ذكر فتنة الخوارج - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب ذكر فتنة الخوارج

عن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن عند رسول اللَّه ﷺ وهو يقسم قسما، أتاه ذو الخويصرة، وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول اللَّه، اعدل، فقال: «ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟ قد خبتُ وخسرتُ إن لم أكن أعدل!». فقال عمر: يا رسول اللَّه، ائذن لي فيه فأضرب عنقه؟ فقال: «دعه، فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يُجاوز تَراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فما يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه -وهو قدحه- فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود، إحدى
عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة تدردر، ويخرجون على حين فرقة من الناس». قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول اللَّه ﷺ، وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به، حتى نظرت إليه على نعت النبي ﷺ الذي نعته.

متفق عليه: رواه البخاريّ في علامات النبوة (٣٦١٠) ومسلم في الزكاة (١٤٨: ١٠٦٤) كلاهما من طريق الزهري، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري، فذكره.
عن أبي سعيد الخدري، قال: بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أبي طَالِبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ الْيَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا قَالَ: فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ بَيْنَ عُيَيْنَةَ ابْنِ بَدْرٍ، وَأَقْرَعَ بْنِ حابِسٍ، وَزَيْدِ الْخَيْلِ، وَالرَّابعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بن عُلَاثة وَإمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ. فَقَالَ رَجُل مِنْ أصحابهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلاءِ. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: «أَلا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صبَاحًا وَمَسَاءً». قَالَ: فَقَامَ رَجُل غَائِرُ الْعَيْنيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاشِزُ الْجَبْهَةِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ مُشَمَّرُ الْإِزَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اتَّقِ اللَّهَ. قَالَ: «وَيْلَكَ أَوَ لَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ». قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، فقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَال: «لا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي». قَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلٍ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ». قَال: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ، وَهُوَ مُقَفٍّ فَقَال: «إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ». قال: أَظُنُّهُ قَالَ: «لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ».
وزاد في رواية: فقام إليه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول اللَّه! ألا أضرب عنقه قال: لا، قال: ثم أدبر فقام إليه خالد سيف اللَّه فقال: يا رسول اللَّه! ألا أضرب عنقه قال: «لا»، فقال: «إنه سيخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب اللَّه ليِّنًا رطبًا».

متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (٤٣٥١)، ومسلم في الزكاة (١٠٦٤) كلاهما عن قتيبة ابن سعيد، حدّثنا عبد الواحد، عن عمارة بن القعقاع، حدّثنا عبد الرحمن بن أبي نُعم، قال: سمعت أبا سعيد الخدريّ يقول: فذكره.
ورواه مسلم (١٠٦٤: ١٤٥) عن عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا جرير، عن عمارة بن القعقاع بهذا الإسناد، وقال: «وعلقمة بن علاثة»، ولم يذكر عامر بن الطفيل، وقال: «نأتئ الجبهة» ولم يقل:
«ناشز»، وزاد: فقام إليه عمر بن الخطاب. . . الخ.
وقد أكثر الشيخان من ذكر طرقه وألفاظه، وبعضها مذكورة في مواضع أخرى من الجامع الكامل.
عن أبي سعيد أن النبي ﷺ ذكر قوما يكونون في أمته، يخرجون في فرقة من الناس، سيماهم التحالق، قال: «هم شر الخلق -أو من أشر الخلق- يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق»، قال فضرب النبي ﷺ لهم مثلا أو قال قولا: الرجل يرمي الرمية -أو قال: الغرض- فينظر في النصل فلا يرى بصيرة، وينظر في النضي فلا يرى بصيرة، وينظر في الفوق فلا يرى بصيرة. قال: قال أبو سعيد: وأنتم قتلتموهم يا أهل العراق.
وفي لفظ: «تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق».
وفي لفظ: «تكون في أمتي فرقتان فيخرج من بينهما مارقة يلي قتلهم أولاهم بالحق».

صحيح: رواه مسلم في الزكاة (١٠٦٤: ١٤٩) عن محمد بن المثنى، حدّثنا ابن أبي عدي، عن سليمان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، فذكره باللفظ الأول.
ورواه (١٠٦٤: ١٥٠) عن شيبان بن فروخ، حدّثنا القاسم (هو ابن الفضل الحداني)، حدّثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد الخدري، فذكره باللفظ الثاني.
ورواه (١٠٦٤: ١٥١) من طريق قتيبة قال: حدّثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري باللفظ الثالث.
عن أبي سعيد الخدري، عن النبي ﷺ قال: «يخرج ناس من قبل المشرق، ويقرءون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه، حتى يعود السهم إلى فوقه» قيل: ما سيماهم؟ قال: «سيماهم التحليق -أو قال- التسبيد».

صحيح: رواه البخاريّ في التوحيد (٧٥٦٢) عن أبي النعمان، حدّثنا مهدي بن ميمون، سمعت محمد بن سيرين، يحدث عن معبد بن سيرين، عن أبي سعيد الخدري، فذكره.
وقوله: «التسبيد» معناه: حلق الرأس واستئصال الشعر، أو تركُ التدهنِ وغسلِ الرأس.
عن يُسير بن عمرو قال: قلت لسهيل بن حنيف: هل سمعت النبي ﷺ يقول في الخوارج شيئًا؟ قال: سمعته يقول -وأهوى بيده قبل العراق-: «يخرج منه قوم يقرؤون القرآن، لا يُجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية».

متفق عليه: رواه البخاريّ في استتابة المرتدين (٦٩٣٤)، ومسلم في الزكاة (١٠٦٨: ١٥٩) كلاهما من حديث عبد الواحد، حدّثنا سليمان الشيباني، حدّثنا يسير بن عمرو، فذكره. والسياق للبخاري.
ورواه مسلم (١٠٦٨: ١٦٠) من طريق يزيد بن هارون، عن العوّام بن حوشب، حدّثنا أبو إسحاق الشيباني، عن أُسير بن عمرو، عن سهل بن حنيف باللفظ الثاني.
عن جابر بن عبد اللَّه قال: أتى رجلٌ رسولَ اللَّه ﷺ بالجعرانة منصرفه من حنين، وفي ثوب بلال فضة، ورسول اللَّه ﷺ يقبض منها يعطي الناس، فقال: يا محمد، اعدلْ، قال: «ويلك، ومن يعدلُ إذا لم أكنْ أعدل؟ لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل» فقال عمر بن الخطاب دعني يا رسول اللَّه، فأقتل هذا المنافق فقال: «معاذ اللَّه أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية».

متفق عليه: رواه مسلم في الزكاة (١٠٦٣) عن محمد بن رمح بن المهاجر، أخبرنا الليث، عن يحيى بن سعيد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكره.
ورواه البخاريّ في فرض الخمس (٣١٣٨) من وجه آخر عن جابر مختصرًا.
قوله: «لا يجاوز حناجرهم» قال القاضي عياض: فيه تأويلان:
أحدهما: لا تفقه قلوبهم، ولا ينتفعون بما تلوا منه، ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة والحلق.
والثاني: أي لا يصعد لهم عملٌ ولا تلاوة ولا يتقبّل، والحناجر جمع حنجرة.
قوله: «يمرقون من الدين» أي يخرجون منه.
عن أبي ذر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إن بعدي من أمتي -أو سيكون بعدي من أمتي- قوم يقرؤون القرآن، لا يجاوز حلاقيمهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه، هم شر الخلق والخليقة».

صحيح: رواه مسلم في الزكاة (١٠٦٧) عن شيبان بن فروخ، حدّثنا سليمان بن المغيرة، حدّثنا حميد بن هلال، عن عبد اللَّه بن الصامت، عن أبي ذر، فذكره.
قال عبد اللَّه بن الصامت: فلقيت رافع بن عمرو الغفاري أخا الحكم الغفاري، قلت ما حديث سمعته من أبي ذر كذا وكذا؟ فذكرت له هذا الحديث، فقال: وأنا سمعته من رسول اللَّه ﷺ.
عن أنس بن مالك وأبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال: «سيكون في أمتي خلاف وفرقة: قوم يُحسنون القِيل، ويُسيئون الفِعل، يقرؤون القرآن لا يُجاوز تراقيهم، يحقرُ أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، لا يرجعون حتى يرتَدَّ على فُوقه، هم شر الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه، يدعون إلى كتاب اللَّه، وليسوا منه في شيء، من قاتلهم كان
أولى باللَّه منهم» قالوا: يا رسول اللَّه ما سيماهم؟ قال: «التحليق».

صحيح: رواه أبو داود (٤٧٦٣)، وأحمد (١٣٣٣٨)، والحاكم (٢/ ١٤٨) من طرق عن أبي عمرو الأوزاعي، حدثني قتادة، عن أنس وأبي سعيد الخدري، فذكراه. واللفظ لأحمد.
ورواه الحاكم (٢/ ١٤٧ - ١٤٨) من طريق محمد بن كثير المصيصي، حدّثنا الأوزاعي، عن قتادة، عن أنس وحده.
ورواه أبو داود (٤٧٦٦)، وابن ماجه (١٧٥)، وأحمد (١٣٠٣٦) كلهم من طريق معمر، عن قتادة، عن أنس وحده بنحوه.
وإسناده صحيح عن أنس، وأما عن أبي سعيد ففيه انقطاع.
قال الحاكم: «لم يسمع هذا الحديث قتادة عن أبي سعيد الخدري، إنما سمعه من أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد، ثم أسنده».
وقد روي الحديث عن أبي سعيد الخدري من طرق متعددة صحيحة بألفاظ مطولة ومختصرة كما تقدم.
عن ابن عمر، أن رسول اللَّه ﷺ قال: ينشأ نشء يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج قرن قطع، قال ابن عمر: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «كلما خرج قرن قطع، أكثر من عشرين مرة، حتى يخرج في عراضهم الدجال».

حسن: رواه ابن ماجه (١٧٤) عن هشام بن عمار، حدّثنا يحيى بن حمزة، حدّثنا الأوزاعي، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
وإسناده حسن من أجل هشام بن عمار فإنه حسن الحديث.
عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ليقرأن القرآن ناس من أمتي، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية».

حسن: رواه ابن ماجه (١٧١)، وأحمد (٢٣١٢) كلاهما من طريق أبي الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده حسن من أجل سماك (هو ابن حرب) وهو وإنْ تكلم في روايته عن عكرمة خاصة لكن جزم الدارقطني بأن ما حدث عنه شعبة والثوري وأبو الأحوص فأحاديثهم عنه سليمة.
عن عبد اللَّه بن عمر -وذكر الحرورية- فقال: قال النبي ﷺ: «يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية».

صحيح: رواه البخاريّ في استتابة المرتدين (٦٩٣٢) عن يحيى بن سليمان، حدثني ابن وهب، حدثني عمر أن أباه حدثه عن عبد اللَّه بن عمر، فذكره.
عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «يخرج في آخر الزمان قوم
أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير الناس، يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، فمن لقيهم فليقتلهم، فإن قتلهم أجر عند اللَّه لمن قتلهم».

حسن: رواه الترمذيّ (٢١٨٨)، وابن ماجه (١٦٨)، وأحمد (٣٨٣١) كلهم من طريق أبي بكر ابن عياش، عن عاصم، عن زر (هو ابن حبيش)، عن عبد اللَّه بن مسعود، فذكره.
وإسناده حسن من أجل أبي بكر بن عياش وعاصم هو ابن أبي النجود فإنهما حسنا الحديث.
وقال الترمذيّ: «هذا حديث حسن صحيح».
عن شريك بن شهاب قال: كنت أتمنى أن ألقى رجلا من أصحاب النبي ﷺ، أسأله عن الخوارج، فلقيت أبا برزة في يوم عيد في نفر من أصحابه، فقلت له: هل سمعت رسول اللَّه ﷺ يذكر الخوارج؟ فقال: نعم، سمعت رسول اللَّه ﷺ بأذني، ورأيته بعيني، أتي رسول اللَّه ﷺ بمال، فقسمه، فأعطى من عن يمينه، ومن عن شماله، ولم يعط من وراءه شيئًا، فقام رجل من ورائه، فقال: يا محمد، ما عدلت في القسمة، -رجل أسود مطموم الشعر عليه ثوبان أبيضان- فغضب رسول اللَّه ﷺ غضبًا شديدًا، وقال: «واللَّه لا تجدون بعدي رجلا هو أعدل مني»، ثم قال: «يخرج في آخر الزمان قوم كأن هذا منهم، يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، سيماهم التحليق، لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم هم شر الخلق والخليقة».

حسن: رواه النسائي (٤١٠٣)، وأحمد (١٩٧٣٨)، والحاكم (٢/ ١٤٦ - ١٤٧) كلهم من طريق حماد بن سلمة، أخبرنا الأزرق بن قيس، عن شريك بن شهاب، فذكره.
قال النسائي عقب الحديث: «شريك بن شهاب ليس بذلك المشهور». ولم يجرحه، وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال الحاكم فقال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم».
وإسناده حسن من أجل شريك بن شهاب لأن النسائي عرفه ولم يجرحه، ولأن ما يرويه له أصل ثابت.
عن علي بن أبي طالب قال: إذا حدثتكم عن رسول اللَّه ﷺ فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أقول عليه ما لم يقل، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة، سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم،
يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموه فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم عند اللَّه يوم القيامة».

متفق عليه: رواه البخاريّ في استتابة المرتدين (٦٩٣٠)، ومسلم في الزكاة (١٠٦٦: ١٥٤) كلاهما من طريق الأعمش، عن خيثمة، عن سويد بن غفلة قال: قال علي، فذكره.
عن أبي بكرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «سيخرج قوم أحداث أحداء أشداء ذلقة ألسنتهم بالقرآن يقرؤونه لا يجاوز تراقيهم فإذا لقيتموهم فأنيموهم ثم إذا لقيتموهم فاقتلوهم فإنه يؤجر قاتلهم».

حسن: رواه أحمد (٢٠٣٨٢، ٢٠٤٤٦)، والبزار (٣٦٧٦)، والحاكم (٢/ ١٤٦) كلهم من طرق عن عثمان الشحام، عن مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه، فذكره.
وقال البزار: «وهذا الحديث لا نعلم أحدًا يرويه عن أبي بكرة إلا بهذا الطريق، وقد روي عن النبي ﷺ هذا الكلام ونحوه من وجوه بألفاظ مختلفة، وفي حديث أبي بكرة شيء ليس في حديث غيره».
وإسناده حسن من أجل عثمان الشحام ومسلم بن أبي بكرة فإنهما حسنا الحديث.
وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم».
عن مقسم أبي القاسم مولى عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل قال: خرجت أنا وتَليد ابن كلاب الليثي، حتى أتينا عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وهو يطوف بالبيت، معلقا نعليه بيده، فقلنا له: هل حضرت رسول اللَّه ﷺ حين يكلمه التميمي يوم حنين؟ قال: نعم، أقبل رجل من بني تميم، يقال له: ذو الخويصرة، فوقف على رسول اللَّه ﷺ، وهو يعطي الناس، قال: يا محمد، قد رأيت ما صنعتَ في هذا اليوم، فقال رسول اللَّه ﷺ: «أجل، فكيف رأيت؟» قال: لم أرك عدلت، قال: فغضب رسول اللَّه ﷺ، ثم قال: «ويحك إن لم يكن العدل عندي فعند من يكون؟» فقال عمر بن الخطاب: يا رسول اللَّه ألا نقتله؟ قال: «لا، دعوه، فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين، حتى يخرجوا منه، كما يخرج السهم من الرمية، ينظر في النصل فلا يوجد شيء، ثم في القدح فلا يوجد شيء، ثم في الفوق فلا يوجد شيء، سبق الفرثَ والدمَ».

حسن: رواه أحمد (٧٠٣٨) عن يعقوب (هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري)، حدّثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن مقسم أبي القاسم، فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق فإنه حسن الحديث إذا صرح بالتحديث، وكذا أبو عبيدة بن محمد ومقسم حسنا الحديث.
قال الهيثمي في المجمع (٦/ ٢٢٧ - ٢٢٨): «رجال أحمد ثقات».
قوله: «سبق الفرثَ والدمَ» قال الحافظ في الفتح (٦/ ٦١٨): «شبَّه مروقهم من الدين بالسهم الذي يصيب الصيد، فيدخل فيه، ويخرج منه، ومن شدة سرعة خروجه -لقوة الرامي- لا يعلقُ من جسد الصيد شيءٌ».
عن أبي غالب يقول: لما أتي برؤوس الأزارقة، فنصبت على درج دمشق، جاء أبو أمامة، فلما رآهم دمعت عيناه، فقال: كلاب النار، ثلاث مرات، هؤلاء شر قتلى قُتلوا تحت أديم السماء، وخير قتلى قُتلوا تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء، قال: فقلت: فما شأنك؟ دمعت عيناك، قال: رحمةً لهم، إنهم كانوا من أهل الإسلام، قال: قلنا: أَبِرأيك قلت: هؤلاء كلاب النار أو شيء سمعته من رسول اللَّه ﷺ؟ قال: إني لجريء، بل سمعته من رسول اللَّه ﷺ غير مرة ولا ثنتين ولا ثلاث. قال: فعد مرارًا.

حسن: رواه أحمد (٢٢١٨٣) واللفظ له، والترمذي (٣٠٠٠)، وابن ماجه (١٧٦)، والطيالسي (١٢٣٢) كلهم من طرق عن أبي غالب، فذكره.
وقال الترمذيّ: «هذا حديث حسن، وأبو غالب اسمه حزور، وأبو أمامة الباهلي اسمه صدي ابن عجلان وهو سيد باهلة».
قال الأعظمي: وهو كما قال؛ فإن أبا غالب مختلف فيه غير أنه حسن الحديث ما لم يأت بما ينكر عليه، وقد تابعه سيار الأموي -وهو صدوق- عند أحمد (٢٢١٥١)، وشداد بن عبد اللَّه أبو عمار عند الحاكم (٢/ ١٤٩)، وجاء في بعض الروايات أن أبا أمامة قرأ: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران: ١٠٦] وقد وقع في بعض الروايات أنه مرفوع، والصواب أنه موقوف.
وروي الحديث عن أبي أمامة بألفاظ مختلفة، في بعضها مناكير، لم يتابع عليها رواتها.
عن سعيد بن جُمهان قال: أتيت عبد اللَّه بن أبي أوفى وهو محجوب البصر، فسلمت عليه، قال لي: من أنت؟ فقلت: أنا سعيد بن جمهان، قال: فما فعل والدك؟ قال: قلت: قتلتْه الأزارقة، قال: لعن اللَّه الأزارقة، لعن اللَّه الأزارقة، حدّثنا رسول اللَّه ﷺ: «أنهم كلاب النار»، قال: قلت: الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلها؟، قال: بل الخوارج كلها. قال: قلت: فإن السلطان يظلم الناس، ويفعل بهم، قال: فتناول يدي، فغمزها بيده غمزة شديدة، ثم قال: ويحك يا ابن جُمهان، عليك بالسواد الأعظم، عليك بالسواد الأعظم، إن كان السلطان يسمع منك، فأْتِه في بيته، فأخبرْه بما تعلم، فإن قبلَ منك، وإلا فدعْه، فإنك لستَ بأعلم منه.

حسن: رواه أحمد (١٩٤١٥) عن أبي النضر، حدّثنا الحشرج بن نباتة العبسي، حدثني سعيد
ابن جمهان، فذكره.
ورواه الحاكم (٣/ ٥٧١) من طريق عبد اللَّه بن المبارك، عن حشرج به إلى قوله: «أنهم كلاب النار».
وإسناده حسن من أجل حشرج بن نباتة وسعيد بن جمهان فإنهما حسنا الحديث.
وقال الهيثمي في المجمع (٥/ ٢٣٠): «رجال أحمد ثقات».
ورواه ابن ماجه (١٧٣)، وأحمد (١٩١٣٠) كلاهما من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق، عن الأعمش، عن عبد اللَّه بن أبي أوفى قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «الخوارج كلاب النار».
والأعمش لم يسمع من عبد اللَّه بن أبي أوفى كما قال غير واحد من النقاد منهم: يحيى بن سعيد القطان، وابن معين، وأحمد، وأبو حاتم الرازي.
وقوله: «إن كان السلطان يسمع منك فأته في بيته» فيه توجيه عظيم لمن يريد نصح السلطان، ثم ليس على السلطان قبول نصيحة كل ناصح لأنه أعلم بأمور الحكم وسياسة البلاد ورعاية الأمة كما قال عبد اللَّه بن أبي أوفى: «فإنك لست بأعلم منه».
عن جابر قال: مر على رسول اللَّه ﷺ رجلٌ، فقالوا فيه وأثنوا عليه فقال: «من يقتله؟» قال أبو بكر: أنا، فانطلق فوجده قد خط على نفسه خطة فهو قائم يصلي فيها، فلما رآه على ذلك الحال، رجع ولم يقتله، فقال رسول اللَّه ﷺ: «من يقتله؟» فقال عمر: أنا، فذهب، فرآه يصلي في خطة قائما يصلي، فرجع، ولم يقتله فقال: رسول اللَّه ﷺ: «من له - أو من يقتله؟» فقال: علي: أنا، فقال رسول اللَّه ﷺ: «أنت، ولا أراك تدركه، فانطلق، فوجده قد ذهب».

حسن: رواه أبو يعلى (٢٣١٥)، وابن أبي شيبة وابن منيع في مسنديهما - كما في المطالب العالية (٢٩٩٣)، ومحمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (٣٢٩) كلهم من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا العوّام بن حوشب، حدثني أبو سفيان طلحة بن نافع، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكره.
وإسناده حسن من أجل طلحة بن نافع فإنه حسن الحديث.
قال الهيثمي في المجمع (٦/ ٢٢٧): «رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح».
عن أبي بكرة: أن نبي اللَّه ﷺ مر برجل ساجد، وهو ينطلق إلى الصلاة، فقضى الصلاة، ورجع عليه وهو ساجد، فقام النبي ﷺ، فقال: «من يقتل هذا؟» فقام رجل، فحسر عن يديه، فاخترط سيفه، وهزه، ثم قال: يا نبي اللَّه، بأبي أنت وأمي، كيف أقتل رجلًا ساجدًا، يشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا عبده ورسوله؟، ثم قال: «من يقتل هذا؟» فقام رجل، فقال: أنا، فحسر عن ذراعيه، واخترط سيفَه، وهزه حتى أُرْعِدَتْ يدُه، فقال: يا نبي اللَّه، كيف أقتل رجلا ساجدًا، يشهد أن لا إله إلا اللَّه،
وأن محمدا عبده ورسوله؟ فقال النبي ﷺ: «والذي نفس محمد بيده لو قتلتموه، لكان أولَ فتنةٍ وآخرَها».

حسن: رواه أحمد (٢٠٤٣١)، وابن أبي عاصم في السنة (٩٧١) كلاهما من حديث روح بن عبادة، حدّثنا عثمان الشحام، حدّثنا مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عثمان بن الشحام ومسلم بن أبي بكرة فإنهما حسنا الحديث.
قوله: «لو قتلتموه لكان أول فتنة وآخرها» فيه دلالة على أن النبي ﷺ لم يعزم على قتل رجلٍ يصلي؛ لأن في قتله فتنة عظيمة، إلا أن هذه القصة رويت بألفاظ مختلفة بعضها يرجع إلى اختلاف الرواة، والخلاصة كما قلت.

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 32 من أصل 111 باباً

معلومات عن حديث: ذكر فتنة الخوارج

  • 📜 حديث عن ذكر فتنة الخوارج

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ ذكر فتنة الخوارج من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث ذكر فتنة الخوارج

    تحقق من درجة أحاديث ذكر فتنة الخوارج (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث ذكر فتنة الخوارج

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث ذكر فتنة الخوارج ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن ذكر فتنة الخوارج

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع ذكر فتنة الخوارج.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 24, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب