حديث: من يعدل إذا لم أكن أعدل

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ذكر فتنة الخوارج

عن جابر بن عبد اللَّه قال: أتى رجلٌ رسولَ اللَّه ﷺ بالجعرانة منصرفه من حنين، وفي ثوب بلال فضة، ورسول اللَّه ﷺ يقبض منها يعطي الناس، فقال: يا محمد، اعدلْ، قال: «ويلك، ومن يعدلُ إذا لم أكنْ أعدل؟ لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل» فقال عمر بن الخطاب دعني يا رسول اللَّه، فأقتل هذا المنافق فقال: «معاذ اللَّه أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية».

متفق عليه: رواه مسلم في الزكاة (١٠٦٣) عن محمد بن رمح بن المهاجر، أخبرنا الليث، عن يحيى بن سعيد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكره.

عن جابر بن عبد اللَّه قال: أتى رجلٌ رسولَ اللَّه ﷺ بالجعرانة منصرفه من حنين، وفي ثوب بلال فضة، ورسول اللَّه ﷺ يقبض منها يعطي الناس، فقال: يا محمد، اعدلْ، قال: «ويلك، ومن يعدلُ إذا لم أكنْ أعدل؟ لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل» فقال عمر بن الخطاب دعني يا رسول اللَّه، فأقتل هذا المنافق فقال: «معاذ اللَّه أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وفيه دروس وعبر جليلة.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● الجعرانة: موضع بين مكة والطائف، كان النبي ﷺ فيها بعد غزوة حنين.
● منصرفه من حنين: أي بعد عودته من غزوة حنين.
● في ثوب بلال فضة: أي كان لدى بلال -رضي الله عنه- ثوب فيه مال من الفضة ليوزعه النبي ﷺ على الناس.
● يقبض منها: يأخذ بيده من المال ليعطيه للناس.
● اِعدل: طلب من النبي ﷺ أن يعدل في القسمة.
● ويلك: كلمة تقال للتحذير أو التهديد، ومعناها الهلاك أو الشقاء.
● خبت وخسرت: خابَ أمرك وخسرت أي فاتك الخير.
● يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم: أي يقرؤونه بألسنتهم لكن لا يدخل إلى قلوبهم ولا يعملون به.
● يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية: يخرجون من الدين خروجاً سريعاً كما يخرج السهم من الصيد إذا أصابه.


ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن رجلاً جاء إلى النبي ﷺ في مكان يسمى "الجعرانة" بعد عودة النبي من غزوة حنين، وكان بلال -رضي الله عنه- عنده ثوب فيه مال من الغنائم، والنبي ﷺ يأخذ من هذا المال ويوزعه على الناس.
فقال هذا الرجل للنبي ﷺ: "يا محمد، اعدل" - أي اتق الله في القسمة وزع بالعدل -. فرد عليه النبي ﷺ متألماً ومحذراً: "ويلك، ومن يعدل إذا لم أكن أعدل؟ لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل"، يعني: ويحك! من يعدل الناس إذا لم أكن أنا العادل؟ لأن النبي ﷺ معصوم من الظلم والجور، فكيف يشكك في عدله؟ ثم بين له أن هذا القول فيه خيبة وخسران كبير.
وهنا غضب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من وقاحة هذا الرجل، فقال: "دعني يا رسول الله أقتل هذا المنافق"، فمنع النبي ﷺ عمرَ من قتله، وقال: "معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي"، لأنه يخشى أن يظن الناس أنه يقتل من يخالفه، ثم بين حال هذا الرجل وأمثاله بقوله: "إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية"، أي أنهم يقرؤون القرآن لكنه لا يؤثر في قلوبهم، ولا ينتج عنه عمل صالح، بل سيخرجون من الدين كما يخرج السهم بسرعة من الصيد إذا أصابه.


ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- عصمة النبي ﷺ من الظلم والجور: فالنبي ﷺ معصوم في تبليغ الشرع وفي تطبيقه، ولا يجوز لأحد أن يتهمه بعدم العدل.
2- خطورة الاتهام بالظلم: خاصة إذا كان المتهم معصوماً أو ذا مكانة عالية في الدين.
3- الحكمة في معاملة المخالفين: فقد منع النبي ﷺ عمر من قتل هذا الرجل حتى لا يُفتن الناس ويظنوا أنه يقتل من يخالفه.
4- وصف الخوارج: هذا الرجل هو من طائفة الخوارج الذين يقرؤون القرآن لكن لا يفقهون معناه، ولا يلتزمون بأحكامه، ويخرجون على أئمة المسلمين.
5- التثبت قبل التكفير أو القتل: فلا يُحكم على أحد بالكفر أو القتل لمجرد كلمة قالها.
6- الرحمة بالناس حتى مع أذاهم: فقد تحمل النبي ﷺ أذى هذا الرجل ولم يأذن بقتله.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تُظهر حال الخوارج، وهم طائفة ظهرت في صدر الإسلام، وتكفر المسلمين بالمعاصي والذنوب.
- ينبغي للمسلم أن يحذر من التشبه بهم في التسرع في اتهام الآخرين وعدم الإنصاف.
- ينبغي لطالب العلم أن يتعلم الأدب مع العلماء والحكام، ولا يتسرع في انتقادهم دون بينة أو دليل.
أسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن الذين يعملون به ويطيعون الله ورسوله، ويجنبنا طريق الضالين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الزكاة (١٠٦٣) عن محمد بن رمح بن المهاجر، أخبرنا الليث، عن يحيى بن سعيد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكره.
ورواه البخاريّ في فرض الخمس (٣١٣٨) من وجه آخر عن جابر مختصرًا.
قوله: «لا يجاوز حناجرهم» قال القاضي عياض: فيه تأويلان:
أحدهما: لا تفقه قلوبهم، ولا ينتفعون بما تلوا منه، ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة والحلق.
والثاني: أي لا يصعد لهم عملٌ ولا تلاوة ولا يتقبّل، والحناجر جمع حنجرة.
قوله: «يمرقون من الدين» أي يخرجون منه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 107 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يعدل إذا لم أكن أعدل

  • 📜 حديث: من يعدل إذا لم أكن أعدل

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من يعدل إذا لم أكن أعدل

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من يعدل إذا لم أكن أعدل

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من يعدل إذا لم أكن أعدل

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب