القبول من محسن الأنصار والعفو عن مسيئهم

حديث: القبول من محسن الأنصار والعفو عن مسيئهم

عن ابن عباس قال: خرج رسول الله ﷺ في مرضه الذي مات فيه بملحفة، قد عصب بعصابة دسماء، حتى جلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: «أما بعد: فإن الناس يكثرون ويقل الأنصار، حتَّى يكونوا في الناس بمنزلة الملح في الطعام، فمن ولي منكم شيئًا يضر فيه قومًا وينفع فيه آخرين، فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم» فكان آخر مجلس جلس به النَّبِيّ ﷺ.

صحيح: رواه البخاريّ في المناقب (٣٦٢٨) عن أبي نعيم، ثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الحنظلة بن الغسيل، ثنا عكرمة، عن ابن عباس قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا حديث عظيم من آخر ما تكلم به النبي ﷺ قبل وفاته، وهو يحمل توجيهات خالدة للأمة، خاصة في كيفية التعامل مع الاختلاف وإدارة الشؤون العامة.

شرح المفردات:

● ملحفة: كساء يُلتحف به ويُغطى البدن.
● عصب بعصابة دسماء: عصب رأسه ﷺ بعصابة سوداء اللون بسبب شدة المرض.
● يقل الأنصار: يصبح عددهم قليلاً نسبياً بسبب كثرة المسلمين من غيرهم.
● بمنزلة الملح في الطعام: كناية عن القلة численно مع عظم الأثر والنفع، فقليل الملح ينفع الطعام كله.

شرح الحديث:

في أيام مرض الوفاة، خرج النبي ﷺ - مع شدة وجعه - متعبِّدًا رأسه، ليخاطب المسلمين في آخر مجلس له على منبره. بدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم تنبأ ﷺ بمستقبل الأمة، حيث أخبر أن عدد الأنصار - وهم ناصروه وآووه - سيقِلُّ نسبيًا مع كثرة دخول الناس في الإسلام من القبائل الأخرى. وشبّه مكانتهم المستقبلية بالملح في الطعام، أي أنهم سيكونون قلةً لكن نفعهم وعطاءهم سيكون عظيمًا وأساسيًا للأمة، كالملح الذي لا يستغنى عنه في الطعام وإن كان قليلاً.
ثم وجه ﷺ توجيهاً عاماً لكل من يلي أمراً من أمور المسلمين، فقال: من وُلّيَ منصبا أو مسؤولية (حكمًا، قضاء، إمارة، إلخ) يتعلق به مصالح الناس، فيمكن أن يضر قراره فئة وينفع أخرى، فليحسن سياسة الناس وليتسع صدره. فليقبل ويعترف بإحسان المحسنين ويشجعهم، وليتجاوز عن زلات المسيئين ويصفح عنهم، ما لم يكن في ذلك تضييع لحدود الله.

الدروس المستفادة:

1- مكانة الأنصار: بيان فضل الأنصار وعظيم دورهم في نصرة الإسلام، وأن نفعهم وبذلهم سيستمر أثره في الأمة.
2- الحكمة في القيادة: توجيه نبوي خالد لكل مسؤول بأن من طبيعة العمل العام أن القرار قد لا يرضي الجميع، فيجب عليه العدل والحكمة.
3- الترغيب في العفو والتسامح: الحث على قبول المعذرة والتجاوز عن الهفوات، والتغاضي عن بعض الأخطاء مما يسهم في استقرار المجتمع وتماسكه.
4- الموازنة بين الحقوق: التوازن بين تشجيع المحسنين ومكافأتهم، وبين الصفح عن المسيئين بما لا يتعارض مع إقامة العدل وحدود الله.
5- النصيحة في آخر العمر: حرص النبي ﷺ على توجيه أمته حتى في لحظات ضعفه وأثناء مرضه، مما يدل على عظم شفقته ورحمته بأمته.

معلومات إضافية:

- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من أصح الكتب بعد كتاب الله.
- كان هذا الخطاب بعد حجة الوداع، في أيام المرض الذي توفي فيه ﷺ، مما يزيده أهمية وعمقاً.
- الحديث يعد من جوامع كلمه ﷺ، فهو قليل اللفظ واسع المعنى.
نسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المناقب (٣٦٢٨) عن أبي نعيم، ثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الحنظلة بن الغسيل، ثنا عكرمة، عن ابن عباس قال: فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 59 من أصل 90 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: القبول من محسن الأنصار والعفو عن مسيئهم

📜 حديث: القبول من محسن الأنصار والعفو عن مسيئهم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: القبول من محسن الأنصار والعفو عن مسيئهم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: القبول من محسن الأنصار والعفو عن مسيئهم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: القبول من محسن الأنصار والعفو عن مسيئهم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية