن ترحلَ عن خطاياك إلى الله؛ لتَخرجَ من درَكات العادة إلى درجات العبادة، وليتغيَّر طعم المنكر في قلبك فلا تجد له لذَّة، فالصلاةَ الصلاة؛ فإنها تصنعك. مَن لم تستمرَّ صَلاتُه في نهيه عن الفحشاء والمنكر فليراجع صلاته. بالصلاة تَدفع المكروهَ من الفحشاء والمنكر، وبها تحصِّل المحبوب. ذِكرُ الله سبحانه أكبر من أن يبقى معه فاحشةٌ ومنكر، بل إذا تمَّ الذكر محَقَ كلَّ خطيئة ومعصية. عن معاذ رضي الله تعالى عنه قال: (ما عملَ آدميٌّ عملًا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله)، قالوا: يا أبا عبد الرحمن، ولا الجهادُ في سبيل الله؟ قال: (ولا؛ إلا أن يضربَ بسيفه حتى ينقطع؛ لأن الله تعالى يقول في كتابه: ﴿ولذكرُ الله أكبر﴾ ). لازمِ العمل كما يلازم الصانع صنعته، وأقِم الذكر حتى يصير لك طبعًا صحيحا، ومقصودًا صريحا. |
﴿فَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ حِينَ تُمۡسُونَ وَحِينَ تُصۡبِحُونَ ﴾ [الروم: 17]
تأمَّل كيف يرتبط التسبيحُ والحمد بالأوقات، وبآفاق الأرض والسماوات؛ حتى يظلَّ القلب متصلًا بالله في كلِّ زمان ومكان. سبحان مَن جمع لنفسه الحمدَ كلَّه في الزمان والمكان، مثنِيًا بذلك على نفسه، ومعَلِّمًا عباده كيف يثنون عليه! |
﴿وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَعَشِيّٗا وَحِينَ تُظۡهِرُونَ ﴾ [الروم: 18]
تأمَّل كيف يرتبط التسبيحُ والحمد بالأوقات، وبآفاق الأرض والسماوات؛ حتى يظلَّ القلب متصلًا بالله في كلِّ زمان ومكان. سبحان مَن جمع لنفسه الحمدَ كلَّه في الزمان والمكان، مثنِيًا بذلك على نفسه، ومعَلِّمًا عباده كيف يثنون عليه! |
﴿۞ مُنِيبِينَ إِلَيۡهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ﴾ [الروم: 31]
لا بدَّ من الثبات على الحق بعد التزامه، ولا يكون ذلك إلا بالإنابة إلى الله دائمًا، والخشية من الزيغ عن سبيله، والوقوع في أيدي المضلين عن دينه. ما يميِّز المؤمن من غيره هو إقامة الصلاة، فكلما صدق العبد في صلاته واتصل بربه أكثر، وكان أعظمَ إقبالًا وتألُّهًا؛ كان للتوحيد أحفظ، وعن الشرك أبعد. |
﴿ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ﴾ [لقمان: 4]
لا يكون العبد محسنًا ما لم يأتِ بأفضل الحسنات، من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، واليقين بالآخرة. |
﴿أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [لقمان: 5]
لو آمن القلب بالآخرة حق الإيمان لراقب الله سبحانه وتعالى في سرِّه وعلانيته، مراقبةً تصل به إلى درجة الإحسان. |
﴿يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ ﴾ [لقمان: 17]
إن أوَّل ما ينبغي على المربِّي أن يأخذَ به أبناءه بعد غرس توحيد الله في نفوسهم هو الصلاة؛ فإنهم إن أقاموها فُتح لهم باب الإعانة والتوفيق. من الحكمة أن يتحلى الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر بالصبر على ما يناله؛ فإن الصبر مع الصلاة نعم المعين. |
﴿وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِ وَيُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِيرٗا ﴾ [الأحزاب: 33]
إن في مُكث المرأة في بيتها وعدم خروجها لغير حاجة راحةً لنفسها، وانشراحًا لقلبها، واستقرارًا لها ولمجتمعها. البيت حِصن المرأة الحَصان، ومكمن الاطمئنان والأمان، ومهد الجمال والسناء، ومعهد النقاء والعفة. التبرُّج من مخلَّفات الجاهليَّة التي يرتفع عنها مَن ارتفعت تصوُّراته ومشاعره عن تصوُّرات الجاهليَّة ومشاعرها. ما أوثقَ العَلاقةَ بين العبادة والخُلق الحسن! ألا ترى كيف كانت الأوامرُ بالطاعات لآل البيت الكرام خاتمةً للتوجيهات الأخلاقيَّة؟ نساء النبيِّ ﷺ من أهل بيته، وما دُعينَ إليه من أدب السماء يُناسب مقامهنَّ، ويتلاقى مع انتسابهنَّ إليه ﷺ. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا ﴾ [الأحزاب: 41]
عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما: (لا يَفرِضُ الله على عباده فريضةً إلا جعل لها حدًّا معلومًا، ثم عذَر أهلها في حال عذر، غيرَ الذكر، فإن الله تعالى لم يجعل له حدًّا ينتهي إليه). إن غفَل الناسُ عن الذكر في أوقات راحتهم فلا تَغفُلنَّ عنه، وإن شغلتهم عنه المشاغل فلا تنشغل عنه أنت، وإن سبَّحوه في وقت من الأوقات فسبِّحه أنت في جميع الأوقات. استقبل نهارك بالتسبيح، فذلك يُعينك على مراقبة ربِّك في سائر نهارك، واختتمه بالتسبيح، فذلك يعينك على جمع قلبك من شَتات الدنيا. |
﴿وَسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 42]
عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما: (لا يَفرِضُ الله على عباده فريضةً إلا جعل لها حدًّا معلومًا، ثم عذَر أهلها في حال عذر، غيرَ الذكر، فإن الله تعالى لم يجعل له حدًّا ينتهي إليه). إن غفَل الناسُ عن الذكر في أوقات راحتهم فلا تَغفُلنَّ عنه، وإن شغلتهم عنه المشاغل فلا تنشغل عنه أنت، وإن سبَّحوه في وقت من الأوقات فسبِّحه أنت في جميع الأوقات. استقبل نهارك بالتسبيح، فذلك يُعينك على مراقبة ربِّك في سائر نهارك، واختتمه بالتسبيح، فذلك يعينك على جمع قلبك من شَتات الدنيا. |
﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ وَإِن تَدۡعُ مُثۡقَلَةٌ إِلَىٰ حِمۡلِهَا لَا يُحۡمَلۡ مِنۡهُ شَيۡءٞ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰٓۗ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفۡسِهِۦۚ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [فاطر: 18]
إن الله تعالى عادل في حكمه، فلا يؤاخذ عبدًا بجريرة غيره ما لم تكن له يد فيها، فاطمئن على نفسك فإنك لا تحاسب إلا عليها. قال ابن عبَّاس رضي الله عنهما: (يلقى الأب والأمُّ ابنه فيقول: يا بنيَّ؛ احمل عنِّي بعض ذنوبي، فيقول: لا أستطيع حمل شيء؛ حسبي ما علي). لا تظنَّ اليوم أن أحدًا سيحمل عنك ذنبك غدًا، ولو كان أقربَ قريب لك، فتخفَّف منه اليوم بالتوبة قبل أن تلقى الله بالندامة يوم القيامة. ما أحسنَ خشيةَ الله وإقامةَ الصلاة في الانتفاع بالنِّذارة والموعظة! فمَن كان أكثرَ خشيةً وأحسن صلاةً صار أكثر انتفاعًا بالذكرى. إذا تطهَّرت من المعاصي، ونقَّيت باطنك وظاهرك من المساخط، فإن عائدة ذلك النقاء على نفسك، فاحرِص على ذلك فأنت الرابح. من تفكر بأن مصيره إلى ربِّه الذي سيحاسبه على عمله انتفع بالنِّذارة، وطهَّر نفسه من الذنوب حتى يوافيَ مولاه على أحسن حال. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ يَرۡجُونَ تِجَٰرَةٗ لَّن تَبُورَ ﴾ [فاطر: 29]
محافظة المرء على تلاوة القرآن، وتتابع قراءته له، تثمر ثناء الله تعالى على صاحبه. إن التجارة الرابحة أن يداومَ المسلم على تلاوة القرآن، وإقامة الصلاة التي يظهر أثرُها في القلب والجوارح، وإنفاق المال فيما يحب الله تعالى في السرِّ والعلانية. مَن أراد الخير من ربِّه فليُخلص له عمله ويوجِّه إليه قصده في قراءته وصلاته وإنفاقه وسائر أعماله الصالحة، فذلك الذي يبيع لله، فما أعظمَ ربحَه! |
﴿لِيُوَفِّيَهُمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ غَفُورٞ شَكُورٞ ﴾ [فاطر: 30]
حين يوفِّي الله عبده ثوابَ عمله كاملًا غير منقوص، ويضاعف له الحسنات من فضله غير مبخوس، فإن ذلك خيرٌ عظيم من الربِّ الكريم. انظر إلى معاملة الله لأهل طاعته الذين عملوا من أجله، فإنه يغفر لهم تقصيرهم في حقه، ويشكر لهم عملهم الذي قصدوه به. |
﴿وَٱلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴾ [الشورى: 38]
الاستجابة لله إنما هي ثمرةٌ من ثمرات العبوديَّة لربِّ العالمين، واليقين بأنه سبحانه لا يأمر عباده إلا بما فيه صلاحُهم وفلاحهم. الصلاة مشهدٌ عظيم من مشاهد اجتماع القلوب، ولن يرتفعَ للأمَّة شأنٌ وتجتمعَ على رأي، حتى تقيمَها على خير وجه. من مظاهر الأمَّة الراشدة أنها لا يستأثر فيها أحدٌ برأيه، ولكن يتداولون الرأيَ ويتشاورون فيه، ليكونوا على قلب رجلٍ واحد. |
﴿فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ ٱلۡغُرُوبِ ﴾ [ق: 39]
طريقُ الدعوة محفوفٌ بالابتلاء، وألوان المصاعب والإيذاء، وعلى الدعاة أن يوطِّنوا أنفسَهم على الصبر في مقارعة الباطل. ممَّا يُعين الداعيةَ على التجلُّد والصَّبر، الصلاةُ ودوامُ التسبيح والذِّكر. |
﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَأَدۡبَٰرَ ٱلسُّجُودِ ﴾ [ق: 40]
طريقُ الدعوة محفوفٌ بالابتلاء، وألوان المصاعب والإيذاء، وعلى الدعاة أن يوطِّنوا أنفسَهم على الصبر في مقارعة الباطل. ممَّا يُعين الداعيةَ على التجلُّد والصَّبر، الصلاةُ ودوامُ التسبيح والذِّكر. |
﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّٰتٖ وَعُيُونٍ ﴾ [الذاريات: 15]
مَن أطاع الله في الدنيا عن رضًا وتسليم، أثابه مولاه وخصَّه بالنعيم، فأين المشمِّرون المحسنون؟ لا يجني طيِّبًا إلا مَن زرع طيِّبًا، والله لا يُضيع أجرَ من أحسن عملًا. |
﴿ءَاخِذِينَ مَآ ءَاتَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَبۡلَ ذَٰلِكَ مُحۡسِنِينَ ﴾ [الذاريات: 16]
مَن أطاع الله في الدنيا عن رضًا وتسليم، أثابه مولاه وخصَّه بالنعيم، فأين المشمِّرون المحسنون؟ لا يجني طيِّبًا إلا مَن زرع طيِّبًا، والله لا يُضيع أجرَ من أحسن عملًا. |
﴿كَانُواْ قَلِيلٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مَا يَهۡجَعُونَ ﴾ [الذاريات: 17]
لصلاة الليل مَزيَّةٌ من سائر العبادات، فهي من خير ضروب الإحسان؛ لأنها دليلٌ على الإخلاص وتواطُؤ القلب واللسان. |
﴿وَبِٱلۡأَسۡحَارِ هُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 18]
لصلاة الليل مَزيَّةٌ من سائر العبادات، فهي من خير ضروب الإحسان؛ لأنها دليلٌ على الإخلاص وتواطُؤ القلب واللسان. |
﴿وَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعۡيُنِنَاۖ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ [الطور: 48]
كلُّ من حملَ على عاتقه أمانةَ الدعوة إلى الله عليه أن يهيِّئَ نفسَه لمشاقِّ الطريق الطويل؛ بالاحتساب والصبر الجميل. أيها العبدُ، كن مع الله ولا تُبالِ، فمَن أحاطَه الله برعايته وحِفظه لم يضرَّه شيء. التسبيحُ ودوام الذِّكر يشحَذُ الهمَّة على الصبر، ويزيدُ من قُدرة المرء على التجلُّد والثَّبات؛ فما أحرانا أن نستمسكَ به. |
﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَإِدۡبَٰرَ ٱلنُّجُومِ ﴾ [الطور: 49]
كلُّ من حملَ على عاتقه أمانةَ الدعوة إلى الله عليه أن يهيِّئَ نفسَه لمشاقِّ الطريق الطويل؛ بالاحتساب والصبر الجميل. أيها العبدُ، كن مع الله ولا تُبالِ، فمَن أحاطَه الله برعايته وحِفظه لم يضرَّه شيء. التسبيحُ ودوام الذِّكر يشحَذُ الهمَّة على الصبر، ويزيدُ من قُدرة المرء على التجلُّد والثَّبات؛ فما أحرانا أن نستمسكَ به. |
﴿ءَأَشۡفَقۡتُمۡ أَن تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَٰتٖۚ فَإِذۡ لَمۡ تَفۡعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ ﴾ [المجادلة: 13]
النفوس شديدة التعلُّق بالمال والحرص عليه، ومن رحمة الله تعالى بخَلقه أن خفَّفَ عنهم التكاليفَ في المال وأوجبَ القليل فيه. الصلاةُ والزكاة هما أمُّ العبادات البدنيَّة والماليَّة، فمَن أدَّى حقَّهما فقد أدَّى حقَّ الله وحقَّ عباده. إقامة الصلاة لا تكون بمجرَّد فعلها، ولكن بالمثابرة عليها وتوفيتها حقَّها ورعاية كمالها. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوۡمِ ٱلۡجُمُعَةِ فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلۡبَيۡعَۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9]
ليوم الجمعة في حياة المسلمين مكانةٌ أيُّ مكانة، وفيه مشهدٌ عظيم يحسُن بكلِّ مسلم الاهتمامُ به، ألا وهو صلاةُ الجمعة. ما كان الله ليحُثَّ على السعي إلى صلاة الجمعة إلا لما أعدَّ للساعين إليها من عظيم الثواب والأجر، ووافر الخير والبِر. بادروا إلى الخيرات، وإذا كان في التجارة ربحٌ كثير، وبركةٌ واسعة، فإن تركها لصلاة الجمعة أعظمُ ربحًا وأجزلُ بركة. |
﴿فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10]
لمَّا كان الاشتغالُ بالدنيا عمومًا والتجارة خصوصًا مَظِنَّةَ الغفلة عن ذكر الله، أمرَنا سبحانه بالإكثار من الذِّكر؛ لتبقى أفئدتنا متعلِّقةً به دومًا. قال مجاهد: (لا يكون العبدُ من الذَّاكرين كثيرًا حتى يذكُرَه قائمًا وقاعدًا ومُضطجعًا). كان عِراكُ بن مالك رضي الله عنه إذا صلَّى الجمعةَ انصرف، فوقف عند باب المسجد فقال: (اللهم إني أجبتُ دعوتَك، وصلَّيت فريضتَك، وانتشرتُ كما أمرتني، فارزُقني من فضلك، وأنت خيرُ الرازقين). لا رهبانيَّةَ في الإسلام ولا غُلوّ، وهو دينُ الانضباط والتوازن، فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، ولا تطغَ بجانب على حساب جانب. |
﴿إِلَّا ٱلۡمُصَلِّينَ ﴾ [المعارج: 22]
لا شيء كالإيمان والعمل الصالح يمنحُكَ أيها العبدُ الطُّمَأنينه، ويكسوك بثوب السَّكينه، ويعصمُك من الجزَع عند وقوع الشرِّ، ومن الشحِّ عند حصول الخير. يُروى عن الحسن البصريِّ أنه قال: (حبُّ الدنيا رأسُ كلِّ خطيئة)، فإيَّاكم وإيَّاها؛ فإنها تدعو إلى الشحِّ والطمَع، وتقود إلى اليأس والجزَع. أعظم ما يزكِّي المسلمَ ويخلِّصه من مساوي الأخلاق، المداومةُ على الصلاة، فما أحرانا أن نبتهلَ إلى الله بالدعاء: ﴿رَبِّ اجعَلني مُقِيمَ الصَّلاةِ ومِنْ ذُرِّيَّتي رَبَّنا وتَقَبَّلْ دُعاءِ﴾ . |
﴿ٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَآئِمُونَ ﴾ [المعارج: 23]
لا شيء كالإيمان والعمل الصالح يمنحُكَ أيها العبدُ الطُّمَأنينه، ويكسوك بثوب السَّكينه، ويعصمُك من الجزَع عند وقوع الشرِّ، ومن الشحِّ عند حصول الخير. يُروى عن الحسن البصريِّ أنه قال: (حبُّ الدنيا رأسُ كلِّ خطيئة)، فإيَّاكم وإيَّاها؛ فإنها تدعو إلى الشحِّ والطمَع، وتقود إلى اليأس والجزَع. أعظم ما يزكِّي المسلمَ ويخلِّصه من مساوي الأخلاق، المداومةُ على الصلاة، فما أحرانا أن نبتهلَ إلى الله بالدعاء: ﴿رَبِّ اجعَلني مُقِيمَ الصَّلاةِ ومِنْ ذُرِّيَّتي رَبَّنا وتَقَبَّلْ دُعاءِ﴾ . |
﴿وَٱلَّذِينَ فِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ مَّعۡلُومٞ ﴾ [المعارج: 24]
شعورُك أيها المسلمُ أن للمحتاجين حقًّا في مالك هو شعورٌ بفضل الله عليك من جهة، وشعورٌ بآصرة الأخوَّة الإنسانيَّة من جهة أخرى. ليس كالإنفاق في سبيل الله أمرٌ يحرِّر النفسَ من رِبقة البخل، فضلًا عن أن يكونَ ضمانةً اجتماعيَّة لتكافُل الأمَّة وتعاونها. |
﴿وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ يُحَافِظُونَ ﴾ [المعارج: 34]
لا يزال المؤمنُ يجاهد نفسَه في المحافظة على الصلوات حتى يستشعرَ حلاوةَ الإيمان، ويذوقَ لذَّةَ الطاعة، فتغدوَ الصلاة قرَّةَ عين له، كما جعلها الله لحبيبه المصطفى ﷺ قرَّةَ عين. |
﴿۞ إِنَّ رَبَّكَ يَعۡلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدۡنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيۡلِ وَنِصۡفَهُۥ وَثُلُثَهُۥ وَطَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَۚ وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحۡصُوهُ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرۡضَىٰ وَءَاخَرُونَ يَضۡرِبُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَبۡتَغُونَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَءَاخَرُونَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنۡهُۚ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗاۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٗا وَأَعۡظَمَ أَجۡرٗاۚ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمُۢ ﴾ [المزمل: 20]
قليلٌ يدوم خيرٌ من كثير ينقطع؛ فمهما كانت حالك، وأيًّا كان عُذرك فاحرِص على القيام، ولو بصلاة ركعتين ترتِّل فيهما القرآنَ في هَدأة الليل. لنتأمَّل هذا التأكيدَ الصَّريح: ﴿فاقرَءُوا ما تيسَّرَ مِنه﴾ ، ولنتأمَّل حالنا وأين نحن منه! قلَّما يخلو امرؤٌ في عمله وعبادته من تفريط، فلنلزَم الاستغفارَ في جميع أحوالنا؛ جبرًا لما بدرَ منَّا من تقصير، فإنَّ الله غفور رحيم. فضل الله واسعٌ عظيم، وجوده وافرٌ عميم، وما عليك إلا أن تسعى في مناكبِ الأرض تبتغي من رزقه الحلال. هل بعد هذا الإغراء من إغراء؟ ما تُقدِّم من عملٍ صالح أشبهُ بقَرض مضمونِ الأداء، مع زيادةٍ مضاعفة أضعافًا كثيرة، فهلمَّ نستبق إلى الخيرات. |
﴿مَا سَلَكَكُمۡ فِي سَقَرَ ﴾ [المدثر: 42]
من كمال نعيم أهل الجنَّة أنهم يتساءلون عن حال أهل النار، وهذا سببٌ في زيادة طُمَأنينة قلوبهِم، وارتياح نفوسهِم. |
﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّىٰ ﴾ [القيامة: 31]
أيُّ خير يُرتجى ممَّن كذَّب بالوحي، وضيَّع أهمَّ فريضةٍ من فرائض الإسلام؟ لا والله لن يلقى إلا الخزيَ والهلاك، ولو صدَّره الناس وعاش بينهم مَزهُوًّا! ينتهي التكذيبُ بالمرء إلى تبلُّد أحاسيسه، فيغرق في المعاصي والآثام، حتى تُثقلَه الشهَوات وتُعميَه الأهواء، فلا يهتدي إلى الحقِّ أبدًا! |
﴿وَٱذۡكُرِ ٱسۡمَ رَبِّكَ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا ﴾ [الإنسان: 25]
هذا هو الزاد؛ زادُ المؤمن في غُربتِه، ورحلة دعوتِه، إنه الاتِّصال بيَنبوع القوَّة ومصدر المدَد؛ عبادةً وذكرًا ودعاء، فالطريق طويل، والعِبء ثقيل. أكثِر من السجود لربِّك بكثرة التطوُّع؛ فإنَّ أقرب ما يكون العبدُ من ربِّه وهو ساجد، وخصوصًا في سكون الليل وصفائه. |
﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَٱسۡجُدۡ لَهُۥ وَسَبِّحۡهُ لَيۡلٗا طَوِيلًا ﴾ [الإنسان: 26]
هذا هو الزاد؛ زادُ المؤمن في غُربتِه، ورحلة دعوتِه، إنه الاتِّصال بيَنبوع القوَّة ومصدر المدَد؛ عبادةً وذكرًا ودعاء، فالطريق طويل، والعِبء ثقيل. أكثِر من السجود لربِّك بكثرة التطوُّع؛ فإنَّ أقرب ما يكون العبدُ من ربِّه وهو ساجد، وخصوصًا في سكون الليل وصفائه. |
﴿وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ ﴾ [الأعلى: 15]
أعظم ما يُزكِّي النفوسَ كثرةُ الصلاة وذكر الله، فكلَّما ذكر العبدُ اسمَ الله اتَّعظ وأقبل على ربِّه، وذلك هو الفلاحُ العظيم. |
﴿أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يَنۡهَىٰ ﴾ [العلق: 9]
أشدُّ الناس حُمقًا مَن يأمر وينهى، ظانًّا أن على الناس ألَّا يرَوا إلَّا ما يرى، فيتجاسرُ بالنهي عن طاعة الله وعبادته! أعظم شرفٍ يتشرَّف به المؤمنُ أن يكونَ عبدًا لله مخلصًا، كما كان نبيُّه ﷺ عنوانًا للعبد الكامل في الخضوع لربِّه والإخبات لجلاله. |
﴿عَبۡدًا إِذَا صَلَّىٰٓ ﴾ [العلق: 10]
أشدُّ الناس حُمقًا مَن يأمر وينهى، ظانًّا أن على الناس ألَّا يرَوا إلَّا ما يرى، فيتجاسرُ بالنهي عن طاعة الله وعبادته! أعظم شرفٍ يتشرَّف به المؤمنُ أن يكونَ عبدًا لله مخلصًا، كما كان نبيُّه ﷺ عنوانًا للعبد الكامل في الخضوع لربِّه والإخبات لجلاله. |
﴿وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]
هذه هي زُبدة الدَّعَوات، وغاية الشَّرائع والرسالات؛ إفرادُ الله وحدَه بالعبادات، والإخلاصُ له في الطَّاعات، فيا فوزَ من عرَف فلزِم. لا أَقْوَمَ من شريعة الله تعالى؛ فهي صراطُ الله المستقيم، وحبله القويُّ المتين، مَن تمسَّك بها هُدي وأفلح، ومَن أعرض عنها شَقي وهلك. إن أردتَّ بلوغَ التوحيد الخالص فاستقِم كما أُمرت؛ بإقامة الصَّلاة المكتوبة، وأداء الزكاة المفروضة، واجتناب الرِّياء والنفاق. |
﴿فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ ﴾ [الماعون: 4]
أيها الغافلُ اللاهي عن صلاته، انتبه فإنَّ الخَطْبَ جَلَل، والوَيلُ لكلِّ مستهينٍ بالصلاة عمادِ الدِّين، فهلَّا أدركتَ نفسَك قبل أن يسبقَ الأجَل! هذا جزاء مَن فرَّط في صلاته بتأخيرها عن وقتها، أو قصَّر في أدائها على وجهها، فما ظنُّكم بمَن تركها بتَّةً ولم ينهض لها؟! ما أعظمَ الصلاةَ وأرفعَ منزلتَها! بالمحافظة عليها يعرُجُ الإنسان إلى أرقى مراتب الجنان، وبالتنكُّر لها يهوي إلى أسفل وادٍ في جهنَّم. |
﴿ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 5]
أيها الغافلُ اللاهي عن صلاته، انتبه فإنَّ الخَطْبَ جَلَل، والوَيلُ لكلِّ مستهينٍ بالصلاة عمادِ الدِّين، فهلَّا أدركتَ نفسَك قبل أن يسبقَ الأجَل! هذا جزاء مَن فرَّط في صلاته بتأخيرها عن وقتها، أو قصَّر في أدائها على وجهها، فما ظنُّكم بمَن تركها بتَّةً ولم ينهض لها؟! ما أعظمَ الصلاةَ وأرفعَ منزلتَها! بالمحافظة عليها يعرُجُ الإنسان إلى أرقى مراتب الجنان، وبالتنكُّر لها يهوي إلى أسفل وادٍ في جهنَّم. |
﴿ٱلَّذِينَ هُمۡ يُرَآءُونَ ﴾ [الماعون: 6]
مِن عمى البصيرة وانتكاس الفِطرة أن يصرفَ الرجلُ حقَّ الله لسواه من البشَر، ويمنع البشَرَ حقَّهم من البِرِّ والرحمة! أيها المسلمُ تبصَّر بقول نبيِّك ﷺ: «إنَّ أخوفَ ما أخافُ عليكم الشِّركَ الأصغر، قالوا: وما الشِّركُ الأصغرُ يا رسولَ الله؟ قال: الرِّياء» فإيَّاك وإيَّاه. |
﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ ﴾ [الكوثر: 2]
في هاتين العبادتين العظيمتين؛ الصلاة والنحر، يتجلَّى الخضوعُ لله تعالى والشَّفَقة على خَلقه بأظهر صورهما، فاللهم اجعلنا خاضعين لك محسنين إلى خلقك. الصلاة خضوعُ القلب والجوارح لله، والنحرُ تقرُّب إلى الله بأفضل ما عند العبد من أنعام، ولذلك قرنَ بينهما في بيان كمال العبوديَّة. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
فضل السجود العداوة بين المسيحيين أكل الربا الاعتدال في الأمور قوم تُبَّع المسؤولية اسم الله القيّوم الغفلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اسم الله الواحد
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, December 6, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب