قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن الأدعية في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]
لا يزال العبد مفتقرًا إلى إخلاص التوحيد لربِّه عبادةً واستعانة؛ لأن الشيطانَ لا ينفكُّ يزيِّن له الشِّرك، ونفسَه لا تفتأ تدعوه إلى طاعته واتِّباعه. عبادة الله تعالى لا تتهيَّأ إلا بمَعونته، والهدايةُ إليه لا تكون إلا بتوفيقه. فاعتقِد عجزَك، واستشعر افتقارَك، واعتصِم بحَول الله وقوَّته. |
﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]
الهداية أعظمُ مطلوب، وأجلُّ مرغوب، فاجعَل وسيلتَك إلى طلبِها من مَولاك: توحيدَه وإخلاصَ عبادته، وتمجيدَه والثناء عليه. لا نجاةَ إلا بالاهتداء إلى الصِّراط القويم، والتزام الشَّرع المستقيم، ومَن فاته الهُدى تقلَّب بين المغضوب عليهم والضالِّين، فما أشدَّ حاجتَنا إلى هداية أرحم الراحمين! الطريق الموصلُ إلى الله واحدٌ مقصود، وما سواه مغلقٌ مسدود، فلا تقرَع سوى بابِه، ولا تسترشد بغير رسُله وكتابِه. الصِّراط المستقيم طريق وسَطٌ عَدلٌ لا إفراطَ فيه ولا تفريط، في العقائد والأحكام والأخلاق والآداب، فاتَّخذه منهجًا في شؤون حياتك، واطلُبه كلَّ صلاةٍ من خالقك. وَقعُ أقدامك على الصِّراط في الدنيا يحكي وَقعَ أقدامك على الصِّراط في الآخرة، فانظر أين تضعُ قدميك هنا، فإنَّك ستضعُهما هنالك. |
﴿صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]
أيها المسلمُ، حذارِ أن تقتفيَ آثارَ من عدَلَ عن اتِّباع الحقِّ كِبرًا وعِنادًا، ومَن عدَلَ عنه جهلًا وضلالًا. فاعرفِ الحقَّ واتَّبع أهله. شتَّان ما بين الفريقين؛ مَن أنعم الله عليهم بالهُدى وسدَّد سبيلهُم، ومَن غضب عليهم وأضلَّ أعمالهُم، فهنيئًا لمَن كان في الأوَّلين، وبؤسًا لمَن كان في الآخِرين. |
﴿وَإِذۡ يَرۡفَعُ إِبۡرَٰهِـۧمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَيۡتِ وَإِسۡمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]
مهما عظُم عملك فإنه مفتقرٌ إلى القَبول من الله ليكون نافعًا، فدع عنك العُجبَ، والجأ إلى ربِّك، وتحقَّق بأسباب القَبول والرضا. إن ممَّا يقوِّي الرجاءَ في الإجابة معرفةَ العبد أن الله سبحانه سميعٌ للدعاء، عليمٌ بما وراءه من النيَّات والمقاصد! |
﴿رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةٗ مُّسۡلِمَةٗ لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَيۡنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128]
خليل الرحمن وابنُه إسماعيل عليهما السلام يَرجُوان ربَّهما الثباتَ على الإسلام، فمَن يأمنُ بعدَهما؟! يا وليَّ الإسلام وأهله، ثبِّتنا عليه حتى نلقاك. أحقُّ الناس بشفقتك: ذريَّتُك، فامنحها مزيدَ رعايتك، واجعل لها نصيبًا صالحًا من دعائك، فهي من خير ما تقدِّمه لأمَّتك. التعليم بالرؤية والنظر أبلغُ وأنجع، ولهذا سأل الخليل - مع كمال عقله وحُسن تصوُّره - أن يُريَهما الله المناسك، وعلى المعلِّمين أن يُعنَوا بهذا الجانب في تعليمهم. مهما اجتهد العبد في طاعة ربِّه فإنه لا ينفكُّ عن التقصير غفلةً أو سهوًا، فلا تدَع دبُرَ كلِّ عملٍ صالح أن تدعوَ الله أن يتقبَّله منك ويتجاوزَ عن تقصيرك. |
﴿وَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةٗ وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ﴾ [البقرة: 201]
اجعل الآخرة أكبرَ همِّك، ولا تنسَ نصيبَك من الدنيا؛ فإن صلاح دنياك يعينُك على بلوغ آمالك في أُخراك، فلا تضَع من قدرها، ولا تضَعها فوق قدرها. إنه والله لدعاءٌ عظيم، قد جمع خيرَي الدنيا والآخرة، فما أحسنَ أن نكثرَ منه؛ بحضور قلبٍ وصدق يقين! |
﴿وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [البقرة: 250]
على العاقل أن يتبرَّأ من حوله وقوَّته إلى حول مولاه وقوَّته، ولا ينفكَّ يسأل ربَّه الإعانةَ على المطلوب، وإنجاحَ المقصود والمرغوب. أرأيتَ الصبر وقد غدا فيضًا من الله يُفرغه على عباده، فيغمُر به قلوبهم وأرواحهم وهم أحوجُ ما يكونون إليه؟ فلنُكثر من سؤال الله الصبر كلَّما أقبل العبد على ربِّه أيقن أن ميزان القُوى ليست في يد المخلوقين، ولكن في يد الله ربِّ العالمين، فتوجَّه إليه وحدَه سائلًا منه النصرَ والتمكين. تأمَّل كيف قدَّموا سؤالَ الصبر الذي هو مِلاكُ الأمر، ثم سؤالَ التثبيتِ الذي هو ثمرتُه، ثم سؤالَ النصرِ الذي هو غايةُ المأمول. وهذا من حُسن الترتيب في الدعاء. |
﴿ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ وَلَا يَـُٔودُهُۥ حِفۡظُهُمَاۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]
لا معبودَ بحقٍّ إلا الله، لا نافعَ ولا ضارَّ سواه، ولا مُعطيَ ولا مانعَ إلا هو. لا دينَ إلا دينُه، ولا حُكمَ إلا حكمُه. ما أفقرَ العبادَ إلى الحيِّ الذي اكتملَت حياتُه لكمال ذاته وأسمائه وصفاته! وما أقوى يقينَ المؤمن الذي تعلَّق قلبه بالقيُّوم الذي قام بنفسه، وقامت حياةُ الخلق به! راقب الله حقَّ المراقبة؛ فإنه لا يغفُل عنك لحظة، واقدُره حقَّ قدره؛ فإنه القيُّوم الذي أقدرَك، والحيُّ الذي أحياك. استحضار مُلك الله تعالى لما في السَّماوات والأرض يسكبُ في روحك القناعةَ برزقه، والرضا بقضائه، والجودَ بعطائه. لا يملك أحدٌ شيئًا من دونه سبحانه، فهو المالك الحقُّ، والخلق كلُّهم عبيده، فلا تتوجَّه إلى غيره، ولا تخضَع لسواه. إن كان كرسيُّه سبحانه وتعالى قد وسع السماواتِ والأرضَ، فكيف بعظَمة خالق الكرسيِّ جلَّ جلاله؟! مهما عَلا شأنك، وعظُم قدرك، فاعلم أنك لا تزال عبدًا لله العليِّ العظيم، فطامِن من كبريائك، وتواضع لإخوانك، وتذكَّر قدرةَ الله عليك! قد تكفَّل الله لمَن قرأ هذه الآيةَ بالحفظ، وألَّا يقربَه شيطانٌ في ليلته، سيحفظك أيها المخلوق الصغير من لا يثقله حفظ السماوات والأرض ومن فيهن! |
﴿ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّن رُّسُلِهِۦۚ وَقَالُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ غُفۡرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285]
أنَّى للعبد أن يكونَ مؤمنًا حقًّا ما لم يؤمن بما آمن به نبيُّه ورسوله الذي بعثه الله إليه؟! افتُتحَت سورة البقرة بذِكر الكتاب الذي لا ريبَ فيه، واختُتمَت بإيمان الأمَّة به، وكأنها شهادةٌ من الله تعالى لها بالاستجابة. إيمانكَ بكتاب الله تعالى يدعوك إلى الإيمان ببقيَّة ما أمرَك به من أصول الإيمان، فهو الهادي إليها، والدالُّ عليها. الأمَّة المسلمة هي الأمَّة التي ورثت رسالاتِ ربِّها جميعَها، فكانت الحارسةَ على أغلى ما عرَفته البشريَّة في تاريخها، والناشرةَ له إلى يوم القيامة. مع إعلانك السَّمعَ والطاعةَ لله تعالى، اعلم أنك عاجزٌ عن شكر نعمه، مقصِّرٌ في أداء فرائضه، وأنك أحوجُ ما تكون إلى عفوه. |
﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَعَلَيۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَيۡنَآ إِصۡرٗا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَآۚ أَنتَ مَوۡلَىٰنَا فَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [البقرة: 286]
فلنطمئنَّ إلى رحمة الله وعدله في كلِّ ما افترضَه علينا، فلولا أنها في طاقتنا لما ألزمَنا بها، فلا يحسُن أن نتبرَّمَ بتكاليفه، ولا أن نستثقلَ أوامرَه. ما أكرمَه سبحانه وأوسعَ رحمتَه؛ يثيب عبدَه على أعماله الصالحة سواءٌ عملها بسعيه أم وقعَت له بغير اختياره، ولا يعاقبه إلا على ما سعى إليه وقصد إلى فعله! مَن عمل خيرًا فليَحمَد الله على ما وفَّقه إليه، ومَن عمل شرًّا فليتخفَّف من حَملِ وِزرٍ سيجده يوم القيامة ثقيلًا عليه. هذا هو حالُ المؤمن الطامعِ في عفو الله ومغفرته، لا المتبجِّحِ بالخطيئة، المجاهر بالمعصية، المصرِّ على السيِّئة. إن الناسيَ ليُعذَر إذا لم يفرِّط في أسباب التذكُّر، ولم يستَهِن بها، فذاك الذي يُرجى له الغُفران. من فضل الله على هذه الأمَّة أنه رفعَ عنها الحرجَ والشدَّة، وجعل شريعتَه مبنيَّةً على التيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير. المؤمنون حقًّا يعزمون على الالتزام بتكليف الله لهم أيًّا كان ذلك التكليف، مع رجاء أن يرحمَ ضعفَهم فلا يكلِّفَهم ما لا يُطيقون. لن يدخلَ أحدٌ الجنان، إلا برحمة الرحيم الرحمن، جعلنا الله وإيَّاكم من أصحابها. طريق النصر والتمكين ميسَّرةٌ لمَن اعتمد على ركن الله الركين، ومَن كان الله مولاه، لم يخشَ في الحقِّ سواه. |
﴿رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]
مهما بلغ العبدُ من الإيمان والعلم فإنه ينبغي أن يخشى على نفسه الزيغَ بعد الهُدى. القلب المؤمن يُدرك قيمةَ الهداية بعد الضَّلال، والاستقامة بعد الانحراف. ليس أبلغَ في دعائك لمولاكَ من إظهار افتقارك إلى غِناه، وحاجتك إلى عَطاياه. |
﴿رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوۡمٖ لَّا رَيۡبَ فِيهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 9]
لا تجعل الدنيا أكبرَ همِّك؛ فإنك عنها راحل، وعلِّق قلبك بالآخرة؛ فإنها دارُ القرار. |
﴿ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ﴾ [آل عمران: 16]
ليست التقوى خمولًا وذبولًا، بل هي دأبٌ وحُسن بلاء، واستغفارٌ ودعاء، وبذلٌ وعطاء. المغفرة والنجاة من النار أعظم مطالب الأنبياء والصالحين. |
﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِي ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُۖ بِيَدِكَ ٱلۡخَيۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ﴾ [آل عمران: 26]
لا تغترَّ بعزِّ أحدٍ فتَذِلَّ له من دون الله، ولا بمُلك أحدٍ فتتعلَّقَ به من دون الله؛ فإنما هم جميعًا تحت مشيئة الله، وإن شاء سلبَهم ما أعطاهم في طَرفة عين. يملِّك الله تعالى مَن يشاء ما يشاء تمليكَ العاريَّة التي يستردُّها صاحبُها عندما يشاء، فطوبى لمَن لم ينخدع بمُلكٍ ولا سلطان! سلبُ الله الملكَ عمَّن يشاء وإذلاله لمَن يشاء أمرٌ دائرٌ بين العدل والفضل والحكمة، ولا تخرُج المصلحة عنه، وهو على كلِّ حال خيرٌ يُحمَد عليه الربُّ، ويُثنى به عليه. |
﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُۥۖ قَالَ رَبِّ هَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةٗ طَيِّبَةًۖ إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ ﴾ [آل عمران: 38]
الموفَّق مَن إذا هبَّت نفَحات الخير قويَ رجاؤه فاغتنم تلك السانحةَ وبادر بالدعاء، سائلًا مولاه من واسع فضله، وكريم نواله. الدعاء بابُ المشتاقين إلى تحصيل المطالب المرجوَّة، والوصول إلى الآمال المشروعة، فإذا أردتَّ حاجةً من حاجات الدنيا والآخرة فعليك بالدعاء؛ فإنه لا مثيلَ له. إذا دعوتَ الله تعالى فأثنِ عليه بما هو أهله، وارجُ إجابتَه، فإنه سبحانه وتعالى أهلُ الفضل وأهلُ الكرم. متى سألتَ الله تعالى الولدَ فسَله الذرِّيةَ الطيِّبة؛ فإنه لا خيرَ في ذرِّية غير صالحة تكون على أهلها عناءً ووَبالًا. |
﴿رَبَّنَآ ءَامَنَّا بِمَآ أَنزَلۡتَ وَٱتَّبَعۡنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 53]
لا يُعينك على التمسُّك بالدين مثلُ اللجوء إلى الله وتعليق الرجاء به، ولك في الحواريِّين أسوةٌ حسنة. ليس الإيمان عقيدةً في الضمير فحسب، ولكنَّه اتِّباعُ المنهج القويم، والاقتداءُ فيه بالرسول الكريم. لست وحدَك في هذا الطريق، فلك إخوةٌ سبقوك وإخوةٌ سيأتون بعدك، شهدوا من الحقِّ ما شهدتَّ، واتَّبعوا منه ما اتَّبعتَ. على المسلم أن يجعلَ من نفسه صورةً حيَّة لهذا الدين، يرى الناسُ فيها مثلًا رفيعًا يشهد بأفضليَّة دينه وأحقيَّته في البقاء. |
﴿قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُمۡ سُنَنٞ فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ ﴾ [آل عمران: 137]
ما أحسنَ أن نعتبرَ بتاريخ الغابرين، لمعرفة سُنن الله في عباده أجمعين؛ كيف يُهلِك العصــاةَ المكــذِّبين، ويجعــل العاقبةَ للمتَّقين. |
﴿ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173]
القلوب المؤمنة لا تَثنيها الأراجيف، عن القيام بالتكاليف، فإذا جاءها أمرٌ من الله عَزَمَت وتوكَّلت، وطرحت المخاوفَ والأوهام. الإيمان بالله تعالى، وصدق التوكُّل عليه، يُزيلان من القلب كلَّ أراجيف المُرجفين، ويملأانه بالطُّمَأنينة واليقين. |
﴿ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلٗا سُبۡحَٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ﴾ [آل عمران: 191]
اللبيب هو المتَّصل بالله تعالى في كلِّ أحواله، الذاكرُ له أبدًا في جميع ساعاته، وكيف يغفُل عن الاتِّصال بشيءٍ به قِوامُ حياته؟! ذِكرُ الله هو النُّور الهادي للفكر، فمَن أكثرَ منه فُتحَ عليه من أنوار المعرفة، وأضواء الفهم والدراية. يحفظ على المرء عقلَه اشتغالُه بالعلم طلبًا وتحصيلًا، وبالقرآن تلاوةً وتعليمًا، ويُحيي قلبَه ذكرُه لله قيامًا وقعودًا. مَن زادت معرفتُه بربِّه زاد خوفُه منه وضَراعته إليه، ألا ترى المخلصين الذاكرين الطائعين، المتفكِّرين في عظمة الله تعالى، يسألونه العافيةَ من النار؟ |
﴿رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخۡزِنَا يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ إِنَّكَ لَا تُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 194]
الشوق إلى موعود الله تعالى سِمةٌ من سِمات المؤمن، يرغب إلى الله بتعجيله، والظفَر بنيله، ليتمَّ له كمالُ النعمة، وتمام المنَّة. يسأل العبد ربَّه ألا يُخزيَه يوم القيامة، فلا يفضحُه في عرَصاتها بذنوبه، ولا يُزلُّه على متن الصِّراط عند عبوره، ولا يُكبكِبُه في النار حين وروده. بفضل الله وحدَه، ثم بما يؤمِّلُ العبد من وعد ربِّه، مع القيام بما كُلِّفَه من شرعه، ينال من رضاه والفوز بجنَّته. |
﴿وَلَا تَتَمَنَّوۡاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِۦ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا ٱكۡتَسَبُواْۖ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٞ مِّمَّا ٱكۡتَسَبۡنَۚ وَسۡـَٔلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا ﴾ [النساء: 32]
استشرافُ الإنسان إلى ما خصَّ الله به غيرَه، يجعله يُغمِض عينيه عن نِعَم الله عليه، ويستهلك طاقته في ما لا قِبل له به. كلُّ ما يكتسبه المرءُ فهو من فضل الله عليه، وإنما يُنسَب إلى العبد تقويةً لاختصاصه به، بحيثُ لا ينازعُه فيه أحد ولا يتمنَّاه لنفسه. لا تَرمِ ببصرك إلى ما امتنَّ الله به على غيرك، فتُضيعَ عمرَك في الحسرات، ولكن سَل مَن أفاضَ عليه أن يتفضَّلَ عليك من نواله. ليس للمرأة أن تتطلَّعَ وتتمنَّى ما خصَّ اللهُ به الرجلَ دونها، ولتسألِ اللهَ من واسع فضله. إن الذي رفعَ الناسَ بعضَهم فوق بعض درجات، ونهاهم عن التمنِّي، عليمٌ بما يعتمل في خاطر عباده، وعليمٌ أين يضع فضلَه، فارضَ بقَسْم الله لك تكن أغنى الناس. |
﴿وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا مِنۡ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهۡلُهَا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّٗا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 75]
بيئة الفساد ليست أرضًا صالحة لبقاء المؤمن فيها، فلو سعى بالخروج منها إلى أرضٍ صالحة لكان خيرًا له. تخليص المؤمنين المستضعَفين، من أيدي الكافرين الظالمين، من مقاصد الجهاد في سبيل ربِّ العالمين. ما أجملَ أن يكونَ الداعي عاليَ الهمَّة واثقًا بربِّه، فإذا سأل مُعينًا يُعينه، أو ناصرًا ينصرُه سأل ممَّا عند الله؛ ثقةً بحسن اختيار الله له. |
﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمۡنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمۡ تَغۡفِرۡ لَنَا وَتَرۡحَمۡنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]
إن لم يغفر اللهُ لعبده سيِّئاتِه، هلك في آثارها وعقابها، وإذا لم يرحمه بإيجادِ ما يُصلح نفسَه من العلم والعمل وقعَ في الخُسران المبين. قبيحٌ في مَعرِض الذَّنب التعلُّلُ بذرائعه، وشرحُ أسبابه؛ واللائقُ هو بثُّ عبارات الإقرار، وسكبُ دموع التوبةِ والاستغفار. ابتلى اللهُ الأنبياءَ بصغائر الذنوب؛ رفعًا لدرجاتهم، وتبليغًا لهم إلى محبَّته وفرحِه بتوبتهم منها؛ فإن الله يحبُّ التوَّابين المنيبين. كُن كأبيـك آدمَ توبـةً وندمًا؛ إذ نـال مغفرةً وقُربًا، واحذر أن تكونَ كإبليسَ الذي أصرَّ واحتجَّ بالقدر على المعصية، فنال كُرهًا وبُعدًا. |
﴿۞ وَإِذَا صُرِفَتۡ أَبۡصَٰرُهُمۡ تِلۡقَآءَ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [الأعراف: 47]
منظر أهل النار مَهول، لا ينظرُ أصحابُ الأعراف إليهم رغبة، بل تُصرَفُ أبصارُهم إليهم صرفًا؛ فرَقًا من مآل السوء، في رُفقةِ أربابِه. رُفَقاء اليوم هم رفقاءُ الغد؛ فلا تكن جليسَ الظلَمة في الدنيا؛ حتى لا تكونَ معهم في الآخرة. ما أحسنَ هذه الدعوةَ! إذا دعا بها المسلم فتحقَّقت له في الدنيا والآخرة: ﴿رَبَّنا لا تَجعَلنا مع القَوم الظالِمِينَ﴾ . |
﴿قَدِ ٱفۡتَرَيۡنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا إِنۡ عُدۡنَا فِي مِلَّتِكُم بَعۡدَ إِذۡ نَجَّىٰنَا ٱللَّهُ مِنۡهَاۚ وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَاۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمًاۚ عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡنَاۚ رَبَّنَا ٱفۡتَحۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَ قَوۡمِنَا بِٱلۡحَقِّ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلۡفَٰتِحِينَ ﴾ [الأعراف: 89]
يا مَن ترومُ النجاةَ من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، الزم دينَك، واحذر الكفرَ وما يؤول إليه، فإنه شَرَكُ الشقاء الوخيم. الانتكاسة عن الحقِّ مخالفةٌ لطريق الاستقامة، ومجانبةٌ لجادَّة الهداية، وإعلانٌ بلسان الحال أن الصواب في غيرها، وذلك افتراءٌ على الله ودينه. مهما بلغ العبدُ من الإيمان والعمل فلا ينبغي أن يفارقَه الحذرُ من انقلاب الحال في المستقبل، فشأن الأنبياء والصالحين تعليقُ الأمور بمشيئة ربِّ العالمين. شعور المؤمن بكون شؤونه إلى مشيئة خالقه، يجعله يتواضع لربِّه ويتطامن بين يديه، ويدَعُ الركونَ إلى علمه وعمله في تحصيل نجاته، وإبعاد الآفات عن نفسه. تأدَّب مع مولاك مفوِّضًا علمَ المستقبل إليه، سائلًا إيَّاه دوامَ الإيمان به، مع يقينك بأنه مولاك ومولى عباده المؤمنين. يتوكَّل المؤمنُ في معركته مع الباطل على ربِّه وحدَه؛ لأنه يعرف أنه مصدرُ القوَّة والأمان، الذي يفصل بالحقِّ بين الإيمان والطغيان. |
﴿وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلَّآ أَنۡ ءَامَنَّا بِـَٔايَٰتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتۡنَاۚ رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا وَتَوَفَّنَا مُسۡلِمِينَ ﴾ [الأعراف: 126]
لا تُداهن، لا تجامل، لا تسَل عدوَّك الصفحَ في معركة العقيدة التي لا يقبل العدوُّ منك سوى تركِها. مهما شعرتَ بقوَّة موقفك فلا تتَّكل على نفسك، بل سَل اللهَ أن يصبِّرَك ويثبِّتك. الجهر بالإيمان أمامَ جبَّارٍ يكفر به يحتاج إلى صبر عظيم، ألا تراهم طلبوا من الله أن يصبَّ عليهم الصبرَ صبًّا؟ |
﴿قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِأَخِي وَأَدۡخِلۡنَا فِي رَحۡمَتِكَۖ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّٰحِمِينَ ﴾ [الأعراف: 151]
مَن أحاطت به رحمةُ الله من كلِّ جانب، كان في حِصنٍ حصينٍ من شرِّ المصائب. الدعاء والاستغفار من وسائل الانتصار على الشامتين. التوسُّل إلى رحمة الله عزَّ وجلَّ برحمته من أبلغ أسباب نَيل الرحمة، واندفاع النقمة. |
﴿وَٱخۡتَارَ مُوسَىٰ قَوۡمَهُۥ سَبۡعِينَ رَجُلٗا لِّمِيقَٰتِنَاۖ فَلَمَّآ أَخَذَتۡهُمُ ٱلرَّجۡفَةُ قَالَ رَبِّ لَوۡ شِئۡتَ أَهۡلَكۡتَهُم مِّن قَبۡلُ وَإِيَّٰيَۖ أَتُهۡلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآۖ إِنۡ هِيَ إِلَّا فِتۡنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهۡدِي مَن تَشَآءُۖ أَنتَ وَلِيُّنَا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَاۖ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلۡغَٰفِرِينَ ﴾ [الأعراف: 155]
الجأ إلى ربِّك في كلِّ أحوالك؛ إن طلبتَ رحمتَه أو خشيتَ عقوبتَه، وفرَّ إليه إن خفتَ مؤاخذَته أو رجَوتَ فضلَه، فإنه كريمٌ رحيم. الإشراك دليلٌ على ضعف العقل، وظلام البصيرة، فكيف يقبلُ عاقلٌ اتِّخاذَ العِجلِ إلهًا معبودًا؟! كثرة طمع العبد في رحمة الله ويقينُه بها يجعلُه يستبعد إهلاكَ البُرَآء، بأفعال الفسَّاق السفهاء. الفِتَن تمحيصٌ للمهتدين، وهلاكٌ للضالِّين، ففي خِضمِّها يصيرُ المهتدون متيقِّظين، والضالُّون غافلين. إذا دعوتَ اللهَ فكِل الحُكمَ إليه، واطرَح فاقتَك بين يديه، وتضرَّع إلى رحمته، وأثنِ عليه، كما فعل نبيُّ الله موسى. كلُّ غافرٍ سوى الله تعالى فإنما يغفِر لغرض؛ كالرغبة في الثناء الجميل، أو طلب الثواب الجزيل، أمَّا الله جلَّ جلاله فيغفر لمَحض فضله وكرمه. |
﴿فَقَالُواْ عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡنَا رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةٗ لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [يونس: 85]
توكَّل على اللهِ في أمرك، وتوجَّه إليه في طلبك، لتكونَ قد أخذتَ بالأسبابِ التي تمنحُك الجواب. على المؤمنِ أن يَثبُت على الحق، ويتوكَّل على ربه، لكن لا يُعرِّض نفسَه للفتن التي قد لا يستطيعُ الثباتَ على الحق فيها. |
﴿وَنَجِّنَا بِرَحۡمَتِكَ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾ [يونس: 86]
لا يُدِلُّ المؤمنُ على الله تعالى بإيمانه مهما كان قويًّا إذا ما نزلَ به البلاءُ، وإنما يتوسلُ إليه برحمتِه أن يَكشفَه عنه. سَلامةُ الدِّينِ أهمُّ من سلامة البَدن؛ ألا ترى دعاءَ المؤمنين بأن يُسلِّم اللهُ لهم دينهم، ثم يُخلِّصَهم من ظلمِ الكفار. |
﴿۞ رَبِّ قَدۡ ءَاتَيۡتَنِي مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِي مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِۚ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَنتَ وَلِيِّۦ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ تَوَفَّنِي مُسۡلِمٗا وَأَلۡحِقۡنِي بِٱلصَّٰلِحِينَ ﴾ [يوسف: 101]
دأبُ الأنبياءِ والأولياء ذِكرُ ما كان من النِّعم، ونسيانُ ما ابتلاهم اللهُ به من عارضِ الألم، ولذَّةُ الظَّفر لا تُقارَن بمُرِّ الصبر. قال قَتادة: (لمَّا جمعَ شملَه وأقرَّ عينَه، وهو يومئذ مغموسٌ في نبت الدنيا وملكها وغضارتها، اشتاقَ إلى الصالحين قبله). |
﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡنِي مُقِيمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّيَّتِيۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلۡ دُعَآءِ ﴾ [إبراهيم: 40]
إن شأنَ الصلاة لعظيم، حتى إن خليلَ الرحمنِ دعا بالثبات عليها، لنفسه ولذرِّيته. لا يمنعنَّك عملٌ تؤدِّيه من أن تسألَ اللهَ تعالى الثباتَ عليه، فذاك شأنُ الصالحين. إن سؤالَ اللهِ تعالى القبولَ هو من سيما العبادِ الموفَّقين، الذين يخافون أن يعتريَ عباداتِهم ما يَنقُصُ أجرَها، أو يمنعُ رَفعَها. اسمُ الربِّ يناسبُ أحوالَ الرعاية، ورزق الدنيا والدين، وحسنِ التدبير؛ فلذلك كرره إبراهيمُ الخليلُ في أدعيته المختلفة، فلله الحمدُ على أسمائه وصفاته. |
﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ يَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡحِسَابُ ﴾ [إبراهيم: 41]
ما أسلمَ قلبَ ذلك الإنسان وأصفى صدرَه يومَ يدعو اللهَ تعالى لنفسه ولغيره! الإنسانُ الشاكرُ -ولو تقادم سِنُّه- لا ينسى مَن أحسن إليه كوالديه، من دعوةٍ صالحة، وذكرٍ جميل. |
﴿وَٱخۡفِضۡ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحۡمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرٗا ﴾ [الإسراء: 24]
كن بين يدَي والدَيك في غاية الأدب، في أقوالك وأفعالك، وحركاتك ونظراتك. يا صاحبَ الجاه العريض، والعلم الغزير، والمال الوفير، تواضَع لوالدَيك اللذين لم يصلا إلى ما وصلتَ إليه؛ فما أنت إلا غَرسُهما الذي أينَع. ما أمرَ اللهُ تعالى بالدعاء للوالدين، إلا وقد أذِن بالإجابة متفضلًا، فاللهم انظُر لوالدينا بعين عنايتك وفضلك ورحمتك. |
﴿وَقُل رَّبِّ أَدۡخِلۡنِي مُدۡخَلَ صِدۡقٖ وَأَخۡرِجۡنِي مُخۡرَجَ صِدۡقٖ وَٱجۡعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلۡطَٰنٗا نَّصِيرٗا ﴾ [الإسراء: 80]
ما أنفعَ هذا الدعاءَ لمَن يبتغي النجاحَ في كلِّ أحواله! فإن العبد لا يزال داخلًا في أمر وخارجًا من آخر، فمتى كان دخولُه لله وبالله، وخروجه كذلك، فقد أُدخل مُدخلَ صدق، وأُخرجَ مُخرَجَ صدق، وكان علمه نافعًا وعمله صالحًا. |
﴿وَقُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَزَهَقَ ٱلۡبَٰطِلُۚ إِنَّ ٱلۡبَٰطِلَ كَانَ زَهُوقٗا ﴾ [الإسراء: 81]
ليس للعبد قوَّةٌ من نفسه، ولا سلطانٌ ولا نصير، فالعاقل من استمدَّها ممَّن له القوَّة والسلطان. الحقُّ موعودٌ بإظهار الله له، والباطل موعودٌ بإزهاقه، فكن من أهل الحقِّ ولو تأخَّر ظهورُه، فإنه ظاهرٌ ولو بعد حين. الأصل في الباطل الزُّهوق؛ لأنه يحمل بذور هلاكه في نفسه، وقد يكون له صولةٌ واستعلاء، ولكنَّها مؤقَّتة لضعف أهل الحقِّ، فمتى قويت شوكتُهم ذهب الباطلُ واضمحلَّ. |
﴿إِذۡ أَوَى ٱلۡفِتۡيَةُ إِلَى ٱلۡكَهۡفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ ءَاتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةٗ وَهَيِّئۡ لَنَا مِنۡ أَمۡرِنَا رَشَدٗا ﴾ [الكهف: 10]
مَن صدقَ بإيمانه، واستعلى بيقينه، آثر الهجرةَ والفِرار على أن يعرِّضَ نفسه لفتنةٍ في دينه. إذا رأيتَ نفسَك على طاعة فسَل اللهَ مزيدَ فضله، ولا تدعِ التوكُّل عليه ولا الضراعة إليه. |
﴿قَالَ رَبِّ ٱشۡرَحۡ لِي صَدۡرِي ﴾ [طه: 25]
إذا ما شرح اللهُ تعالى صدر الداعية هانت عليه تكاليفُ الدعوة، وسرَت روح تلك الطمأنينة التي يعيش بها إلى المدعوين. |
﴿وَيَسِّرۡ لِيٓ أَمۡرِي ﴾ [طه: 26]
الإنسان الضعيف في الطريق الطويل الشائك العسير، أحوج ما يكون إلى ما ييسر أمره، ويجبُر كسره، ويوصله إلى غايته. |
﴿فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۗ وَلَا تَعۡجَلۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مِن قَبۡلِ أَن يُقۡضَىٰٓ إِلَيۡكَ وَحۡيُهُۥۖ وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡمٗا ﴾ [طه: 114]
وعدُ الله تعالى حقيقٌ بأن يُرجى، ووعيده جديرٌ بأن يخشى، فأقبِل على القرآن الكريم لتعرفَ وعده فتعمل له، ووعيدَه فتتجنب طريق الوصول إليه. سلِ اللهَ تعالى أن يفتح عليك من أسرار كتابه وكنوز آياته، ودعِ الاستعجال في قراءته وتلقيه؛ فإن الاستعجال من آفات الفهم، وقواطع الرسوخ في المعرفة. |
﴿۞ وَأَيُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّٰحِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 83]
ليس في ابتلاء المؤمن التقي أمارةُ سُخطٍ من الله تعالى عليه، بل هو تخليص له حتى تسموَ روحه، وتعلوَ درجته، وفي حياة الأنبياء من البلاء ما يسلِّي الصالحين في ابتلاءاتهم. مع ما فقده أيوبُ من الصحة والأهل والمال، عبَّر عن شديد هذا البلاء بالمس، وهو تعبيرٌ خفيف لطيف يدل على السكون والرضا. من أمارات الرضا في البلاء قلةُ الشكوى، والحديث عنه بعبارات حسنى، غير مصحوبة بالتضجر والتأوه وتقطيب الوجه. إذا أُصبتَ ببلاء فتذلَّل إلى ربِّك غاية التذلُّل، وتأدَّب في خطابه غاية التأدُّب، وتلطَّف في مسألتك إيَّاه أيَّما تلطُّف، وتوسَّل إليه بعظيم رحمته، لعلَّك تنال رحمته وفرَجه. |
﴿وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَٰضِبٗا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقۡدِرَ عَلَيۡهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ أَن لَّآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنتَ سُبۡحَٰنَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]
الاعتدال مطلب من مطالب العبودية، ففي الغضب يجب ألا يخرجَ المؤمن عن حدود المشروع إلى الممنوع، حتى ولو كان الغضب من أجل الله تعالى وفي سبيله. قد يضيقُ صدر الداعية بتصرُّفات الناس، ويقلُّ احتماله لصدودهم، ولكنَّ الصبر والكظْم أليَق به وبدعوته؛ لأن ذلك من آداب الدعوة، ووصول الأثر الحسن إلى قلوب المدعوِّين. اعتراف العبدِ بظلمه نفسَه يتضمن إيمانَه بالشرع والثواب والعقاب، ويوجب انكساره ورجوعه إلى الله، والاعتراف بعبوديته له. |
﴿وَزَكَرِيَّآ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ رَبِّ لَا تَذَرۡنِي فَرۡدٗا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلۡوَٰرِثِينَ ﴾ [الأنبياء: 89]
ما أعظمَ الدعاء وأحسنَه وسيلةً للخروج من البلاء! فقد دعا أيوبُ في مرضه فشُفي، ودعا يونسُ في ضيقه فنُجِّي، ودعا زكريا في حال فقدِ الولد فرُزق بيحيى نبيًّا من الصالحين. كم من دعوة صالحة تفتح بابَ نعمة أخرى، فيتِمُّ بهما الفضل، ويكمُل بهما الخير. إصلاحُ الزوجة للحمل والولادة بعد أن كانت عاقرًا من أعظم النعم على الزوج الراغب في الولد. مَن كان بعيدًا عن فعل الخير فإنه يسارع إليه حتى يأتيَه فيقومَ به، لكن الأنبياء لمَّا كانوا لا ينفكون عن الخير فإنهم يسارعون فيه لا إليه. كان الصدِّيق رضي الله عنه يقول: (أوصيكم بتقوى الله، وأن تُثنوا عليه بما هو أهله، وأن تخلطوا الرغبةَ بالرهبة، وتجمعوا الإلحافَ بالمسألة؛ فإن الله عزَّ وجلَّ أثنى على زكريا وأهل بيته)، ثم ذكر الآية. |
﴿وَقُل رَّبِّ أَنزِلۡنِي مُنزَلٗا مُّبَارَكٗا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلۡمُنزِلِينَ ﴾ [المؤمنون: 29]
على المؤمن أن يبتغي الخيرَ والبركة من ربه في تحوله وتنقله، فمنه الخير سبحانه، ولا حول للعبد إلا به. |
﴿وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحۡضُرُونِ ﴾ [المؤمنون: 98]
الشيطان مسيء أبدًا؛ فحضوره هلكة، وبعده عن المسلم بركة؛ لأن ذلك العدو مطبوع على الفساد، فلا تفيد معه المداراة ولا المدافعة بالتي هي أحسن، بل أحسن ما يدفع به أن يستعاذ بالله تعالى منه. |
﴿إِنَّهُۥ كَانَ فَرِيقٞ مِّنۡ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّٰحِمِينَ ﴾ [المؤمنون: 109]
شتان بين مَن كان لاهيًا في الدنيا، غافلًا عن ربه، حتى صار إلى العذاب والهوان في الآخرة، وبين مَن كان مؤمنًا عاملًا، مستغفرًا ربه، مسترحمًا له، حتى ورد الآخرة من السعداء الفائزين. مَن اشتغل بالاستهزاء بالصالحين أنساه ذلك ذكرَ ربه، ومَن نسي ذكر ربه أساء إلى عباده. انظر إلى الجائزة التي تنتظر المؤمنين الصابرين على سخريَّة أهل الضلال بهم، إنه الجزاء من ربهم لا من غيره، فلا يعلم أحد سواه سبحانه عدَّه ولا حدَّه، فنعمَ الجزاء من رب السماء! أيها المؤمن الثابت على دينه؛ اصبِر على استهزاء مَن استهزأ بما أنت عليه؛ فإن الفوز عقبى المؤمنين الصابرين، والخسارة عقوبة المستهزئين الساخرين. |
﴿وَقُل رَّبِّ ٱغۡفِرۡ وَٱرۡحَمۡ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّٰحِمِينَ ﴾ [المؤمنون: 118]
هلَّا انقطعتَ إلى الله والتجأتَ إلى سبيل غفرانه ورحمته؛ فإنه العاصمُ لك عن المخالفات، والمنجِي ممَّا آلت إليه أحوال مَن قبلك. يا مَن تدهشه رحمةُ إنسانٍ به؛ اعلم أن رحمة الله أوسعُ وأسبغ، فتجنَّب معصيته ومخالفته؛ لتنالَ مغفرته ورحمته. |
﴿وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصۡرِفۡ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ﴾ [الفرقان: 65]
مَن علم سوءَ حال أهل النار -أجارنا الله منها- استعاذ بالله تعالى منها صادقًا بلسانه وقلبه؛ وصالح عمله، وشديد اعتصامه بربِّه؛ وخوفه منه. |
﴿وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَٰجِنَا وَذُرِّيَّٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡيُنٖ وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74]
ما أجملَ أن تُلبِسَ فطرتَك النقيَّة الراغبة في الذرِّية ثوبَ النيَّة الصالحة، بأن يجعلَهم الله تعالى من عباده الصالحين، وأن يكثرَ أمثالهم من السالكين على رضوان ربِّ العالمين! يا لها من همَّة عالية أن يطلبَ العبد من ربِّه أن يُنيلَه شرفَ الإمامة، لا رغبةً في العلوِّ على الناس، وإنما إمامة يتوسَّل بها إلى رِفعة المقام عند الله جلَّ وعلا. إذا دعوتَ الله تعالى فاسأل ذُرا المطالب، ولا تستكثر على الله ولا تَحقِر من شأنك، فإن عباد الرحمن لم يسألوه أن يجعلهم أئمَّةً لعموم المسلمين فحسب، بل أئمَّةً للمتَّقين. |
﴿رَبِّ هَبۡ لِي حُكۡمٗا وَأَلۡحِقۡنِي بِٱلصَّٰلِحِينَ ﴾ [الشعراء: 83]
سَلِ اللهَ سبحانه وتعالى أن يكرمك بإدراك الحقِّ والعمل به، فيجتمع لك بذلك خيرُ العلم والعمل. |
﴿وَٱجۡعَل لِّي لِسَانَ صِدۡقٖ فِي ٱلۡأٓخِرِينَ ﴾ [الشعراء: 84]
طوبى لمؤمن أنعم الله تعالى عليه بذكرٍ حسنٍ في العالمين، لا يقتصر على زمانه ولا مكانه، ولكنَّه يكون معه في حياته، وله بعد وفاته. |
﴿وَٱجۡعَلۡنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ ٱلنَّعِيمِ ﴾ [الشعراء: 85]
نعيم الجنَّة هو النعيم الدائم الكامل، وكلُّ نعيم سواه ناقصٌ وزائل، وهو مُعدٌّ لكل مَن يطلبه، فسَلِ الله أن يجعلك ممَّن يرثه. |
﴿وَلَا تُخۡزِنِي يَوۡمَ يُبۡعَثُونَ ﴾ [الشعراء: 87]
إذا كان خليل الرحمن وهو الإمام في التوحيد، مُناظرًا عنه، داعيًا إليه، يخشى العَرض على الله، فمَن من الناس بعده يأمن على نفسه؟ |
﴿يَوۡمَ لَا يَنفَعُ مَالٞ وَلَا بَنُونَ ﴾ [الشعراء: 88]
يوم القيامة لا مالٌ ينفع، ولا ولدٌ من العذاب يَدفع، فكيف سينفع المرءَ ما دون ذلك؟ |
﴿إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ ﴾ [الشعراء: 89]
أجمع السائرون إلى الله على أن القلوب لا تُعطى مُناها حتى تصلَ إلى مولاها، ولا تصلُ إليه حتى تكون طاهرةً من الشبُهات والشهَوات. |
﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكٗا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِيٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَيَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَٰلِحٗا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِي بِرَحۡمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّٰلِحِينَ ﴾ [النمل: 19]
حال الأنبياء فيما يعرِض لهم من المواقف المعجبة جمال خُلق وحسن أدب، دون خفة تخرجهم عما لا يليق بقدرهم. الولاة الصالحون حينما يرون اتساعَ مُلكهم والآثارَ الحسنة لسلطانهم، يزدادون تواضعًا وتضرعًا إلى الله، ويتبرؤون من حولهم وقوتهم، وينسُبون تلك النعم إلى الله تعالى وحده. استعن بمولاك جلَّ جلاله ليوفقك إلى عمل صالحٍ يرضاه، فإنه إن يسَّره لك فقد أعظم نعمته عليك. لا يكتفي المؤمن بحمد اللسان، بل يُعمل في حمد ربه ما أنعم به عليه من الجوارح والأركان. المؤمن دائم الخوف من أن يقصِّر به عمله وشكره، فسليمان يضرَع إلى ربه بدعائه، مع ما أنعم به عليه من النعم الغزيرة، غير آمن من مَكره حتى وإن اصطفاه! |
﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكۡشِفُ ٱلسُّوٓءَ وَيَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَآءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]
في لحظات الكُربة والضيق لا يجد المضطرُّ له ملجأ أمينًا إلا الله، يدعوه ليكشفَ عنه الضُّرَّ والسوء. أيها المكروب، يا مَن أحاطت به المكروهات؛ انظر إلى السماء، وارفع يديك بصدق وكمال توجه، ولُمَّ شعثَ قلبك على الله تعالى وحده، واقطع آمالك بسواه، وسترى ماذا يحدث بعد ذلك. كم في سجِلِّ الحياة البشرية من قصص أناس كانوا في حاجة وفقر واضطرار، ثم غيَّر الله تعالى من أحوالهم حتى بلَّغهم منزلة أصحاب التمكين! تأمَّل كيف جمع الله تعالى بين إجابة المضطر، وكشف الضُّر، وخلافة الأرض في آية واحدة، فهل بعد هذا ييئسُ مضطرٌّ أو مذنب تائب؟ لو تذكَّر الإنسان وتدبَّر تلك الحقائقَ لبقيَ موصولًا بالله تعالى صلةَ الفطرة الأولى، ولما كان عنه غافلًا، ولا به مشركًا. |
﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمۡتُ نَفۡسِي فَٱغۡفِرۡ لِي فَغَفَرَ لَهُۥٓۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [القصص: 16]
لقد عرف موسى المخرج فاعترف بظلمه وأقر بذنبه، فرجع إلى الله وتاب، واستغفر ربَّه وأناب، ولم يلقِ ذنبه على ربِّه، ويتعلل بالقضاء والقدر. اعلم أن الله جلَّ وعلا جميلُ السِّتر، عظيم التجاوز، كثير الإحسان؛ فلا تجعل الذنبَ مهما عظُم بابًا لليأس والوقوف، ولكن اجعله بحسن التوبة مفتاحًا لتطهير النفس والحذر من الانسياق خلف أهوائها، وطريقًا للارتقاء بها إلى عليائها. |
﴿ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَيۡءٖ رَّحۡمَةٗ وَعِلۡمٗا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ ﴾ [غافر: 7]
قال مُطَرِّفُ بن الشِّخِّير: (وجدنا أنصحَ العباد للعباد الملائكةَ، وأغشَّ العباد للعباد الشياطين) وتلا هذه الآية. هكذا هم المؤمنون على قلب رجل واحد؛ لاجتماعهم على تعظيم قَدْر الله، واليقين بوعده ووعيده، ولو اختلفت أجناسُهم وتباعدت بلدانُهم. كمال السعادة في شيئين: تعظيمِ أمر الله، والشفقةِ على خلق الله، وقد جَمعَت الآيةُ بينهما، فهنيئًا لمَن فاز بهما. ما أحرانا أن نستمسكَ بأدب الدعاء! وهو الافتتاحُ بالثناء على الله تعالى، والتعظيم لأنعُمه قبل الوقوف على عتبة بابه تضرُّعًا وسؤالا. ما قُرن شيءٌ إلى شيء أحسنَ من حِلمٍ ورحمة إلى علمٍ وخِبرة، فالحِلمُ والرحمة إنما يحسُنان مع العلم، وبهما يزدانُ العلم ويُثمر. |
﴿رَبَّنَا وَأَدۡخِلۡهُمۡ جَنَّٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدتَّهُمۡ وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَأَزۡوَٰجِهِمۡ وَذُرِّيَّٰتِهِمۡۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾ [غافر: 8]
لا يَطِيب للإنسان نعيم، ولا تتِمُّ له سعادةٌ وتكريم، حتى يَشرَكَهُ فيها أحبابُه ممَّن شَرِكوه بالطاعة والعبادة في الدنيا، وذلك فضلُ الله يؤتيه مَن يشاء. يقضي الله بعزَّته وكمال قدرته ما شاء، ويتصرَّف بحكمته وكمال علمه كيفما يريد، له الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ، وطوبى لمَن آمن واستسلم. |
﴿وَقِهِمُ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّـَٔاتِ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمۡتَهُۥۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴾ [غافر: 9]
إذا وقى الله عبادَه المؤمنين من عواقب سيِّئاتهم ونتائجها الوَخيمة، فقد امتنَّ عليهم بفوزٍ عظيم دونه كلُّ فوز. وقاية السيِّئات تكون بالوقاية من فعلها ابتداءً، وبالوقاية من جزائها انتهاء، فاللهم إنَّا نعوذ بك من شرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا. |
﴿يَوۡمَ تُوَلُّونَ مُدۡبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمٖۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ ﴾ [غافر: 33]
لا عاصمَ يمنعهم، ولا شفيعَ يشفع لهم، فلا يُدبِّرون فرارًا من العذاب إلا إلى عذاب وعذاب، عصمَنا الله وإيَّاكم يومئذٍ من غضبه. |
﴿رَّبَّنَا ٱكۡشِفۡ عَنَّا ٱلۡعَذَابَ إِنَّا مُؤۡمِنُونَ ﴾ [الدخان: 12]
ما أشرفَ الإيمانَ، وأنفعَه لأهله! فهو السبيلُ إلى كشف العذاب، والطريقُ إلى السعادة وحسن الثواب. |
﴿وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ إِحۡسَٰنًاۖ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ كُرۡهٗا وَوَضَعَتۡهُ كُرۡهٗاۖ وَحَمۡلُهُۥ وَفِصَٰلُهُۥ ثَلَٰثُونَ شَهۡرًاۚ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَبَلَغَ أَرۡبَعِينَ سَنَةٗ قَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِيٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَيَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَٰلِحٗا تَرۡضَىٰهُ وَأَصۡلِحۡ لِي فِي ذُرِّيَّتِيٓۖ إِنِّي تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَإِنِّي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ ﴾ [الأحقاف: 15]
بِرُّ الوالدين والإحسانُ إليهما عملٌ عظيم يؤدَّى إلى الوالدين؛ عملًا بوصيَّة الله، وردًّا للجميل الذي أسدَياه للولد صغيرًا وكبيرا. يَعظُم حقُّ الأمِّ ويتحتَّم برُّها؛ لما تَلقاه من عناءٍ حالَ حَملِها ولدَها، ولما تجده من ألم عظيم ومشقَّة كبيرة حال وضعه وتربيته. مهما اشتدَّت الآلام بتلك الأمِّ، ومهما تعاظمت الشدائد عليها، فلن تجدَ منها نفورًا من ولدها أبدًا، بل لا تزيدها تلك الآلام إلا إقبالًا عليه، ورحمةً به، وهذا ممَّا يدعو إلى مَزيد برِّها. لن يبلغَ العبد شكر نعمة ربِّه عليه إلا بالاستعانة به واللجوء إليه، ولو أفنى المرء عمره في طاعة مولاه ما كان ذلك كُفْئًا لنعمةٍ واحدة منحها إيَّاه. كلُّ نعمة حصَلت للوالدين فإنها واصلةٌ لأبنائهما، وينالهم شيءٌ من أسبابها وآثارها غالبًا، ولا سيَّما نعمة الصلاح والدين التي بها سعادة الدارين. أكمل سعاداتِ المرء يوم يَشغَل قلبَه بشُكر الله وحمده، ويشغل بدنه بطاعة ربِّه، وتتحقَّق سعادته في أهله يوم يجعلهم الله قرَّة عين له في الدنيا والآخرة، فاللهم أسعدنا في أنفسنا وأهلينا. التقيُّ هو الذي يذكر فضلَ والديه عليه فيَبَرُّهما، ويذكر مسؤوليَّته تُجاه أولاده، فيدعو لهم بالصلاح. يتذكَّر المؤمن تقصيره الذي يُلزمه التوبة لربِّه برغم صلاح الأعمال، فيَضرَع لمولاه بتلك التوبة التي يحبُّها الله ويفرح بها. |
﴿وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10]
من فضائل الإيمان أن يكونَ المؤمنون متحابِّين متعاضدين على قلب رجل واحد، يدعو بعضُهم لبعض، ويحرِصُ كلٌّ على نفع الآخرين. لئن فاتكَ أيها المسلمُ أن تكونَ من المهاجرين الأوَّلين، أو من الأنصار المحسنين، لا تحرم نفسَك من سؤال الله تعالى أن يشملكَ وإيَّاهم بمغفرته ورضوانه. إنزال الناس منازلهم دلَّ عليه الشرعُ والعقل، ولهذا اتَّفق السلفُ على تعظيم منزلة الصحابة، وبيان فضلهم. ما أوثقَها من أواصرَ تربط أوَّلَ هذه الأمَّة بآخرها، وآخرَها بأوَّلها، تتخطَّى الزمانَ والمكان والجنسَ والنسب، فيدعو المؤمنُ لأخيه المؤمن بعد قرون متطاولة! الغِلُّ والحسد وسائر أمراض القلوب إذا غارَت جذورُها، وتفرَّعت أشواكُها، أذوَت زهَراتِ الإيمان، وأذهبَت ما توحي به من سلام وتحنان. خابَ وخسر من طَوى صدرَه على ذرَّة بغضٍ لأحد من أصحاب رسول الله ﷺ رضوان الله عليهم أجمعين. |
﴿قَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ إِذۡ قَالُواْ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥٓ إِلَّا قَوۡلَ إِبۡرَٰهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسۡتَغۡفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمۡلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۖ رَّبَّنَا عَلَيۡكَ تَوَكَّلۡنَا وَإِلَيۡكَ أَنَبۡنَا وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [الممتحنة: 4]
التأسِّي بالصالحين المخلصين؛ في الدنيا طُمأنينةٌ وفَلاح، وفي الآخرة علوٌّ ونجاح. تنال من محبَّة الله بقَدر براءتك من أعدائه، وإقبالك على طاعته، فقد اتخذ الله إبراهيم خليلًا وجعله أسوةً حسنة للمتَّقين؛ لإعلانه العداوةَ الظاهرة للكافرين. أوثق عُرا الإيمان الموالاةُ في الله والمعاداةُ في الله، والحبُّ في الله والبغضُ في الله، فإيَّاك ونقضَ هذه العُروة. ألا ما أقسى الابتلاءَ بانحراف فِلذة الكبد أو شقيق الفؤاد، وتنكُّبهم جادَّةَ الدين القويم، وما أعظمَ الصبرَ على ذلك، بمفارقة باطلهِم، والبراءة من ضلالهِم! الولاء والبراء في الله تعالى يحتاجان إلى قوَّة إيمان وصدق يقين وتجلُّد وحزم، مع التوكُّل على الله، واستمداد العون منه وحدَه. |
﴿رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱغۡفِرۡ لَنَا رَبَّنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾ [الممتحنة: 5]
الدعاء سلاحُ المؤمن الناجعُ الذي ينبغي أن يستعينَ به في كلِّ حين. يحرِصُ المسلم على هداية الآخرين حِرصَه على هداية نفسه، ويرجو لهم السلامةَ من الفتن كما يرجوها لذاته. لا يستنكفُ الصالحون عن دوام الاستغفار لجَبْر تقصيرهم بشُكر نِعَم ربِّهم التي لا تُحصى، ولنا في أنبياء الله عليهم السلام أسوةٌ حسنة. من صدق الإيمان أن يحرِصَ المؤمنُ ألَّا يكونَ سببًا في الصدِّ عن سبيل الله وتبغيض الخَلق في دين الحقِّ. هكذا هو الرجلُ القدوة في دينه واستقامته، لا يغترُّ بصلاحه وطاعته، ولكنَّه يسأل الله دومًا المغفرةَ والسَّتر، والسلامةَ من الفتن ما ظهر منها وما بطَن. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَةٗ نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيُدۡخِلَكُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يَوۡمَ لَا يُخۡزِي ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥۖ نُورُهُمۡ يَسۡعَىٰ بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتۡمِمۡ لَنَا نُورَنَا وَٱغۡفِرۡ لَنَآۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ﴾ [التحريم: 8]
البِدارَ البِدار، إلى التوبة الخالصة قبل انقضاء الأعمار، إذ ليس من توبةٍ تُقبَل يوم الحساب، ولا فديةٍ يُفتدى بها من العذاب. لا تكون التوبةُ نصوحًا حتى يعزمَ العبد عزمًا أكيدًا ألا يعودَ إلى الذنب كرَّة أخرى، فما أحرانا أن نعزمَ على ذلك جميعًا. حسبُكم شرفًا أيها المؤمنون أن الله ألحقَكم بنبيِّه سيِّد ولد آدم، وسلَّمكم من خزي ذلك اليوم، فجدِّدوا إيمانكم بالتوبة. |
﴿وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾ [التحريم: 11]
لا يضرُّ المؤمنين مخالطةُ الكافرين، ما داموا محافظين على دينهم، مستمسكين بهدي ربِّهم، متبرِّئين من الكفَّار وعملهم. إن الله حكَمٌ عدل لا يأخذ أحدًا بجَريرة أحد، ولا يؤاخذ عبدًا بذنب عبد، فما ضرَّ امرأةَ فرعونَ كفرُ زوجها حين أطاعت ربَّها. دَيدَنُ الصالحين المخلصين الالتجاءُ إلى الله في المِحَن والشدائد، وسؤاله سبحانه العونَ والتثبيت على الحقِّ. ما استعلى امرؤٌ على عرَض الحياة الدنيا وزخارفها، وتجرَّد لله تعالى من كلِّ الفتن والأهواء، إلا فاز بأعلى المنازل عند الله تعالى. إذا نزل بك بلاءٌ في دينك أو دنياك فارفع يديك متضرِّعًا لربِّك، فهو سبحانه كافيك، وهو حسبُك ونعمَ الوكيل. المؤمنُ الصادق يُؤْثر الإيمانَ والاستقامة على جميع المُغرِيات، ولا يستسلم لضغط الواقع ولما في الطريق من عقَبات، ويقبض على دينه كما يُقبَض على الجمر. صلاح المرأة واستقامتها لا يُعرفان بخلوِّ الزمان من الفتن العاصفة، ولكنَّها كلَّما زادت الفتنُ أُوارًا زادت يقينًا وثباتًا. مَن صدَقَ اللهَ صدَقَه الله، وأنار له طريقَ الحقِّ والثبات، ولو كان في لُجَج الظَّلام. التضحياتُ ليست حكرًا على الرجال دون النساء، ولكنَّها أَمارةٌ على صدق الإيمان وقوَّة اليقين، والنساء في هذا شقائقُ الرجال. |
﴿رَّبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيۡتِيَ مُؤۡمِنٗا وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّٰلِمِينَ إِلَّا تَبَارَۢا ﴾ [نوح: 28]
غفرانُ الذنوب نعمةٌ كبرى ومنَّةٌ عظمى؛ فهي سببٌ في دخول الجنان، والفوز بالرِّضا والرضوان، فأكثروا من الاستغفار لأنفسكم وأهليكم. لئن تناءت بكَ الديارُ عن الأهل والأصحاب، إنهم معكَ ما تذكَّرتهم بدعَواتك، وخصَصتَهم باستغفارك؛ فلا تبخل عليهم فإنه من البِرِّ. الافتقارُ إلى الله وعَونه شعورٌ ينبغي ألا يفارقَ نفسَ المؤمن مهما بلغ في درجات الطاعة، ومراتب الصَّلاح والرشد. |
﴿قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]
أرأيتَ كيف جاءت الاستعاذةُ باسم الربِّ مضافًا إلى الفلق لتُناسبَ الموقف؟ إن ذلك يقتضي أن يُسألَ اللهُ لكلِّ مطلوب باسمٍ يُناسبه من أسمائه الحسنى. إن القادر على إزالة ظلُمات الليل الشديدة عن أرجاء العالم، لقادرٌ أن يدفعَ عمَّن يلوذ بجنابه، ويستعيذ بمقامه، كلَّ ما يخافه ويخشاه. |
﴿مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾ [الفلق: 2]
خلَق الله الخيرَ والشرَّ ابتلاءً لعباده وفتنة، ومن تمام فضله أنه علَّمهم سبُلَ النجاة من الشُّرور؛ بالتحصن بالأذكار والمعوِّذات. |
﴿وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴾ [الفلق: 3]
مع إقبال الليل تنتشر الشياطين، فكان من السنَّة الاستعاذةُ بعد كلِّ صلاةٍ من ظُلمة الليل وما يكون فيه من ضُرٍّ وشرّ. يقولون: (الليل، أخفى للوَيل) لأنَّ وقوع الشرِّ فيه أكثر، والتحرُّز منه أعسر، فاقتضى الاستعاذةَ منه بمَعاذ، وهل أعظمُ وأجلُّ من الله؟! |
﴿وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّٰثَٰتِ فِي ٱلۡعُقَدِ ﴾ [الفلق: 4]
الحاسد عدوُّ نعمة الله تعالى، وحسبُه ضلالًا وخِذلانًا أن الله أثبتَ له الشرَّ وأمرنا بالاستعاذة منه، كما أمرنا بالاستعاذة من الشيطان. حين تجيش نفسُ الحسود بالغلِّ، فإن تأثيرها قد يَنفُذ بإذن الله، فاتَّقوه بملازمة المعوِّذتين ودوام الذِّكر. |
﴿وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 5]
الحاسد عدوُّ نعمة الله تعالى، وحسبُه ضلالًا وخِذلانًا أن الله أثبتَ له الشرَّ وأمرنا بالاستعاذة منه، كما أمرنا بالاستعاذة من الشيطان. حين تجيش نفسُ الحسود بالغلِّ، فإن تأثيرها قد يَنفُذ بإذن الله، فاتَّقوه بملازمة المعوِّذتين ودوام الذِّكر. |
﴿قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ ﴾ [الناس: 1]
مِن الناس مَن إذا أصابتهم نازلةٌ لجؤوا إلى أكابرهم وذَوي السَّطوة فيهم؛ طلبًا للحماية والمعونة، أفلا نتوجَّه إلى ملِك الملوك بطلب العَوذ والملجأ؟ لا يستهيننَّ أحدُكم بوساوس النفس، فكم من وَسوَسة انتهت بالمرء إلى أبعد الضَّلال، وذلك يقتضي الاستعاذةَ منها؛ تحصُّنًا بالله واعتصامًا به. |
﴿مَلِكِ ٱلنَّاسِ ﴾ [الناس: 2]
مِن الناس مَن إذا أصابتهم نازلةٌ لجؤوا إلى أكابرهم وذَوي السَّطوة فيهم؛ طلبًا للحماية والمعونة، أفلا نتوجَّه إلى ملِك الملوك بطلب العَوذ والملجأ؟ لا يستهيننَّ أحدُكم بوساوس النفس، فكم من وَسوَسة انتهت بالمرء إلى أبعد الضَّلال، وذلك يقتضي الاستعاذةَ منها؛ تحصُّنًا بالله واعتصامًا به. |
﴿إِلَٰهِ ٱلنَّاسِ ﴾ [الناس: 3]
مِن الناس مَن إذا أصابتهم نازلةٌ لجؤوا إلى أكابرهم وذَوي السَّطوة فيهم؛ طلبًا للحماية والمعونة، أفلا نتوجَّه إلى ملِك الملوك بطلب العَوذ والملجأ؟ لا يستهيننَّ أحدُكم بوساوس النفس، فكم من وَسوَسة انتهت بالمرء إلى أبعد الضَّلال، وذلك يقتضي الاستعاذةَ منها؛ تحصُّنًا بالله واعتصامًا به. |
﴿مِن شَرِّ ٱلۡوَسۡوَاسِ ٱلۡخَنَّاسِ ﴾ [الناس: 4]
رُوي أن الشيطان جاثمٌ على قلب ابن آدمَ؛ فإذا ذكَر اللهَ خنَسَ، وإذا غفَلَ وَسوَسَ، فحريٌّ بنا أن نلزمَ الذِّكرَ باللسان والجَنان. إن الشيطان لا يمَلُّ ولا يسأم من الوسوسة والإفساد، فوجب على العبد ألَّا يفتُرَ لسانُه عن ذكر الله؛ وقايةً لنفسه من شروره. من مداخل الشيطان على بني الإنسان أنه لا يزالُ يوسوسُ في صدورهم بإثارة الشُّبُهات وتحريك الشكوك حتى يجنَحوا عن الإيمان، إلى درَكات الكُفران. ليس الخطر في الوَسواس بذاته، فإنَّ الشيطان لا يعدو في وسوسته الصُّدور، ولكن إن استقرَّ الوسواس في القلب أودى بصاحبه. |
﴿ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ ﴾ [الناس: 5]
رُوي أن الشيطان جاثمٌ على قلب ابن آدمَ؛ فإذا ذكَر اللهَ خنَسَ، وإذا غفَلَ وَسوَسَ، فحريٌّ بنا أن نلزمَ الذِّكرَ باللسان والجَنان. إن الشيطان لا يمَلُّ ولا يسأم من الوسوسة والإفساد، فوجب على العبد ألَّا يفتُرَ لسانُه عن ذكر الله؛ وقايةً لنفسه من شروره. من مداخل الشيطان على بني الإنسان أنه لا يزالُ يوسوسُ في صدورهم بإثارة الشُّبُهات وتحريك الشكوك حتى يجنَحوا عن الإيمان، إلى درَكات الكُفران. ليس الخطر في الوَسواس بذاته، فإنَّ الشيطان لا يعدو في وسوسته الصُّدور، ولكن إن استقرَّ الوسواس في القلب أودى بصاحبه. |
﴿مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ ﴾ [الناس: 6]
من أبناء جنسنا من البشَر مَن هم شرٌّ مكانًا ووَسوسةً من شياطين الجنِّ، ألَّا فاحذروا رِفاقَ السوء فإنهم أسُّ البلاء. قال قَتادة: (إنَّ من الجنِّ شياطين، وإن من الإنس شياطين، فتعوَّذ بالله من شياطين الإنس والجنِّ). |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
التجارة وحدانية الله حب الله صفات النبي محمد في التوراة والإنجيل سريع العقاب التبليغ أعمال الملائكة اتباع الكفار وتقليدهم الاختلاف الناس سنّ التكليف والبلوغ
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, December 27, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب