ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل

حديث: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل

عن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن عند رسول اللَّه ﷺ وهو يقسم قسما، أتاه ذو الخويصرة، وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول اللَّه، اعدل، فقال: «ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟ قد خبتُ وخسرتُ إن لم أكن أعدل!». فقال عمر: يا رسول اللَّه، ائذن لي فيه فأضرب عنقه؟ فقال: «دعه، فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يُجاوز تَراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فما يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه -وهو قدحه- فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود، إحدى
عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة تدردر، ويخرجون على حين فرقة من الناس». قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول اللَّه ﷺ، وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به، حتى نظرت إليه على نعت النبي ﷺ الذي نعته.

متفق عليه: رواه البخاريّ في علامات النبوة (٣٦١٠) ومسلم في الزكاة (١٤٨: ١٠٦٤) كلاهما من طريق الزهري، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه، معتمدًا على كبار شروح الحديث المعتمدة لدى أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:

● ذو الخويصرة: رجل من بني تميم، وهو أول الخوارج الذين ظهروا في الإسلام.
● ويلك: كلمة تقال للتحذير من الهلاك، وهي من الويل وهو العذاب أو الهلاك.
● يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم: أي لا يتعدى القرآن حناجرهم فلا يصل إلى قلوبهم ليعملوا به.
● يمرقون من الدين: يخرجون منه خروجًا سريعًا.
● نصله: حديدة السهم.
● رصافه: ما يثبت به النصل من خشب السهم.
● نضيه: قدح السهم.
● قذذه: ريش السهم.
● سبق الفرث والدم: أي أن السهم خرج سريعًا حتى لم يتعلق به شيء من الفرث (فضلات الطعام في البطن) أو الدم.
● البضعة تدردر: قطعة لحم مترهلة تتمايل.
● على حين فرقة: عند اختلاف الناس وافتراقهم.

ثانيًا. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن موقف مهم وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يقسم الغنائم أو الصدقات بين الناس، فجاءه رجل من بني تميم يسمى ذا الخويصرة وأنكر على النبي صلى الله عليه وسلم في قسمته قائلاً: "اعدل" متهمًا إياه بعدم العدل.
فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ردًا حازمًا: "ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟" وهذا بيان لعظم منزلة النبي صلى الله عليه وسلم وعدالته التي هي من صفاته الأساسية، ثم قال: "قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل" أي لقد هلكت وخسرت إن لم أكن أعدل في قسمتي.
وهنا ثار غضب عمر بن الخطاب رضي الله عنه لهذه الجرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلب الإذن بقتله، لكن النبي صلى الله عليه وسلم منعه من ذلك وأخبر أن لهذا الرجل أتباعًا سيظهرون بعد ذلك ووصفهم بأوصاف دقيقة.

ثالثًا. الدروس المستفادة:

1- عصمة النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث يؤكد عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الظلم والجور في أحكامه وأقواله وأفعاله.
2- خطر التسرع في الإنكار: ذو الخويصرة أنكر على النبي صلى الله عليه وسلم بدون بينة ولا علم، وهذا من أعظم الأخطاء.
3- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم: رغم الجرأة عليه إلا أنه لم يأذن بقتل الرجل، لعلمه بأن قتله قد يسبب فتنة، ولأن أمر خروجه وأتباعه سيظهر بعد ذلك.
4- صفات الخوارج: الحديث يصف الخوارج بأوصاف دقيقة:
- يظهرون العبادة والاجتهاد في الصلاة والصيام وقراءة القرآن
- لكنهم يخالفون السنة ولا يعملون بالقرآن حق العمل
- قلوبهم خالية من الإيمان الحقيقي
- يخرجون على المسلمين عند الاختلاف والفرقة
5- علامة الخوارج: الحديث يذكر علامة خاصة في زعيمهم (رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة) وقد تحققت هذه العلامة كما شهد أبو سعيد الخدري.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الحديث من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر بأمر سيقع بعد وفاته فتحقق كما أخبر.
- الخوارج فرقة ظهرت في عهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقاتلهم في معركة النهروان.
- الحديث يحذر من الغلو في الدين والانحراف عن منهج الاعتدال الذي جاء به الإسلام.
- يستفاد من الحديث وجوب التثبت وعدم التسرع في إصدار الأحكام على الآخرين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في علامات النبوة (٣٦١٠) ومسلم في الزكاة (١٤٨: ١٠٦٤) كلاهما من طريق الزهري، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 102 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل

📜 حديث: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية