حديث: لا تشربوا في دباء ولا حنتم ولا نقير ولا مزفت

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في فضل عبد القيس

حدثني أحد الوفد الذين وفدوا على رسول الله ﷺ من عبد القيس، قال: وأهدينا له فيما نهدي نوطا، أو قربة من تعضوض، أو برني، فقال: «ما هذا؟» قلنا: هذه هدية، قال: وأحسبه نظر إلى تمرة منها فأعادها مكانها، وقال: «أبلغوها آل محمد»، قال: فسأله القوم عن أشياء، حتَّى سألوه عن الشراب، فقال: «لا تشربوا في دباء، ولا حنتم، ولا نقير، ولا مزفت، اشربوا في الحلال الموكى عليه»، فقال له قائلنا: يا رسول الله، وما يدريك ما الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفت؟ قال: «أنا لا أدري ما هيه، أي هجر أعز؟» قلنا: المشقر، قال: «فوالله، لقد دخلتها وأخذت إقليدها»، قال: وكنت قد نسيت من حديثه شيئًا فأذكرنيه عبيد الله بن أبي جروة قال: «وقفت على عين الزارة».
ثمّ قال: «اللهم! اغفر لعبد القيس إذ أسلموا طائعين غير كارهين غير خزايا، ولا موتورين، إذ بعض قومنا لا يسليون حتَّى يخزوا، ويوتروا» قال: وابتهل وجهه هاهنا من القبلة، حتَّى استقبل القبلة، وقال: «إنَّ خير أهل المشرق عبد القيس».

صحيح: رواه أبو داود (٣٦٩٥) مختصرًا، وأحمد (١٧٨٢٩) - والسياق له -، والبيهقي (٨/ ٣٠٢) كلّهم من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي، حَدَّثَنِي أبو القموص زيد بن عليّ قال: حَدَّثَنِي أحد الوفد الذين وفدوا على رسول الله ﷺ من عبد القيس قال: فذكره.

حدثني أحد الوفد الذين وفدوا على رسول الله ﷺ من عبد القيس، قال: وأهدينا له فيما نهدي نوطا، أو قربة من تعضوض، أو برني، فقال: «ما هذا؟» قلنا: هذه هدية، قال: وأحسبه نظر إلى تمرة منها فأعادها مكانها، وقال: «أبلغوها آل محمد»، قال: فسأله القوم عن أشياء، حتَّى سألوه عن الشراب، فقال: «لا تشربوا في دباء، ولا حنتم، ولا نقير، ولا مزفت، اشربوا في الحلال الموكى عليه»، فقال له قائلنا: يا رسول الله، وما يدريك ما الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفت؟ قال: «أنا لا أدري ما هيه، أي هجر أعز؟» قلنا: المشقر، قال: «فوالله، لقد دخلتها وأخذت إقليدها»، قال: وكنت قد نسيت من حديثه شيئًا فأذكرنيه عبيد الله بن أبي جروة قال: «وقفت على عين الزارة».
ثمّ قال: «اللهم! اغفر لعبد القيس إذ أسلموا طائعين غير كارهين غير خزايا، ولا موتورين، إذ بعض قومنا لا يسليون حتَّى يخزوا، ويوتروا» قال: وابتهل وجهه هاهنا من القبلة، حتَّى استقبل القبلة، وقال: «إنَّ خير أهل المشرق عبد القيس».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف من صحيح البخاري (رقم 5593) وغيره، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة:

أولاً. شرح المفردات:


● الوفد: جماعة أتوا لزيارة النبي ﷺ.
● عبد القيس: قبيلة عربية من ربيعة كانت تسكن في منطقة البحرين.
● نوطًا: وعاء صغير من الجلد.
● قربة: وعاء من الجلد يُحفظ فيه السوائل.
● تعضوض: نوع من التمر الرديء.
● برني: نوع جيد من التمر.
● دباء: القرع اليابس (اليقطين المجفف).
● حنتم: جرار خضراء كانت تُصنع في الشام ومصر.
● نقير: جذع النخلة يُنقر ويُجوف ليكون وعاءً.
● مزفت: الأوعية المطلية بالزفت (القار).
● الحلال الموكى عليه: الأوعية المباحة (غير المحرمة) التي تُربط عليها الأغطية.
● هجر: منطقة في البحرين.
● المشقر: مكان معروف في هجر.
● إقليدها: مفتاحها أو خزانتها.
● عين الزارة: عين ماء مشهورة في منطقة البحرين.
● غير خزايا: غير ذليلين.
● غير موتورين: غير منقوصين (لم ينقص عددهم في القتال).
● لا يسليون: لا يسلمون.

ثانيًا. شرح الحديث:


1- قصة الهدية: عندما قدم وفد عبد القيس على النبي ﷺ وأهدوه تمرًا من أنواع مختلفة (جيد ورديء)، نظر النبي ﷺ إلى تمرة منها (ولعلها من الرديء) وردها، وأمر بإيصال الهدية إلى آل بيته الكرام، مما يدل على تواضعه ﷺ وحرصه على عدم أكل شيء قد يكون فيه شبهة.
2- تحريم الأوعية الخاصة بالخمر: عندما سألوه عن الشراب (والمراد به الخمر)، نهى النبي ﷺ عن الشرب في أوعية معينة (الدباء، الحنتم، النقير، المزفت) لأن هذه الأوعية كانت تستخدم لصنع الخمر وتخزينها، فنهى عن استخدامها سدًا للذريعة ومنعًا للشبهات. وأمر بالشرب في الأوعية المباحة المغطاة (الحلال الموكى عليه).
3- إثبات علمه ﷺ بالمناطق: عندما تعجب أحد الوفد من معرفة النبي ﷺ بهذه الأوعية (مع أنها من صنع مناطق بعيدة)، بين لهم ﷺ أنه يعرف مناطقهم، بل ذكر أنه دخل المشقر (في هجر) وأخذ مفتاحها، مما يدل على عمق علمه ﷺ بالبلدان والأمور الدنيوية بإذن الله.
4- الدعاء لعبد القيس: ابتهل النبي ﷺ إلى الله تعالى ودعا لهم بالمغفرة، ووصفهم بأنهم أسلموا طائعين غير مكرهين، ولم يُهزموا في الحرب (غير خزايا)، ولم يُقتل منهم عدد كبير (غير موتورين)، على عكس بعض القبائل التي لم تسلم إلا بعد الهزيمة والخزي.
5- الثناء عليهم: استقبل القبلة وابتهل إلى الله، ثم أثنى عليهم بأنهم خير أهل المشرق، وهذا فضل عظيم لهذه القبيلة.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- قبول الهدية والشكر عليها: لكن مع الحرص على عدم أكل ما فيه شبهة.
2- سد الذرائع إلى المحرمات: تحريم استخدام أوعية الخمر لمنع الوسائل المؤدية إلى الحرام.
3- علم النبي ﷺ الواسع: فهو يعرف أحوال القبائل والمناطق البعيدة.
4- فضل عبد القيس: بسبب إسلامهم الطوعي المبكر وثباتهم.
5- الدعاء للأخرين: والثناء على الصالحين منهم.
6- التواضع: حيث رد النبي ﷺ جزءًا من الهدية ولم يأكل كل شيء.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه البخاري ومسلم بألفاظ متقاربة.
- عبد القيس من أوائل القبائل التي أسلمت في منطقة البحرين.
- النهي عن الأوعية المذكورة كان خاصًا بزمن النبي ﷺ عندما كانت تستخدم للخمر، وأما اليوم فينطبق الحكم على أي وعاء يستخدم للمحرمات.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٦٩٥) مختصرًا، وأحمد (١٧٨٢٩) - والسياق له -، والبيهقي (٨/ ٣٠٢) كلّهم من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي، حَدَّثَنِي أبو القموص زيد بن عليّ قال: حَدَّثَنِي أحد الوفد الذين وفدوا على رسول الله ﷺ من عبد القيس قال: فذكره. وإسناده صحيح.
قوله: «نوطًا» النوط: الجلة الصغيرة فيها التمر ونحوه.
قوله: «تعضوض أو برني»: هما نوعان من التمر.
قوله: «موتورين» أي لم يلحقهم مكروه من قتل أو سلب أو نحوها.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 88 من أصل 90 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تشربوا في دباء ولا حنتم ولا نقير ولا مزفت

  • 📜 حديث: لا تشربوا في دباء ولا حنتم ولا نقير ولا مزفت

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تشربوا في دباء ولا حنتم ولا نقير ولا مزفت

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تشربوا في دباء ولا حنتم ولا نقير ولا مزفت

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تشربوا في دباء ولا حنتم ولا نقير ولا مزفت

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب