حديث: يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ذكر فتنة الخوارج

عن أبي ذر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إن بعدي من أمتي -أو سيكون بعدي من أمتي- قوم يقرؤون القرآن، لا يجاوز حلاقيمهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه، هم شر الخلق والخليقة».

صحيح: رواه مسلم في الزكاة (١٠٦٧) عن شيبان بن فروخ، حدّثنا سليمان بن المغيرة، حدّثنا حميد بن هلال، عن عبد اللَّه بن الصامت، عن أبي ذر، فذكره.

عن أبي ذر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إن بعدي من أمتي -أو سيكون بعدي من أمتي- قوم يقرؤون القرآن، لا يجاوز حلاقيمهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه، هم شر الخلق والخليقة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، يحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من فئة ضالة ستظهر في الأمة، لها أوصاف خطيرة.
### أولاً. نص الحديث ومصدره
رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 3344)، والإمام مسلم (رقم 2468)، وغيرهما بألفاظ متقاربة.


ثانياً. شرح المفردات:


● لا يجاوز حلاقيمهم: الحلقوم هو أقصى الحلق. والمعنى أن قراءتهم للقرآن لا تتعدى حناجرهم، فلا تصل إلى قلوبهم لتعمل به وتفهم معانيه.
● يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية: الرمية هي الصيد الذي يُرمى بالسهم. وشبه خروجهم من الدين بخروج السهم من الجسم المصاب به؛ حيث يخرج بسرعة وقوة ولا يعود إليه، فهم يخرجون من الدين خروجاً كاملاً لا عودة لهم فيه.
● شر الخلق والخليقة: "الخلق" و"الخليقة" بمعنى واحد، أي هم شر من على وجه الأرض.


ثالثاً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ظهور طائفة في أمته (أو أنها سَتَظهَر) تتخذ القرآن شكلاً خارجياً دون جوهر، وتتميز بهذه الصفات:
1- يقرؤون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم: فهم يحفظون القرآن ويتلونه بألسنتهم، ولكنهم لا يفقهون معانيه ولا يعملون بأحكامه، ولا يؤثر في قلوبهم أو سلوكهم. فالقرآن لم ينزل لمجرد التلاوة فحسب، بل للتدبر والعمل. قال الله تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص: 29].
2- يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية: هذا بيان لخطورة أمرهم وكفرهم الصريح. فهم ليسوا مسلمين ضعيفي الإيمان، بل هم مرتدون خارجون عن الملة بالكلية، وكفرهم هذا نهائي لا رجعة فيه، تشبيهاً بخروج السهم من الصيد خروجاً سريعاً وكاملاً.
3- هم شر الخلق والخليقة: لأنهم جمعوا بين أمرين خطيرين:
* الاستهزاء بآيات الله واستعمالها كأداة للضلال والإضلال.
* الزيغ والضلال بعد بلوغ الحجة وظهور الحق، فهم أعظم شراً من الكفار الأصليين الذين لم تبلغهم الحجة بشكل كامل.


رابعاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- خطر العلم بلا عمل: الحديث تحذير شديد من الوقوع في حالة من النفاق العلمي، حيث يكون الإنسان عالماً بالقول وجاهلاً بالعمل. فالعلم الذي لا يورث خشية الله ولا يزكي النفس هو حجة على صاحبه.
2- الفهم الصحيح للقرآن: ليس المقصود من تلاوة القرآن مجرد تحريك الشفاه، بل المقصود هو التدبر والفهم والعمل. قال تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد: 24].
3- الحذر من الخوارج: ذهب جمهور العلماء إلى أن هذه الصفات تنطبق على فرقة الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكانوا يكثرون من تلاوة القرآن لكنهم تأولوه على غير فهم، فكفّروا المسلمين بالمعاصي واستباحوا دماءهم.
4- التحذير من التكفير: هؤلاء يمثلون نموذجاً للتطرف والغلو في الدين، حيث يستخدمون النصوص لإضلال الناس وتكفيرهم بغير حق. وهذا يدعونا إلى الاعتدال والتمسك بفهم السلف الصالح.
5- النية والإخلاص: العمل لا يقبل إلا بشرطين: الإخلاص لله (لا يجاوز حلاقيمهم) والمتابعة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (يخرجون من الدين). فانعدام الإخلاص يبطل العمل.


خامساً:

معلومات إضافية:
* هذا الحديث من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر بأمر سيقع فوقع كما أخبر.
* لا يعني الحديث ذم تعلم القرآن أو تلاوته، حاشا لله، بل هو ذم لمن اقتصر على ذلك دون عمل أو فهم.
* الواجب على المسلم أن يجمع بين تعلم القرآن، وتدبره، والعمل به، والدعوة إليه على بصيرة.
نسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته، وأن يعيذنا من الشرك والضلال وأهله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الزكاة (١٠٦٧) عن شيبان بن فروخ، حدّثنا سليمان بن المغيرة، حدّثنا حميد بن هلال، عن عبد اللَّه بن الصامت، عن أبي ذر، فذكره.
قال عبد اللَّه بن الصامت: فلقيت رافع بن عمرو الغفاري أخا الحكم الغفاري، قلت ما حديث سمعته من أبي ذر كذا وكذا؟ فذكرت له هذا الحديث، فقال: وأنا سمعته من رسول اللَّه ﷺ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 108 من أصل 409 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية

  • 📜 حديث: يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب