الآية الثانية وهي خروج الدجال وما جاء في صفته وفتنته - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب الآية الثانية: وهي خروج الدجال وما جاء في صفته وفتنته

عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه ﷺ «ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور ومكتوب بين عينيه: ك ف ر».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الفتن (٧١٣١)، ومسلم في الفتن (٢٩٣٣) كلاهما من طريق شعبة، عن قتادة، قال: سمعت أنس بن مالك قال: فذكره.
عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «الدجال ممسوح العين مكتوب بين عينيه كافر، ثم تهجاها ك ف ر، يقرؤه كل مسلم».

صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشرأط الساعة (٢٩٣٣: ١٠٣) عن زهير بن حرب، حدّثنا عفان، حدّثنا عبد الوارث، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك قال: فذكره.
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ألا أخبركم عن الدجال حديثا ما حدثه نبيٌّ قومه؟ إنه أعور، وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار، فالتي يقول: إنها الجنة، هي النار، وإني أنذرتكم به كما أنذر به نوح قومه».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأنبياء (٣٣٣٨)، ومسلم في الفتن (٢٩٣٦) كلاهما من طريق شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة قال: سمعت أبا هريرة، فذكره.
عن حميد بن هلال، عن رهط منهم أبو الدهماء وأبو قتادة قالوا: كنا نمر على هشام بن عامر نأتي عمران بن حصين فقال ذات يوم: إنكم لتجاوزوني إلى رجال ما
كانوا بأحضر لرسول اللَّه ﷺ مني، ولا أعلم بحديثه مني سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال».

صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٤٦) عن زهير بن حرب، حدّثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي، حدّثنا عبد العزيز (يعني ابن المختار)، حدّثنا أيوب، عن حميد بن هلال، فذكره.
قوله: «خلق أكبر من الدجال» أي أكبر فتنة، وأعظم شوكة.
عن أم شريك: أنها سمعت النبي ﷺ يقول: «ليفرن الناس من الدجال في الجبال» قالت أم شريك: يا رسول اللَّه! فأين العرب يومئذ؟ قال: «هم قليل».

صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٤٥) عن هارون بن عبد اللَّه، حدّثنا حجاج ابن محمد، قال: قال ابن جريج: حدثني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول: أخبرتني أم شريك، فذكرته.
عن عقبة بن عمرو أبىِ مسعود الأنصاري قال: قلت لحذيفة بن اليمان: حدِّثْني ما سمعت من رسول اللَّه ﷺ في الدجال قال: «إن الدجال يخرج، وإن معه ماءًا ونارًا، فأما الذي يراه الناسُ ماءًا، فنارٌ تحرق، وأما الذي يراه الناس نارًا، فماءٌ باردٌ عذبٌ، فمن أدرك ذلك منكم فليقعْ في الذي يراه نارًا، فإنه ماءٌ عذبٌ طيّبٌ». فقال عقبة: وأنا قد سمعته تصديقا لحذيفة.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأنبياء (٣٤٥٠)، ومسلم في الفتن (٢٩٣٤ - ٢٩٣٥) كلاهما من طريق عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حِراش، فذكره.
وعقبة بن عمرو الأنصاري هو المعروف بأبي مسعود البدري.
عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لأنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران يجريان: أحدهما رأى العين، ماء أبيض، والآخر رأى العين، نار تأجّج، فإما أدركَنَّ أحد، فليأت النهر الذي يراه نارًا وليغمض، ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه، فإنه ماء بارد، وإن الدجال ممسوح العين، عليها ظفرة غليظة، مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب».

صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٣٤: ١٠٥) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدّثنا يزيد بن هارون، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة قال: فذكره.
عن حذيفة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «الدجال أعور العين اليسرى، جُفال الشعر، معه جنةٌ ونارٌ، فنارُه جنةٌ، وجنته نارٌ».

صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٣٤) من طرق عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة قال: فذكره.
قوله: «جفال الشعر» أي كثير الشعر.
عن حذيفة قال: كنا عند النبي ﷺ فذكر الدجال، فقال: «لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال، إنها ليستْ من فتنة صغيرة، ولا كبيرة إلا تضع لفتنة الدجال، فمن نجا من فتنة ما قبلها، نجا منها، وإنه لا يضر مسلما، مكتوب بين عينيه: كافر مهجاة: ك ف ر».

حسن: رواه البزار (٢٨٠٧)، وصحّحه ابن حبان (٦٨٠٧) واللفظ له، كلاهما عن أبي كريب قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن سليمان بن ميسرة، عن طارق ابن شهاب، عن حذيفة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل أبي بكر بن عياش فإنه حسن الحديث، وتابعه حفص بن غياث إلا أن روايته مختصرة، فقد روى الطبراني في الكبير (٣/ ١٨٥) عن عمر بن حفص بن غياث، حدثني أبي، حدّثنا الأعمش به. ولفظه: «وذكر الدجال مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مسلم». وإسناده صحيح.
عن عبد اللَّه بن عمر قال: قام رسول اللَّه ﷺ في الناس، فأثنى على اللَّه بما هو أهله، ثم ذكر الدجال، فقال: «إني لأنذركموه، ما من نبي إلا وقد أنذره قومه، لقد أنذره نوح قومه، ولكن أقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه، تعلّموا أنه أعور، وأن اللَّه تبارك وتعالى ليس بأعور».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الجهاد والسير (٣٠٥٧)، ومسلم في الفتن (٢٩٣١: ١٦٩) كلاهما من طريق الزهري، عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر، عن عبد اللَّه بن عمر، فذكره في سياق قصة ابن صياد الطويلة، وهي مذكورة في بابها.
عن عبد اللَّه بن عمر، ذكر رسول اللَّه ﷺ يومًا بين ظهراني الناس المسيحَ الدجّال، فقال: «إن اللَّه تبارك وتعالى ليس بأعور، ألا إن المسيح الدجال أعور عين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية»، قال: وقال رسول اللَّه ﷺ: «أراني الليلة في المنام عند الكعبة، فإذا رجل آدم كأحسن ما ترى من أدم الرجال، تضرب لمته بين منكبيه رجل الشعر، يقطر رأسه ماء واضعا يديه على منكبي رجلين، وهو بينهما يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ فقالوا: المسيح ابن مريم، ورأيت وراءه رجلا جعدًا قططًا أعور عين اليمنى كأشبه من رأيت من الناس بابن قطن واضعا يديه على منكبي رجلين يطوف بالبيت، فقلت من هذا؟ قالوا: هذا المسيح الدجال».

متفق عليه: رواه البخاريّ في أحاديث الأنبياء (٣٤٣٩، ٣٤٤٠)، ومسلم في الإيمان (١٦٩: ٢٧٤) كلاهما من حديث أنس بن عياض أبي ضمرة، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره. واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري قريب منه.
قوله: «أعور عين اليمنى» هكذا جاء في حديث ابن عمر في الصحيحين وهو الأرجح من الأحاديث التي ذُكِرَ فيها أنه: «أعور عين اليسرى».
وذهب القاضي عياض أن كِلْتَيْ عيني الدجال مَعِيبةٌ عوراءُ، إحداهما بذهابها، والأخرى بعيبها، واستحسنه النووي، ويؤيّد هذا المعنى ما جاء في حديث سفينة مولى رسول اللَّه ﷺ عند الإمام أحمد.
عن عبد اللَّه بن عمر قال: لا، واللَّه، ما قال النبي ﷺ لعيسى أحمر، ولكن قال: «بينما أنا نائم أطوف بالكعبة، فإذا رجل آدم سبط الشعر، يهادى بين رجلين ينطف رأسه ماءًا -أو يهراق رأسه ماءًا- فقلت: من هذا؟ قالوا: ابن مريم، فذهبت ألتفت، فإذا رجل أحمر جسيم جعد الرأس، أعور عينه اليمنى، كأن عينه عنبة طافية، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا الدجال، وأقرب الناس به شبها ابن قطن».
قال الزهري: رجل من خزاعة هلك في الجاهلية.

متفق عليه: رواه البخاريّ في أحاديث الأنبياء (٣٤٤١)، ومسلم في الإيمان (١٧١) كلاهما من طريق الزهري، عن سالم، عن أبيه، فذكره. واللفظ للبخاري.
قول الزهري: «رجل من خزاعة» قال الحافظ: هو عبد العزى بن قطن بن عمرو بن جندب بن سعيد بن عائد بن مالك بن المصطلق، وأمه هالة بنت خويلد، أفاده الدمياطي.
إنكار ابن عمر لوصف عيسى بأنه أحمر كما في معجزات النبي ﷺ والإسراء وفي أخبار الأنبياء من حديث أبي هريرة، مبني على أن هذا الوصف وُصِف به الدجال، وإن بعض الرواة أخطأوا في وصف عيسى بأنه أحمر، ولكن الجمع بين الروايتين الصحيحتين بأنه وُصِفَ عيسى بـ «آدم» وهو من الأدمة، وهو لون فوق السمرة دون السحمة أي السواد، وكان الأدمة يسيرُ سوادٍ يضرب إلى الحمرة، وهو غالب ألوان العرب، وبهذا يجتمع ما في الروايتين. أفاده القرطبي.
قال الأعظمي: «آدم» هو لون البر، وهو يميل إلى الحمرة أكثر من ميله إلى السواد، وهو لون أهل فلسطين، فوصفه بالأحمر لا يناقض وصف الدجال به؛ لأنه يكون أحمر أيضًا، ولكن له علامات أخرى تجعله تختلف عن عيسى ابن مريم وغيره من الأنبياء.
وقوله: «يطوف بالبيت» لا يمنع دخوله في مكة في الزمن الماضي، وإنما الذي يمنع من دخوله مكة والمدينة عند خروجه قبل قيام الساعة، كما أن نزول عيسى ابن مريم لا يكون إلا قبل قيام الساعة، ومع ذلك أراه اللَّه سبحانه وتعالى، وذلك ليكون ما يقوله النبي ﷺ والأنبياء الآخرون حق
اليقين ولا يرتابون فيه.
وفي الباب عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ينزل الدجال في هذه السبخة بمرِّ قناة، فيكون أكثر من يخرج إليه النساء، حتى إن الرجل ليرجع إلى حميمه، وإلى أمه، وابنته، وأخته، وعمته، فيوثّقها رباطا مخافة أن تخرج إليه، ثم يسلط اللَّه المسلمين عليه، فيقتلونه، ويقتلون شيعته، حتى إن اليهودي ليختبئ تحت الشجرة أو الحجر فيقول الحجر أو الشجرة للمسلم: هذا يهودي تحتي فاقتله».
رواه أحمد (٥٣٥٣)، والطبراني في الكبير (١٢/ ٣٠٧) كلاهما من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن سالم، عن ابن عمر، فذكره.
وفيه محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن. وفي بعض ألفاظه غرابة.
عن الفلتان بن عاصم، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «أريت ليلة القدر ثم أنسيتها، وأريت مسيح الضلالة، فرأيت رجلين يتلاحيان فحجزت بينهما، فأنسيتها فاطلبوها في العشر الأواخر وترًا، فأما مسيح الضلالة فرجل أجلى الجبهة، ممسوح العين اليسرى، عريض النحر كأنه عبد العزى بن قطن».

حسن: رواه البزار (٣٦٩٨) واللفظ له، وابن أبي شيبة في المصنف (٨٧٧٦، ٣٨٦١٣)، والطبراني في الكبير (١٨/ ٣٣٤ - ٣٣٥) كلهم من طرق عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن خاله الفلتان بن عاصم، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عاصم بن كليب وأبيه فإنهما حسنا الحديث.
وعبد العزى بن قطن رجل من خزاعة هلك في الجاهلية.
عن المغيرة بن شعبة قال: ما سأل رسول اللَّه ﷺ أحد عن الدجال أكثر مما سألته عنه فقال لي: «أي بني وما ينصبك منه؟ إنه لن يضرك» قال: قلت: إنهم يزعمون أن معه أنهار الماء وجبال الخبز قال: «هو أهون على اللَّه من ذلك»
متفق عليه. رواه البخاريّ في الفتن (٧١٢٢)، ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٣٩) كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي خالد، حدثني قيس بن أبي حازم قال: قال لي المغيرة بن شعبة، فذكره.
وفي رواية أخرى عند مسلم من وجه آخر: «ومعه جبال من خبز ولحم. . .».
عن ابن شهاب قال: أخبرني عمر بن ثابت الأنصاري أنه أخبره بعض أصحاب رسول اللَّه ﷺ أن رسول اللَّه ﷺ قال يوم حذر الناس الدجالَ: «إنه مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه من كره عمله، أو يقرؤه كل مؤمن». وقال: «تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت».

صحيح: رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٣٠) عن حرملة بن يحيى، أخبرني ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب بإسناده في آخر حديث طويل في قصة ابن صيّاد.
عن عبادة بن الصامت أنه حدثهم أن رسول اللَّه ﷺ قال: «إنى قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا: إن مسيح الدجال رجل قصير أفحج جعد أعور مطموس العين، ليس بناتئة ولا جحراء، فإن ألبس عليكم، فاعلموا أن ربكم ليس بأعور».

حسن: رواه أبو داود (٤٣٢٠) عن حيوة بن شريح، حدّثنا بقية، حدثنى بحير، عن خالد بن معدان، عن عمرو بن الأسود، عن جنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت، فذكره.
وبقية مدلس وقد صرّح بالتحديث، ومن طريقه رواه أحمد (٢٢٨٦٤)، وابنه عبد اللَّه عن أبيه في السنة (١٠٠٧)، وسعيد الدارمي في الرد على الجهمية (١٨٢)، والبزار (٢٦٨١)، وزادوا في الحديث: «وأنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا».
انظر: باب رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة.
عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إنه لم يكن نبي إلا وصف الدجال لأمته، ولأصفنّه صفة لم يصفْها أحدٌ كان قبلي، إنه أعور، وإن اللَّه عز وجل ليس بأعور».

حسن: رواه أحمد (١٥٢٦)، والبزار (١١٨٠)، وأبو يعلى (٧٢٥) كلهم من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن داود بن عامر بن سعد بن مالك، عن أبيه، عن جده، فذكره. إلا أن البزار زاد بين محمد بن إسحاق وداود بن عامر «يزيد بن أبي حبيب» كما زاد في المتن «العين اليمنى».
وفي الإسناد محمد بن إسحاق وهو مدلس، وقد عنعن، وبه أعله الهيثمي في المجمع (٧/ ٣٣٧).
قال الأعظمي: الأصل فيه أنه لا يقبل حتى يصرح، ولكن لا بأس من قبول عنعنته هذه لكثرة شواهده.
عن النَّوّاس بن سَمْعَان، قال: ذكر رسولُ اللَّه ﷺ الدّجال ذات غداة فخفّض فيه ورفع حتّى ظننّاه في طائفة النّخل، فلمّا رُحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال: «ما شأنُكم؟». قلنا: يا رسول اللَّه، ذكرتَ الدّجال غداة فخفضتَ فيه ورفعت حتى ظنّناه في طائفة النّخل، فقال: «غير الدّجال أَخْوفُني عليكم إنْ يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإنْ يخرج ولستُ فيكم فامرؤ حجيج نفسِه، واللَّهُ خليفتي على كلِّ مسلم؛ إنّه شابٌ قَطَطٌ، عينُه طافِئة كأنّي أشبهُهُ بعبد العُزّى بن قَطَن، فمن أدركه منكم فليقرأْ عليه فواتِحَ سُورةِ الكَهْفِ، إنّه خارج خلّة بين الشّام والعراق فعاث يمينًا وعاث شمالًا، يا
عباد اللَّه فاثْبُتُوا». قلنا: يا رسول اللَّه وما لَبْثُه في الأرض؟ قال: «أربعون يومًا يوم كسنة، ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم». قلنا: يا رسولَ اللَّه فذلك اليوم الذي كسنة أتكفِينا فيه صلاةُ يومٍ؟ قال: «لا اقدُرُوا له قدْرَه». قلنا: يا رسول اللَّه وما إسراعه في الأرض؟ قال: «كالغيث استدبرته الرّيح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به، ويستجيبون له، فيأمر السّماءَ فتمطر والأرض فتنبت، فتروحُ عليهم سارحَتُهُمْ أطولَ ما كانتْ ذُرًا، وأَسْبغَهُ ضُرُوعًا، وأمدّهُ خَوَاصِرَ. ثم يأتي القومَ، فيدعوهم فيردّون عليه قولَه، فينصرف عنهم فيصبحون مُمْحِلِين ليس بأيديهم شيءٌ من أموالهم. ويَمرُّ بالخَرِبَة فيقول لها: أخْرجِي كنوزَك فتتبعه كنوزُها كيعاسيب النّحلِ، ثم يدْعُو رَجُلًا ممتلئا شبابًا فيضربه بالسّيف فيفطعه جزلَتَيْن رَمْيةَ الغَرَضِ. ثم يدعوه فيقبلُ ويتهلّلُ وجهُه يَضحَكُ، فبينما هو كذلك إذ بعث اللَّهُ المسيحَ ابنَ مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مَهْرُودَتَيْن واضعًا كَفَّيْه على أَجنحةِ مَلَكَيْن إذا طأطأَ رأْسَهُ قَطَر، وإذا رفعه تحدر منه جُمانٌ كاللُّؤْلُؤِ، فلا يَحل لكافرِ يجدُ ريحَ نفسه إلّا مات، ونَفَسُه ينتهي حيث ينتهي طرْفُه، فيطلُبُه حتى يُدْركَه بباب لُدٍّ، فَيَقْتُلَه. ثم يأتي عيسى ابنَ مريم قومٌ قد عصمهم اللَّه منه فَيَمْسحُ عن وُجُوههم ويُحدِّثهم بدرجَاتِهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى اللَّه إلى عيسى: إنّي قد أخرجتُ عبادًا لي، لا يَدَانِ لأحدٍ بقتالهم فحَرِّزْ عِبادي إلى الطُّور، ويبعثُ اللَّهُ يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمرُّ أَوائِلُهم على بُحيرةِ طَبَريَّةَ فيشربون ما فيها، ويمرُّ آخرُهم فيقولون: لقد كان بهذه مرّةً ماءٍ. ويُحصرُ نَبيُّ اللَّه عيسى وأصحابُه، حتى يكونَ رأسُ الثّور لأحدهم خيرًا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغبُ نبيُّ اللَّه عيسى وأصحابُه فيرسل اللَّه عليهمُ النَّغَفَ في رقابِهم فيصبحون فَرْسَى كموت نفسٍ واحدةٍ، ثم يهبط نبي اللَّه عيسى وأصحابُه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلّا ملأه زَهَمُهُم ونَتْنُهم فيرغبُ نبيُّ اللَّه عيسى وأصحابُه إلى اللَّه، فيرسل اللَّه طيرًا كأعناقِ البُخْت فتحملهم فتطرحهم حيثُ شاء اللَّه، ثم يرسل اللَّه مطرًا لا يُكِنّ منه بيتُ مَدر ولا وَبر فيغسلُ الأرض حتى يترُكَها كالزّلَفَةِ ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتَك وردّي بركتَك، فيومئذ تَأْكُلُ العصابة من الرُّمانة، ويستظلون بقِحْفِها، ويبارك في الرّسْل حتى إنّ اللَّقْحَةَ من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللِّقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث اللَّهُ ريحًا طيّبة فتأخذهم تحت
آباطهم فتقبض روح كلِّ مؤمن وكلِّ مسلم، ويبقى شرارُ الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم السّاعة».

صحيح: رواه مسلم في كتاب الفتن وأشراط السّاعة (٢٩٣٧) من طرق، منها: عن محمد بن مهران الرازي -واللفظ له- عن الوليد بن مسلم، حدّثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدّثني يحيى بن جابر الطّائيّ قاضي حمص، حدّثني عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه جبير بن نُفير الحضرمي، أنّه سمع النّواس بن سمعان الكلابي، فذكر الحديث.
ورواه عن علي بن حُجر السّعديّ، حدّثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر والوليد بن مسلم، قال ابن حُجر: دخل حديثُ أحدهما في حديث الآخر، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد نحو ما ذكرنا، وزاد بعد قوله: «لقد كان بهذه مرّة ماء»: «ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهو جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض، هلمَّ فلنقتل من في السماء، فيرمون بنُشَّابهم إلى السّماء، فيردُّ اللَّه عليهم نُشَّابَهم مخضوبة دمًا».
والنواس بن سمعان من ربيعة الكلابي، إن أباه سمعان بن خالد وفد على النبي ﷺ فدعا له رسول اللَّه ﷺ، وزوّجه أخته، فلما دخلت على النبي ﷺ تعوّذتْ منه فتركها وهي الكلابية.
قوله: «قطط» بفتحتين: شديد جعودة الشّعر، بعيد عن الجعودة المحبوبة.
و«طافئة» بالهمزة لا ضوء فيها، ورويتْ بغير الهمزة ومعناها: بارزة - أي مرتفعة عن محلّها.
و«خلة» أي يخرج من خلّة بين الشّام والعراق.
و«عاث» من العيث، وهو الفساد، أو الإسراع فيه.
و«يا عباد اللَّه اثبتوا» أي على الإسلام، هذا من كلام النبيّ ﷺ يحذّرهم من الفتنة، ويأمرهم بالثّبات على الإسلام.
و«سارحتُهم» ماشيتُهم.
و«ذُرًا» بضم الذّال، جمع ذروة، وهي أعلى سنام البعير، وهو كناية عن السّمن.
و«وأمدّه خواصر» جمع خاصرة، وهو كناية عن الشِّبع.
و«جزلتين» أي قطعتين.
و«رمية الغرض» بالفتحتين - وهو الهدف، أي أن بُعد ما بين القطعتين يكون بقدر رمية السّهم إلى الهدف.
و«بين مهرودتين» أي بين ثوبين شبيهين بالمصبوغ بالهرد، والهرد عرق معروف، وقيل: هو الثوب المصبوغ بالورس والزعفران، والمراد منه إظهار جماله في الملبس، فقوله: «إذا خفض رأسه قطر منه الماء. . .». كله كناية عن حسن سيّدنا عيسى عليه السلام، فهو جميل في خلقته، وجميل في ملبسه، لا كما يصوّره النّصارى الدروشة رديء الثياب، وأحيانًا مغطيًا السّوأتين فقط! .
و«عند باب لُدٍّ» بضم اللّام، وتشديد الدال، اسم جبل أو قرية بفلسطين، والآن مدينة قريبة من بيت المقدس.
و«لا يدان» أي لا قوّة ولا قدرة.
و«نَغَفًا» بالفتحتين - دود يكون في أنوف الإبل والغنم.
و«لا يكنّ» أي لا يمنع من نزول الماء بيت المدر، والمدر هو: الطين الصلب.
و«الزّلَفَة» هي مصانع الماء، وقيل: المرآة، وروي بالقاف كناية عن النّظافة.
و«الرِّسْل» بكسر الرّاء وسكون اللام - اللَّبن.
و«اللّقحة» بفتح اللام وكسرها - النّاقة القريبة العهد بالولادة.
و«الفئام» بالهمزة ككتاب: الجماعة الكثيرة.
و«الفخذ» هو دون البطن، والبطن دون القبيلة.
و«يتهارجون» أي يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير، والهرْج -بإسكان الراء-: الجماع، وفيه إشارة إلى شيوع الفساد والفواحش، وقد ثبت في الصحيح: «لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس».
وقوله: «عند المنارة البيضاء شرقي دمشق». وفي رواية: «ينزل عيسى ببيت المقدس». وفي رواية: «بالأردن». والأول أصحّ.
وقوله: «يكون رأس الثور لأحدهم. . .» إشارة إلى فقرهم، وفاقتهم لنفاد مؤنهم، وهم محاصرون بيأجوج ومأجوج.
وأما ما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا تقوم الساعة حتى يمطر الناس مطرًا، لا تكن منه بيوت المدر، ولا تكن منه إلا بيوت الشعر» ففي متنه نكارة.
رواه أحمد (٧٥٦٤)، وصحّحه ابن حبان (٦٧٧٠) كلاهما من طرق عن حماد بن سلمة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبي هريرة، فذكره.
وظاهر إسناده الصحة، ولكنه مخالف لحديث النواس بن سمعان في قصة يأجوج ومأجوج: «ثم يرسل اللَّه عليهم مطرًا، لا يكنُّ منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة».
عن جابر بن عبد اللَّه أنه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «يخرج الدجال في خفقةٍ من الدين، وإدبارٍ من العلم، فله أربعون ليلة يسيحها في الأرض اليوم منها كالسنة، واليوم منها كالشهر، واليوم منها كالجمعة، ثم سائر أيامه كأيامكم هذه، وله حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعا، فيقول للناس: أنا ربكم وهو أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر -ك ف ر مهجاة- يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير
كاتب، يرد كل ماء ومنهل إلا المدينة ومكة، حرمهما اللَّه عليه، وقامت الملائكة بأبوابها، ومعه جبال من خبز، والناس في جهد إلا من تبعه، ومعه نهران أنا أعلم بهما منه: نهر يقول الجنة، ونهر يقول النار، فمن أدخل الذي يسميه الجنة فهو النار، ومن أدخل الذي يسميه النار فهو الجنة، قال: ويبعث اللَّه معه شياطين، تكلم الناس، ومعه فتنة عظيمة، يأمر السماء فتمطر فيما يرى الناس، ويقتل نفسا ثم يحييها فيما يرى الناس، لا يسلط على غيرها من الناس، ويقول: أيها الناس هل يفعل مثل هذا إلا الرب عز وجل».
قال: «فيفر المسلمون إلى جبل الدخان بالشام، فيأتيهم، فيحاصرهم فيشتد حصارهم، ويجهدهم جهدًا شديدًا، ثم ينزل عيسى ابن مريم فينادي من السحر، فيقول: يا أيها الناس ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث؟ فيقولون: هذا رجل جني فينطلقون، فإذا هم بعيسى ابن مريم ﷺ، فتقام الصلاة، فيقال له: تقدَّمْ يا روح اللَّه، فيقول: ليتقدَّمْ إمامكم، فليصلِّ بكم، فإذا صلى صلاة الصبح، خرجوا إليه، قال: فحين يرى الكذاب ينماث كما ينماث الملح في الماء، فيمشي إليه فيقتله، حتى إن الشجرة والحجر ينادي: يا روح اللَّه، هذا يهودي، فلا يترك -ممن كان يتبعه- أحدا إلا قتله».

حسن: رواه أحمد (١٤٩٥٤) عن محمد بن سابق، حدّثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه، فذكره.
وصحّحه ابن خزيمة وأخرجه في كتاب التوحيد (٥٥)، والحاكم (٤/ ٥٣٠) كلاهما من طريق إبراهيم بن طهمان، بإسناده قطعة من الحديث.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد». وإسناده حسن من أجل أبي الزبير.
عن جابر بن عبد اللَّه يقول: قال النبي ﷺ: «الدجال أعور وهو أشد الكذابين».

حسن: رواه أحمد (١٤٥٦٩) عن روح، حدّثنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول: فذكره.
وإسناده حسن من أجل أبي الزبير -وهو محمد بن مسلم- فإنه حسن الحديث.
عن أبي أمامة الباهلي قال: خطبنا رسول اللَّه ﷺ، فكان أكثر خطبته حديثا عن الدجال، وحذرناه، فكان من قوله أن قال: «إنه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ اللَّه ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال، وإن اللَّه لم يبعث نبيًّا إلا حذر أمته الدجال، وأنا آخر
الأنبياء، وأنتم آخر الأمم، وهو خارج فيكم لا محالة، وإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم فأنا حجيج لكل مسلم، وإن يخرج من بعدي فكل امريء حجيج نفسه، واللَّه خليفتي على كل مسلم، وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق، فيعيث شمالا، يا عباد اللَّه فاثبتوا، فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي، إنه يبدؤ فيقول أنا نبي ولا نبي بعدي، ثم يثني فيقول: أنا ربكم، ولا ترون ربكم حتى تموتوا، وإنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وإنه مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب، وإن من فتنته أن معه جنة ونارًا، فناره جنة، وجنته نار، فمن ابتلي بناره فليستغث باللَّه وليقرأ فواتح الكهف، فتكون عليه بردًا وسلامًا، كما كانت النار على إبراهيم، وإن من فتنته أدن يقول الأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك، وأتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم، فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه، فيقولان: يا بني اتبعه، فإنه ربك، وإن من فتنته أن يسلّط على نفس واحدة فيقتلها وينشرها بالمنشار حتى يلقى شقتين، ثم يقول: انظروا إلى عبدي هذا، فإني أبعثه الآن، ثم يزعم أن له ربا غيري فيبعثه اللَّه، ويقول له الخبيث: من ربك؟ فيقول: ربي اللَّه وأنت عدو اللَّه، أنت الدجال، واللَّه ما كنت بعد أشد بصيرة بك مني اليوم».
قال: «وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه، فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه، وأمده خواصر وأدره ضروعا، وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه، إلا مكة والمدينة، لا يأتيهما من نقب من نقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتةً، حتى ينزل عند الظريب الأحمر عند منقطع السبخة، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه، فتنفي الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص»
فقالت أم شريك بنت أبي العكر: يا رسول اللَّه فأين العرب يومئذ؟ قال: «هم يومئذ قليل، وجلهم ببيت المقدس، وإمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبح، فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقري ليتقدم عيسى يصلى بالناس، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له تقدم فصلِّ، فإنها لك أقيمت، فيصلّي بهم إمامهم، فإذا انصرف قال عيسى عليه السلام افتحوا الباب،
فيفتح ووراءه الدجال، معه سبعون ألف يهودي، كلهم ذو سيف محلى وساج، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هاربًا، ويقول عيسى عليه السلام إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها، فيدركه عند باب اللد الشرقي فيقتله، فيهزم اللَّه اليهود، فلا يبقى شيء مما خلق اللَّه يتوارى به يهودي إلا أنطق اللَّه ذلك الشيء، لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة (إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق) إلا قال يا عبد اللَّه المسلم هذا يهودي، فتعال اقتله».
قال رسول اللَّه ﷺ: «وإن أيامه أربعون سنة، السنة كنصف السنة، والسنة كالشهر، والشهر كالجمعة، وآخر أيامه كالشررة، يصبح أحدكم على باب المدينة، فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي» فقيل له: يا رسول اللَّه كيف نصلي في تلك الأيام القصار؟ قال: «تقدرون فيها الصلاة كما تقدرونها في الأيام الطوال ثم صلوا» قال رسول اللَّه ﷺ: «فيكون عيسى ابن مريم عليه السلام في أمتي حكما عدلا وإمامًا مقسطا، يدق الصليب الشحناء والتباغض، وتنزع حمة كل ذات حمة حتى يدخل الوليد يده في الحية فلا تضره، وتفر الوليدة الأسد فلا تضرها، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا اللَّه، وتضع الحرب أوزارها، وتسلب قريش ملكها. وتكون الأرض كفاثور الفضة تنبت نباتها بعهد آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم، ويجتمع النفر على الرمانة فيشبعهم، ويكون الثور بكذا وكذا من المال، وتكون الفرس بالدريهمان» قالوا: يا رسول اللَّه وما يرخص الفرس؟ قال: «لا يركب لحرب أبدًا» قيل له: فما يغلي الثور؟ قال: «تحرث الأرض كلها. وأن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر اللَّه السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر اللَّه السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء»، قيل: فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: «التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد، ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام»

حسن: رواه ابن ماجه (٤٠٧٧) عن علي بن محمد، قال: حدّثنا عبد الرحمن المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافع، عن أبي زرعة السيبانيّ يحيى بن أبي عمرو، عن أبي أمامة الباهليّ، فذكر
الحديث بطوله.
هكذا في نسخة ابن ماجه: «يحيى بن أبي عمرو، عن أبي أمامة». وقد سقط بينهما «عمرو بن عبد اللَّه الحضرميّ» كما بيّن ذلك المزّي وغيره.
وكذلك رواه نعيم بن حماد في كتاب «الفتن» (١٣٣٠) إلّا أنه اختصره.
وفيه إسماعيل بن رافع الأنصاريّ المدنيّ، أبو رافع أهل العلم متفقون على تضعيفه حتى قال ابن حبان: «كان رجلًا صالحًا إلّا أنّه يقلّب الأخبار حتّى صار الغالب على حديثه المناكير التي يسبق إلى القلب أنه كان المتعمّد لها». «المجروحين» (٤٢).
ولكن تابعه ضمرة بن ربيعة، عن السّيبانيّ، ومن طريقه رواه تمام في فوائده (١٧٣١)، والروياني في مسنده (١٢٣٩)، وأبو داود (٤٣٢٢) ولم يسق لفظ الحديث، وإنّما أحال على حديث النّواس بن سمعان.
وكما تابعه أيضًا عطاء الخراسانيّ عن السيبانيّ.
ومن طريقه رواه الحاكم (٤/ ٥٣٦ - ٥٣٧) وقال: «صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذه السياقة».
قال الأعظمي: وهو ليس على شرط مسلم، فإنّ عمرو بن عبد اللَّه الحضرميّ الحمصي لم يخرِّج له مسلمٌ شيئًا، وإنّما أخرج له أبو داود، وابن ماجه فقط.
وعمرو بن عبد اللَّه الحضرميّ هذا وثّقه العجليّ، فقال: «شاميٌّ تابعيٌّ ثقة». وذكره ابن حبان في «الثقات» (٥/ ١٧٩) وقال في مشاهير علماء الأمصار: «كان متقنا»، وقال يعقوب بن سفيان في «المعرفة» (٢/ ٤٣٧): «شاميٌّ ثقة».
قوله: «إن أيامه أربعون سنة» السنة نصف السنة، والسنة كالشهر، والشهر كالجمعة، هذا خطأ، والصواب أنه يمكث أربعين يوما يومٌ كسنةٍ، ويومٌ كشهر، ويوم كجمعةٍ، وسائر أيامه كأيامكم كما ثبت في الصحيح.
عن أسماء بنت يزيد الأنصارية قالت: كان رسول اللَّه ﷺ في بيتي فذكر الدجال، فقال: «إن بين يديه ثلاث سنين، سنة تمسك السماء ثلث قطرها، والأرض ثلث نباتها، والثانية تمسك السماء ثلثي قطرها، والأرض ثلثي نباتها، والثالثة تمسك السماء قطرها كله، والأرض نباتها كله، فلا تبقى ذات ظلف، ولا ذات ضرس من البهائم إلا هلكت، وإن من أشدّ الناس فتنة أنه يأتي الأعرابي فيقول: أرأيت إن أحييت لك إبلا ألست تعلم أنني ربك؟ قال فيقول: بلى، فيتمثل له الشيطان نحو إبله كأحسن ما تكون ضروعا وأعظمه أسنمة قال: ويأتي الرجل قد مات أخوه ومات أبوه فيقول: أرأيت إن أحييت لك أباك وأحييت لك أخاك أليس تعلم أني ربك؟ فيقول:
بلى فيتمثل له الشيطان نحو أبيه ونحو أخيه قالت: ثم خرج رسول اللَّه ﷺ لحاجة له ثم رجع قالت: والقوم في اهتمام وغم مما حدثهم به قالت فأخذ بلحمتي الباب، وقال مهيم أسماء قالت: قلت: يا رسول اللَّه لقد خلعت أفئدتنا بذكر الدجال قال: «إن يخرج وأنا حي فأنا حجيجه، وإلا فإن ربي خليفتي من بعدي على كل مؤمن» قالت أسماء فقلت: يا رسول اللَّه، واللَّه إنا لنعجن عجينتنا فما نخبزها حتى نجوع فكيف بالمؤمنين يومئذ؟ قال: «يجزئهم ما يجزئ أهل السماء من التسبيح والتقديس».
وزاد في رواية: «فمن حضر مجلسي وسمع قولي: فليبلغ الشاهد منكم الغائب، واعلموا أن اللَّه عز وجل صحيح ليس بأعور، وأن الدجال أعور ممسوح العين، بين عينيه مكتوب كافر، يقرؤه كل مؤمن كاتبٍ وغير كاتبٍ».

حسن: رواه عبد الرزاق (٢٠٨٢١) -وعنه أحمد (٢٧٥٧٩) - عن معمر، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد الأنصارية قالت: فذكرته.
والزيادة المذكورة رواها أحمد (٢٧٥٨٠) من طريق عبد الحميد (هو ابن بهرام)، عن شهر به.
وإسناده حسن من أجل شهر بن حوشب وهو مختلف فيه غير أنه حسن الحديث ما لم يأت بما ينكر عليه.
قوله: «فإن ربي خليفتي من بعدي» أي ربي محافظٌ لكم من الدجال وشرّه، والخليفة هنا بمعنى المحافظ، وكذا في دعاء السفر «والخليفة في الأهل». أي أن اللَّه هو المحافظ في الأهل.
عن ابن عباس، عن النبي ﷺ أنه قال في الدجال: «أعور هجان أزهر كأن رأسه أصلة، أشبه الناس بعبد العزى بن قطن، فإما هَلَكَ الهُلّكُ، فإنّ ربّكم تعالى ليس بأعور».

صحيح: رواه أحمد (٢١٤٨)، وابن خزيمة في التوحيد (٥٤)، وابن حبان (٦٧٩٦) كلهم من طريق شعبة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
قال شعبة: فحدّثتُ به قتادة فحدثني بنحو من هذا، ولم يذكر ابن حبان قول شعبة المذكور.
وإسناده صحيح، وسماك بن حرب وإنْ كان في روايته عن عكرمة اضطراب لكن رواية شعبة عنه مستقيمة، وقد تابع سماكا عليه قتادة كما ذكر شعبة.
قوله: «هجان أزهر» أي أبيض مستنير.
وقوله: «أصلَة» -بفتحات- الأفعى، والعرب تشبه الرأس الصغير الكثير الحركة برأس الحية.
عن أبي بكرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «الدجال أعور بعين الشمال، بين عينيه مكتوب: كافر يقرؤه الأمي والكاتب».

حسن: رواه أحمد (٢٠٤٠١) عن يحيى بن سعيد، عن عيينة، قال: حدّثني أبي، عن أبي بكرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عيينة -وهو ابن عبد الرحمن بن جوشن- فإنه حسن الحديث.
عن سفينة مولى رسول اللَّه ﷺ قال: خطبنا رسول اللَّه ﷺ فقال: «ألا إنّه لم يكن نبيٌّ قبلي إلّا قد حذَّر الدّجال أمَّتَه، وهو أعوَرُ عينه اليسرى، بعينه اليُمْنى ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ، مكتوبٌ بين عينيه كافرٌ، يخرج معه واديان: أحدهما جَنّة، والآخرُ نارٌ، فناره جَنّة وجنَّتُه نار، معه ملكان من الملائكة يُشبهان نبيّين من الأنبياء، لو شئتُ سمّيتُهما بأسمائهما وأسماء آبائهما، واحدٌ منهما عن يمينه، والآخر عن شماله وذلك فتنةٌ، فيقول الدّجالُ: ألستُ بربِّكم؟ ألستُ أحيي وأميت؟ فيقول له أحد الملكين: كذبتَ، ما يسمعه أحدٌ من الناس إلّا صاحبُه فيقول له: صدقتَ فيسمعه الناس فيظنّون إنما يصدِّق الدجال وذلك فتنة، ثم يسير حتى يأتي المدينة فلا يؤذن له فيها فيقول: هذه قريةُ ذلك الرجل، ثم يسير حتى يأتي الشّام فيهلكه اللَّه عز وجل عند عَقَبة أَفِيقٍ».

حسن: رواه أحمد (٢١٩٢٩)، والطبرانيّ في الكبير (٧/ ٩٨)، كما رواه أيضًا كلٌّ من ابن أبي شيبة (١٥/ ١٣٧ - ١٣٨)، وأبو داود الطّيالسيّ في «مسنده» (١٢٠٢)، وابن عدي في «الكامل» (٢/ ٨٤٦) كلّهم من حديث حشرج بن نُباتة، عن سعيد بن جمهان، عن سفينة مولى رسول اللَّه ﷺ، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في حشرج بن نباتة غير أنه حسن الحديث.
قال الهيثمي في المجمع (٧/ ٣٤٠): «رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات، وفي بعضهم كلام لا يضر.
انظر للمزيد من التخريج في نزول عيسى ابن مريم عليه السلام.
عن عائشة، قالت: دخل عليَّ رسول اللَّه ﷺ وأنا أبكي فقال لي: «ما يبكيك؟ «، قلت: يا رسول اللَّه، ذكرت الدّجال فبكيت، فقال رسول اللَّه ﷺ: «إن يخرج الدّجال، وأنا حي كفيتكموه، وإن يخرج بعدي، فإنّ ربّكم ليس بأعور، إنّه يخرج في يهودية أصبهان، حتى يأتي المدينة، فينزل ناحيتها، ولها يومئذ سبعة أبواب، على كلّ نقب منها ملكان، فيخرج إليه شرار أهلها حتى الشّام مدينة بفلسطين بباب لُدّ».
وقال أبو داود مرّةً: «حتى يأتي فلسطين باب لُدَّ، فينزل عيسى عليه السلام فيقتله، ثم يمكث عيسى عليه السلام في الأرض أربعين سنة إمامًا عدْلًا وحكمًا مقْسطًا».

حسن: رواه أحمد (٢٤٤٦٧) عن سليمان بن داود، قال: حدّثنا حرب بن شدّاد، عن يحيى بن أبي كثير، حدّثني الحضْرميّ ابن لاحق، أنّ ذكوان أبا صالح أخبره، أنّ عائشة أخبرته، فذكرتْه.
وصحّحه ابن حبان (٦٨٢٢) من طريق شيبان بن عبد الرحمن، عن يحيى بن أبي كثير به نحوه، وفيه: «أربعين سنة أو قريبًا من أربعين سنة».
وإسناده حسن من أجل الحضرمي بن لاحق فإنه حسن الحديث.
وقوله: «قال أبو داود»: أبو داود هو سليمان بن داود بن الجارود الطيالسيّ
والكلام عليه مبسوط في كتاب الإيمان.
عن أبي بكر الصديق قال: حدّثنا رسول اللَّه ﷺ قال: «الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها: خراسان يتبعه أقوام كأنّ وجوههم المجان المطرقة».

حسن: رواه الترمذيّ (٢٢٣٧)، وابن ماجه (٤٠٧٢)، وأحمد (١٢)، والحاكم (٤/ ٥٢٧) كلهم من حديث روح بن عبادة، قال: حدّثنا سعيد بن أبي عروبة، عن أبي التياح، عن المغيرة بن سبيع، عن عمرو بن حريث، عن أبي بكر الصديق، فذكره.
وقال الترمذيّ: «وهذا حديث حسن غريب، وقد رواه عبد اللَّه بن شوذب عن أبي التياح، ولا نعرفه إلا من حديث أبي التياح».
وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل المغيرة بن سبيع، وثقه العجلي وابن حبان، ونقل البرقاني عن الدارقطني أنه قال: كوفي يحتج به، وسعيد بن أبي عروبة مختلط لكن رواية روح بن عباد كانت قبل الاختلاط وقد توبع كما قال الترمذيّ.
قوله: «يخرج من أرض بالمشرق يقال لها: خراسان» أي جهة المشرق من الجزيرة العربية، وقد جاء في حديث النواس بن سمعان عند مسلم (٢٩٣٧): «إنه خارج خلة بين الشام والعراق» وقوله: «خلّة» أي طريقا.
ولا منافاة بينهما فإنه يخرج من خراسان، ويدخل الحجاز عابرا بالعراق والشام لوجود كثرة الفتن فيها.
عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «يخرج الدجال من هاهنا، وأشار نحو المشرق».

حسن: رواه ابن حبان (٦٧٩٢) واللفظ له، والحاكم (٤/ ٥٢٨) كلاهما من طريق محمد بن سعيد بن سابق، حدّثنا عمرو بن أبي قيس، عن مطرف (هو ابن طريف)، عن الشعبي، عن بلال بن أبي هريرة، عن أبيه قال: فذكره.
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد».
قال الأعظمي: في إسناده عمرو بن أبي قيس، وهو الرازي الأزرق حسن الحديث، وبلال بن أبي هريرة ترجم له ابن عساكر في تاريخه، وذكر أنه روى عنه غير واحد منهم الشعبي، وقد قال ابن معين: «إذا حدّث الشعبي عن رجل فسماه، فهو ثقة يحتج بحديثه»، وذكره ابن حبان في ثقاته.
عن أبي قلابة قال: رأيت رجلا بالمدينة وقد أطاف الناس به، وهو يقول: قال رسول اللَّه ﷺ، قال رسول اللَّه ﷺ، فإذا رجل من أصحاب النبي ﷺ قال: فسمعته وهو يقول: إن من بعدكم الكذاب المضل، وإن رأسه من بعده حُبُكٌ حُبُكٌ حُبُكٌ -ثلاث مرات- وإنه سيقول: أنا ربكم، فمن قال: لستَ ربنا، لكن ربنا اللَّه، عليه توكلنا، وإليه أنبنا، نعوذ باللَّه من شرِّكَ، لم يكن له عليه سلطان.

صحيح: رواه أحمد (٢٣١٥٩، ٢٣٤٨٧) من طرق عن أيوب (هو السختياني)، عن أبي قلابة، فذكره. وإسناده صحيح.
وقوله: «حبك» أي شعر رأسه متكسر من الجعودة. قاله ابن الأثير.
عن أبي بن كعب أن رسول اللَّه ﷺ ذكر الدجال، فقال: «إحدى عينيه كأنها زجاجة خضراء، وتعوذوا باللَّه تبارك وتعالى من عذاب القبر».

صحيح: رواه أحمد (٢١١٤٥ - ٢١١٤٧) واللفظ له، والبخاري في التاريخ الكبير (٥/ ٧٨ - ٧٩)، وصحّحه ابن حبان (٦٧٩٥) كلهم من طرق عن شعبة، عن حبيب بن الزبير قال: سمعت عبد اللَّه بن أبي الهذيل، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن عبد اللَّه بن خباب، عن أبي بن كعب، فذكره.
وإسناده صحيح، وعبد اللَّه بن خباب هو: ابن الأرت المدني.
عن أبي الطفيل قال: كنت بالكوفة فقيل: خرج الدجال قال: فأتينا على حذيفة ابن أسيد وهو يحدث فقلت: هذا الدجال قد خرج فقال: اجلس فجلست فأتى علي العريف فقال: هذا الدجال قد خرج وأهل الكوفة يطاعنونه قال: اجلس. . فجلست فنودي أنها كذبة صباغ، قال: فقلنا: يا أبا سريحة ما أجلستنا إلا لأمر فحدثنا، قال: إن الدجال لو خرج في زمانكم لرمته الصبيان بالخذف، ولكن الدجال يخرج في بغض من الناس، وخفة من الدين، وسوء ذات بين، فيرد كل منهل، فتطوى له الأرض طي فروة الكبش، حتى يأتي المدينة فيغلب على خارجها ويمنع داخلها، ثم جبل إيلياء فيحاصر عصابة من المسلمين فيقول لهم الذين عليهم: ما تنظرون بهذا الطاغية أن تقاتلوه حتى تلحقوا باللَّه أو يفتح لكم، فيأتمرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا فيصبحون، ومعهم عيسى ابن مريم، فيقتل الدجال، ويهزم أصحابه حتى إن الشجر والحجر والمدر يقول: يا مؤمن هذا يهودي عندي فاقتله، قال: وفيه ثلاث علامات: هو أعور وربكم ليس بأعور، ومكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن أمي وكاتب، ولا يسخر له من المطايا إلا الحمار فهو رجس على رجس، ثم قال: إنا
لغير الدجال أخوف علي وعليكم، قال: فقلنا: ما هو يا أبا سريحة؟ قال: فتن كأنها قطع الليل المظلم قال: فقلنا: أي الناس فيها شر؟ قال: كل خطيب مصقع وكل راكب موضع قال فقلنا: أي الناس فيها خير؟ قال: كل غني خفي قال: فقلت: ما أنا بالغني ولا بالخفي قال: فكن كابن اللبون لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب.

صحيح: رواه الحاكم (٤/ ٥٢٩ - ٥٣٠) من طريق مسدد قال: حدّثنا معاذ بن هشام، حدّثني أبي، عن قتادة، عن أبي الطفيل قال: فذكره.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد».
وهو كما قال، وجعله الذهبي على شرط الشيخين.
عن سمرة بن جندب، أنّ نبيَّ اللَّه ﷺ كان يقول: «إنّ الدّجال خارج وهو أعور عين الشمال، عليها ظفرة غليظة، وإنه يبرئُ الأكْمه والأبْرص، ويحيى الموتى، ويقول للناس: أنا ربّكم، فمن قال: أنت ربي فقد فُتن، ومن قال: ربّي اللَّه حتى يموت فقد عُصم من فتنته، ولا فتنة بعده عليه ولا عذاب، فيلبث في الأرض ما شاء اللَّه، ثم يجيء عيسى ابن مريم من قبل المغرب مصدّقًا بمحمّد وعلى ملّته، فيقتل الدّجال، ثم إنما هو قيام الساعة».

حسن: رواه أحمد (٢٠١٥١)، والطبراني في الكبير (٦٩١٨، ٦٩١٨) كلاهما من حديث روح ابن عبادة، ثنا سعيد بن أبي عرث بة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في الحسن -وهو الإمام البصري المعروف- وكان مدلسا، وقد اختلف في سماعه عن سمرة، والصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم أنه سمع منه مطلقا.
والكلام عليه مبسوط في كتاب الإيمان.
وفي الباب عن ثعلبة بن عباد العبدي من أهل البصرة قال: شهدت يوما خطبة لسمرة بن جندب، فذكر في خطبته حديثا عن رسول اللَّه ﷺ فقال: بينا أنا وغلام من الأنصار نرمي في غرضين لنا على عهد رسول اللَّه ﷺ، حتى إذا كانت الشمس قيد رمحين أو ثلاثة في عين الناظر اسودت حتى آضت كأنها تنومة، قال: فقال أحدنا لصاحبه: انطلق بنا إلى المسجد، فواللَّه ليحدثن شأن هذه الشمس لرسول اللَّه ﷺ في أمته حدثا.
قال: فدفعنا إلى المسجد، فإذا هو بارز قال: ووافقنا رسول اللَّه ﷺ حين خرج إلى الناس، فاستقدم، فقام بنا كأطول ما قام بنا في صلاة قط، لا نسمع له صوتا، ثم ركع كأطول ما ركع بنا في صلاة قط، لا نسمع له صوتا، ثم فعل في الركعة الثانية مثل ذلك، فوافق تجلي الشمس جلوسه في الركعة الثانية، قال زهير: حسبته، قال: فسلم، فحمد اللَّه، وأثنى عليه، وشهد أنه عبد اللَّه
ورسوله، ثم قال: «أيها الناس أنشدكم باللَّه، إن كنتم تعلمون أني قصرت عن شيء من تبليغ رسالات ربي عز وجل لما أخبرتموني ذاك فبلغت رسالات ربي كما ينبغي لها أن تبلغ، وإن كنتم تعلمون أني بلغت رسالات ربي لما أخبرتموني ذاك، قال: فقام رجال فقالوا: نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك، ونصحت لأمتك، وقضيت الذي عليك، ثم سكتوا.
ثم قال: «أما بعد فإن رجالا يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر، وزوال هذه النجوم عن مطالعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض، وإنهم قد كذبوا، ولكنها آيات من آيات اللَّه تبارك وتعالى يعتبر بها عباده، فينظر من يحدث له منهم توبة. وايم اللَّه لقد رأيت منذ قصت أصلي ما أنتم لاقون في أمر دنياكم وآخرتكم، وإنه واللَّه لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الأعور الدجال ممسوح العين اليسرى كأنها عين أبي يحيى لشيخ حينئذ من الأنصار بينه وبين حجرة عائشة، وإنها متى يخرج -أو قال: متى ما يخرج- فإنه سوف يزعم أنه اللَّه فمن آمن به، وصدقه، واتبعه، لم ينفعه صالح من عمله سلف، ومن كفر به وكذبه لم يعاقب بشيء من عمله، وقال حسن الأشيب بسيئ من عمله سلف وإنه سيظهر أو قال: سوف يظهر على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس، وإنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس فيزلزلون زلزالا شديدًا، ثم يهلكه اللَّه تبارك وتعالى وجنوده حتى إن جذم الحائط أو قال أصل الحائط -وقال حسن الأشيب: وأصل الشجرة- لينادي أو قال يقول: يا مؤمن أو قال: يا مسلم، هذا يهودي أو قال: هذا كافر، تعال فاقتله قال: ولن يكون ذلك كذلك حتى تروا أمورًا يتفاقم شأنها في أنفسكم وتساءلون بينكم هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرًا وحتى تزول جبال على مراتبها ثم على أثر ذلك القبض».
قال: ثم شهدت خطبة لسمرة ذكر فيها هذا الحديث فما قدم كلمة ولا أخرها عن موضعها.
رواه أحمد (٢٠١٧٨) واللفظ له، ورواه كل من أبي داود (١١٨٤)، والترمذي (٥٦٢)، والنسائي (١٤٨٤)، وابن ماجه (١٢٦٤) مطولًا ومختصرًا، وصحّحه ابن خزيمة (١٣٩٧)، وابن حبان (٢٨٥٢)، والحاكم (١/ ٣٢٩ - ٣٣١) كلهم من حديث الأسود بن قيس، قال: حدّثني ثعلبة ابن عباد العبدي، فذكره.
قال الترمذيّ: «حسن صحيح». وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين».
قال الأعظمي: هذا من وهمه فإنه ليس على شرط أحدهما لأن ثعلبة بن عبّاد من رجال السنن فقط، ثم هو لم يوثّقه أحد، وإنما ذكره ابن حبان في ثقاته (٤/ ٩٨)، ولم يذكر من روى عنه سوى الأسود بن قيس فهو «مجهول».
وأما الحافظ فقال: «مقبول» لِذِكْرِ ابنِ حبان له في الثقات، أي إذا توبع وإلا فلين الحديث.
وفي الباب عن أبي الوداك قال: قال لي أبو سعيد: هل يقر الخوارج بالدجال فقلت: لا، فقال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إني خاتم ألف نبي، وأكثر ما بعث نبي يتبع إلا قد حذر أمته الدجال،
وإني قد بين لي من أمره ما لم يبين لأحد، وإنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وعينه اليمنى عوراء جاحظة، ولا تخفى، كأنها نخامة في حائط مجصص، وعينه اليسرى كأنها كوكب دري، معه من كل لسان، ومعه صورة الجنة خضراء يجري فيها الماء، وصورة النار سوداء تدخن».
رواه عبد اللَّه بن أحمد في مسند أبيه (١١٧٥٢) قال: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده، حدّثنا عبد المتعال بن عبد الوهاب، حدّثنا يحيى بن سعيد الأموي، حدّثنا مجالد، عن أبي الوداك، فذكره.
وأخرجه الحاكم (٢/ ٥٩٧) من طريق مجالد وسكت عليه، ولكن قال الذهبي: «مجالد«ضعيف.
وأورده الهيثمي في المجمع (٧/ ٣٤٧) وقال: «رواه أحمد وفيه مجالد بن سعيد، وثقه النسائي في رواية، وقال في أخرى: ليس بالقوي، وضعفه جماعة.
قال الأعظمي: مجالد هو: ابن سعيد بن عمر الهمداني ضعّفه أكثر أهل العلم، وقال فيه البخاري: «صدوق»، وفي التقريب: «ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره».
وأما ما روي عن أبي عبيدة بن الجراح قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «إنه لم يكن نبي بعد نوح إلا وقد أنذر الدجالَ قومَه وإني أنذركموه» فوصفه لنا رسول اللَّه ﷺ وقال: «لعله سيدركه من قد رآني وسمع كلامي» قالوا: يا رسول اللَّه، كيف قلوبنا يومئذ؟ أمثلها اليوم؟ قال: «أو خير». فإسناده ضعيف.
رواه أبو داود (٤٧٥٦)، والترمذي (٢٢٣٤)، وأحمد (١٦٩٢ - ١٦٩٣)، وابن حبان (٦٧٧٨)، والحاكم (٤/ ٥٤٢ - ٥٤٣) كلهم من طريق خالد الحذاء، عن عبد اللَّه بن شقيق، عن عبد اللَّه بن سراقة، عن أبي عبيدة بن الجراح، فذكره.
وقال الترمذيّ: «هذا حديث حسن غريب من حديث أبي عبيدة بن الجراح، لا نعرفه إلا من حديث خالد الحذاء».
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد».
قال الأعظمي: في إسناده عبد اللَّه بن سراقة هو الأزدي تابعي، وثّقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وهو غير العدوي الصحابي.
وقال البخاري: «لا يعرف له سماع من أبي عبيدة».
وقال ابن كثير في البداية والنهاية (١/ ١٣٠):». . . في إسناده غرابة، ولعل هذا كان قبلَ أن يبين له ﷺ من أمر الدجال ما بُيِّنَ في ثاني الحال». واللَّه تعالى أعلم.

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 99 من أصل 111 باباً

معلومات عن حديث: الآية الثانية وهي خروج الدجال وما جاء في صفته وفتنته

  • 📜 حديث عن الآية الثانية وهي خروج الدجال وما جاء في صفته وفتنته

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ الآية الثانية وهي خروج الدجال وما جاء في صفته وفتنته من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث الآية الثانية وهي خروج الدجال وما جاء في صفته وفتنته

    تحقق من درجة أحاديث الآية الثانية وهي خروج الدجال وما جاء في صفته وفتنته (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث الآية الثانية وهي خروج الدجال وما جاء في صفته وفتنته

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث الآية الثانية وهي خروج الدجال وما جاء في صفته وفتنته ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن الآية الثانية وهي خروج الدجال وما جاء في صفته وفتنته

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع الآية الثانية وهي خروج الدجال وما جاء في صفته وفتنته.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Friday, August 22, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب