تفسير سورة الصافات كاملة مختصر

  1. التفسير
  2. سور أخرى
  3. السورة mp3
تفسير القرآن | surah (الصافات) - تفسير سورة الصافات - تفاسير معتمدة | رقم السورة 37 - عدد آياتها 182 - مدنية صفحتها في القرآن 446.

قراءة و تفسير سورة الصافات As-Saaffat.

bismillah & auzubillah

الصافات مكتوبة سورة الصافات mp3

وَالصَّافَّاتِ صَفًّا(1)

التفسير المختصر:
أقسم بالملائكة التي تصُفُّ في عبادتها مُتَراصَّة.
تفسير الجلالين:
 «والصافات صفّا» الملائكة تصف نفوسها في العبادة أو أجنحتها في الهواء تنتظر ما تؤمر به.
تفسير السعدي:
هذا قسم منه تعالى بالملائكة الكرام، في حال عبادتها وتدبيرها ما تدبره بإذن ربها، على ألوهيته تعالى وربوبيته، فقال: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا أي: صفوفا في خدمة ربهم، وهم الملائكة.

فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا(2)

التفسير المختصر:
وأقسم بالملائكة التي تزجر السحاب، وتسوقه إلى حيث يشاء الله له أن ينزِل.
تفسير الجلالين:
 «فالزاجرات زجرا» الملائكة تزجر السحاب أي تسوقه.
تفسير السعدي:
فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا وهم الملائكة، يزجرون السحاب وغيره بأمر اللّه.

فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا(3)

التفسير المختصر:
وأقسم بالملائكة الذين يتلون كلام الله.
تفسير الجلالين:
 «فالتاليات» أي قراء القرآن يتلونه «ذكرا» مصدر من معنى التاليات.
تفسير السعدي:
فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا وهم الملائكة الذين يتلون كلام اللّه تعالى.

إِنَّ إِلَٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ(4)

التفسير المختصر:
إن معبودكم بحق - أيها الناس - لواحد لا شريك له، وهو الله.
تفسير الجلالين:
 «إن إلهكم» يا أهل مكة «لواحد».
تفسير السعدي:
فلما كانوا متألهين لربهم، ومتعبدين في خدمته، ولا يعصونه طرفة عين، أقسم بهم على ألوهيته فقال: إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ ليس له شريك في الإلهية، فأخلصوا له الحب والخوف والرجاء، وسائر أنواع العبادة.

رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ(5)

التفسير المختصر:
رب السماوات، ورب الأرض، ورب ما بينهما، ورب الشمس في مطالعها ومغاربها طول السنة.
تفسير الجلالين:
 «ربُّ السماوات والأرض وما بينهما وربُّ المشارق» أي والمغارب للشمس، لها كل يوم مشرق ومغرب.
تفسير السعدي:
رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ أي: هو الخالق لهذه المخلوقات، والرازق لها، المدبر لها،.
فكما أنه لا شريك له في ربوبيته إياها، فكذلك لا شريك له في ألوهيته،.
وكثيرا ما يقرر تعالى توحيد الإلهية بتوحيد الربوبية، لأنه دال عليه.
وقد أقر به أيضا المشركون في العبادة، فيلزمهم بما أقروا به على ما أنكروه.

إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ(6)

التفسير المختصر:
إنا جمَّلنا أقرب السماوات إلى الأرض بزينة جميلة هي الكواكب التي هي في النظر كالجواهر المتلألئة.
تفسير الجلالين:
 «إنَّا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب» أي بضوئها أو بها، والإضافة للبيان كقراءة تنوين زينة المبينة بالكواكب.
تفسير السعدي:
وخص اللّه المشارق بالذكر، لدلالتها على المغارب، أو لأنها مشارق النجوم التي سيذكرها، فلهذا قال: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى ذكر اللّه في الكواكب هاتين الفائدتين العظيمتين:إحداهما: كونها زينة للسماء، إذ لولاها، لكانت السماء جرما مظلما لا ضوء فيها، ولكن زينها فيها لتستنير أرجاؤها، وتحسن صورتها، ويهتدى بها في ظلمات البر والبحر، ويحصل فيها من المصالح ما يحصل.
والثانية: حراسة السماء عن كل شيطان مارد، يصل بتمرده إلى استماع الملأ الأعلى، وهم الملائكة، فإذا استمعت قذفتها بالشهب الثواقب مِنْ كُلِّ جَانِبٍ طردا لهم، وإبعادا عن استماع ما يقول الملأ الأعلى.

وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ(7)

التفسير المختصر:
وحفظنا السماء الدنيا بالنجوم من كل شيطان متمرد خارج عن الطاعة؛ فيُرْمَى بها.
تفسير الجلالين:
 «وحفظا» منصوب بفعل مقدر: أي حفظناها بالشهب «من كل» متعلق بالمقدر «شيطان مارد» عاتٍ خارج عن الطاعة.
تفسير السعدي:
وخص اللّه المشارق بالذكر، لدلالتها على المغارب، أو لأنها مشارق النجوم التي سيذكرها، فلهذا قال: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى ذكر اللّه في الكواكب هاتين الفائدتين العظيمتين:إحداهما: كونها زينة للسماء، إذ لولاها، لكانت السماء جرما مظلما لا ضوء فيها، ولكن زينها فيها لتستنير أرجاؤها، وتحسن صورتها، ويهتدى بها في ظلمات البر والبحر، ويحصل فيها من المصالح ما يحصل.
والثانية: حراسة السماء عن كل شيطان مارد، يصل بتمرده إلى استماع الملأ الأعلى، وهم الملائكة، فإذا استمعت قذفتها بالشهب الثواقب مِنْ كُلِّ جَانِبٍ طردا لهم، وإبعادا عن استماع ما يقول الملأ الأعلى.

لَّا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ(8)

التفسير المختصر:
لا يستطيع هؤلاء الشياطين أن يسمعوا الملائكة في السماء إذا تكلموا بما يوحيه إليهم ربهم من شرعه ولا من قدره، ويُرمون بالشُّهُب من كل جانب.
تفسير الجلالين:
 «لا يسمعون» أي الشياطين مستأنف، وسماعهم هو في المعنى المحفوظ عنه «إلى الملأ الأعلى» الملائكة في السماء، وعدِّي السماع بإلى لتضمنه معنى الإصغاء وفي قراءة بتشديد الميم والسين أصله يتسمعون أدغمت التاء في السين «ويقذفون» أي الشياطين بالشهب «من كل جانب» من آفاق السماء.
تفسير السعدي:
وخص اللّه المشارق بالذكر، لدلالتها على المغارب، أو لأنها مشارق النجوم التي سيذكرها، فلهذا قال: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى ذكر اللّه في الكواكب هاتين الفائدتين العظيمتين:إحداهما: كونها زينة للسماء، إذ لولاها، لكانت السماء جرما مظلما لا ضوء فيها، ولكن زينها فيها لتستنير أرجاؤها، وتحسن صورتها، ويهتدى بها في ظلمات البر والبحر، ويحصل فيها من المصالح ما يحصل.
والثانية: حراسة السماء عن كل شيطان مارد، يصل بتمرده إلى استماع الملأ الأعلى، وهم الملائكة، فإذا استمعت قذفتها بالشهب الثواقب مِنْ كُلِّ جَانِبٍ طردا لهم، وإبعادا عن استماع ما يقول الملأ الأعلى.

دُحُورًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ(9)

التفسير المختصر:
طردًا لهم وإبعادًا عن الاستماع إليهم، ولهم في الآخرة عذاب مؤلم دائم لا ينقطع.
تفسير الجلالين:
 «دُحُورا» مصدر دحره: أي طرده وأبعده وهو مفعول له «ولهم» في الآخرة «عذاب واصب» دائم.
تفسير السعدي:
وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ أي: دائم، معد لهم، لتمردهم عن طاعة ربهم.

إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ(10)

التفسير المختصر:
إلا من اختطف من الشياطين خَطْفة، وهي كلمة مما يتفاوض فيه الملائكة ويدور بينهم مما لم يصل علمه إلى أهل الأرض، فيتبعه شهاب مضيء يحرقه، وربما يلقي تلك الكلمة قبل أن يحرقه الشهاب إلى إخوانه فتصل إلى الكهان، فيكذبون معها مئة كذبة.
تفسير الجلالين:
 «إلا من خطف الخطفة» مصدر: أي المرة، والاستثناء من ضمير يسمعون: أي لا يسمع إلا الشيطان الذي سمع الكلمة من الملائكة فأخذها بسرعة «فأتبعه شهاب» كوكب مضيء «ثاقب» يثقبه أو يحرقه أو يخبله.
تفسير السعدي:
ولولا أنه [تعالى] استثنى، لكان ذلك دليلا على أنهم لا يستمعون شيئا أصلا، ولكن قال: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ أي: إلا من تلقف من الشياطين المردة، الكلمة الواحدة على وجه الخفية والسرقة فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ تارة يدركه قبل أن يوصلها إلى أوليائه، فينقطع خبر السماء، وتارة يخبر بها قبل أن يدركه الشهاب، فيكذبون معها مائة كذبة يروجونها بسبب الكلمة التي سمعت من السماء.

فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا ۚ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ(11)

التفسير المختصر:
فاسأل - يا محمد - الكفار المنكرين للبعث: أهم أشد خلقًا وأقوى أجسامًا وأعظم أعضاءً ممن خلقنا من السماوات والأرض والملائكة؟ إنا خلقناهم من طين لَزِج، فكيف ينكرون البعث، وهم مخلوقون من خلق ضعيف وهو الطين اللزِج؟
تفسير الجلالين:
 «فاستفتهم» استخبر كفار مكة تقريرا أو توبيخا «أهم أشد خلقا أم من خلقنا» من الملائكة والسماوات والأرضين وما فيهما وفي الإتيان بمن تغليب العقلاء «إنا خلقناهم» أي أصلهم آدم «من طين لازب» لازم يلصق باليد: المعنى أن خلقهم ضعيف فلا يتكبروا بإنكار النبي والقرآن المؤدي إلى هلاكهم اليسير.
تفسير السعدي:
ولما بين هذه المخلوقات العظيمة قال: فَاسْتَفْتِهِمْ أي: اسأل منكري خلقهم بعد موتهم.
أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أي: إيجادهم بعد موتهم، أشد خلقا وأشق؟.
أَمْ مَنْ خَلَقْنَا من [هذه] المخلوقات؟ فلا بد أن يقروا أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس.
فيلزمهم إذا الإقرار بالبعث، بل لو رجعوا إلى أنفسهم وفكروا فيها، لعلموا أن ابتداء خلقهم من طين لازب، أصعب عند الفكر من إنشائهم بعد موتهم، ولهذا قال: إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ أي: قوي شديد كقوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ

بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ(12)

التفسير المختصر:
بل عجبتَ - يا محمد - من قدرة الله وتدبيره لشؤون خلقه، وعجبتَ من تكذيب المشركين بالبعث، وهؤلاء المشركون من شدة تكذيبهم بالبعث يسخرون مما تقول بشأنه.
تفسير الجلالين:
 «بل» للانتقال من غرض إلى آخر وهو الإخبار بحاله وحالهم «عجبتَ» بفتح التاء خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم، أي من تكذيبهم إياك «و» هم «يسخرون» من تعجبك.
تفسير السعدي:
بَلْ عَجِبْتَ يا أيها الرسول وأيها الإنسان، من تكذيب من كذب بالبعث، بعد أن أريتهم من الآيات العظيمة والأدلة المستقيمة، وهو حقيقة محل عجب واستغراب، لأنه مما لا يقبل الإنكار، و أعجب من إنكارهم وأبلغ منه، أنهم يَسْخَرُونَ ممن جاء بالخبر عن البعث، فلم يكفهم مجرد الإنكار، حتى زادوا السخرية بالقول الحق.

وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ(13)

التفسير المختصر:
وإذا وُعظ هؤلاء المشركون بموعظة من المواعظ لم يتعظوا بها، ولم ينتفعوا؛ لما هم عليه من قساوة القلوب.
تفسير الجلالين:
 «وإذا ذكروا» وعظوا بالقرآن «لا يذكرون» لا يتعظون.
تفسير السعدي:
و من العجب أيضا أنهم إِذَا ذُكِّرُوا ما يعرفون في فطرهم وعقولهم، وفطنوا له، وألفت نظرهم إليه لَا يَذْكُرُونَ ذلك، فإن كان جهلا، فهو من أدل الدلائل على شدة بلادتهم العظيمة، حيث ذكروا ما هو مستقر في الفطر، معلوم بالعقل، لا يقبل الإشكال، وإن كان تجاهلا وعنادا، فهو أعجب وأغرب.

وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ(14)

التفسير المختصر:
وإذا شاهدوا آية من آيات النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على صدقه بالغوا في السخرية والتعجب منها.
تفسير الجلالين:
 «وإذا رأوْا آية» كانشقاق القمر «يستسخرون» يستهزئُون بها.
تفسير السعدي:
ومن العجب [أيضا] أنهم إذا أقيمت عليهم الأدلة، وذكروا الآيات التي يخضع لهل فحول الرجال وألباب الألباء، يسخرون منها ويعجبون.

وَقَالُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ(15)

التفسير المختصر:
وقالوا: ما هذا الذي جاء به محمد إلا سحر واضح.
تفسير الجلالين:
 «وقالوا» فيها «إن» ما «هذا إلا سحر مبين» بيّن وقالوا منكرين للبعث.
تفسير السعدي:
ومن العجب أيضا، قولهم للحق لما جاءهم: إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ فجعلوا أعلى الأشياء وأجلها، وهو الحق، في رتبة أخس الأشياء وأحقرها.

أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ(16)

التفسير المختصر:
أإذا متنا وصرنا ترابًا وعظامًا بالية متفتتة أإنا لمبعوثون أحياء بعد ذلك؟! إن هذا لمستبعد.
تفسير الجلالين:
 «أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون» في الهمزتين في الموضوعين التحقيق وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين.
تفسير السعدي:
ومن العجب أيضا، قياسهم قدرة رب الأرض والسماوات، على قدرة الآدمي الناقص من جميع الوجوه، فقالوا استبعادا وإنكارا: أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ

أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ(17)

التفسير المختصر:
أَوَيُبعث آباؤنا الأولون الذين ماتوا قبلنا؟!
تفسير الجلالين:
 «أوْ آباؤنا الأولون» بسكون الواو عطفا بأو، وبفتحها والهمزة للاستفهام والعطف بالواو والمعطوف عليه محل إن واسمها أو الضمير في لمبعوثون والفاصل همزة الاستفهام.
تفسير السعدي:
أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ

قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ(18)

التفسير المختصر:
قل - يا محمد - مجيبًا إياهم: نعم تبعثون بعد أن صرتم ترابًا وعظامًا بالية، ويُبْعث آباؤكم الأولون، تُبْعثون جميعًا وأنتم صاغرون ذليلون.
تفسير الجلالين:
 «قل نعم» تبعثون «وأنتم داخرون» أي صاغرون.
تفسير السعدي:
ولما كان هذا منتهى ما عندهم، وغاية ما لديهم، أمر اللّه رسوله أن يجيبهم بجواب مشتمل على ترهيبهم فقال: قُلْ نَعَمْ ستبعثون، أنتم وآباؤكم الأولون وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ ذليلون صاغرون، لا تمتنعون، ولا تستعصون على قدرة اللّه.

فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ(19)

التفسير المختصر:
فإنما هي نفخة واحدة في الصور (النفخة الثانية) فإذا هم جميعًا ينظرون إلى أهوال يوم القيامة يترقبون ما يفعل الله بهم.
تفسير الجلالين:
 «فإنما هي» ضمير مبهم يفسره «زجرة» أي صيحة «واحدة فإذا هم» أي الخلائق أحياء «ينظرون» ما يفعل بهم.
تفسير السعدي:
فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ ينفخ إسرافيل فيها في الصور فَإِذَا هُمْ مبعوثون من قبورهم يَنْظَرُونَ كما ابتدئ خلقهم، بعثوا بجميع أجزائهم، حفاة عراة غرلا، وفي تلك الحال، يظهرون الندم والخزي والخسار، ويدعون بالويل والثبور.

وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَٰذَا يَوْمُ الدِّينِ(20)

التفسير المختصر:
وقال المشركون المكذبون بالبعث: يا هلاكنا هذا يوم الجزاء الذي يجازي فيه الله عباده على ما قدموا في حياتهم الدنيا من عمل.
تفسير الجلالين:
 «وقالوا» أي الكفار «يا» للتنبيه «ويْلنا» هلاكنا، وهو مصدر لا فعل له من لفظه وتقول لهم الملائكة: «هذا يوم الدين» يوم الحساب والجزاء.
تفسير السعدي:
وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ فقد أقروا بما كانوا في الدنيا به يستهزءون.

هَٰذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ(21)

التفسير المختصر:
فيقال لهم: هذا يوم القضاء بين العباد الذي كنتم تنكرونه وتكذبون به في الدنيا.
تفسير الجلالين:
 «هذا يوم الفصل» بين الخلائق «الذي كنتم به تكذبون» ويقال للملائكة.
تفسير السعدي:
فيقال لهم: هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ بين العباد فيما بينهم وبين ربهم من الحقوق، وفيما بينهم وبين غيرهم من الخلق.

۞ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ(22)

التفسير المختصر:
22 - 23 - ويقال للملائكة في ذلك اليوم: اجمعوا المشركين الظالمين بشركهم هم وأشباههم في الشرك والمُشايعون لهم في التكذيب، وما كانوا يعبدونه من دون الله من الأصنام، فعرِّفوهم طريق النار ودلوهم عليها وسوقوهم إليها، فإنها مصيرهم.
تفسير الجلالين:
 «أُحشروا الذين ظلموا» أنفسهم بالشرك «وأزواجهم» قرناءهم من الشياطين «وما كانوا يعبدون».
تفسير السعدي:
أي إذا أحضروا يوم القيامة، وعاينوا ما به يكذبون، ورأوا ما به يستسخرون، يؤمر بهم إلى النار، التي بها كانوا يكذبون، فيقال: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بالكفر والشرك والمعاصي وَأَزْوَاجَهُمْ الذين من جنس عملهم، كل يضم إلى من يجانسه في العمل.

مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْجَحِيمِ(23)

التفسير المختصر:
22 - 23 - ويقال للملائكة في ذلك اليوم: اجمعوا المشركين الظالمين بشركهم هم وأشباههم في الشرك والمُشايعون لهم في التكذيب، وما كانوا يعبدونه من دون الله من الأصنام، فعرِّفوهم طريق النار ودلوهم عليها وسوقوهم إليها، فإنها مصيرهم.
تفسير الجلالين:
 «من دون الله» أي غيره من الأوثان «فاهدوهم» دلوهم وسوقوهم «إلى صراط الجحيم» طريق النار.
تفسير السعدي:
وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من الأصنام والأنداد التي زعموها،.
فاجمعوهم جميعا فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ أي: سوقوهم سوقا عنيفا إلى جهنم.

وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ(24)

التفسير المختصر:
واحبسوهم قبل إدخالهم النار للحساب، فهم مسؤولون، ثم بعد ذلك سوقوهم إلى النار.
تفسير الجلالين:
 «وقفوهم» احبسوهم عن الصراط «إنهم مسئولون» عن جميع أقوالهم، ويقال لهم توبيخا.
تفسير السعدي:
وبعد ما يتعين أمرهم إلى النار، ويعرفون أنهم من أهل دار البوار، يقال: وَقِفُوهُمْ قبل أن توصلوهم إلى جهنم إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ عما كانوا يفترونه في الدنيا، ليظهر على رءوس الأشهاد كذبهم وفضيحتهم.

مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ(25)

التفسير المختصر:
ويقال لهم توبيخًا لهم: ما بالكم لا ينصر بعضكم بعضًا كما كنتم في الدنيا تتناصرون، وتزعمون أن أصنامكم تنصركم؟!
تفسير الجلالين:
 «ما لكم لا تناصرون» لا ينصر بعضكم بعضا كحالكم في الدنيا ويقال لهم.
تفسير السعدي:
فيقال لهم: مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ أي: ما الذي جرى عليكم اليوم؟ وما الذي طرقكم لا ينصر بعضكم بعضا، ولا يغيث بعضكم بعضا، بعدما كنتم تزعمون في الدنيا، أن آلهتكم ستدفع عنكم العذاب، وتغيثكم وتشفع لكم عند اللّه، فكأنهم لا يجيبون هذا السؤال، لأنهم قد علاهم الذل والصغار، واستسلموا لعذاب النار، وخشعوا وخضعوا وأبلسوا، فلم ينطقوا.

بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ(26)

التفسير المختصر:
بل هم اليوم منقادون لأمر الله ذليلون، لا ينصر بعضهم بعضًا لعجزهم وقلة حيلتهم.
تفسير الجلالين:
 «بل هم اليوم مستسلمون» منقادون أذلاء.
تفسير السعدي:
بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ

وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ(27)

التفسير المختصر:
وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ويتخاصمون حين لا ينفع التلاوم والتخاصم.
تفسير الجلالين:
 «وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون» يتلاومون ويتخاصمون.
تفسير السعدي:
لما جمعوا هم وأزواجهم وآلهتهم، وهدوا إلى صراط الجحيم، ووقفوا، فسئلوا، فلم يجيبوا، وأقبلوا فيما بينهم، يلوم بعضهم بعضا على إضلالهم وضلالهم.

قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ(28)

التفسير المختصر:
قال الأتباع للمتبوعين: إنكم - يا كبراءنا - كنتم تأتوننا من جهة الدين والحق فتزينون لنا الكفر والشرك بالله وارتكاب المعاصي، وتنفروننا من الحق الذي جاءت به الرسل من عند الله.
تفسير الجلالين:
 «قالوا» أي الأتباع منهم للمتبوعين «إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين» عن الجهة التي كنا نأمنكم منها لحلفكم أنكم على الحق فصدقناكم واتبعناكم، المعنى أنكم أضللتمونا.
تفسير السعدي:
فقال الأتباع للمتبوعين الرؤساء: إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ أي: بالقوة والغلبة، فتضلونا، ولولا أنتم لكنا مؤمنين.

قَالُوا بَل لَّمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ(29)

التفسير المختصر:
قال المتبوعون للأتباع: ليس الأمر - كما زعمتم - بل كنتم على الكفر ولم تكونوا مؤمنين، بل كنتم منكرين.
تفسير الجلالين:
 «قالوا» أي المتبعون لهم «بل لم تكونوا مؤمنين» وإنما يصدق الإضلال منا أن لو كنتم مؤمنين فرجعتم عن الإيمان إلينا.
تفسير السعدي:
قَالُوا لهم بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ أي: ما زلتم مشركين، كما نحن مشركون، فأي: شيء فضلكم علينا؟ وأي: شيء يوجب لومنا؟

وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ ۖ بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ(30)

التفسير المختصر:
وما كان لنا عليكم أيها الأتباع من تسلط بقهر أو غلبة حتى نوقعكم في الكفر والشرك وارتكاب المعاصي، بل كنتم قومًا متجاوزين الحد في الكفر والضلال.
تفسير الجلالين:
 «وما كان لنا عليكم من سلطان» قوة وقدرة تقهركم على متابعتنا «بل كنتم قوما طاغين» ضالين مثلنا.
تفسير السعدي:
و الحال أنه مَا كَانَ لنا عليكم مِنْ سُلْطَانٍ أي: قهر لكم على اختيار الكفر بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ متجاوزين للحد

فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا ۖ إِنَّا لَذَائِقُونَ(31)

التفسير المختصر:
فوجب علينا وعليكم وعيد الله في قوله: ﴿ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (ص: ٨٥)، ومن ثَمَّ فإنا ذائقون - لا محالة- ما توعد به ربنا.
تفسير الجلالين:
 (فحق) وجب (علينا) جميعا (قول ربنا) بالعذاب: أي قوله "" لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين "" (إنا) جميعا (لذائقون) العذاب بذلك القول ونشأ عنه قولهم.
تفسير السعدي:
فَحَقَّ عَلَيْنَا نحن وإياكم إِنَّا لَذَائِقُونَ العذاب،.
أي: حق علينا قدر ربنا وقضاؤه، أنا وإياكم سنذوق العذاب، ونشترك في العقاب.

فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ(32)

التفسير المختصر:
فدعوناكم إلى الضلال والكفر، إنا كنا ضالين عن طريق الهدى.
تفسير الجلالين:
 «فأغويناكم» المعلل بقولهم «إنا كنا غاوين».
تفسير السعدي:
ف لذلك أَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ أي: دعوناكم إلى طريقتنا التي نحن عليها، وهي الغواية، فاستجبتم لنا، فلا تلومونا ولوموا أنفسكم.

فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ(33)

التفسير المختصر:
فإن الأتباع والمتبوعين في العذاب يوم القيامة مشتركون.
تفسير الجلالين:
 قال تعالى «فإنهم يومئذ» يوم القيامة «في العذاب مشتركون» أي لاشتراكهم في الغواية.
تفسير السعدي:
قال تعالى: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ أي: يوم القيامة فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ وإن تفاوتت مقادير عذابهم بحسب جرمهم.

إِنَّا كَذَٰلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ(34)

التفسير المختصر:
إنا كما فعلنا بهؤلاء من إذاقتهم العذاب، نفعل بالمجرمين من غيرهم.
تفسير الجلالين:
 «إنا كذلك» كما نفعل بهؤلاء «نفعل بالمجرمين» غير هؤلاء: أي نعذبهم التابع منهم والمتبوع.
تفسير السعدي:
كما اشتركوا في الدنيا على الكفر، اشتركوا في الآخرة بجزائه، ولهذا قال: إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ

إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ(35)

التفسير المختصر:
إن هؤلاء المشركين كانوا إذا قيل لهم في الدنيا: لا إله إلا الله للعمل بمقتضاها وترك ما يخالفها، رفضوا الاستجابة لذلك والإذعان له تكبرًا عن الحق وترفعًا عليه.
تفسير الجلالين:
 «إنهم» أي هؤلاء بقرينة ما بعده «كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون».
تفسير السعدي:
ثم ذكر أن إجرامهم، قد بلغ الغاية وجاوز النهاية فقال: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فدعوا إليها، وأمروا بترك إلهية ما سواه يَسْتَكْبِرُونَ عنها وعلى من جاء بها.

وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ(36)

التفسير المختصر:
ويقولون محتجِّين لكفرهم: أنترك عبادة آلهتنا لقول شاعر مجنون؟! يعنون بقولهم هذا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.
تفسير الجلالين:
 «ويقولون أئنا» في همزتيه ما تقدم «لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون» أي لأجل محمد.
تفسير السعدي:
وَيَقُولُونَ معارضة لها أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا التي لم نزل نعبدها نحن وآباؤنا ل قول شَاعِرٍ مَجْنُونٍ يعنون محمدا صلى اللّه عليه وسلم.
فلم يكفهم - قبحهم اللّه - الإعراض عنه، ولا مجرد تكذيبه، حتى حكموا عليه بأظلم الأحكام، وجعلوه شاعرا مجنونا، وهم يعلمون أنه لا يعرف الشعر والشعراء، ولا وصفه وصفهم، وأنه أعقل خلق اللّه، وأعظمهم رأيا.

بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ(37)

التفسير المختصر:
لقد أعظموا الفِرْية، فما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مجنونًا ولا شاعرًا، بل جاء بالقرآن الداعي إلى توحيد الله واتباع رسوله، وصدق المرسلين فيما جاؤوا به من عند الله من التوحيد وإثبات المعاد، ولم يخالفهم في شيء.
تفسير الجلالين:
 قال تعالى: «بل جاء بالحق وصدَّق المرسلين» الجائين به، وهو أن لا إله إلا الله.
تفسير السعدي:
ولهذا قال تعالى، ناقضا لقولهم: بَلْ جَاءَ محمد بِالْحَقِّ أي: مجيئه حق، وما جاء به من الشرع والكتاب حق.
وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ [أي: ومجيئه صدق المرسلين] فلولا مجيئه وإرساله لم يكن الرسل صادقين، فهو آية ومعجزة لكل رسول قبله، لأنهم أخبروا به وبشروا، وأخذ اللّه عليهم العهد والميثاق، لئن جاءهم، ليؤمنن به ولينصرنه، وأخذوا ذلك على أممهم، فلما جاء ظهر صدق الرسل الذين قبله، وتبين كذب من خالفهم، .
فلو قدر عدم مجيئه، وهم قد أخبروا به، لكان ذلك قادحا في صدقهم.
وصدق أيضا المرسلين، بأن جاء بما جاءوا به، ودعا إلى ما دعوا إليه، وآمن بهم، وأخبر بصحة رسالتهم ونبوتهم وشرعهم.

إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ(38)

التفسير المختصر:
إنكم - أيها المشركون - لذائقو العذاب الموجع يوم القيامة بسبب كفركم وتكذيبكم للرسل.
تفسير الجلالين:
 «إنكم» فيه التفات «لذائقوا العذاب الأليم».
تفسير السعدي:
ولما كان قولهم السابق: إِنَّا لَذَائِقُونَ قولا صادرا منهم، يحتمل أن يكون صدقا أو غيره، أخبر تعالى بالقول الفصل الذي لا يحتمل غير الصدق واليقين، وهو الخبر الصادر منه تعالى، فقال: إِنَّكُمْ لَذَائِقُوا الْعَذَابِ الْأَلِيمِ أي: المؤلم الموجع.

وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(39)

التفسير المختصر:
وما تُجْزَون - أيها المشركون - إلا ما كنتم تعملون في الدنيا من الكفر بالله وارتكاب المعاصي.
تفسير الجلالين:
 «وما تجزوْن إلا» جزاء «ما كنتم تعملون».
تفسير السعدي:
وَمَا تُجْزَوْنَ في إذاقة العذاب الأليم إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فلم نظلمكم، وإنما عدلنا فيكم؟ولما كان هذا الخطاب لفظه عاما، والمراد به المشركون، استثنى تعالى المؤمنين فقال:

إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ(40)

التفسير المختصر:
لكن عباد الله المؤمنين الذين أخلصهم الله لعبادته، وأخلصوا له العبادة، هم بمنجاة من هذا العذاب.
تفسير الجلالين:
 «إلا عباد الله المخلصين» أي المؤمنين استثناء منقطع، أي ذكر جزائهم في قوله.
تفسير السعدي:
يقول تعالى: إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ فإنهم غير ذائقي العذاب الأليم، لأنهم أخلصوا للّه الأعمال، فأخلصهم، واختصهم برحمته، وجاد عليهم بلطفه.

أُولَٰئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ(41)

التفسير المختصر:
أولئك العباد المخلصون لهم رزق يرزقهم الله إياه، معلوم في طيبه وحسنه ودوامه.
تفسير الجلالين:
 «أولئك لهم» في الجنة «رزق معلوم» بكرة وعشيا.
تفسير السعدي:
أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ أي: غير مجهول، وإنما هو رزق عظيم جليل، لا يجهل أمره، ولا يبلغ كنهه.

فَوَاكِهُ ۖ وَهُم مُّكْرَمُونَ(42)

التفسير المختصر:
ذلك الرزق فواكه متنوعة من أطيب ما يأكلونه ويشتهونه، وهم فوق ذلك مكرمون برفع الدرجات وبالنظر إلى وجه الله الكريم.
تفسير الجلالين:
 «فواكه» بدل أو بيان للرزق وهو ما يؤكل تلذذا لحفظ صحة لأن أهل الجنة مستغنون عن حفظها بخلق أجسامهم للأبد «وهم مكرمون» بثواب الله سبحانه وتعالى.
تفسير السعدي:
فسره بقوله: فَوَاكِهُ من جميع أنواع الفواكه التي تتفكه بها النفس، للذتها في لونها وطعمها.
وَهُمْ مُكْرَمُونَ لا مهانون محتقرون، بل معظمون مجلون موقرون.
قد أكرم بعضهم بعضا، وأكرمتهم الملائكة الكرام، وصاروا يدخلون عليهم من كل باب، ويهنئونهم ببلوغ أهنأ الثواب،.
وأكرمهم أكرم الأكرمين، وجاد عليهم بأنواع الكرامات، من نعيم القلوب والأرواح والأبدان.

فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ(43)

التفسير المختصر:
كل ذلك ينالونه في جنات النعيم المقيم الثابت الذي لا ينقطع ولا يزول.
تفسير الجلالين:
 «في جنات النعيم».
تفسير السعدي:
فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ أي: الجنات التي النعيم وصفها، والسرور نعتها، وذلك لما جمعته، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر،.
وسلمت من كل مخل بنعيمها، من جميع المكدرات والمنغصات.

عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ(44)

التفسير المختصر:
يتكئون على أسِرَّة متقابلين ينظر بعضهم إلى بعض.
تفسير الجلالين:
 «على سرر متقابلين» لا يرى بعضهم قفا بعض.
تفسير السعدي:
ومن كرامتهم عند ربهم، وإكرام بعضهم بعضا، أنهم على سُرُرٍ وهي المجالس المرتفعة، المزينة بأنواع الأكسية الفاخرة، المزخرفة المجملة، فهم متكئون عليها، على وجه الراحة والطمأنينة، والفرح.
مُتَقَابِلِينَ فيما بينهم قد صفت قلوبهم، ومحبتهم فيما بينهم، ونعموا باجتماع بعضهم مع بعض، فإن مقابلة وجوههم، تدل على تقابل قلوبهم، وتأدب بعضهم مع بعض فلم يستدبره، أو يجعله إلى جانبه، بل من كمال السرور والأدب، ما دل عليه ذلك التقابل.

يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ(45)

التفسير المختصر:
يدار عليهم بكؤوس الخمر التي هي في صفائها كالماء الجاري.
تفسير الجلالين:
 «يطاف عليهم» على كل منهم «بكأس» هو الإناء بشرابه «من معين» من خمر يجري على وجه الأرض كأنهار الماء.
تفسير السعدي:
يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ أي: يتردد الولدان المستعدون لخدمتهم بالأشربة اللذيذة، بالكاسات الجميلة المنظر، المترعة من الرحيق المختوم بالمسك، وهي كاسات الخمر.

بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ(46)

التفسير المختصر:
بيضاء اللون يلتذ بشربها من يشربها لذة كاملة.
تفسير الجلالين:
 «بيضاء» أشد بياضا من اللبن «لذة» لذيذة «للشاربين» بخلاف خمر الدنيا فإنها كريهة عند الشرب.
تفسير السعدي:
وتلك الخمر، تخالف خمر الدنيا من كل وجه، فإنها في لونها بَيْضَاءَ من أحسن الألوان، وفي طعمها لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ يتلذذ شاربها بها وقت شربها وبعده.

لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ(47)

التفسير المختصر:
ليست كخمر الدنيا، فليس فيها ما يُذْهِب العقول من السكر، ولا ينتاب متعاطيها صُداع، يَسْلَم لشاربها جسمه وعقله.
تفسير الجلالين:
 «لا فيها غول» ما يغتال عقولهم «ولا هم عنها ينزَِفون» بفتح الزاي وكسرها من نزف الشارب وأنزف: أي يسكرون بخلاف خمر الدنيا.
تفسير السعدي:
وأنها سالمة من غول العقل وذهابه، ونزفه، ونزف مال صاحبها، وليس فيها صداع ولا كدر، فلما ذكر طعامهم وشرابهم ومجالسهم، وعموم النعيم وتفاصيله داخلة في قوله: جَنَّاتِ النَّعِيمِ

وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ(48)

التفسير المختصر:
وعندهم في الجنة نساء عفيفات، لا تمتد أبصارهن إلى غير أزواجهن، حسان العيون.
تفسير الجلالين:
 «وعندهم قاصرات الطرْف» حابسات الأعين على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم لحسنهم عندهن «عين» ضخام الأعين حسانها.
تفسير السعدي:
لكن فصل هذه الأشياء لتعلم فتشتاق النفوس إليها، ذكر أزواجهم فقال: وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ أي: وعند أهل دار النعيم، في محلاتهم القريبة، حور حسان، كاملات الأوصاف، قاصرات الطرف، إما أنها قصرت طرفها على زوجها، لعفتها وعدم مجاوزته لغيره، ولجمال زوجها وكماله، بحيث لا تطلب في الجنة سواه، ولا ترغب إلا به، وإما لأنها قصرت طرف زوجها عليها، وذلك يدل على كمالها وجمالها الفائق، الذي أوجب لزوجها، أن يقصر طرفه عليها، وقصر الطرف أيضا، يدل على قصر النفس والمحبة عليها، وكلا المعنيين محتمل، وكلاهما صحيح، و [كل] هذا يدل على جمال الرجال والنساء في الجنة، ومحبة بعضهم بعضا، محبة لا يطمح إلى غيره، وشدة عفتهم كلهم، وأنه لا حسد فيها ولا تباغض، ولا تشاحن، وذلك لانتفاء أسبابه.
عِينٌ أي: حسان الأعين جميلاتها، ملاح الحدق.

كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ(49)

التفسير المختصر:
كأنهن في بياض ألوانهن المشوبة بصفرة بيضُ طائر مصون لم تمسه الأيدي.
تفسير الجلالين:
 «كأنهن» في اللون «بيض» للنعام «مكنون» مستور بريشه لا يصل إليه غبار، ولونه وهو البياض في صفرة، أحسن ألوان النساء.
تفسير السعدي:
كَأَنَّهُنَّ أي: الحور بَيْضٌ مَكْنُونٌ أي: مستور، وذلك من حسنهن وصفائهن وكون ألوانهن أحسن الألوان وأبهاها، ليس فيه كدر ولا شين.

فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ(50)

التفسير المختصر:
فأقبل بعض أهل الجنة على بعض يتساءلون عن ماضيهم وما حدث لهم في الدنيا.
تفسير الجلالين:
 «فأقبل بعضهم» بعض أهل الجنة «على بعض يتساءلون» عما مر بهم في الدنيا.
تفسير السعدي:
لما ذكر تعالى نعيمهم، وتمام سرورهم، بالمآكل والمشارب، والأزواج الحسان، والمجالس الحسنة، ذكر تذاكرهم فيما بينهم، ومطارحتهم للأحاديث، عن الأمور الماضية، وأنهم ما زالوا في المحادثة والتساؤل، حتى أفضى ذلك بهم، إلى أن قال قائل منهم: إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ

قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ(51)

التفسير المختصر:
قال قائل من هؤلاء المؤمنين: إني كان لي في الدنيا صاحب مُنْكِر للبعث.
تفسير الجلالين:
 «قال قائل منهم إني كان لي قرين» صاحب ينكر البعث.
تفسير السعدي:
إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ في الدنيا، ينكر البعث، ويلومني على تصديقي به.

يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ(52)

التفسير المختصر:
يقول لي منكرًا وساخرًا: هل أنت - أيها الصديق - مِن المصدِّقين ببعث الأموات؟
تفسير الجلالين:
 «يقول» لي تبكيتا «أئنك لمن المصدقين» بالبعث.
تفسير السعدي:
و يَقُولُ لي أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ

أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ(53)

التفسير المختصر:
أإذا متنا وصرنا ترابًا وعظامًا نخرة أإنا لمبعوثون ومجازون على أعمالنا التي عملناها في الدنيا؟
تفسير الجلالين:
 «أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا» في الهمزتين في الثلاثة مواضع ما تقدم «لمدينون» مجزيون ومحاسبون؟ أنكر ذلك أيضا.
تفسير السعدي:
أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ أي: مجازون بأعمالنا؟ أي: كيف تصدق بهذا الأمر البعيد، الذي في غاية الاستغراب، وهو أننا إذا تمزقنا، فصرنا ترابا وعظاما، أننا نبعث ونعاد، ثم نحاسب ونجازى بأعمالنا؟".
أي: يقول صاحب الجنة لإخوانه: هذه قصتي، وهذا خبري، أنا وقريني، ما زلت أنا مؤمنا مصدقا، وهو ما زال مكذبا منكرا للبعث، حتى متنا، ثم بعثنا، فوصلت أنا إلى ما ترون، من النعيم، الذي أخبرتنا به الرسل، وهو لا شك، أنه قد وصل إلى العذاب.

قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ(54)

التفسير المختصر:
قال قرينه المؤمن لأصحابه من أهل الجنة: اطَّلعوا معي لنرى مصير ذلك القرين الذي كان ينكر البعث؟
تفسير الجلالين:
 «قال» ذلك القائل لإخوانه: «هل أنتم مطلعون» معي إلى النار لننظر حاله؟ فيقولون: لا.
تفسير السعدي:
ف هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ لننظر إليه، فنزداد غبطة وسرورا بما نحن فيه، ويكون ذلك رَأْيَ عين؟ والظاهر من حال أهل الجنة، وسرور بعضهم ببعض، وموافقة بعضهم بعضا، أنهم أجابوه لما قال، وذهبوا تبعا له، للاطلاع على قرينه.

فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ(55)

التفسير المختصر:
فاطلع هو فرأى قرينه في وسط جهنم.
تفسير الجلالين:
 «فاطلع» ذلك القائلون من بعض كوى الجنة «فرآه» أي رأى قرينه «في سواء الجحيم» في وسط النار.
تفسير السعدي:
فَاطَّلَعَ فرأى قرينه فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ أي: في وسط العذاب وغمراته، والعذاب قد أحاط به.

قَالَ تَاللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ(56)

التفسير المختصر:
قال: تالله لقد قاربت - أيها القرين - أن تهلكني بدخول النار بدعوتك لي إلى الكفر وإنكار البعث.
تفسير الجلالين:
 «قال» له تشميتا «تالله إن» مخففة من الثقيلة «كدت» قاربت «لتردين» لتهلكني بإغوائك.
تفسير السعدي:
ف قَالَ له لائما على حاله، وشاكرا للّه على نعمته أن نجاه من كيده: تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ أي: تهلكني بسبب ما أدخلت عليَّ من الشُّبَه بزعمك.

وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ(57)

التفسير المختصر:
ولولا إنعام الله علي بالهداية للإيمان والتوفيق له، لكنت من المحضرين إلى العذاب مثلك.
تفسير الجلالين:
 «ولو لا نعمة ربي» عليَّ بالإيمان «لكنت من المحضرين» معك في النار وتقول أهل الجنة.
تفسير السعدي:
وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي على أن ثبتني على الإسلام لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ في العذاب معك.

أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ(58)

التفسير المختصر:
فلسنا نحن - أصحاب الجنة- بميتين.
تفسير الجلالين:
 «أفما نحن بميتين».
تفسير السعدي:
أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ [أي: يقوله المؤمن، مبتهجا بنعمة اللّه على أهل الجنة بالخلود الدائم فيها والسلامة من العذاب; استفهام بمعنى الإثبات والتقرير] أي: يقول لقرينه المعذب: أفتزعم أننا لسنا نموت سوى الموتة الأولى، ولا بعث بعدها ولا عذاب

إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ(59)

التفسير المختصر:
غير موتتنا الأولى في الحياة الدنيا، بل نحن مخلدون في الجنة، ولسنا بمعذبين كما يعذب الكفار.
تفسير الجلالين:
 «إلا موتتنا الأولى» أي التي في الدنيا «وما نحن بمعذبين» هو استفهام تلذذ وتحدُّث بنعمة الله تعالى من تأبيد الحياة وعدم التعذيب.
تفسير السعدي:
أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ [أي: يقوله المؤمن، مبتهجا بنعمة اللّه على أهل الجنة بالخلود الدائم فيها والسلامة من العذاب; استفهام بمعنى الإثبات والتقرير] أي: يقول لقرينه المعذب: أفتزعم أننا لسنا نموت سوى الموتة الأولى، ولا بعث بعدها ولا عذاب

إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(60)

التفسير المختصر:
إن هذا الذي جازانا به ربنا - من دخول الجنة والخلود فيها والسلامة من النار - لهو الظفر العظيم الذي لا ظفر يساويه.
تفسير الجلالين:
 «إن هذا» الذي ذكرت لأهل الجنة «لهو الفوز العظيم».
تفسير السعدي:
وقوله: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ وحذف المعمول، والمقام مقام لذة وسرور، فدل ذلك على أنهم يتساءلون بكل ما يلتذون بالتحدث به، والمسائل التي وقع فيها النزاع والإشكال.
ومن المعلوم أن لذة أهل العلم بالتساؤل عن العلم، والبحث عنه، فوق اللذات الجارية في أحاديث الدنيا، فلهم من هذا النوع النصيب الوافر، ويحصل لهم من انكشاف الحقائق العلمية في الجنة ما لا يمكن التعبير عنه.
فلما ذكر تعالى نعيم الجنة، ووصفه بهذه الأوصاف الجميلة، مدحه، وشوَّق العاملين، وحثَّهم على العمل فقال: إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي حصل لهم به كل خير، وكل ما تهوى النفوس وتشتهي، واندفع عنهم به كل محذور ومكروه، فهل فوز يطلب فوقه؟ أم هو غاية الغايات، ونهاية النهايات، حيث حل عليهم رضا رب الأرض والسماوات، وفرحوا بقربه، وتنعموا بمعرفته واستروا برؤيته، وطربوا لكلامه؟

لِمِثْلِ هَٰذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ(61)

التفسير المختصر:
لمثل هذا الجزاء العظيم يجب أن يعمل العاملون، فإن هذا هو التجارة الرابحة.
تفسير الجلالين:
 «لمثل هذا فليعمل العاملون» قيل يقال لهم ذلك، وقيل هم يقولونه.
تفسير السعدي:
لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ فهو أحق ما أنفقت فيه نفائس الأنفاس وأولى ما شمر إليه العارفون الأكياس، والحسرة كل الحسرة، أن يمضي على الحازم، وقت من أوقاته، وهو غير مشتغل بالعمل، الذي يقرب لهذه الدار، فكيف إذا كان يسير بخطاياه إلى دار البوار؟"

أَذَٰلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ(62)

التفسير المختصر:
أذلك النعيم المذكور الذي أعده الله لعباده الذين أخلصهم لطاعته، خير وأفضل مقامًا وكرامة، أم شجرة الزقوم الملعونة في القرآن التي هي طعام الكفار الذي لا يسمن ولا يغني من جوع؟!
تفسير الجلالين:
 «أذلك» المذكور لهم «خير نزلا» وهو ما يعدّ للنازل من ضيف وغيره «أم شجرة الزقوم» المعدة لأهل النار وهي من أخبث الشجر المرّ بتهامة ينبتها الله في الجحيم كما سيأتي.
تفسير السعدي:
أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أي: ذلك النعيم الذي وصفناه لأهل الجنة خير، أم العذاب الذي يكون في الجحيم من جميع أصناف العذاب؟ فأي الطعامين أولى؟ الذي وصف في الجنة أَمْ طعام أهل النار؟ وهو شَجَرَةُ الزَّقُّومِ

إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ(63)

التفسير المختصر:
إنا صيَّرنا هذه الشجرة فتنة يفتتن بها الظالمون بالكفر والمعاصي، حيث قالوا: إن النار تأكل الشجر، فلا يمكن أن ينبت فيها.
تفسير الجلالين:
 «إنا جعلناها» بذلك «فتنة للظالمين» أي الكافرين من أهل مكة، إذ قالوا: النار تحرق الشجر فكيف تنبته.
تفسير السعدي:
إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً أي عذابا ونكالا لِلظَّالِمِينَ أنفسهم بالكفر والمعاصي.

إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ(64)

التفسير المختصر:
إن شجرة الزقوم شجرة خبيثة المَنْبَت، فهي شجرة تخرج في قعر الجحيم.
تفسير الجلالين:
 «إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم» أي قعر جهنم، وأغصانها ترتفع إلى دركاتها.
تفسير السعدي:
إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ أي: وسطه فهذا مخرجها، ومعدنها أشر المعادن وأسوؤها، وشر المغرس، يدل على شر الغراس وخسته، ولهذا نبهنا اللّه على شرها بما ذكر أين تنبت به، وبما ذكر من صفة ثمرتها.

طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ(65)

التفسير المختصر:
ثمرها الخارج منها كريه المنظر كأنه رؤوس الشياطين، وقبح المنظر دليل على قبح المخبر، وهذا يعني أن ثمرها خبيث الطعم.
تفسير الجلالين:
 «طلعها» المشبه بطلع النخل «كأنه رءوس الشياطين» الحيات القبيحة المنظر.
تفسير السعدي:
وأنها ك رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ فلا تسأل بعد هذا عن طعمها، وما تفعل في أجوافهم وبطونهم، وليس لهم عنها مندوحة ولا معدل

فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ(66)

التفسير المختصر:
فإن الكفار لآكلون من ثمرها المر القبيح، ومالئون منه بطونهم الخاوية.
تفسير الجلالين:
 «فإنهم» أي الكفار «لآكلون منها» مع قبحها لشدة جوعهم «فمالئون منها البطون».
تفسير السعدي:
ولهذا قال: فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ فهذا طعام أهل النار، فبئس الطعام طعامهم.

ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ(67)

التفسير المختصر:
ثم إنهم بعد أكلهم منها لهم شراب خليط قبيح حار.
تفسير الجلالين:
 «ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم» أي ماء حار يشربونه فيختلط بالمأكول منها فيصير شوبا له.
تفسير السعدي:
ثم ذكر شرابهم فقال: ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا أي: على أثر هذا الطعام لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ أي: ماء حارا، قد انتهى، كما قال تعالى: وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا وكما قال تعالى: وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ

ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ(68)

التفسير المختصر:
ثم إن رجوعهم بعد ذلك لإلى عذاب الجحيم، فهم يتنقلون من عذاب إلى عذاب.
تفسير الجلالين:
 «ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم» يفيد أنهم يخرجون منها لشرب الحميم وأنه خارجها.
تفسير السعدي:
ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ أي: مآلهم ومقرهم [ومأواهم] لَإِلَى الْجَحِيمِ ليذوقوا من عذابه الشديد، وحره العظيم، ما ليس عليه مزيد من الشقاء.

إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ(69)

التفسير المختصر:
إن هؤلاء الكفار وجدوا آباءهم ضالين عن طريق الهداية، فتأسوا بهم تقليدًا لا عن حجة.
تفسير الجلالين:
 «إنهم ألفوْا» وجدوا «آباءهم ضالين».
تفسير السعدي:
وكأنه قيل: ما الذي أوصلهم إلى هذه الدار؟ فقال: إِنَّهُمْ أَلْفَوْا أي: وجدوا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ

فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ(70)

التفسير المختصر:
فهم يتبعون آثار آبائهم في الضلالة مسرعين.
تفسير الجلالين:
 «فهم على آثارهم يُهرعون» يزعجون إلى اتباعهم فيسرعون إليه.
تفسير السعدي:
هُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ أي: يسرعون في الضلال، فلم يلتفتوا إلى ما دعتهم إليه الرسل، ولا إلى ما حذرتهم عنه الكتب، ولا إلى أقوال الناصحين، بل عارضوهم بأن قالوا: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ

وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ(71)

التفسير المختصر:
ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين، فليس قومك - أيها الرسول - أول من ضل من الأمم.
تفسير الجلالين:
 «ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين» من الأمم الماضية.
تفسير السعدي:
وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أي: قبل هؤلاء المخاطبين أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ وقليل منهم آمن واهتدى.

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِم مُّنذِرِينَ(72)

التفسير المختصر:
ولقد أرسلنا في تلك الأمم الأولى رسلًا يخوفونهم من عذاب الله، فكفروا.
تفسير الجلالين:
 «ولقد أرسلنا فيهم منذرين» من الرسل مخوِّفين.
تفسير السعدي:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ ينذرونهم عن غيهم وضلالهم.

فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ(73)

التفسير المختصر:
فانظر - أيها الرسول - كيف كانت نهاية الأقوام الذين أنذرتهم رسلهم فلم يستجيبوا لهم، إن نهايتهم كانت دخول النار خالدين فيها بسبب كفرهم وتكذيبهم لرسلهم.
تفسير الجلالين:
 «فانظر كيف كان عاقبة المنذَرين» الكافرين: أي عاقبتهم العذاب.
تفسير السعدي:
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ كانت عاقبتهم الهلاك، والخزي، والفضيحة، فليحذر هؤلاء أن يستمروا على ضلالهم، فيصيبهم مثل ما أصابهم.

إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ(74)

التفسير المختصر:
إلا من أخلصهم الله للإيمان به، فإنهم ناجون من العذاب الذي كان نهاية أولئك المكذبين الكافرين.
تفسير الجلالين:
 «إلا عباد الله المخلصين» أي المؤمنين فإنهم نجوا من العذاب لإخلاصهم في العبادة، أو لأن الله أخلصهم لها على قراءة فتح اللام.
تفسير السعدي:
ولما كان المنذرون ليسوا كلهم ضالين، بل منهم من آمن وأخلص الدين للّه، استثناه اللّه من الهلاك فقال: إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أي: الذين أخلصهم اللّه، وخصهم برحمته لإخلاصهم، فإن عواقبهم صارت حميدة.
ثم ذكر أنموذجا من عواقب الأمم المكذبين فقال:

وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ(75)

التفسير المختصر:
ولقد دعانا نبينا نوح عليه السلام حين دعا على قومه الذين كذبوه، فلنعم المجيبون نحن، فقد سارعنا في إجابة دعائه عليهم.
تفسير الجلالين:
 (ولقد نادانا نوح) بقوله "" رب إني مغلوب فانتصر "" (فلنعم المجيبون) له نحن: أي دعانا على قومه فأهلكناهم بالغرق.
تفسير السعدي:
يخبر تعالى عن عبده ورسوله نوح عليه السلام، أول الرسل، أنه لما دعا قومه إلى اللّه، تلك المدة الطويلة فلم يزدهم دعاؤه، إلا فرارا، أنه نادى ربه فقال: رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا الآية.

وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ(76)

التفسير المختصر:
ولقد سلمناه وأهل بيته والمؤمنين معه من أذى قومه ومن الغرق بالطوفان العظيم المرسل على الكافرين من قومه.
تفسير الجلالين:
 «ونجيناه وأهله من الكرب العظيم» أي الغرق.
تفسير السعدي:
وقال: رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ فاستجاب اللّه له، ومدح تعالى نفسه فقال: فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ لدعاء الداعين، وسماع تبتلهم وتضرعهم، أجابه إجابة طابق ما سأل، نجاه وأهله من الكرب العظيم، وأغرق جميع الكافرين، وأبقى نسله وذريته متسلسلين، فجميع الناس من ذرية نوح عليه السلام، وجعل له ثناء حسنا مستمرا إلى وقت الآخرين، وذلك لأنه محسن في عبادة الخالق، محسن إلى الخلق، وهذه سنته تعالى في المحسنين، أن ينشر لهم من الثناء على حسب إحسانهم.

وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ(77)

التفسير المختصر:
ونجينا أهله وأتباعه المؤمنين وحدهم، فقد أغرقنا غيرهم من قومه الكافرين.
تفسير الجلالين:
 «وجعلنا ذريته هم الباقين» فالناس كلهم من نسله وكان له ثلاثة أولاد: سام وهو أبو العرب والفرس والروم، وحام وهو أبو السودان، ويافث وهو أبو الترك والخزر ويأجوج ومأجوج وما هنالك.
تفسير السعدي:
وأغرق جميع الكافرين، وأبقى نسله وذريته متسلسلين، فجميع الناس من ذرية نوح عليه السلام، وجعل له ثناء حسنا مستمرا إلى وقت الآخرين، وذلك لأنه محسن في عبادة الخالق، محسن إلى الخلق، وهذه سنته تعالى في المحسنين، أن ينشر لهم من الثناء على حسب إحسانهم.

وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ(78)

التفسير المختصر:
وأبقينا له في الأمم اللاحقة ثناءً حسنًا يثنون به عليه.
تفسير الجلالين:
 «وتركنا» أبقينا «عليه» ثناء حسنا «في الآخرين» من الأنبياء والأمم إلى يوم القيامة.
تفسير السعدي:
وأغرق جميع الكافرين، وأبقى نسله وذريته متسلسلين، فجميع الناس من ذرية نوح عليه السلام، وجعل له ثناء حسنا مستمرا إلى وقت الآخرين، وذلك لأنه محسن في عبادة الخالق، محسن إلى الخلق، وهذه سنته تعالى في المحسنين، أن ينشر لهم من الثناء على حسب إحسانهم.

سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ(79)

التفسير المختصر:
أمان وسلام لنوح من أن يقال فيه سوء في الأمم اللاحقة، بل سيبقى له الثناء والذكر الحسن.
تفسير الجلالين:
 «سلام» منا «على نوح في العالمين».
تفسير السعدي:
وقال: رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ فاستجاب اللّه له، ومدح تعالى نفسه فقال: فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ لدعاء الداعين، وسماع تبتلهم وتضرعهم، أجابه إجابة طابق ما سأل، نجاه وأهله من الكرب العظيم، وأغرق جميع الكافرين، وأبقى نسله وذريته متسلسلين، فجميع الناس من ذرية نوح عليه السلام، وجعل له ثناء حسنا مستمرا إلى وقت الآخرين، وذلك لأنه محسن في عبادة الخالق، محسن إلى الخلق، وهذه سنته تعالى في المحسنين، أن ينشر لهم من الثناء على حسب إحسانهم.

إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(80)

التفسير المختصر:
إن مثل هذا الجزاء الذي جازينا به نوحًا عليه السلام نجزي المحسنين بعبادتهم وطاعتهم لله وحده.
تفسير الجلالين:
 «إنا كذلك» كما جزيناهم «نجزي المحسنين».

إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ(81)

التفسير المختصر:
إن نوحًا من عبادنا المؤمنين العاملين بطاعة الله.
تفسير الجلالين:
 «إنه من عبادنا المؤمنين».
تفسير السعدي:
ودل قوله: إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ أن الإيمان أرفع منازل العباد وأنه مشتمل على جميع شرائع الدين وأصوله وفروعه، لأن اللّه مدح به خواص خلقه.

ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ(82)

التفسير المختصر:
ثم أغرقنا الباقين بالطوفان الذي أرسلناه عليهم، فلم يبق منهم أحد.
تفسير الجلالين:
 «ثم أغرقنا الآخرين» كفار قومه.

۞ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ(83)

التفسير المختصر:
وإن إبراهيم من أهل دينه الذين وافقوه في الدعوة إلى توحيد الله.
تفسير الجلالين:
 «وإن من شيعته» أي ممن تابعه في أصل الدين «لإبراهيم» وإن طال الزمان بينهما وهو ألفان وستمائة وأربعون سنة وكان بينهما هود وصالح.
تفسير السعدي:
وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ أي: وإن من شيعة نوح عليه السلام، ومن هو على طريقته في النبوة والرسالة، ودعوة الخلق إلى اللّه، وإجابة الدعاء، إبراهيم الخليل عليه السلام.

إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ(84)

التفسير المختصر:
اذكر حين جاء ربه بقلب سليم من الشرك ناصح لله في خلقه.
تفسير الجلالين:
 «إذ جاء ربهَّ» أي تابعه وقت مجيئه «بقلب سليم» من الشك وغيره.
تفسير السعدي:
إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ من الشرك والشبه، والشهوات المانعة من تصور الحق، والعمل به، وإذا كان قلب العبد سليما، سلم من كل شر، وحصل له كل خير، ومن سلامته أنه سليم من غش الخلق وحسدهم، وغير ذلك من مساوئ الأخلاق، ولهذا نصح الخلق في اللّه، وبدأ بأبيه وقومه .

إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ(85)

التفسير المختصر:
حين قال لأبيه وقومه المشركين موبخًا لهم: ما الذي تعبدونه من دون الله؟!
تفسير الجلالين:
 «إذ قال» في هذه الحالة المستمرة له «لأبيه وقومه» موبخا «ماذا» ما الذي «تعبدون».
تفسير السعدي:
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ هذا استفهام بمعنى الإنكار، وإلزام لهم بالحجة.

أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ(86)

التفسير المختصر:
أآلهة مكذوبة تعبدونها من دون الله؟
تفسير الجلالين:
 «أئفكا» في همزتيه ما تقدم «آلهة دون الله تريدون» وإفكا مفعول له، وآلهة مفعول به لتريدون والإفك: أسوأ الكذب، أي أتعبدون غير الله؟.
تفسير السعدي:
أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ أي: أتعبدون [من دونه] آلهة كذبا، ليست بآلهة، ولا تصلح للعبادة، فما ظنكم برب العالمين، أن يفعل بكم وقد عبدتم معه غيره؟ وهذا ترهيب لهم بالجزاء بالعقاب على الإقامة على شركهم.

فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ(87)

التفسير المختصر:
فما ظنكم - يا قوم - برب العالمين إذا لقيتموه وأنتم تعبدون غيره؟! وماذا ترونه صانعًا بكم؟!
تفسير الجلالين:
 «فما ظنكم برب العالمين» إذ عبدتم غيره أنه يترككم بلا عقاب؟ لا، وكانوا نجامين، فخرجوا إلى عيد لهم وتركوا طعامهم عند أصنامهم زعموا التبرك عليه فإذا رجعوا أكلوه، وقالوا للسيد: اخرج معنا.
تفسير السعدي:
وما الذي ظننتم برب العالمين، من النقص حتى جعلتم له أندادا وشركاء.
فأراد عليه السلام، أن يكسر أصنامهم، ويتمكن من ذلك، فانتهز الفرصة في حين غفلة منهم، لما ذهبوا إلى عيد من أعيادهم، فخرج معهم.

فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ(88)

التفسير المختصر:
فنظر إبراهيم نظرة في النجوم يدبر مكيدة للتخلص من الخروج مع قومه.
تفسير الجلالين:
 «فنظر نظرة في النجوم» إيهاما لهم أنه يعتمد عليها ليعتمدوه.
تفسير السعدي:
فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ في الحديث الصحيح: "لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات: قوله إِنِّي سَقِيمٌ وقوله بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا وقوله عن زوجته "إنها أختي" والقصد أنه تخلف عنهم، ليتم له الكيد بآلهتهم.

فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ(89)

التفسير المختصر:
فقال متعللًا عن الخروج مع قومه إلى عيدهم: إني مريض.
تفسير الجلالين:
 «فقال إني سقيم» عليل أي سأسقم.
تفسير السعدي:
فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ في الحديث الصحيح: "لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات: قوله إِنِّي سَقِيمٌ وقوله بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا وقوله عن زوجته "إنها أختي" والقصد أنه تخلف عنهم، ليتم له الكيد بآلهتهم.

فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ(90)

التفسير المختصر:
فتركوه وراءهم وذهبوا.
تفسير الجلالين:
 «فتولوا عنه» إلى عيدهم «مدبرين».
تفسير السعدي:
فَ لهذا تَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ فلما وجد الفرصة.

فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ(91)

التفسير المختصر:
فمال إلى آلهتهم التي يعبدونها من دون الله، فقال ساخرًا من آلهتهم: ألا تأكلون من الطعام الذي يصنعه المشركون لكم؟!
تفسير الجلالين:
 «فراغ» مال في خفية «إلى آلهتهم» وهي الأصنام وعندها الطعام «فقال» استهزاءً «ألا تأكلون» فلم ينطقوا.
تفسير السعدي:
فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ أي: أسرع إليها على وجه الخفية والمراوغة، فَقَالَ متهكما بها أَلَا تَأْكُلُونَ

مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ(92)

التفسير المختصر:
ما شأنكم لا تتكلمون، ولا تجيبون من يسألكم؟! أمثل هذا يُعْبد من دون الله؟!
تفسير الجلالين:
 فقال «ما لكم لا تنطقون» فلم يجب.
تفسير السعدي:
مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ أي: فكيف يليق أن تعبد، وهي أنقص من الحيوانات، التي تأكل أو تكلم؟ فهذه جماد لا تأكل ولا تكلم.

فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ(93)

التفسير المختصر:
فمال عليهم إبراهيم يضربهم بيده اليمنى ليكسرهم.
تفسير الجلالين:
 «فراغ عليهم ضربا باليمين» بالقوة فكسرها فبلغ قومه ممن رآه.
تفسير السعدي:
فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ أي: جعل يضربها بقوته ونشاطه، حتى جعلها جذاذا، إلا كبيرا لهم، لعلهم إليه يرجعون.

فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ(94)

التفسير المختصر:
فأقبل إليه عبّاد هذه الأصنام يسرعون.
تفسير الجلالين:
 «فأقبلوا إليه يزفون» أي يسرعون المشي فقالوا له: نحن نعبدها وأنت تكسرها.
تفسير السعدي:
فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ أي: يسرعون ويهرعون، أي: يريدون أن يوقعوا به، بعدما بحثوا وقالوا: مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ وقيل لهم سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ يقول: تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فوبخوه ولاموه، فقال: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمْ الظَّالِمُونَ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنطِقُونَ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ الآية.

قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ(95)

التفسير المختصر:
فقابلهم إبراهيم بثبات، وقال لهم موبخًا إياهم: أتعبدون من دون الله آلهة أنتم الذين تنحتونها بأيديكم؟!
تفسير الجلالين:
 «قال» لهم موبخا «أتعبدون ما تنحتون» من الحجارة وغيرها أصناما.
تفسير السعدي:
قَالَ هنا: أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ أي: تنحتونه بأيديكم وتصنعونه؟ فكيف تعبدونهم، وأنتم الذين صنعتموهم، وتتركون الإخلاص للّه؟ الذي خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ

وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ(96)

التفسير المختصر:
والله سبحانه خلقكم أنتم، وخلق عملكم، ومن عملكم هذه الأصنام، فهو المستحق لأن يعبد وحده، ولا يشرك به غيره.
تفسير الجلالين:
 «والله خلقكم وما تعملون» من نحتكم ومنحوتكم فاعبدوه وحده، وما مصدرية وقيل موصولة وقيل موصوفة.

قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ(97)

التفسير المختصر:
فلما عجزوا عن مقارعته بالحجة لجؤوا إلى القوة، فتشاوروا فيما بينهم فيما يفعلونه بإبراهيم، قالوا: ابنوا له بنيانًا، واملؤوه حطبًا وأضرموه، ثم ارموه فيه.
تفسير الجلالين:
 «قالوا» بينهم «ابنوا له بنيانا» فاملئوه حطبا وأضرموه بالنار فإذا التهب «فألقوه في الجحيم» النار الشديدة.
تفسير السعدي:
قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا أي: عاليا مرتفعا، وأوقدوا فيها النار فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ جزاء على ما فعل، من تكسير آلهتهم.

فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ(98)

التفسير المختصر:
فأراد قوم إبراهيم بإبراهيم سوءًا بأن يهلكوه فيستريحوا منه، فصيرناهم الخاسرين حين جعلنا النار عليه بردًا وسلامًا.
تفسير الجلالين:
 «فأرادوا به كيدا» بإلقائه في النار لتهلكه «فجعلناهم الأسفلين» المقهورين فخرج من النار سالما.
تفسير السعدي:
فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا ليقتلوه أشنع قتلة فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ رد اللّه كيدهم في نحورهم، وجعل النار على إبراهيم بردا وسلاما.

وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ(99)

التفسير المختصر:
وقال إبراهيم: إني مهاجر إلى ربي تاركًا بلد قومي لأتمكن من عبادته، سيدلني ربي على ما فيه الخير لي في الدنيا والآخرة.
تفسير الجلالين:
 «وقال إني ذاهب إلى ربي» مهاجر إليه من دار الكفر «سيهدين» إلى حيث أمرني ربي بالمصير إليه وهو الشام فلما وصل إلى الأرض المقدسة قال.
تفسير السعدي:
وَ لما فعلوا فيه هذا الفعل، وأقام عليهم الحجة، وأعذر منهم، قال إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي أي: مهاجر إليه، قاصد إلى الأرض المباركة أرض الشام.
سَيَهْدِينِ يدلني إلى ما فيه الخير لي، من أمر ديني ودنياي، وقال في الآية الأخرى: وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا

رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ(100)

التفسير المختصر:
يا رب، ارزقني ولدًا صالحًا يكون لي عونًا وعوضًا عن قومي في الغربة.
تفسير الجلالين:
 «رب هب لي» ولدا «من الصالحين».
تفسير السعدي:
رَبِّ هَبْ لِي ولدا يكون مِنَ الصَّالِحِينَ وذلك عند ما أيس من قومه، ولم ير فيهم خيرا، دعا اللّه أن يهب له غلاما صالحا، ينفع اللّه به في حياته، وبعد مماته.

فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ(101)

التفسير المختصر:
فاستجبنا له دعوته فأخبرناه بما يسره، حيث بشرناه بولد يكبر، ويصير حليمًا، وهذا الولد هو إسماعيل عليه السلام.
تفسير الجلالين:
 «فبشرناه بغلام حليم» أي ذي حلم كثير.
تفسير السعدي:
فاستجاب اللّه له وقال: فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ وهذا إسماعيل عليه السلام بلا شك، فإنه ذكر بعده البشارة [بإسحاق، ولأن اللّه تعالى قال في بشراه بإسحاق فَبَشَّرْنَاهَا] بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ فدل على أن إسحاق غير الذبيح، ووصف اللّه إسماعيل، عليه السلام بالحلم ، وهو يتضمن الصبر، وحسن الخلق، وسعة الصدر والعفو عمن جنى.

فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ(102)

التفسير المختصر:
فلما شب إسماعيل، وأدرك سعيُه سعي أبيه رأى أبوه إبراهيم رؤيا، ورؤيا الأنبياء وحي، قال إبراهيم مخبرًا ابنه عن فحوى هذه الرؤيا: يا بني، إني رأيت في النوم أني أذبحك، فانظر ما ترى في ذلك، فأجاب إسماعيل أباه قائلًا: يا أبي، افعل ما أمرك الله به من ذبحي، ستجدني إن شاء الله من الصابرين الراضين بحكم الله.
تفسير الجلالين:
 «فلما بلغ معه السعي» أي أن يسعى معه ويعينه قيل بلغ سبع سنين وقيل ثلاث عشرة سنة «قال يا بنيَّ إني أرى» أي رأيت «في المنام أني أذبحك» ورؤيا الأنبياء حق وأفعالهم بأمر الله تعالى «فانظر ماذا ترى» من الرأي شاوره ليأنس بالذبح وينقاد للأمر به «قال يا أبت» التاء عوض عن ياء الإضافة «افعل ما تؤمر» به «ستجدني إن شاء الله من الصابرين» على ذلك.
تفسير السعدي:
فَلَمَّا بَلَغَ الغلام مَعَهُ السَّعْيَ أي: أدرك أن يسعى معه، وبلغ سنا يكون في الغالب، أحب ما يكون لوالديه، قد ذهبت مشقته، وأقبلت منفعته، فقال له إبراهيم عليه السلام: إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ أي: قد رأيت في النوم والرؤيا، أن اللّه يأمرني بذبحك، ورؤيا الأنبياء وحي فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى فإن أمر اللّه تعالى، لا بد من تنفيذه، قَالَ إسماعيل صابرا محتسبا، مرضيا لربه، وبارا بوالده: يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ أي: [امض] لما أمرك اللّه سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ أخبر أباه أنه موطن نفسه على الصبر، وقرن ذلك بمشيئة اللّه تعالى، لأنه لا يكون شيء بدون مشيئة اللّه تعالى.

فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ(103)

التفسير المختصر:
فلما خضعا لله وانقادا له، وضع إبراهيم ابنه على جانب جبهته لينفذ ما أمر به من ذبحه.
تفسير الجلالين:
 «فلما أسلما» خضعا وانقادا لأمر الله تعالى «وتله للجبين» صرعه عليه، ولكل إنسان جبينان بينهما الجبهة وكان ذلك بمنى، وأمرَّ السكين على حلقه فلم تعمل شيئا بمانع من القدرة الإلهية.
تفسير السعدي:
فَلَمَّا أَسْلَمَا أي: إبراهيم وابنه إسماعيل، جازما بقتل ابنه وثمرة فؤاده، امتثالا لأمر ربه، وخوفا من عقابه، والابن قد وطَّن نفسه على الصبر، وهانت عليه في طاعة ربه، ورضا والده، وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ أي: تل إبراهيم إسماعيل على جبينه، ليضجعه فيذبحه، وقد انكب لوجهه، لئلا ينظر وقت الذبح إلى وجهه.

وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ(104)

التفسير المختصر:
ونادينا إبراهيم وهو يَهُمُّ بتنفيذ أمر الله بذبح ابنه: أن يا إبراهيم.
تفسير الجلالين:
 «وناديناه أن يا إبراهيم».
تفسير السعدي:
وَنَادَيْنَاهُ في تلك الحال المزعجة، والأمر المدهش: أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ أي: قد فعلت ما أمرت به، فإنك وطَّنت نفسك على ذلك، وفعلت كل سبب، ولم يبق إلا إمرار السكين على حلقه إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ في عبادتنا، المقدمين رضانا على شهوات أنفسهم.

قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(105)

التفسير المختصر:
قد حققت الرؤيا التي رأيتها في منامك بعزمك على ذبح ابنك، إنا - كما جزيناك بتخليصك من هذه المحنة العظيمة - نجزي المحسنين فنخلصهم من المحن والشدائد.
تفسير الجلالين:
 «قد صدقت الرؤيا» بما أتيت به مما أمكنك من أمر الذبح: أي يكفيك ذلك فجملة ناديناه جواب لما بزيادة الواو «إنا كذلك» كما جزيناك «نجزي المحسنين» لأنفسهم بامتثال الأمر بإفراج الشدة عنهم.
تفسير السعدي:
وَنَادَيْنَاهُ في تلك الحال المزعجة، والأمر المدهش: أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ أي: قد فعلت ما أمرت به، فإنك وطَّنت نفسك على ذلك، وفعلت كل سبب، ولم يبق إلا إمرار السكين على حلقه إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ في عبادتنا، المقدمين رضانا على شهوات أنفسهم.

إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ(106)

التفسير المختصر:
إن هذا لهو الاختبار الواضح، وقد نجح إبراهيم فيه.
تفسير الجلالين:
 «إن هذا» الذبح المأمور به «لهو البلاء المبين» أي الاختبار الظاهر.
تفسير السعدي:
إِنَّ هَذَا الذي امتحنا به إبراهيم عليه السلام لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ أي: الواضح، الذي تبين به صفاء إبراهيم، وكمال محبته لربه وخلته، فإن إسماعيل عليه السلام لما وهبه اللّه لإبراهيم، أحبه حبا شديدا، وهو خليل الرحمن، والخلة أعلى أنواع المحبة، وهو منصب لا يقبل المشاركة ويقتضي أن تكون جميع أجزاء القلب متعلقة بالمحبوب، فلما تعلقت شعبة من شعب قلبه بابنه إسماعيل، أراد تعالى أن يصفي وُدَّه ويختبر خلته، فأمره أن يذبح من زاحم حبه حب ربه، فلما قدّم حب اللّه، وآثره على هواه، وعزم على ذبحه، وزال ما في القلب من المزاحم، بقي الذبح لا فائدة فيه، فلهذا قال: إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ

وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ(107)

التفسير المختصر:
وفدينا إسماعيل بكبش عظيم بدلًا منه يذبح عنه.
تفسير الجلالين:
 «وفديناه» أي المأمور بذبحه، وهو إسماعيل أو إسحاق قولان «بذبح» بكبش «عظيم» من الجنة وهو الذي قربه هابيل جاء به جبريل عليه السلام فذبحه السيد إبراهيم مكبرا.
تفسير السعدي:
[ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ أي: صار بدله ذبح من الغنم عظيم، ذبحه إبراهيم، فكان عظيما من جهة أنه كان فداء لإسماعيل، ومن جهة أنه من جملة العبادات الجليلة، ومن جهة أنه كان قربانا وسنة إلى يوم القيامة.

وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ(108)

التفسير المختصر:
وأبقينا على إبراهيم ثناءً حسنًا في الأمم اللاحقة.
تفسير الجلالين:
 «وتركنا» أبقينا «عليه في الآخرين» ثناءً حسنا.
تفسير السعدي:
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ أي: وأبقينا عليه ثناء صادقا في الآخرين، كما كان في الأولين، فكل وقت بعد إبراهيم عليه السلام، فإنه [فيه] محبوب معظم مثني عليه.

سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ(109)

التفسير المختصر:
تحيةٌ من الله له، ودعاءٌ بالسلامة من كل ضر وآفة.
تفسير الجلالين:
 «سلام» منا «على إبراهيم».
تفسير السعدي:
سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ أي: تحيته عليه كقوله: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى

كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(110)

التفسير المختصر:
كما جازينا إبراهيم هذا الجزاء على طاعته نجازي المحسنين.
تفسير الجلالين:
 «كذلك» كما جزيناه «نجزي المحسنين» لأنفسهم.
تفسير السعدي:
إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ في عبادة اللّه، ومعاملة خلقه، أن نفرج عنهم الشدائد، ونجعل لهم العاقبة، والثناء الحسن.

إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ(111)

التفسير المختصر:
إن إبراهيم من عبادنا المؤمنين الذين يفون بما تقتضيه العبودية لله.
تفسير الجلالين:
 «إنه من عبادنا المؤمنين».
تفسير السعدي:
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ بما أمر اللّه بالإيمان به، الذين بلغ بهم الإيمان إلى درجة اليقين، كما قال تعالى: وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ

وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ(112)

التفسير المختصر:
وبشرناه بولد آخر يصير نبيَّا وعبدًا صالحًا وهو إسحاق؛ جزاءً على طاعته لله في ذبح إسماعيل ولده الوحيد.
تفسير الجلالين:
 «وبشرناه بإسحاق» استدلَّ بذلك على أن الذبح غيره «نبيا» حال مقدرة: أي يوجد مقدرا نبوته «من الصالحين».
تفسير السعدي:
وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ هذه البشارة الثانية بإسحاق، الذي من ورائه يعقوب، فبشر بوجوده وبقائه، ووجود ذريته، وكونه نبيا من الصالحين، فهي بشارات متعددة.

وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ ۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ(113)

التفسير المختصر:
وأنزلنا عليه وعلى ابنه إسحاق بركة منا، فأكثرنا لهما النعم، ومنها تكثير ولدهما، ومن ذريتهما محسن بطاعته لربه، ومنهم ظالم لنفسه بالكفر وارتكاب المعاصي واضح الظلم.
تفسير الجلالين:
 «وباركنا عليه» بكثير ذريته «وعلى إسحاق» ولده بجعلنا أكثر الأنبياء من نسله «ومن ذريتهما محسن» مؤمن «وظالم لنفسه» كافر «مبين» بيَّن الكفر.
تفسير السعدي:
وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ أي: أنزلنا عليهما البركة، التي هي النمو والزيادة في علمهما وعملهما وذريتهما، فنشر اللّه من ذريتهما ثلاث أمم عظيمة: أمة العرب من ذرية إسماعيل، وأمة بني إسرائيل، وأمة الروم من ذرية إسحاق.
وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ أي: منهم الصالح والطالح، والعادل والظالم الذي تبين ظلمه، بكفره وشركه، ولعل هذا من باب دفع الإيهام، فإنه لما قال: وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وعلى إسحاق اقتضى ذلك البركة في ذريتهما، وأن من تمام البركة، أن تكون الذرية كلهم محسنين، فأخبر اللّه تعالى أن منهم محسنا وظالما، واللّه أعلم.

وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ(114)

التفسير المختصر:
ولقد مننا على موسى وأخيه هارون بالنبوة.
تفسير الجلالين:
 «ولقد مننا على موسى وهارون» بالنبوة.
تفسير السعدي:
يذكر تعالى مِنَّتهُ على عبديه ورسوليه، موسى، وهارون ابني عمران، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه تعالى، ونجاتهما وقومهما من عدوهما فرعون، ونصرهما عليه، حتى أغرقه اللّه وهم ينظرون، وإنزال اللّه عليهما الكتاب المستبين، وهو التوراة التي فيها الأحكام والمواعظ وتفصيل كل شيء، وأن اللّه هداهما الصراط المستقيم، بأن شرع لهما دينا ذا أحكام وشرائع مستقيمة موصلة إلى اللّه، ومَنَّ عليهما بسلوكه.

وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ(115)

التفسير المختصر:
وسلمناهما وقومهما بني إسرائيل من استعباد فرعون لهم ومن الغرق.
تفسير الجلالين:
 «ونجيناهما وقومهما» بني إسرائيل «من الكرب العظيم» أي استعباد فرعون إياهم.
تفسير السعدي:
يذكر تعالى مِنَّتهُ على عبديه ورسوليه، موسى، وهارون ابني عمران، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه تعالى، ونجاتهما وقومهما من عدوهما فرعون، ونصرهما عليه، حتى أغرقه اللّه وهم ينظرون، وإنزال اللّه عليهما الكتاب المستبين، وهو التوراة التي فيها الأحكام والمواعظ وتفصيل كل شيء، وأن اللّه هداهما الصراط المستقيم، بأن شرع لهما دينا ذا أحكام وشرائع مستقيمة موصلة إلى اللّه، ومَنَّ عليهما بسلوكه.

وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ(116)

التفسير المختصر:
ونصرناهم على فرعون وجنوده، فكانت الغلبة لهم على عدوهم.
تفسير الجلالين:
 «ونصرناهم» على القبط «فكانوا هم الغالبين».
تفسير السعدي:
يذكر تعالى مِنَّتهُ على عبديه ورسوليه، موسى، وهارون ابني عمران، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه تعالى، ونجاتهما وقومهما من عدوهما فرعون، ونصرهما عليه، حتى أغرقه اللّه وهم ينظرون، وإنزال اللّه عليهما الكتاب المستبين، وهو التوراة التي فيها الأحكام والمواعظ وتفصيل كل شيء، وأن اللّه هداهما الصراط المستقيم، بأن شرع لهما دينا ذا أحكام وشرائع مستقيمة موصلة إلى اللّه، ومَنَّ عليهما بسلوكه.

وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ(117)

التفسير المختصر:
وأعطينا موسى وأخاه هارون التوراة كتابًا من عند الله واضحًا لا لبس فيه.
تفسير الجلالين:
 «وآتيناهما الكتاب المستبين» البليغ البيان فيما أتى به من الحدود والأحكام وغيرها وهو التوراة.
تفسير السعدي:
يذكر تعالى مِنَّتهُ على عبديه ورسوليه، موسى، وهارون ابني عمران، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه تعالى، ونجاتهما وقومهما من عدوهما فرعون، ونصرهما عليه، حتى أغرقه اللّه وهم ينظرون، وإنزال اللّه عليهما الكتاب المستبين، وهو التوراة التي فيها الأحكام والمواعظ وتفصيل كل شيء، وأن اللّه هداهما الصراط المستقيم، بأن شرع لهما دينا ذا أحكام وشرائع مستقيمة موصلة إلى اللّه، ومَنَّ عليهما بسلوكه.

وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ(118)

التفسير المختصر:
وهديناهما إلى الصراط المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، وهو طريق دين الإسلام الموصلة إلى مرضاة الخالق سبحانه.
تفسير الجلالين:
 «وهديناهما الصراط» الطريق «المستقيم».
تفسير السعدي:
يذكر تعالى مِنَّتهُ على عبديه ورسوليه، موسى، وهارون ابني عمران، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه تعالى، ونجاتهما وقومهما من عدوهما فرعون، ونصرهما عليه، حتى أغرقه اللّه وهم ينظرون، وإنزال اللّه عليهما الكتاب المستبين، وهو التوراة التي فيها الأحكام والمواعظ وتفصيل كل شيء، وأن اللّه هداهما الصراط المستقيم، بأن شرع لهما دينا ذا أحكام وشرائع مستقيمة موصلة إلى اللّه، ومَنَّ عليهما بسلوكه.

وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ(119)

التفسير المختصر:
وأبقينا عليهما ثناءً حسنًا وذكرًا طيبًا في الأمم اللاحقة.
تفسير الجلالين:
 «وتركنا» أبقينا «عليهما في الآخرين» ثناءً حسنا.
تفسير السعدي:
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ أي: أبقى عليهما ثناء حسنا، وتحية في الآخرين، ومن باب أولى وأحرى في الأولين إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

سَلَامٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ(120)

التفسير المختصر:
تحيةٌ من الله طيبة لهما وثناءٌ عليهما ودعاءٌ بالسلامة من كل مكروه.
تفسير الجلالين:
 «سلام» منا «على موسى وهارون».
تفسير السعدي:
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ أي: أبقى عليهما ثناء حسنا، وتحية في الآخرين، ومن باب أولى وأحرى في الأولين إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(121)

التفسير المختصر:
إنا كما جازينا موسى وهارون هذا الجزاء الحسن نجزي المحسنين بطاعتهم لربهم.
تفسير الجلالين:
 «إنا كذلك» كما جزيناهما «نجزي المحسنين».
تفسير السعدي:
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ أي: أبقى عليهما ثناء حسنا، وتحية في الآخرين، ومن باب أولى وأحرى في الأولين إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ(122)

التفسير المختصر:
إن موسى وهارون من عبادنا المؤمنين بالله العاملين بما شرع لهم.
تفسير الجلالين:
 «إنهما من عبادنا المؤمنين».
تفسير السعدي:
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ أي: أبقى عليهما ثناء حسنا، وتحية في الآخرين، ومن باب أولى وأحرى في الأولين إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ(123)

التفسير المختصر:
وإن إلياس لمن المرسلين من ربه، أنعم الله عليه بالنبوة والرسالة.
تفسير الجلالين:
 «وإن إلياس» بالهمزة أوله وتركه «لمن المرسلين» قيل هو ابن أخي هارون أخي موسى، وقيل غيره أرسل إلى قوم ببعلبك ونواحيها.
تفسير السعدي:
يمدح تعالى عبده ورسوله، إلياس عليه الصلاة والسلام، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه، وأنه أمر قومه بالتقوى، وعبادة اللّه وحده، ونهاهم عن عبادتهم، صنما لهم يقال له "بعل" وتركهم عبادة اللّه، الذي خلق الخلق، وأحسن خلقهم، ورباهم فأحسن تربيتهم، وأدرَّ عليهم النعم الظاهرة والباطنة، وأنكم كيف تركتم عبادة من هذا شأنه، إلى عبادة صنم، لا يضر، ولا ينفع، ولا يخلق، ولا يرزق، بل لا يأكل ولا يتكلم؟" وهل هذا إلا من أعظم الضلال والسفه والغي؟"

إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ(124)

التفسير المختصر:
إذ قال لقومه الذين أرسل إليهم من بني إسرائيل: يا قوم، ألا تتقون الله؛ بامتثال أوامره، ومنها التوحيد، وباجتناب نواهيه، ومنها الشرك؟!
تفسير الجلالين:
 «إذ» منصوب باذكر مقدرا «قال لقومه ألا تتقون» الله.
تفسير السعدي:
يمدح تعالى عبده ورسوله، إلياس عليه الصلاة والسلام، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه، وأنه أمر قومه بالتقوى، وعبادة اللّه وحده، ونهاهم عن عبادتهم، صنما لهم يقال له "بعل" وتركهم عبادة اللّه، الذي خلق الخلق، وأحسن خلقهم، ورباهم فأحسن تربيتهم، وأدرَّ عليهم النعم الظاهرة والباطنة، وأنكم كيف تركتم عبادة من هذا شأنه، إلى عبادة صنم، لا يضر، ولا ينفع، ولا يخلق، ولا يرزق، بل لا يأكل ولا يتكلم؟" وهل هذا إلا من أعظم الضلال والسفه والغي؟"

أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ(125)

التفسير المختصر:
أتعبدون من دون الله صنمكم بَعْلًا، وتتركون عبادة الله أحسن الخالقين؟!
تفسير الجلالين:
 «أتدعون بعلا» اسم صنم لهم من ذهب، وبه سمي البلد أيضا مضافا إلى بك: أي أتعبدونه «وتذرون» تتركون «أحسن الخالقين» فلا تعبدونه.
تفسير السعدي:
يمدح تعالى عبده ورسوله، إلياس عليه الصلاة والسلام، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه، وأنه أمر قومه بالتقوى، وعبادة اللّه وحده، ونهاهم عن عبادتهم، صنما لهم يقال له "بعل" وتركهم عبادة اللّه، الذي خلق الخلق، وأحسن خلقهم، ورباهم فأحسن تربيتهم، وأدرَّ عليهم النعم الظاهرة والباطنة، وأنكم كيف تركتم عبادة من هذا شأنه، إلى عبادة صنم، لا يضر، ولا ينفع، ولا يخلق، ولا يرزق، بل لا يأكل ولا يتكلم؟" وهل هذا إلا من أعظم الضلال والسفه والغي؟"

اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ(126)

التفسير المختصر:
والله هو ربكم الذي خلقكم، وخلق آباءكم من قبل، فهو المستحق للعبادة، لا غيره من الأصنام التي لا تنفع ولا تضر.
تفسير الجلالين:
 «اللهُ ربُّكم وربُّ آبائكم الأولين» برفع الثلاثة على إضمار هو، وبنصبها على البدل من أحسن.
تفسير السعدي:
يمدح تعالى عبده ورسوله، إلياس عليه الصلاة والسلام، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه، وأنه أمر قومه بالتقوى، وعبادة اللّه وحده، ونهاهم عن عبادتهم، صنما لهم يقال له "بعل" وتركهم عبادة اللّه، الذي خلق الخلق، وأحسن خلقهم، ورباهم فأحسن تربيتهم، وأدرَّ عليهم النعم الظاهرة والباطنة، وأنكم كيف تركتم عبادة من هذا شأنه، إلى عبادة صنم، لا يضر، ولا ينفع، ولا يخلق، ولا يرزق، بل لا يأكل ولا يتكلم؟" وهل هذا إلا من أعظم الضلال والسفه والغي؟"

فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ(127)

التفسير المختصر:
فما كان من قومه إلا أن كذبوه، وبسبب تكذيبهم فهم مُحْضرون في العذاب.
تفسير الجلالين:
 «فكذبوه فإنهم لمحضرون» في النار.
تفسير السعدي:
"فَكَذَّبُوهُ" فيما دعاهم إليه، فلم ينقادوا له، قال اللّه متوعدا لهم: فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ أي يوم القيامة في العذاب، ولم يذكر لهم عقوبة دنيوية.

إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ(128)

التفسير المختصر:
إلا من كان من قومه مؤمنًا مخلصًا لله في عبادته؛ فإنه ناج من الإحضار إلى العذاب.
تفسير الجلالين:
 «إلا عباد الله المخلصين» أي المؤمنين منهم فإنهم نجوا منها.
تفسير السعدي:
إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أي: الذين أخلصهم اللّه، ومنَّ عليهم باتباع نبيهم، فإنهم غير محضرين في العذاب، وإنما لهم من اللّه جزيل الثواب.

وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ(129)

التفسير المختصر:
وأبقينا عليه ثناءً حسنًا وذكرًا طيبًا في الأمم اللاحقة.
تفسير الجلالين:
 «وتركنا عليه في الآخرين» ثناءً حسنا.
تفسير السعدي:
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ أي: على إلياس فِي الْآخِرِينَ ثناء حسنا.

سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ(130)

التفسير المختصر:
تحيةٌ من الله وثناءٌ على إلياس.
تفسير الجلالين:
 «سلام» منا «على إلْ ياسين» قيل هو إلياس المتقدم ذكره، وقيل هو ومن آمن معه فجمعوا معه تغليبا كقولهم للمهلب وقومه المهلبون وعلى قراءة آل ياسين بالمد، أي أهله المراد به إلياس أيضا.
تفسير السعدي:
سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ أي: تحية من اللّه، ومن عباده عليه.

إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(131)

التفسير المختصر:
إنا كما جازينا إلياس هذا الجزاء الحسن نجزي المحسنين من عبادنا المؤمنين.
تفسير الجلالين:
 «إنا كذلك» كما جزيناه «نجزي المحسنين».

إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ(132)

التفسير المختصر:
إن إلياس من عبادنا المؤمنين حقًّا الصادقين في إيمانهم بربهم.
تفسير الجلالين:
 «إنه من عبادنا المؤمنين».
تفسير السعدي:
[إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ فأثنى اللّه عليه كما أثنى على إخوانه صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين.

وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ(133)

التفسير المختصر:
وإن لوطًا لمن رسل الله الذين أرسلهم إلى أقوامهم مبشرين ومنذرين.
تفسير الجلالين:
 «وإن لوطا لمن المرسلين».
تفسير السعدي:
وهذا ثناء منه تعالى على عبده ورسوله، لوط بالنبوة والرسالة، ودعوته إلى اللّه قومه، ونهيهم عن الشرك، وفعل الفاحشة.

إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ(134)

التفسير المختصر:
اذكر حين سلمناه وأهله كلهم من العذاب المرسل على قومه.
تفسير الجلالين:
 اذكر «إذ نجيناه وأهله أجمعين».
تفسير السعدي:
فلما لم ينتهوا، نجاه اللّه وأهله أجمعين، فسروا ليلا فنجوا.

إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ(135)

التفسير المختصر:
إلا زوجته، فقد كانت امرأة شملها عذاب قومها؛ لكونها كانت كافرة مثلهم.
تفسير الجلالين:
 «إلا عجوزا في الغابرين» أي الباقين في العذاب.
تفسير السعدي:
إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ أي: الباقين المعذبين، وهي زوجة لوط لم تكن على دينه.

ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ(136)

التفسير المختصر:
ثم أهلكنا الباقين من قومه ممن كذبوا به، ولم يصدقوا بما جاء به.
تفسير الجلالين:
 «ثم دمرنا» أهلكنا «الآخرين» كفار قومه.
تفسير السعدي:
ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ بأن قلبنا عليهم ديارهم فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ حتى همدوا وخمدوا.

وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ(137)

التفسير المختصر:
وإنكم - يا أهل مكة - لتمرون على منازلهم في أسفاركم إلى الشام في وقت الصباح.
تفسير الجلالين:
 «وإنكم لتمرون عليهم» على آثارهم ومنازلهم في أسفاركم «مصبحين» أي وقت الصباح يعني بالنهار.
تفسير السعدي:
وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ أي: على ديار قوم لوط مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ

وَبِاللَّيْلِ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ(138)

التفسير المختصر:
وتمرون عليها كذلك ليلًا، أفلا تعقلون، وتتعظون بما آل إليه أمرهم بعد تكذيبهم وكفرهم وارتكابهم الفاحشة التي لم يسبقوا إليها؟!
تفسير الجلالين:
 «وبالليل أفلا تعقلون» يا أهل مكة ما حل بهم فتعتبرون به.
تفسير السعدي:
أي: في هذه الأوقات، يكثر ترددكم إليها ومروركم بها، فلم تقبل الشك والمرية أَفَلَا تَعْقِلُونَ الآيات والعبر، وتنزجرون عما يوجب الهلاك؟

وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ(139)

التفسير المختصر:
وإن عبدنا يونس لمن رسل الله الذين أرسلهم إلى أقوامهم مبشرين ومنذرين.
تفسير الجلالين:
 «وإن يونس لمن المرسلين».
تفسير السعدي:
وهذا ثناء منه تعالى، على عبده ورسوله، يونس بن متى، كما أثنى على إخوانه المرسلين، بالنبوة والرسالة، والدعوة إلى اللّه، وذكر تعالى عنه، أنه عاقبه عقوبة دنيوية، أنجاه منها بسبب إيمانه وأعماله الصالحة،

إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ(140)

التفسير المختصر:
حين فرّ من قومه من غير إذن ربه، وركب سفينة مملوءة من الركاب والأمتعة.
تفسير الجلالين:
 «إذْ أبق» هرب «إلى الفلك المشحون» السفينة المملوءة حين غاضب قومه لما لم ينزل بهم العذاب الذي وعدهم به فركب السفينة فوقفت في لجة البحر، فقال الملاحون هنا عبد أبق من سيده تظهره القرعة.
تفسير السعدي:
إِذْ أَبَقَ أي: من ربه مغاضبا له، ظانا أنه لا يقدر عليه، ويحبسه في بطن الحوت، ولم يذكر اللّه ما غاضب عليه، ولا ذنبه الذي ارتكبه، لعدم فائدتنا بذكره، وإنما فائدتنا بما ذُكِّرنا عنه أنه أذنب، وعاقبه اللّه مع كونه من الرسل الكرام، وأنه نجاه بعد ذلك، وأزال عنه الملام، وقيض له ما هو سبب صلاحه.
فلما أبق لجأ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ بالركاب والأمتعة، فلما ركب مع غيره، والفلك شاحن، ثقلت السفينة، فاحتاجوا إلى إلقاء بعض الركبان، وكأنهم لم يجدوا لأحد مزية في ذلك، فاقترعوا على أن من قرع وغلب، ألقي في البحر عدلا من أهل السفينة، وإذا أراد اللّه أمرا هيأ أسبابه.

فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ(141)

التفسير المختصر:
فأوشكت السفينة أن تغرق لامتلائها، فاقترع الركاب لِيُلْقُوا بعضهم؛ خوفًا من غرق السفينة بسبب كثرة الركاب، فكان يونس من هؤلاء المغلوبين، فألقوه في البحر.
تفسير الجلالين:
 «فساهم» قارع أهل السفينة «فكان من المدحضين» المغلوبين بالقرعة فألقوه في البحر.
تفسير السعدي:
فلما [اقترعوا] أصابت القرعة يونس فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ أي: المغلوبين.

فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ(142)

التفسير المختصر:
فلما ألقوه في البحر أخذه الحوت، وابتلعه، وهو آت بما يُلام عليه؛ لذهابه إلى البحر بغير إذن ربه.
تفسير الجلالين:
 «فالتقمه الحوت» ابتلعه «وهو مليم» أي آت بما يلام عليه من ذهابه إلى البحر وركوبه السفينة بلا إذن من ربه.
تفسير السعدي:
فألقي في البحر فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ وقت التقامه مُلِيمٌ أي: فاعل ما يلام عليه، وهو مغاضبته لربه.

فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ(143)

التفسير المختصر:
فلولا أن يونس كان من الذاكرين الله كثيرًا قبل ما حل به، ولولا تسبيحه في بطن الحوت.
تفسير الجلالين:
 (فلولا أنه كان من المسبحين) الذاكرين بقوله كثيرا في بطن الحوت "" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين "".
تفسير السعدي:
فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ أي: في وقته السابق بكثرة عبادته لربه، وتسبيحه، وتحميده، وفي بطن الحوت حيث قال: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ(144)

التفسير المختصر:
لمكث في بطن الحوت إلى يوم القيامة بحيث يصير له قبرًا.
تفسير الجلالين:
 «للبث في بطنه إلى يوم يبعثون» لصار بطن الحوت قبرا له إلى يوم القيامة.
تفسير السعدي:
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ أي: لكانت مقبرته، ولكن بسبب تسبيحه وعبادته للّه، نجاه اللّه تعالى، وكذلك ينجي اللّه المؤمنين، عند وقوعهم في الشدائد.

۞ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ(145)

التفسير المختصر:
فألقيناه من بطن الحوت بأرض خالية من الشجر والبناء، وهو ضعيف البدن لمكثه مدَّة في بطن الحوت.
تفسير الجلالين:
 «فنبذناه» أي ألقيناه من بطن الحوت «بالعراء» بوجه الأرض: أي بالساحل من يومه أو بعد ثلاثة أو سبعة أيام أو عشرين أو أربعين يوما «وهو سقيم» العليل كالفرخ الممعط.
تفسير السعدي:
فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ بأن قذفه الحوت من بطنه بالعراء، وهي الأرض الخالية العارية من كل أحد، بل ربما كانت عارية من الأشجار والظلال.
وَهُوَ سَقِيمٌ أي: قد سقم ومرض، بسبب حبسه في بطن الحوت، حتى صار مثل الفرخ الممعوط من البيضة.

وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ(146)

التفسير المختصر:
وأنبتنا عليه في تلك الأرض الخالية شجرة من القرع يستظل بها ويأكل منها.
تفسير الجلالين:
 «وأنبتنا عليه شجرة من يقطين» وهي القرع تظله بساق على خلاف العادة في القرع معجزة له، وكانت تأتيه وعلة صباحا ومساء يشرب من لبنها حتى قوي.
تفسير السعدي:
وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ تظله بظلها الظليل، لأنها بادرة باردة الظلال، ولا يسقط عليها ذباب، وهذا من لطفه به، وبره.

وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ(147)

التفسير المختصر:
وأرسلناه إلى قومه وعددهم مئة ألف، بل يزيدون.
تفسير الجلالين:
 «وأرسلناه» بعد ذلك كقبله إلى قوم بنينوى من أرض الموصل «إلى مائة ألف أو» بل «يزيدون» عشرين أو ثلاثين أو سبعين ألفا.
تفسير السعدي:
ثم لطف به لطفا آخر، وامْتَنَّ عليه مِنّة عظمى، وهو أنه أرسله إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ من الناس أَوْ يَزِيدُونَ عنها، والمعنى أنهم إن ما زادوا لم ينقصوا، فدعاهم إلى اللّه تعالى.

فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ(148)

التفسير المختصر:
فآمنوا وصدقوا بما جاء به، فمتعهم الله في حياتهم الدنيا إلى أن انقضت آجالهم المحددة لهم.
تفسير الجلالين:
 «فآمنوا» عند معاينة العذاب الموعودين به «فمتعناهم» أبقيناهم ممتعين بمالهم «إلى حين» تنقضي آجالهم فيه.
تفسير السعدي:
فَآمَنُوا فصاروا في موازينه، لأنه الداعي لهم.
فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ بأن صرف اللّه عنهم العذاب بعدما انعقدت أسبابه، قال تعالى: فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ

فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ(149)

التفسير المختصر:
فاسأل - يا محمد - المشركين سؤال إنكار: أتجعلون لله البنات اللاتي تكرهونهن، وتجعلون لكم البنين الذين تحبونهم؟! أي قسمة هذه؟!
تفسير الجلالين:
 «فاستفتهم» استخبر كفار مكة توبيخا لهم «ألربك البنات» بزعمهم أن الملائكة بنات الله «ولهم البنون» فيختصون بالأسنى.
تفسير السعدي:
يقول تعالى لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم: فَاسْتَفْتِهِمْ أي: اسأل المشركين باللّه غيره، الذين عبدوا الملائكة، وزعموا أنها بنات اللّه، فجمعوا بين الشرك باللّه، ووصفه بما لا يليق بجلاله، أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ أي: هذه قسمة ضيزى، وقول جائر، من جهة جعلهم الولد للّه تعالى، ومن جهة جعلهم أردأ القسمين وأخسهما له وهو البنات التي لا يرضونهن لأنفسهم، كما قال في الآية الأخرى وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ ومن جهة جعلهم الملائكة بنات اللّه، وحكمهم بذلك.

أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ(150)

التفسير المختصر:
كيف زعموا أن الملائكة إناث، وهم لم يحضروا خلقهم، وما شاهدوه؟!
تفسير الجلالين:
 «أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون» خلقنا فيقولون ذلك.
تفسير السعدي:
قال تعالى في بيان كذبهم: أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ خلقهم؟ أي: ليس الأمر كذلك، فإنهم ما شهدوا خلقهم، فدل على أنهم قالوا هذا القول، بلا علم، بل افتراء على اللّه،

أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ(151)

التفسير المختصر:
151 - 152 - ألا إن المشركين من كذبهم على الله وافترائهم عليه لينسبون له الولد، وإنهم لكاذبون في دعواهم هذه.
تفسير الجلالين:
 «ألا أنهم من إفكهم» كذبهم «ليقولون» بقولهم الملائكة بنات الله.
تفسير السعدي:
أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ أي: كذبهم الواضح لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ

وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ(152)

التفسير المختصر:
151 - 152 - ألا إن المشركين من كذبهم على الله وافترائهم عليه لينسبون له الولد، وإنهم لكاذبون في دعواهم هذه.
تفسير الجلالين:
 «ولد الله» بقولهم الملائكة بنات الله «وإنهم لكاذبون» فيه.
تفسير السعدي:
أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ أي: كذبهم الواضح لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ

أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ(153)

التفسير المختصر:
هل اختار الله لنفسه البنات اللاتي تكرهونهن على البنين الذين تحبونهم؟! كلا.
تفسير الجلالين:
 «أصطفى» بفتح الهمزة للاستفهام واستغني بها عن همزة الوصل فحذفت، أي أختار «البنات على البنين».
تفسير السعدي:
أَصْطَفَى أي: اختار الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ

مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ(154)

التفسير المختصر:
ما لكم - أيها المشركون - تحكمون هذا الحكم الجائر حيث تجعلون لله البنات، وتجعلون لكم البنين؟!
تفسير الجلالين:
 «ما لكم كيف تحكمون» هذا الحكم الفاسد.
تفسير السعدي:
[ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ هذا الحكم الجائر.

أَفَلَا تَذَكَّرُونَ(155)

التفسير المختصر:
أفلا تتذكرون بطلان ما أنتم عليه من هذا الاعتقاد الفاسد؟! فإنكم لو تذكرتم لما قلتم هذا القول.
تفسير الجلالين:
 «أفلا تذَّكرون» بإدغام التاء في الذال، أنه سبحانه وتعالى منزه عن الولد.
تفسير السعدي:
أَفَلَا تَذَكَّرُونَ وتميزون هذا القول الباطل الجائر، فإنكم لو تذكرتم لم تقولوا هذا القول.

أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ(156)

التفسير المختصر:
أم لكم حجة جلية وبرهان واضح من كتاب بذلك أو رسول؟!
تفسير الجلالين:
 «أم لكم سلطان مبين» حجة واضحة أن لله ولدا.
تفسير السعدي:
أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ أي: حجة ظاهرة على قولكم، من كتاب أو رسول.

فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ(157)

التفسير المختصر:
فأْتُوا بكتابكم الذي يحمل لكم الحجة على هذا إن كنتم صادقين فيما تدعونه.
تفسير الجلالين:
 «فأتوا بكتابكم» التوراة فأروني ذلك فيه «إن كنتم صادقين» في قولكم ذلك.
تفسير السعدي:
وكل هذا غير واقع، ولهذا قال: فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فإن من يقول قولا لا يقيم عليه حجة شرعية، فإنه كاذب متعمد، أو قائل على اللّه بلا علم.

وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا ۚ وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ(158)

التفسير المختصر:
وجعل المشركون بين الله وبين الملائكة المستورين عنهم نسبًا حين زعموا أن الملائكة بنات الله، ولقد علمت الملائكة أن الله سيحضر المشركين للحساب.
تفسير الجلالين:
 «وجعلوا» أي المشركون «بينه» تعالى «وبين الجنة» أي الملائكة لاجتنانهم عن الأبصار «نسبا» بقولهم إنها بنات الله «ولقد علمت الجنَّة إنهم» أي قائلي ذلك «لمحضرون» للنار يعذبون فيها.
تفسير السعدي:
أي: جعل هؤلاء المشركون باللّه بين اللّه وبين الجنة نسبا، حيث زعموا أن الملائكة بنات اللّه، وأن أمهاتهم سروات الجن، والحال أن الجنة قد علمت أنهم محضرون بين يدي اللّه، [ليجازيهم] عبادا أذلاء، فلو كان بينهم وبينه نسب، لم يكونوا كذلك.

سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ(159)

التفسير المختصر:
تنزه الله وتقدس عما يصفه به المشركون مما لا يليق به سبحانه من الولد والشريك وغير ذلك.
تفسير الجلالين:
 «سبحان الله» تنزيها له «عما يصفون» بأن لله ولدا.
تفسير السعدي:
سُبْحَانَ اللَّهِ الملك العظيم، الكامل الحليم، عما يصفه به المشركون من كل وصف أوجبه كفرهم وشركهم.

إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ(160)

التفسير المختصر:
إلا عباد الله المخلصين؛ فإنهم لا يصفون الله إلا بما يليق به سبحانه من صفات الجلال والكمال.
تفسير الجلالين:
 «إلا عباد الله المخلصين» أي المؤمنين استثناء منقطع أي فإنهم ينزهون الله تعالى عما يصفه هؤلاء.
تفسير السعدي:
إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ فإنه لم ينزه نفسه عما وصفوه به، لأنهم لم يصفوه إلا بما يليق بجلاله، وبذلك كانوا مخلصين.

فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ(161)

التفسير المختصر:
فإنكم أنتم - أيها المشركون - وما تعبدون من دون الله.
تفسير الجلالين:
 «فإنكم وما تعبدون» من الأصنام.
تفسير السعدي:
أي: إنكم أيها المشركون ومن عبدتموه مع اللّه، لا تقدرون أن تفتنوا وتضلوا أحدا إلا من قضى اللّه أنه من أهل الجحيم، فينفذ فيه القضاء الإلهي، والمقصود من هذا، بيان عجزهم وعجز آلهتهم عن إضلال أحد، وبيان كمال قدرة اللّه تعالى، أي: فلا تطمعوا بإضلال عباد اللّه المخلصين وحزبه المفلحين.

مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ(162)

التفسير المختصر:
لستم بمضلين من أحد عن دين الحق.
تفسير الجلالين:
 «ما أنتم عليه» أي على معبودكم عليه متعلق بقوله «بفاتنين» أي أحدا.
تفسير السعدي:
أي: إنكم أيها المشركون ومن عبدتموه مع اللّه، لا تقدرون أن تفتنوا وتضلوا أحدا إلا من قضى اللّه أنه من أهل الجحيم، فينفذ فيه القضاء الإلهي، والمقصود من هذا، بيان عجزهم وعجز آلهتهم عن إضلال أحد، وبيان كمال قدرة اللّه تعالى، أي: فلا تطمعوا بإضلال عباد اللّه المخلصين وحزبه المفلحين.

إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ(163)

التفسير المختصر:
إلا من قضى الله عليه أنه من أصحاب النار، فإن الله ينفذ فيه قضاءه فيكفر، ويدخل النار، أما أنتم ومعبوداتكم فلا قدرة لكم على ذلك.
تفسير الجلالين:
 «إلا من هو صال الجحيم» في علم الله تعالى.
تفسير السعدي:
أي: إنكم أيها المشركون ومن عبدتموه مع اللّه، لا تقدرون أن تفتنوا وتضلوا أحدا إلا من قضى اللّه أنه من أهل الجحيم، فينفذ فيه القضاء الإلهي، والمقصود من هذا، بيان عجزهم وعجز آلهتهم عن إضلال أحد، وبيان كمال قدرة اللّه تعالى، أي: فلا تطمعوا بإضلال عباد اللّه المخلصين وحزبه المفلحين.

وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ(164)

التفسير المختصر:
وقالت الملائكة مبينة عبوديتها لله، وبراءتها مما زعمه المشركون: وليس منا أحد إلا له مقام معلوم في عبادة الله وطاعته.
تفسير الجلالين:
 قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم «وما منا» معشر الملائكة أحد «إلا له مقام معلوم» في السماوات يعبد الله فيه لا يتجاوزه.
تفسير السعدي:
هذا [فيه] بيان براءة الملائكة عليهم السلام، عما قاله فيهم المشركون، وأنهم عباد اللّه، لا يعصونه طرفة عين، فما منهم من أحد إلا له مقام وتدبير قد أمره اللّه به لا يتعداه ولا يتجاوزه، وليس لهم من الأمر شيء.

وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ(165)

التفسير المختصر:
165 - 166 - وإنا - نحن الملائكة - لواقفون صفوفًا في عبادة الله وطاعته، وإنا لمنزِّهون الله عما لا يليق به من الصفات والنُّعوت.
تفسير الجلالين:
 «وإنا لنحن الصَّافون» أقدامنا في الصلاة.
تفسير السعدي:
وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ في طاعة اللّه وخدمته.

وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ(166)

التفسير المختصر:
165 - 166 - وإنا - نحن الملائكة - لواقفون صفوفًا في عبادة الله وطاعته، وإنا لمنزِّهون الله عما لا يليق به من الصفات والنُّعوت.
تفسير الجلالين:
 «وإنا لنحن المسبحون» المنزهون الله عما لا يليق به.
تفسير السعدي:
وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ لله عما لا يليق به.
فكيف - مع هذا - يصلحون أن يكونوا شركاء للّه؟! تعالى الله.

وَإِن كَانُوا لَيَقُولُونَ(167)

التفسير المختصر:
167 - 170 - وإن المشركين من أهل مكة كانوا يقولون قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم: لو كان عندنا كتاب من كتب الأولين كالتوراة مثلًا؛ لأخلصنا لله العبادة، وهم كاذبون في ذلك، فقد جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن فكفروا به، فسوف يعلمون ما ينتظرهم من العذاب الشديد يوم القيامة.
تفسير الجلالين:
 «وإن» مخففة من الثقيلة «كانوا» أي كفار مكة «ليقولون».
تفسير السعدي:
يخبر تعالى أن هؤلاء المشركين، يظهرون التمني، ويقولون: لو جاءنا من الذكر والكتب، ما جاء الأولين، لأخلصنا للّه العبادة، بل لكنا المخلصين على الحقيقة.

لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْرًا مِّنَ الْأَوَّلِينَ(168)

التفسير المختصر:
167 - 170 - وإن المشركين من أهل مكة كانوا يقولون قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم: لو كان عندنا كتاب من كتب الأولين كالتوراة مثلًا؛ لأخلصنا لله العبادة، وهم كاذبون في ذلك، فقد جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن فكفروا به، فسوف يعلمون ما ينتظرهم من العذاب الشديد يوم القيامة.
تفسير الجلالين:
 «لو أن عندنا ذكرا» كتابا «من الأولين» أي من كتب الأمم الماضية.
تفسير السعدي:
يخبر تعالى أن هؤلاء المشركين، يظهرون التمني، ويقولون: لو جاءنا من الذكر والكتب، ما جاء الأولين، لأخلصنا للّه العبادة، بل لكنا المخلصين على الحقيقة.

لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ(169)

التفسير المختصر:
167 - 170 - وإن المشركين من أهل مكة كانوا يقولون قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم: لو كان عندنا كتاب من كتب الأولين كالتوراة مثلًا؛ لأخلصنا لله العبادة، وهم كاذبون في ذلك، فقد جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن فكفروا به، فسوف يعلمون ما ينتظرهم من العذاب الشديد يوم القيامة.
تفسير الجلالين:
 «لكنا عباد الله المخلصين» العابدة له.
تفسير السعدي:
يخبر تعالى أن هؤلاء المشركين، يظهرون التمني، ويقولون: لو جاءنا من الذكر والكتب، ما جاء الأولين، لأخلصنا للّه العبادة، بل لكنا المخلصين على الحقيقة.

فَكَفَرُوا بِهِ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ(170)

التفسير المختصر:
167 - 170 - وإن المشركين من أهل مكة كانوا يقولون قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم: لو كان عندنا كتاب من كتب الأولين كالتوراة مثلًا؛ لأخلصنا لله العبادة، وهم كاذبون في ذلك، فقد جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن فكفروا به، فسوف يعلمون ما ينتظرهم من العذاب الشديد يوم القيامة.
تفسير الجلالين:
 قال تعالى: «فكفروا به» بالكتاب الذي جاءهم وهو القرآن الأشرف من ذلك الكتب «فسوف يعلمون» عاقبة كفرهم.
تفسير السعدي:
وهم كَذَبَة في ذلك، فقد جاءهم أفضل الكتب فكفروا به، فعلم أنهم متمردون على الحق فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ العذاب حين يقع بهم، ولا يحسبوا أيضا أنهم في الدنيا غالبون.

وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ(171)

التفسير المختصر:
171 - 173 - ولقد سبقت كلمتنا لرسلنا إنهم منصورون على أعدائهم بما منَّ الله عليهم به من الحجة والقوة، وإن الغلبة لجندنا الذين يقاتلون في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا.
تفسير الجلالين:
 (ولقد سبقت كلمتنا) بالنصر (لعبادنا المرسلين) وهي "" لأغلبن أنا ورسلي "".
تفسير السعدي:
قد سبقت كلمة اللّه التي لا مرد لها ولا مخالف لها لعباده المرسلين وجنده المفلحين.

إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ(172)

التفسير المختصر:
171 - 173 - ولقد سبقت كلمتنا لرسلنا إنهم منصورون على أعدائهم بما منَّ الله عليهم به من الحجة والقوة، وإن الغلبة لجندنا الذين يقاتلون في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا.
تفسير الجلالين:
 أو هي قوله «إنهم لهم المنصورون».
تفسير السعدي:
أنهم الغالبون لغيرهم، المنصورون من ربهم، نصرا عزيزا، يتمكنون فيه من إقامة دينهم، وهذه بشارة عظيمة لمن اتصف بأنه من جند اللّه، بأن كانت أحواله مستقيمة، وقاتل من أمر بقتالهم، أنه غالب منصور.

وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ(173)

التفسير المختصر:
171 - 173 - ولقد سبقت كلمتنا لرسلنا إنهم منصورون على أعدائهم بما منَّ الله عليهم به من الحجة والقوة، وإن الغلبة لجندنا الذين يقاتلون في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا.
تفسير الجلالين:
 «وإن جندنا» أي المؤمنين «لهم الغالبون» الكفار بالحجة والنصرة عليهم في الدنيا، وإن لم ينتصر بعض منهم في الدنيا ففي الآخرة.
تفسير السعدي:
أنهم الغالبون لغيرهم، المنصورون من ربهم، نصرا عزيزا، يتمكنون فيه من إقامة دينهم، وهذه بشارة عظيمة لمن اتصف بأنه من جند اللّه، بأن كانت أحواله مستقيمة، وقاتل من أمر بقتالهم، أنه غالب منصور.

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ(174)

التفسير المختصر:
فأعرض - أيها الرسول - عن هؤلاء المشركين المعاندين إلى مدة يعلمها الله حتى يأتي وقت عذابهم.
تفسير الجلالين:
 «فتول عنهم» أي أعرض عن كفار مكة «حتى حين» تؤمر فيه بقتالهم.
تفسير السعدي:
ثم أمر رسوله بالإعراض عمن عاندوا، ولم يقبلوا الحق، وأنه ما بقي إلا انتظار ما يحل بهم من العذاب،

وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ(175)

التفسير المختصر:
وانظرهم حين ينزل بهم العذاب، فسيبصرون حين لا ينفعهم إبصار.
تفسير الجلالين:
 «وأبصرهم» إذ نزل بهم العذاب «فسوف يبصرون» عاقبة كفرهم.
تفسير السعدي:
وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ من يحل به النكال، فإنه سيحل بهم.

أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ(176)

التفسير المختصر:
أفيستعجل هؤلاء المشركون بعذاب الله؟!
تفسير الجلالين:
 فقالوا استهزاء: متى نزول هذا العذاب؟ قال تعالى تهديدا لهم: «أفبعذابنا يستعجلون».

فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ(177)

التفسير المختصر:
فإذا نزل عذاب الله بهم فبئس الصباح صباحهم.
تفسير الجلالين:
 «فإذا نزل بساحتهم» بفنائهم قال الفراء: العرب تكتفي بذكر الساحة عن القوم «فَساء» بئس صباحا «صباح المنذَرين» فيه إقامة الظاهر مقام المضمر.
تفسير السعدي:
فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ أي: نزل عليهم، وقريبا منهم فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ لأنه صباح الشر والعقوبة، والاستئصال.

وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ(178)

التفسير المختصر:
وأعرض - أيها الرسول - عنهم حتى يقضي الله بعذابهم.
تفسير الجلالين:
 «وتول عنهم حتى حين».
تفسير السعدي:
ثم كرر الأمر بالتَّولي عنهم، وتهديدهم بوقوع العذاب.

وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ(179)

التفسير المختصر:
وانظر فسينظر هؤلاء ما يحل بهم من عذاب الله وعقابه.
تفسير الجلالين:
 «وأبصر فسوف يبصرون» كرر تأكيدا لتهديدهم وتسلية له صلى الله عليه وسلم.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ(180)

التفسير المختصر:
تنزه ربك - يا محمد - ربّ القوة، وتقدس عما يصفه به المشركون من صفات النقص.
تفسير الجلالين:
 «سبحان ربك رب العزة» الغلبة «عما يصفون» بأن له ولدا.
تفسير السعدي:
ولما ذكر في هذه السورة، كثيرا من أقوالهم الشنيعة، التي وصفوه بها، نزه نفسه عنها .
سُبْحَانَ رَبِّكَ أي: تنزه وتعالى رَبِّ الْعِزَّةِ [أي:] الذي عز فقهر كل شيء، واعتز عن كل سوء يصفونه به.

وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ(181)

التفسير المختصر:
وتحية الله وثناؤه على رسله الكرام.
تفسير الجلالين:
 «وسلام على المرسلين» المبلغين عن الله التوحيد والشرائع.
تفسير السعدي:
وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ لسلامتهم من الذنوب والآفات، وسلامة ما وصفوا به فاطر الأرض والسماوات.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(182)

التفسير المختصر:
والثناء كله لله سبحانه وتعالى، فهو المستحق له، وهو رب العالمين جميعًا، لا رب لهم سواه.
تفسير الجلالين:
 «والحمد لله رب العالمين» على نصرهم وهلاك الكافرين.
تفسير السعدي:
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الألف واللام، للاستغراق، فجميع أنواع الحمد، من الصفات الكاملة العظيمة، والأفعال التي ربى بها العالمين، وأدرَّ عليهم فيها النعم، وصرف عنهم بها النقم، ودبرهم تعالى في حركاتهم وسكونهم، وفي جميع أحوالهم، كلها للّه تعالى، فهو المقدس عن النقص، المحمود بكل كمال، المحبوب المعظم، ورسله سالمون مسلم عليهم، ومن اتبعهم في ذلك له السلامة في الدنيا والآخرة.
[وأعداؤه لهم الهلاك والعطب في الدنيا والآخرة]تم تفسير سورة الصافات في 6 شوال سنة 1343ه على يد جامعه:عبد الرحمن بن ناصر السعدي وصلى اللّه على سيدنا محمد وسلم تسليما والحمد للّه الذي بنعمته تتم الصالحات.


الجلالين&الميسر تفسير ابن كثير تفسير القرطبي
التفسير المختصر تفسير الطبري تفسير السعدي
As-Saaffat إعراب الصافات تفسير الشوكاني

تفسير المزيد من سور القرآن الكريم :

تفسير البقرة آل عمران تفسير النساء
تفسير المائدة تفسير يوسف تفسير ابراهيم
تفسير الحجر تفسير الكهف تفسير مريم
تفسير الحج تفسير القصص العنكبوت
تفسير السجدة تفسير يس تفسير الدخان
تفسير الفتح تفسير الحجرات تفسير ق
تفسير النجم تفسير الرحمن تفسير الواقعة
تفسير الحشر تفسير الملك تفسير الحاقة
تفسير الانشقاق تفسير الأعلى تفسير الغاشية

تحميل سورة الصافات بصوت أشهر القراء :

سورة الصافات  بصوت أحمد العجمي
أحمد العجمي
سورة الصافات  بصوت سعد الغامدي
سعد الغامدي
سورة الصافات  بصوت سعود الشريم
سعود الشريم
سورة الصافات  بصوت عبد الباسط عبد الصمد
عبد الباسط
سورة الصافات  بصوت فارس عباد
فارس عباد
سورة الصافات  بصوت ماهر المعيقلي
ماهر المعيقلي
سورة الصافات  بصوت محمد صديق المنشاوي
المنشاوي
سورة الصافات  بصوت الحصري
الحصري
سورة الصافات  بصوت العفاسي
مشاري العفاسي
سورة الصافات  بصوت ياسر الدوسري
ياسر الدوسري


لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب