حديث: من يقتل هذا وهو ساجد يشهد أن لا إله إلا الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ذكر فتنة الخوارج

عن أبي بكرة: أن نبي اللَّه ﷺ مر برجل ساجد، وهو ينطلق إلى الصلاة، فقضى الصلاة، ورجع عليه وهو ساجد، فقام النبي ﷺ، فقال: «من يقتل هذا؟» فقام رجل، فحسر عن يديه، فاخترط سيفه، وهزه، ثم قال: يا نبي اللَّه، بأبي أنت وأمي، كيف أقتل رجلًا ساجدًا، يشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا عبده ورسوله؟، ثم قال: «من يقتل هذا؟» فقام رجل، فقال: أنا، فحسر عن ذراعيه، واخترط سيفَه، وهزه حتى أُرْعِدَتْ يدُه، فقال: يا نبي اللَّه، كيف أقتل رجلا ساجدًا، يشهد أن لا إله إلا اللَّه،
وأن محمدا عبده ورسوله؟ فقال النبي ﷺ: «والذي نفس محمد بيده لو قتلتموه، لكان أولَ فتنةٍ وآخرَها».

حسن: رواه أحمد (٢٠٤٣١)، وابن أبي عاصم في السنة (٩٧١) كلاهما من حديث روح بن عبادة، حدّثنا عثمان الشحام، حدّثنا مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه، فذكره.

عن أبي بكرة: أن نبي اللَّه ﷺ مر برجل ساجد، وهو ينطلق إلى الصلاة، فقضى الصلاة، ورجع عليه وهو ساجد، فقام النبي ﷺ، فقال: «من يقتل هذا؟» فقام رجل، فحسر عن يديه، فاخترط سيفه، وهزه، ثم قال: يا نبي اللَّه، بأبي أنت وأمي، كيف أقتل رجلًا ساجدًا، يشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا عبده ورسوله؟، ثم قال: «من يقتل هذا؟» فقام رجل، فقال: أنا، فحسر عن ذراعيه، واخترط سيفَه، وهزه حتى أُرْعِدَتْ يدُه، فقال: يا نبي اللَّه، كيف أقتل رجلا ساجدًا، يشهد أن لا إله إلا اللَّه،
وأن محمدا عبده ورسوله؟ فقال النبي ﷺ: «والذي نفس محمد بيده لو قتلتموه، لكان أولَ فتنةٍ وآخرَها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهم، عن الصحابي الجليل أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي رضي الله عنه، وهو حديث صحيح.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● حَسَرَ عن يديه / ذراعيه: أي كشفهما ورفع ثوبه عنهما استعدادًا للقتال والفعل الشديد.
● اخْتَرَط سيفه: أخرجه من غمده.
● هَزَّه: حركه استعدادًا للضرب.
● أُرْعِدَتْ يده: اضطربت وارتعدت من شدة الهز والحماس للقتال، أو من شدة التعجب والخوف من الأمر.
● أول فتنة وآخرها: أي لكان ذلك الفعل سببًا لفتنة عظيمة مستمرة، تفتح باب شر لا يُغلق.


ثانيًا. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي أبو بكرة رضي الله عنه عن موقف عظيم جليل، حيث مر النبي صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى الصلاة برجل يسجد لله تعالى (أي يصلي)، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته ورجع، وجد الرجل لا يزال ساجدًا في صلاته.
فوقف النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بأمرٍ شديدٍ مفاده: «مَنْ يَقْتُلُ هَذَا؟»، فنهض رجل من الصحابة مسرعًا لامتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وكشف عن ساعديه استعدادًا لل action، وأخرج سيفه وهزه بحماس، ولكن ثمّة شيء أوقفه: إيمانه وتقواه. فتوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً بأدب جم: "يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، كيف أقتل رجلاً ساجدًا يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله؟". فهو يعلم أن هذا الرجل مسلم مصلٍّ، فكيف يُقتل؟
كرر النبي صلى الله عليه وسلم الأمر مرة ثانية: «مَنْ يَقْتُلُ هَذَا؟»، فنهض رجل آخر، وفعل كما فعل الأول من الاستعداد التام للقتال، حتى ارتعدت يده من شدة الحماس أو الاضطراب، ثم قال نفس الكلام: يعترض على القتل لأن الرجل مسلم يشهد الشهادتين.
عندها بيّن النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة من هذا الأمر الصادم، فحلف بقوله: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ» – وهذا قسم عظيم – «لَوْ قَتَلْتُمُوهُ، لَكَانَ أَوَّلَ فِتْنَةٍ وَآخِرَهَا».


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظم خطر الابتداع في الدين: الظاهر من سياق القصة أن هذا الرجل كان مبتدعًا في دينه، حيث أطال السجد بشكل غير مألوف ومخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته. فالنبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يوضح خطورة هذا الفعل – الذي يبدو للبعض أنه من "العبادة" – حتى إنه كاد أن يكون سببًا لإهدار دم صاحبه لولا أن الله حمى حرمة الدم المسلم بالشهادتين. وهذا تحذير شديد من مخالفة السنة والابتداع في العبادة.
2- امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم دون تردد: نرى كيف أن الصحابة قاموا فورًا لتنفيذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدون نقاش أولي، وهذا من قوة إيمانهم وثقتهم المطلقة في نبيهم صلى الله عليه وسلم، حتى لو كان الأمر غريبًا عليهم.
3- الحكمة من التمثيل والتأكيد: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يريد قتله حقًا، بل أراد أن يوضح للصحابة وللأمة من بعدهم خطورة ما فعل هذا الرجل، وأنه ليس من الدين في شيء. فجعل الأمر كأنه واقع ليهز مشاعرهم ويعلق الأذهان بجسامة الفعل.
4- حرمة دم المسلم: رغم غرابة الأمر، فإن الصحابة توقفوا عند الحدود التي علموها من الدين، وهي أن دم المسلم المعصوم لا يحل إلا بحق. فاستفسروا بأدب عن الحكمة، مع بقاء الاستعداد للامتثال. فجمعوا بين الطاعة العمياء للنبي والتفقه في الدين.
5- الفتنة التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم: لو أن الصحابة قتلوا هذا الرجل لفتح ذلك الباب لأمور عظيمة:
- لربما ظن بعض الناس أن الإسلام يأمر بقتل المصلين!
- لربما أدى ذلك إلى اقتتال بين المسلمين.
- لكان سابقة يُحتج بها لقتل أي شخص يخالف الآخرين في رأيه أو عبادته ولو كان مسلمًا.
- فهو أول فتنة بفتح باب القتل على المخالف في الرأي والعبادة، وكانت آخر فتنة لأن آثارها ستستمر إلى آخر الزمان.
6- التثبت وعدم التسرع في إراقة الدماء: الحديث تحذير واضح للمسلمين في كل عصر من التسرع في اتهام الناس بالكفر أو الضلال، واستباحة دمائهم وأموالهم لمجرد اختلافهم في مسائل فرعية أو أساليب العبادة.


رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من أبلغ الأحاديث تحذيرًا من الغلو في الدين والابتداع فيه.
- يستدل به العلماء على ذم من يتعبد بغير ما شرع الله، وأن فعله وإن ظنه عبادة فهو معصية وضلال.
- هو أساس عظيم في باب الحكم على الناس، ووجوب التثبت والتأني، وصيانة الدماء المعصومة.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٠٤٣١)، وابن أبي عاصم في السنة (٩٧١) كلاهما من حديث روح بن عبادة، حدّثنا عثمان الشحام، حدّثنا مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عثمان بن الشحام ومسلم بن أبي بكرة فإنهما حسنا الحديث.
قوله: «لو قتلتموه لكان أول فتنة وآخرها» فيه دلالة على أن النبي ﷺ لم يعزم على قتل رجلٍ يصلي؛ لأن في قتله فتنة عظيمة، إلا أن هذه القصة رويت بألفاظ مختلفة بعضها يرجع إلى اختلاف الرواة، والخلاصة كما قلت.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 121 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يقتل هذا وهو ساجد يشهد أن لا إله إلا الله

  • 📜 حديث: من يقتل هذا وهو ساجد يشهد أن لا إله إلا الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من يقتل هذا وهو ساجد يشهد أن لا إله إلا الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من يقتل هذا وهو ساجد يشهد أن لا إله إلا الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من يقتل هذا وهو ساجد يشهد أن لا إله إلا الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب