قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن الأذى الذي تعرض له النبي في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿وَمِنۡهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٞۚ قُلۡ أُذُنُ خَيۡرٖ لَّكُمۡ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤۡمِنُ لِلۡمُؤۡمِنِينَ وَرَحۡمَةٞ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡۚ وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ ﴾ [التوبة: 61]
لا تعجَب إن حرَّف المنافقون مظاهرَ الخير في المؤمنين، فجعلوها صفاتِ ذمٍّ، فذلك داءٌ فيهم قديم. الأصل في المسلمين حُسنُ الظنِّ، حتى يظهرَ ما يخالفُ ذلك. كلَّما كانت النفسُ أسلمَ قلبًا كانت في السماحة أكمل، ليس ضعفًا منها، بل من باب اللطافة وسرعةِ القَبول لما يُناسب من الخير. ما يجب أن يسودَ في المجتمع هو اللطفُ والتصديق، ولا يعكِّر ذلك أفرادٌ غيرُ أنقياء من تلك الثلَّة النقيَّة. لقد أرسل اللهُ تعالى رسولَه رحمةً لجميع الخلائق، فطوبى لمَن تلقَّى هذه الرحمةَ بالقَبول، وصدَّق ما جاء به. مَن آذى رسولَ الله ﷺ فقد آذى اللهَ الذي أرسله جلَّ جلالُه، وذلك يوجب سَخَط اللهِ وعذابَه. |
﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنۡ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ رَجُلٖ مِّنۡهُمۡ أَنۡ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنَّ لَهُمۡ قَدَمَ صِدۡقٍ عِندَ رَبِّهِمۡۗ قَالَ ٱلۡكَٰفِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَٰحِرٞ مُّبِينٌ ﴾ [يونس: 2]
عجبًا لهم كيف جوَّزوا أن يكونَ المنحوتُ من الخشب والمعمولُ من الصخر إلهًا معبودًا، وتعجَّبوا أن يكونَ محمَّدٌ ﷺ في جلالة قدره رسولًا؟! هذا هو الضلال البعيد. الوحيُ إنذارٌ للناس بعاقبةِ المخالفة، وتبشيرٌ للمؤمنين بعُقبى الطاعة، وبيانٌ للمكلَّفين فيما يفعلونه، وفيما يتركونه. قدِّم لنفسك من الإيمان والعملِ الصالح ما يَرضى به ربُّك عنك، فمَن قدَّم خيرًا أثبت اللهُ له أجرًا. لا يظنَّ المعاندون أن كلَّ ما ليس في مقدور البشر فعلُ مثلِه هو من باب السحر، إن كتاب الله المعجزَ ما هو إلا وحيٌ من عنده. |
﴿أَلَآ إِنَّهُمۡ يَثۡنُونَ صُدُورَهُمۡ لِيَسۡتَخۡفُواْ مِنۡهُۚ أَلَا حِينَ يَسۡتَغۡشُونَ ثِيَابَهُمۡ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾ [هود: 5]
السرُّ عند الله تعالى كالعلَن، فهل يستطيع العبدُ إخفاءَ معصيته، وكتمانَ جَريرته؟ يا لها من موعظةٍ عظيمة! أن يستشعرَ المرءُ أن الله تعالى عالمٌ بكلِّ ما يعمله، لا تغيب عنه أفعالُ عباده طرفةَ عين، بل لا تغيب عنه مكنوناتُ الصدور وراء الثياب خلف البيوت. إذا ضمَّت الأسرارَ الصدور، فإنها لا تَخفى على العليم بكلِّ الأمور. |
﴿وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَكَانَ عَرۡشُهُۥ عَلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۗ وَلَئِن قُلۡتَ إِنَّكُم مَّبۡعُوثُونَ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡمَوۡتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ ﴾ [هود: 7]
الخالقُ لكلِّ شيء من غير شيء، قادرٌ على إعادة المكلَّفين بعد موتهم، فيجازيهم على أفعالهم؛ إنه عظيمُ الشأن، حكيم التدبير لشؤون خلقه. احرِص أن تكونَ أحسنَ عملًا قبل أن تكونَ أكثرَ عملًا، فإن العمل بإخلاص واتِّباع يُبارَك فيه وإن قلَّ، والعمل بلا إخلاص واتِّباع يُمحَق ولو كثُر. |
﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ وَضَآئِقُۢ بِهِۦ صَدۡرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَآءَ مَعَهُۥ مَلَكٌۚ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٞۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٌ ﴾ [هود: 12]
لا ينبغـي للداعيـة أن يصُـدَّه اعتراضُ المعترضين، ولا أن يَضيقَ صدرُه بقَدْحِ القادحين، بل يمضي على طريق الصبر مطمئنًا، وبما عند ربه واثقًا. لا يفهمُ الكافرُ المتعنِّتُ سوى منطقِ القوة، ولا يخضع إلا للمال، وإلا فعلامَ يشترطون في المعجزة أن تكون كنزًا، وفي المُساعدِ أن يكون مَلَكًا؟ أيها الداعيةُ، لا تدع الإنذارَ فإنه رسالتُك، فإن لم تجد في الناس إجابةً فلا تيئَس، فلستَ عليهم رقيبًا ولا حسيبًا. |
﴿۞ وَإِن تَعۡجَبۡ فَعَجَبٞ قَوۡلُهُمۡ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبًا أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ ٱلۡأَغۡلَٰلُ فِيٓ أَعۡنَاقِهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾ [الرعد: 5]
كيف يُنكر قدرةَ الله على بعثِ الموتى مَن نظرَ إلى عجائبِ فعلِ الله في الحياة؛ أفلا تهدي الناسَ تلك الآياتُ إلى تصديقِ قدرة الله على إحيائهم بعد الممات؟ كم من متعجِّبٍ من شيء هو أحقُّ بأن يُتعجبَ من تعجُّبه، لقيام ذلك الانفعال النفسي لديه من غير سببٍ صحيح يُوجِبه. الذين أطلقوا لأنفسهم العِنانَ في الدنيا لترتعَ في مساخط الله حيث شاءت، يُساقون يومَ القيامة في الأغلال، وعليهم سحائبُ القهر والإذلال، فمَن لم يَغُلَّ هواه في الدنيا غُلَّ في الآخرة. |
﴿وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ ءَايَةٞ مِّن رَّبِّهِۦٓۗ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٞۖ وَلِكُلِّ قَوۡمٍ هَادٍ ﴾ [الرعد: 7]
حين تُغلَقُ القلوبُ بمغاليقِ الإعراض والصدود، ترى أن الآياتِ البيِّنات التي تَهديها لم تَنزل عليها، مع أنها قد وصلت إلى بابها، ولكنها لم تَفتح لها طريقًا. عمل الأنبياءِ وأتباعِهم تبليغُ ما جاء عن الله، والتحذيرُ من مخالفة ذلك، وبيانُ البراهين، لا الإتيان بها وَفقَ أهواء الناس. لولا أن الناسَ لا تَصلُح حياتُهم إلا بدعاة، ما اختصَّ سبحانه كلَّ قوم بهُداة. |
﴿وَقَالُواْ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلذِّكۡرُ إِنَّكَ لَمَجۡنُونٞ ﴾ [الحجر: 6]
كيف يُوصفُ مَن نزل عليه أعظمُ كتابٍ بالجنون، وقد كان لديهم في المنزلة العليا من العقل والحصافة؟! غيرَ أن البغيَ يطمِسُ معالمَ الحقيقة. مهما أُكِّدت الدعاوى الباطلة بمؤكِّدات، فإنها تبقى مجرَّد افتراءات، لا قيمةَ لها ولا وزن، ما لم يأتِ أصحابُها عليها ببرهان، فكيف إذا أسقطتها أدلَّةٌ وبراهينُ لا تقبلُ الرد؟ صبرًا قليلًا يا حمَلةَ الرسالةِ المحمَّدية، حين تواجهون التُّهمَ والسخريَّة، فكم لقيَ قبلكم سيِّدُ الخلق من السخريَّة والتكذيب! |
﴿لَقَالُوٓاْ إِنَّمَا سُكِّرَتۡ أَبۡصَٰرُنَا بَلۡ نَحۡنُ قَوۡمٞ مَّسۡحُورُونَ ﴾ [الحجر: 15]
أيُّ بشرٍ ذاك الذي يجحَدُ الحقَّ الذي نزل من السماء كِبرًا وعنادًا؟! فإنه لو رأى فيها بعينيه ما رأى من آيات الله لكذَّب عينيه، واتَّهم عقله بأنه قد سُحر! |
﴿وَإِذَا بَدَّلۡنَآ ءَايَةٗ مَّكَانَ ءَايَةٖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوٓاْ إِنَّمَآ أَنتَ مُفۡتَرِۭۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ﴾ [النحل: 101]
المسلم الموقنُ بكمال علم الله وحكمته يُدركُ أن نسخَ الآية أو تبديلَها لا يصدُر إلا عن علم تامٍّ، وحكمة بالغة. الجاهل قد يطعَنُ فيما يجهلُه، ولكن لا عبرةَ عند ذوي العقول بطعنِ مَن لا علمَ له. |
﴿وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّهُمۡ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُۥ بَشَرٞۗ لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلۡحِدُونَ إِلَيۡهِ أَعۡجَمِيّٞ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيّٞ مُّبِينٌ ﴾ [النحل: 103]
محاولة إسقاط هيبة النَّصِّ القرآني في نفوس الناس قديمةٌ قِدمَ الرسالة، فكم مرَّ على التاريخ من أشباه هؤلاء، وبقيت مكانةُ القرآنِ في النفوس كما هي! كيف يمكن لدى العقلاء لأعجميٍّ أن يأتيَ بمثل كتابٍ عربيٍّ قد عجَز أربابُ الفصاحة والبلاغة والبيان عن معارضته؟! |
﴿وَجَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن يَفۡقَهُوهُ وَفِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٗاۚ وَإِذَا ذَكَرۡتَ رَبَّكَ فِي ٱلۡقُرۡءَانِ وَحۡدَهُۥ وَلَّوۡاْ عَلَىٰٓ أَدۡبَٰرِهِمۡ نُفُورٗا ﴾ [الإسراء: 46]
الحرمان كلُّ الحرمان أن تُحرمَ القلوب لذَّةَ المعرفة بكتاب الله وأُنسَ القرب منه، فاستعذ بالله أن يُختمَ على قلبك. على المسلم أن يجلوَ مرآةَ قلبه من كلِّ قَتَر، لتبدوَ دلائلُ الآيات عليها واضحة، فيَحصُل له الفهم والاعتبار. إذا أردتَّ اختبارَ إيمانك فانظر كيف قلبُك عند تلقِّي الآيات والحديثِ عنها، أتجد شوقًا لسماعها أم نفورًا؟ |
﴿نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَسۡتَمِعُونَ بِهِۦٓ إِذۡ يَسۡتَمِعُونَ إِلَيۡكَ وَإِذۡ هُمۡ نَجۡوَىٰٓ إِذۡ يَقُولُ ٱلظَّٰلِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلٗا مَّسۡحُورًا ﴾ [الإسراء: 47]
ما لم يكن السماعُ لطلب الحقِّ، فهو سماعٌ لا ينفع، بل تقومُ على صاحبه به الحجَّة. لولا أن المشركين وجدوا في القرآن ما ليس لبشرٍ أن يأتيَ بمثله ما نسبوا قائلَه إلى السحر، ولكنَّهم أدركوا تميُّزَه وتفوُّقَه. |
﴿ٱنظُرۡ كَيۡفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلۡأَمۡثَالَ فَضَلُّواْ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ سَبِيلٗا ﴾ [الإسراء: 48]
اضطربَ المشركون فيما جاء به الرسول ﷺ، فسارعوا إلى اتِّهامه بكلِّ وسيلة، وكلَّما ظهر عَوارُ واحدة سلكوا أخرى حتى انتهى ما لديهم، وزاد أمرُ رسول الله ﷺ ظهورًا. |
﴿وَقَالُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَٰمٗا وَرُفَٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقٗا جَدِيدٗا ﴾ [الإسراء: 49]
لقد جهل أشدَّ الجهل من قاسَ قدرةَ المخلوق الضعيف العاجز على قدرة القويِّ القادر، فأيُّ عاقل ينكر أظهرَ الأشياء؟! |
﴿وَإِن كَادُواْ لَيَسۡتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ لِيُخۡرِجُوكَ مِنۡهَاۖ وَإِذٗا لَّا يَلۡبَثُونَ خِلَٰفَكَ إِلَّا قَلِيلٗا ﴾ [الإسراء: 76]
أهل الباطل يسلُكون مع صاحب الحقِّ طريقَ الترغيب، فإن أوصلهم إلى بُغيتهم وإلا سلكوا معه طريقَ الترهيب، والمؤمن الصادق ثابتٌ على الحقِّ إن رغَّبوا أو رهَّبوا. أرادوا إخراجَ النبيِّ الكريم ﷺ ليُغلقوا عن أنفسهم باب الضجَر بوجوده، فلم يلبثوا إلا قليلًا حتى فُتح عليهم باب العذاب. |
﴿وَقَالُواْ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفۡجُرَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَرۡضِ يَنۢبُوعًا ﴾ [الإسراء: 90]
ما أكثرَ دلائلَ القرآن على أنه كتابٌ من عند الله! فهل وجدوا فيه ما يقدحُ حتى يسألوا رسولهم غيرَه؟! من أساليب بعض المعاندين في مجادلة أهل الحقِّ الحَيدةُ عن جوهر المسألة إلى قضايا أخرى حين يَعيا عن الجواب. لم يُبالِ المُعرِضون كيف يتحدَّون نبيَّهم، بما ينفعهم أو بما يضرُّهم، فما أعجبَ شأنَ التعنُّت والمتعنِّتين! تبدو على المشركين طفولةُ الإدراك والتصوُّر، كما يبدو التعنُّت في هذه المقترحات الساذَجة، وهم يسوُّون بين البيت من الذهب، والعروج إلى السماء! يقف الرسولُ الكريم عند حدود بشريَّته، ويعمل وَفقَ تكاليف رسالته، لا يقترح على الله تعالى، ولا يتزيَّد فيما كلَّفه إيَّاه. إن الله تعالى لا يُعجزه شيءٌ طلبه خلقُه أو لم يطلبوه، ولكنَّه تعالى يَرفُقُ بعباده؛ خشيةَ أن يكونَ عذابُهم فيما سألوه، إن لم يؤمنوا بعد ذلك بما طلبوه. |
﴿وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤۡمِنُوٓاْ إِذۡ جَآءَهُمُ ٱلۡهُدَىٰٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَرٗا رَّسُولٗا ﴾ [الإسراء: 94]
رسالة الله تحمل في طَيَّاتها هدايةَ الناس، فتسلِّم لها العقولُ الحكيمة والفِطَر الصافية، لكنَّ مكذِّبي الحقيقة يبحثون عن أيِّ حُجَّة ولو وَهَت ليَدفعوا بها حُجَّةَ الله، وإلا فأيُّ سببٍ لبطلان الرسالة في بشريَّة الرسول؟! |
﴿وَقَالُواْ لَوۡلَا يَأۡتِينَا بِـَٔايَةٖ مِّن رَّبِّهِۦٓۚ أَوَلَمۡ تَأۡتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلۡأُولَىٰ ﴾ [طه: 133]
عجبًا! يطلبون أي آية، كأن الرسول أتى بلا آية، وهو جاء ببينة تربو على كل بينة: مذكور في كتب السماء التي ملأ ذكرها الأرض، ومبين لها غاية التبيين. |
﴿لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 3]
النفوس الفارغة تلهو في أخطر المواقف، وتهزُل في مواطن الجد؛ إذا أتاها ذكرٌ من ربها استقبلته لاعبة، فلا وقارَ ولا تقديس. إذا أدمنَت القلوب ما هي عليه من الفساد، وسارت الأنفس في طريق الهزؤ واللعب؛ لن تنتفع بالعظات ولو تجدَّدت، ولن تتعظ بالذكرى وإن تعددت. استحضر قلبك، عند سماع الوحي، وتدبَّر آياته، فقد ذمَّ الله تعالى أقوامًا لم ينتفعوا به؛ إذ كانت قلوبهم لاهية عنه. لو سمع أتباعُ أهل الضلال ممن فيهم قليل من خير ما يحيكه أئمتهم من مكائد ومؤامرات عن الحقِّ وأهله ظلمًا وعدوانًا؛ لعرفوا خبثهم وانفضوا عنهم، فلأجل هذا أسرُّوا ذلك الجور والعدوان. لا ينفكُّ أهلُ الباطل يعترضون على الحقِّ بما ليس فيه معترَض، ويحتجون عليه بما ليس بحجة. فيا لَله العجب من قوم رأوا ما أعجزهم من مجيء القرآن، فلم يجوِّزوا أن يكون عن الله، وجزموا بأنه سحر المبطلين، وتلبيس المفسدين! |
﴿قَالَ رَبِّي يَعۡلَمُ ٱلۡقَوۡلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ﴾ [الأنبياء: 4]
لا يضرُّك أن تجهل ما الذي يُحاك لك من مكر وكيد، إذا كنت واثقًا بأن العليم الحكيم سبحانه وتعالى هو مَن يدافع عنك. سبحان مَن يسمع كل شيء، ويعلم كل شيء من القول وغيره، فهو يسمع سر أعدائه، ويُبطل مكرهم، ويسمع ما ينسُبه إليه خلقه من حق أو باطل، فيعامل كلًّا بما يستحق! |
﴿بَلۡ قَالُوٓاْ أَضۡغَٰثُ أَحۡلَٰمِۭ بَلِ ٱفۡتَرَىٰهُ بَلۡ هُوَ شَاعِرٞ فَلۡيَأۡتِنَا بِـَٔايَةٖ كَمَآ أُرۡسِلَ ٱلۡأَوَّلُونَ ﴾ [الأنبياء: 5]
الآية تصويرٌ لمقدار ما أصاب المشككين من الحَيرة، وصورة لشاهد الزور إذا شعر بحرج موقفه كيف يتقلَّب يمينًا وشِمالًا، وكيف تتفرَّق به السُّبل في تصحيح افترائه، وذلك محال. كيف يطلبُ مشركو قريش آياتٍ على صدق رسول الله ﷺ من جنس ما كذَّب به الأوَّلون، وهم يكذِّبون بما هو أبلغ من تلك الآيات؟! |
﴿وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ﴾ [الأنبياء: 38]
ما أعجلَ الإنسانَ إلى ما يضرُّه! وما أبطأه إلى ما ينفعه! أيوعَد المعرضون عن دعوة الحقِّ بالعذاب ثم هم يستعجلونه؟! أما لو تفكروا وتمهَّلوا ما سألوا ذلك. |
﴿أَمۡ لَمۡ يَعۡرِفُواْ رَسُولَهُمۡ فَهُمۡ لَهُۥ مُنكِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 69]
كيف يجهل المشركون رسولهم الذي يعرفون أنه أصدق الخلق، وأعلاهم في كل معنى جميل، ثم يكذبونه ويعاندونه، مع أن سيرة المرء وسابق أمره يُعرف به صدقه من كذبه؟! |
﴿أَمۡ يَقُولُونَ بِهِۦ جِنَّةُۢۚ بَلۡ جَآءَهُم بِٱلۡحَقِّ وَأَكۡثَرُهُمۡ لِلۡحَقِّ كَٰرِهُونَ ﴾ [المؤمنون: 70]
عندما يَغشى القلوبَ ظلامُ رَين الباطل لا يمكنها قَبول فجر الحق، ومن ثَم تتهم الحق وحامله إليها بما تعرف كذبَها فيما تقول. مَن أراد الحقَّ فليغسل قلبَه من أدران كرهه من حسد أو حقد، فبعض المعرضين عن الحقِّ يمنعهم منه كرههم له، لا جهلهم به فالمانع لديهم قلبيٌّ إراديٌّ لا عقليٌّ علميّ. |
﴿وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 71]
رحم الله تعالى العباد حيث لم يَكِلهم إلى عقولهم؛ لأنهم لو وكِلوا إليها لفسدت السماوات والأرض، فكل إنسان يقول: العقل عندي والصواب معي؛ ولكن الله تعالى بعث النبيين، وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه. ما كان للعرب من ذكر بين الأمم، حتى جاءها الإسلام، فأعلى شأنها، فلما تخلت عنه، لم يعد لها قيمة، فمتى تؤوب إلى رشدها؛ لتعود قوتها إلى سابق عهدها؟ |
﴿أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ خَرۡجٗا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيۡرٞۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 72]
الأنبياء أنصح الخلق للخلق، فقد أرشدوهم إلى الصراط المستقيم الذي به نجاتهم في حاضرهم ومآلهم، دون أن يطمعوا في جاههم أو مالهم، فثواب الله عندهم أعظم من ذلك. في الخروج عن منهج الرسل الكرام ضياعٌ في المجاهل المُهلكة، والمسالك الوعْرة، فمَن أراد الوصول إلى المقصِد المأمول، فأقرب طريق إليه هو صراط الله المستقيم. |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُو بِٱلۡإِفۡكِ عُصۡبَةٞ مِّنكُمۡۚ لَا تَحۡسَبُوهُ شَرّٗا لَّكُمۖ بَلۡ هُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۚ لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُم مَّا ٱكۡتَسَبَ مِنَ ٱلۡإِثۡمِۚ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبۡرَهُۥ مِنۡهُمۡ لَهُۥ عَذَابٌ عَظِيمٞ ﴾ [النور: 11]
قد يتوارى جمعٌ من أعداء الإسلام وراء ستاره، فيكيدون في الخفاء له ولأهله من أجل تفتيته وتشويهه، والقضاء على عناصر القوة فيه. ما أعظمَ الإفك الذي رُميت به الطاهرة العفيفة عائشة الصديقة! فإنه لم يأت في القرآن تعريف الإفك بالألف واللام إلا في هذا الموضع؛ لبيان شناعة ما رُميت به، رضي الله عنها. إنه لخيرٌ عظيم أن يُنزل الله تعالى براءة عبده من السماء، ويجزل له الأجر في الآخرة، ويجعل من خبره قرآنًا يُتلى، موعظة للمؤمنين، ونقمة من المفترين. كم كان لهذا الحدث من أثر عظيم في يقظة الأمة، وتبصيرها بحقيقة عدو كاشح في الماضي والحاضر! وكم من الأحداث ظنها الناس شرًّا، فأصبحت خيرًا عظيمًا. يترتب الإثم على ما حصل فيه تصميم وعزمٌ قوي صدَّقه العمل، وكلما عظم العمل عظم الإثم والعقوبة. |
﴿لَّا تَجۡعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيۡنَكُمۡ كَدُعَآءِ بَعۡضِكُم بَعۡضٗاۚ قَدۡ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمۡ لِوَاذٗاۚ فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]
لا بدَّ من امتلاء القلوب بالتوقير لرسول الله ﷺ، حتى تستشعر كلَّ كلمة في ندائه، وكلَّ صوت في مناداته. كما كان الصحابة يخاطبون رسولَ الله ﷺ في حضرته بكلِّ أدب وتوقير، وتشريف وتعظيم، كذا يجب أن يكونَ الأمر بعده عند ذكره في غَيبته. من الناس مَن يتسلَّلون من أوامر رسول الله ﷺ وزواجره، مُستَخْفين بتأويلات بعيدة حتى لا ينكشفوا فيُفتَضحَ أمرهم بين المسلمين. فليحذر العقاب مَن يخالف أمر النبي عليه الصلاة والسلام بمخالفة الواجب من سُنته، أو ترك ما أمر به، واقتراف ما نهى عنه. |
﴿وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٌ ٱفۡتَرَىٰهُ وَأَعَانَهُۥ عَلَيۡهِ قَوۡمٌ ءَاخَرُونَۖ فَقَدۡ جَآءُو ظُلۡمٗا وَزُورٗا ﴾ [الفرقان: 4]
من أصحاب المعتقدات الباطلة تخرج الدعاوى الباطلة، والفِرى الظالمة الملفَّقة. المشركون المعاندون أظلم الظالمين في معتقداتهم وأقوالهم، فهم يشركون، ويرمون داعِيَهم إلى التوحيد بالافتراء المشترك! |
﴿ٱنظُرۡ كَيۡفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلۡأَمۡثَٰلَ فَضَلُّواْ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ سَبِيلٗا ﴾ [الفرقان: 9]
يا صاحب الحق؛ إذا رأيت خصمك المبطل متخرِّصًا في حديثه، متناقضًا في حُججه، فليزدك ذلك طُمَأنينة إلى صحَّة طريقك وسلامة منهجك. |
﴿وَإِذَا رَأَوۡكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولًا ﴾ [الفرقان: 41]
لم يجدوا في رسول الهدى نقصًا، ولم يروا في صفحات حياته عيبًا، فليس لهم من سبيل لصد الناس عن دعوته والحالُ كذلك إلا السُّخريَّة والاستهزاء به. إن استهزاء المشركين بالنبي الكريم وسيلةٌ قميئة يحاولون بها مقاومة الدعوة الجديدة، التي يظنون أنها تهدد مراكزهم الاجتماعية والاقتصادية، وتجردهم مما تقوم عليه أوضاعهم تلك من خرافات وأوهام. |
﴿إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنۡ ءَالِهَتِنَا لَوۡلَآ أَن صَبَرۡنَا عَلَيۡهَاۚ وَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ حِينَ يَرَوۡنَ ٱلۡعَذَابَ مَنۡ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 42]
إذا تغلغلَ الباطل في العقول، وتمكَّن حبُّه من القلوب، صار عندهم هدًى، وتركه ضلالًا! فسبحان الله كيف أظلمت المفاهيم، واختلت الموازين! حين ترى شدَّة تصبُّر الكفَّار على باطلهم، وجِدَّهم في الثبات على انحرافهم، تَعجَب من قلَّة صبر بعض أهل الحقِّ على حقِّهم ودفاعهم عن منهجهم، وهم يعلمون أنهم على الهدى! لا يغرُّنَّ أهلَ الباطل من الكافرين والمشركين إمهالُ الله لهم، فلا بدَّ لوعيده جلَّ جلاله أن يلحقهم مهما طال الزمان. |
﴿أَفَبِعَذَابِنَا يَسۡتَعۡجِلُونَ ﴾ [الشعراء: 204]
جمعوا بين شدة التكذيب ونهاية الكبر والعناد حين استعجلوا العذاب ونزول العقاب؛ إذ كيف يستعجلون فناءهم لو كانوا يعقلون؟! |
﴿فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُواْ لَوۡلَآ أُوتِيَ مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰٓۚ أَوَلَمۡ يَكۡفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۖ قَالُواْ سِحۡرَانِ تَظَٰهَرَا وَقَالُوٓاْ إِنَّا بِكُلّٖ كَٰفِرُونَ ﴾ [القصص: 48]
شأن مَن لا يريد الحقَّ أن يتعلَّق بحجَّة لردِّه، فإذا زالت تعلَّق بغيرها ليستمرَّ في ضلاله وصدِّه. ما أعظمَها من نعمة أن يجيء الحقُّ إلى الإنسان في أرضه، ولا يخرج هو منها للبحث عنه واقتباس نوره! غير أن مَن كره الهدى لا يدرك قدرَ هذه النعمة. يلتقي أهل الضلال والفساد سابقُهم ولاحقهم على طريق التهمة لدعاة الحق؛ استمرارًا في طغيانهم، وصدًا للناس عن الحق الذي جاءهم. لم يتَّبعوا موسى حتى يكذِّبوا محمَّدًا ﷺ ويقلِّلوا من شأن ما جاء به، ولكنه التكذيبُ بأصل الرسالة، والإمعانُ في الغَيِّ والضلالة. |
﴿قُلۡ فَأۡتُواْ بِكِتَٰبٖ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهۡدَىٰ مِنۡهُمَآ أَتَّبِعۡهُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ ﴾ [القصص: 49]
مَن أنزل التوراة وبيَّن فيها الأحكام هو مَن يأمر باتِّباع القرآن الكريم؛ ذلك أنه ليس في كتب الله تعالى كتابٌ أهدى منه. لن تستطيعَ البشرية كلُّها ولو اجتمعت أن تأتيَ بتشريع هو أهدى من تشريعات الله تعالى وأحكم منها. كم يعلِّمنا الأنبياء في مجادلتهم أقوامَهم دروسًا من الإنصاف، وحسن البيان، وقوَّة الاحتجاج، والصدق في البحث عن الحق! |
﴿وَقَالُوٓاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلۡهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفۡ مِنۡ أَرۡضِنَآۚ أَوَلَمۡ نُمَكِّن لَّهُمۡ حَرَمًا ءَامِنٗا يُجۡبَىٰٓ إِلَيۡهِ ثَمَرَٰتُ كُلِّ شَيۡءٖ رِّزۡقٗا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ﴾ [القصص: 57]
يعلم أهل الضلال أن ما يُدعون إليه هو الهدى، لكنهم يؤثِرون العيش في الغَواية خوفًا من فوات مصالح الدنيا، أو وقوع الضرر عليها، فما أجهلهم! إذا أيقن الإنسان بأن الرزق من عند الله وحده، لم يخَف أحدًا أو يرجُه في رزقه، فيبقى قلبه متعلقًا بربه وحده، وذلك يوجب كمال الإيمان، والإعراضَ عن غير الله تعالى. ما أطيبَ الرزقَ الحسن في ظلال الاطمئنان والأمن! إذ لا لذَّة في رزق مهما حسُن، والخوفُ يحيط به من كلِّ جانب. لو يعلم الناس علم اليقين بأن الرزق الحسن والأمن التام إنما هو باتباع شرع الله؛ ما خافوا على أنفسهم وأرزاقهم من العمل به. |
﴿وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلۡ نَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلٖ يُنَبِّئُكُمۡ إِذَا مُزِّقۡتُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمۡ لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍ ﴾ [سبأ: 7]
استغرَبوا منكرين إعادةَ الإنسان بعد البِلى، وإحياء الله للموتى! ولم يفكروا بأن مَن خلقهم من العدم هو القادر على بعثهم من الرِّمَم. |
﴿أَفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِۦ جِنَّةُۢۗ بَلِ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ فِي ٱلۡعَذَابِ وَٱلضَّلَٰلِ ٱلۡبَعِيدِ ﴾ [سبأ: 8]
لا يقيم العاقل وزنًا لأقوال أهل الباطل، بل يزيده تخبُّطهم واضطرابهم وتهافتهم على الحقِّ ثباتًا، وللباطل وأهله معرفةً ودرايةً. سبحان الله تعالى! أصار المبطلون يغارون على الله فيدَّعون تنزيهه عن افتراء المفترين، وهم أهل الافتراء والتكذيب؟! إذا دُعي امرؤ إلى الصلاح والرشاد، ونبذ الهوى والفساد، فاتهم داعيه إلى ذلك بالفِرية والجنون، فهو مغرق في الجهالة، ومُبعِد أيَّ بُعد في الضلالة. مَن يرمي المهتديَ بالضلال يكون هو الضال، ومن يجعل الهاديَ ضالًّا فهو أبعد وأضل، فأيَّ ضلال وصل إليه مَن يتَّهم سيِّدَ الهداة والمهتدين بالكذب على ربَّه؟! |
﴿وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّا رَجُلٞ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمۡ عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُكُمۡ وَقَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٞ مُّفۡتَرٗىۚ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ ﴾ [سبأ: 43]
حين تُحاط القلوب بظلام التكذيب المُطبِق لا يمكن لأنوار التصديق أن تَهتِكَ حجُبَ ذلك الظلام، ولو كانت براهينُ التصديق واضحة، وآياته بيِّنة؛ إلا أن يشاء الله تعالى. عصبيَّات الأبناء للآباء من أقوى دوافع الأقوام التي تجعلهم يحرصون على مواريثهم من العادات والمعتقَدات والروابط القوميَّة، ولو لم تكن لها قيمٌ حقيقيَّة تجعل المحافظةَ عليها أمرًا حسنًا. أيُّ قوم أولئك الذين يأتيهم الحقُّ فيسارع رأيهم إلى الحكم الجازم عليه بالسحر البيِّن ليردُّوه، ولم يفكروا فيه أو ينظروا في أدلَّته حتى يرفضوه أو يقبلوه؟! |
﴿وَمَآ ءَاتَيۡنَٰهُم مِّن كُتُبٖ يَدۡرُسُونَهَاۖ وَمَآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡهِمۡ قَبۡلَكَ مِن نَّذِيرٖ ﴾ [سبأ: 44]
عجبًا لجاهل يَهرِف بما لا يعرف، ويُقدِم على القطع في المسائل العلميَّة ولا يُحجِم؛ فالمشركون لم يأتهم قبل القرآن كتاب، ومع ذلك يقطعون بأن ما جاءهم به محمَّد ليس كتابًا ولا وحيًا من عند الله! |
﴿وَكَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَمَا بَلَغُواْ مِعۡشَارَ مَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ فَكَذَّبُواْ رُسُلِيۖ فَكَيۡفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾ [سبأ: 45]
لا تمنع قوَّةُ المتأخِّرين المسرفين ولا كثرة أموالهم عقابَ الله تعالى لهم، أوَلم يكن لهم مُعتبَر بإهلاك الله لمَن كان قبلهم أشدَّ منهم قوَّة وبطشًا؟! |
﴿وَقَالُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٌ ﴾ [الصافات: 15]
ليس أشنعَ من العمى عن الحقِّ سوى تشويهِ صورته ووَصْمه بكلِّ سُبَّة شنيعة لدى مبغضيه. |
﴿وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٖ مَّجۡنُونِۭ ﴾ [الصافات: 36]
المقدِّمات الفاسدة تُفضي إلى نتائجَ فاسدة، فلمَّا استكبروا عن توحيد الله، استكبروا عن اتِّباع رسوله، وأساؤوا إليه بالكذب. |
﴿إِنَّا جَعَلۡنَٰهَا فِتۡنَةٗ لِّلظَّٰلِمِينَ ﴾ [الصافات: 63]
شتَّان ما بين مصدِّق ومكذِّب بخبر الله! فأهل الإيمان يؤمنون بوجود شجرة الزقُّوم، وأهل الكفر يسارعون إلى تكذيب ذلك. |
﴿وَعَجِبُوٓاْ أَن جَآءَهُم مُّنذِرٞ مِّنۡهُمۡۖ وَقَالَ ٱلۡكَٰفِرُونَ هَٰذَا سَٰحِرٞ كَذَّابٌ ﴾ [ص: 4]
حين تنتكس الفطرة تَعمى القلوب فتُنكر الحقَّ وتَنفِر منه، فكيف يَعجَبون من إرسال رسولٍ من بين ظَهرانيهم، يعرِف أحوالهم ويحاكي لسانهم؟ |
﴿أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ ﴾ [ص: 5]
يعجَب الكفَّار أشدَّ العجَب من دعوة الرسُل إلى التوحيد، ولو صَدَقوا مع أنفسهم لأدركوا بفِطرتهم أنه ما من إلهٍ إلا إلهٌ واحد. |
﴿وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ ﴾ [ص: 6]
أهل الباطل أصبرُ على نصر باطلهم من صبر كثير من أهل الحقِّ على نُصرة دينهم، فإيَّاكم والاغترارَ بنصر جولة، فإن المعركة طويلة. حين يَعجِز الفُجَّار عن غلَبة أهل الحقِّ، فإنهم يتَّجهون إلى اتِّهام نيَّاتهم، وأن لهم مآربَ مشبوهةً من دعوتهم، ليؤلِّبوا عليهم الخاصَّة والعامَّة. |
﴿مَا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِي ٱلۡمِلَّةِ ٱلۡأٓخِرَةِ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا ٱخۡتِلَٰقٌ ﴾ [ص: 7]
يعمِد الجهَّال دومًا إلى هذه الحُجَّة الواهية، فإذا ما نُهوا عن المنكر قالوا: ما سمعنا بهذا، والحُجَّة عليهم قائمة في كتاب الله تعالى وسنَّة رسوله ﷺ. |
﴿وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِيٓ أَكِنَّةٖ مِّمَّا تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ وَفِيٓ ءَاذَانِنَا وَقۡرٞ وَمِنۢ بَيۡنِنَا وَبَيۡنِكَ حِجَابٞ فَٱعۡمَلۡ إِنَّنَا عَٰمِلُونَ ﴾ [فصلت: 5]
يُصرف المرء عن الحقِّ بمقدار إعراضه عنه، وذلك دليلُ مَقت الله له وبغضه إياه؛ ﴿وقالوا قلوبُنا غُلفٌ بل لعنَهُم الله بكُفرهم فقليلًا ما يؤمنون﴾ . |
﴿أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكۡرَىٰ وَقَدۡ جَآءَهُمۡ رَسُولٞ مُّبِينٞ ﴾ [الدخان: 13]
لا يزال المرء يَبعُد عن الحقِّ ويكذِّب بالصدق حتى يطردَه الله من رحمته، ويُبعدَه عن صراطه، فلا تنفعه الذكرى، ولا يهتدي سبيلا. لا تنفع الاستفاقةُ المتأخِّرة والإيمان بعد ذهاب وقته؛ فكيف للمشركين الاتِّعاظُ بعدما أعرضوا عن رسول الله، واتَّهموه بالتُّهم الباطلة؟! |
﴿ثُمَّ تَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٞ مَّجۡنُونٌ ﴾ [الدخان: 14]
لا يزال المرء يَبعُد عن الحقِّ ويكذِّب بالصدق حتى يطردَه الله من رحمته، ويُبعدَه عن صراطه، فلا تنفعه الذكرى، ولا يهتدي سبيلا. لا تنفع الاستفاقةُ المتأخِّرة والإيمان بعد ذهاب وقته؛ فكيف للمشركين الاتِّعاظُ بعدما أعرضوا عن رسول الله، واتَّهموه بالتُّهم الباطلة؟! |
﴿وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٌ ﴾ [الأحقاف: 7]
لا بدَّ أن تكونَ البراهين الدالَّة على صدق الدعوة واضحةً بيِّنة؛ حتى تُقامَ بها الحجَّة، وتُدفع بها الشُّبهة، فلا يبقى للمُعارض اعتراضٌ صحيح على تلك البراهين، وهكذا كانت آيات الأنبياء عليهم السلام. حينما يَعدَم المُبطل حجَّة لدفع الحقِّ الناصع يلجأ إلى وصفه بالنعوت الكاذبة، ورمي أهله بالتُّهم الباطلة التي يعلم في قرارة نفسه أنه كاذبٌ فيها. |
﴿أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ إِنِ ٱفۡتَرَيۡتُهُۥ فَلَا تَمۡلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔاۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِۚ كَفَىٰ بِهِۦ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [الأحقاف: 8]
إن العاقل لَيَعافُ الكذب، وصاحب المروءة يترفَّع عنه، لأنه من الصفات الذميمة، التي لا تَليق بذوي الفِطَر السليمة. ما من لفظة تخرج إلا وهي في علم الله تعالى، لأنه سبحانه أحاط بعلم هذا الكون، فما من أحدٍ يفتري عليه الكذبَ إلا ناله غضبٌ منه، وذِلَّةٌ في الحياة الدنيا، فكذلك يجزي الله المفترين. |
﴿فَذَكِّرۡ فَمَآ أَنتَ بِنِعۡمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٖ وَلَا مَجۡنُونٍ ﴾ [الطور: 29]
امضِ في سبيلك؛ مُستمسكًا بشرع الله معتزًّا به داعيًا إليه، ولا تعبأ بما يفتريه أعداء الأمَّة من التُّهَم الملفَّقة، والأكاذيب المنمَّقة. |
﴿أَمۡ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُۥۚ بَل لَّا يُؤۡمِنُونَ ﴾ [الطور: 33]
خيرُ وسيلة للدفاع الهجومُ؛ فمَن أورد عليك شُبهةً باطلة فخيرُ ما تَدحَضُ به شُبهتَه أن تتحدَّاه بأن يقيمَ عليها دليلًا. ما أكثرَ الدَّعاوى الباطلةَ التي لا تلبثُ أن تتلاشى حين توضع على مِـحكِّ الحُجَج والبراهين، فيُعرَف أن أصحابها ما هم إلا أدعياء مفتَرون! |
﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ ﴾ [الكوثر: 3]
كما تكفَّل الله بإفاضة النِّعَم على سيِّد خلقه في أوَّل السورة، تكفَّل أخيرًا بالدفع عنه والذبِّ عن عِرضه، فالله تعالى هو الأوَّل والآخِر، فلا تعلِّق قلبَك إلا به. الأبتر حقًّا ليس مَن لا عَقِبَ له من الذريَّة، ولكنَّ الأبتر مَن لا عَقِبَ له من الخيريَّة، فلا تفرح بكثرة الولد، ما لم تحرِص على صلاح القول والعمل. محبَّة رسول الله ﷺ سببٌ عظيم لأن تكونَ موصولًا بخيرَي الدنيا والآخرة، فإيَّاك أن تقطعَ حبالَ الوصل بينك وبين محبَّتِه، واتِّباع شرعه وهَديِه. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
كيف بدأ الخلق اسم الله الوارث تنزيه الله تعالى عن الظلم البطر قتل الأولاد توحيد الأسماء الفلاح والسعادة التمكين والنصر الشيطان سارة
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, December 27, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب