حديث: مكة حرام إلى يوم القيامة لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في حرمة مكة والنهي عن استحلالها وتحريم صيدها وشجرها ولقطتها

عن صفية بنت شيبة قالت: سمعت النَّبِيّ ﷺ يخطب عام الفتح، فقال: «يا أيها الناس! إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام إلى يوم القيامة، لا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا يأخذ لقطتها إِلَّا منشد» فقال العباس: إِلَّا الإذخر، فإنه للبيوت والقبور، فقال رسول الله ﷺ: «إِلَّا الإذخر».

حسن: رواه ابن ماجة (٣١٠٨)، والبخاري في التاريخ الكبير (١/ ٤٥١ - ٤٥٢)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٣١٤٣) كلّهم من طريق يونس بن بكير، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق، حَدَّثَنَا أبان بن صالح، عن الحسن بن مسلم بن يناق، عن صفية بنت شيبة فذكرته.

عن صفية بنت شيبة قالت: سمعت النَّبِيّ ﷺ يخطب عام الفتح، فقال: «يا أيها الناس! إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام إلى يوم القيامة، لا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا يأخذ لقطتها إِلَّا منشد» فقال العباس: إِلَّا الإذخر، فإنه للبيوت والقبور، فقال رسول الله ﷺ: «إِلَّا الإذخر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم يتعلق بحرمة مكة المكرمة، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب الجزية والموادعة، باب إثم من عاهد ثم غدر) برقم (3189)، ومسلم في صحيحه (كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها) برقم (3088). وهو حديث صحيح متفق عليه.
### ثانياً. شرح المفردات
● يخطب عام الفتح: أي يخطب في الناس بعد فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة.
● حَرَّمَ مَكَّةَ: جعلها حَرَماً آمناً مُحَرَّماً، لها حرمة خاصة.
● يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ: هذا تأكيد على قدم وأزلية تحريمها، فهو تشريع إلهي قديم.
● لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا: لا يُقطع شجرها الأخضر المتصل بالأرض. (العضد: القطع).
● وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا: لا يُزجر أو يُخاف صيدها ليهرب. (التنفير: إفزاع الشيء وإبعاده).
● وَلَا يُؤْخَذُ لُقَطَتُهَا إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يُعَرِّفَهَا: لا يُؤخذ الشيء الملتقط (الضائع) فيها إلا بقصد تعريفه وإعلانه ليعود إلى صاحبه. (المنشد: هو الذي يعلن عن الضالة ليعرفها أهلها).
● الْإِذْخِرَ: نبات طيب الرائحة كانوا يستخدمونه في البناء (سقوف البيوت) وفي تنظيف القبور.
### ثالثاً. شرح الحديث
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخطاب الجامع بعد فتح مكة، أن الله تعالى قد جعل مكة بلداً حراماً له حرمة خاصة منذ خلق السماوات والأرض، وهذه الحرمة مستمرة إلى قيام الساعة.
ويبين النبي صلى الله عليه وسلم مظاهر هذه الحرمة، فيحرم ثلاثة أشياء:
1- قطع أشجارها النامية: فلا يجوز لأحد أن يقطع شجرها الأخضر المعمور، لما في ذلك من انتهاك لحرمة البلد.
2- إفزاع صيدها أو اصطياده: فالصيد داخل حرم مكة آمن، لا يجوز التعرض له بإخافة أو اصطياد.
3- أخذ اللقطة إلا للتعريف: فمن وجد شيئاً ضائعاً في مكة لا يحل له أن يتملكه، بل يجب عليه أن يعلن عنه حتى يجد صاحبه.
ثم يرد العم العباس رضي الله عنه (وكان من أهل مكة وخبيراً بأحوالها) باستثناء نبات "الإذخر" من تحريم القطع، لأنه كان ضرورياً لحياة الناس، حيث كانوا يستخدمونه في سقوف بيوتهم وفي أمور قبورهم. فقَبِل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاستثناء وأقره، مما يدل على سماحة الشريعة ومراعاتها للحاجات.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- عظمة مكانة مكة المكرمة: فهي أول بيت وضع للناس، وهي بلد الله الحرام، وقد خصها الله بهذه الحرمة التشريعية الدائمة.
2- الحكمة من التحريم: تحقيق الأمن والسلام في هذا البلد، حتى للشجر والطير والحيوان، ليكون مكاناً آمناً مطمئناً للعبادة.
3- مرونة الشريعة الإسلامية: فاستثناء نبات "الإذخر" يدل على أن الشريعة لا تأتي بما فيه حرج ومشقة، بل تراعي المصالح والحاجات البشرية.
4- فضل الاستئذان في العلم والأدب: حيث قدم العباس رضي الله عنه استفساره بأدب، فقبله النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا أدب طالب العلم مع العالم.
5- وجوب احترام حرمة مكة: على المسلم أن يتأدب بآداب الحرم ويحافظ على حرمته، فلا يؤذي فيها إنساناً ولا حيواناً ولا نباتاً إلا للحاجة المعتبرة شرعاً.

خامساً:

معلومات إضافية
- هذه الأحكام (تحريم الصيد وقطع الشجر) خاصة بمن كان داخل حرم مكة، أما من كان خارجه فلا يحرم عليه ذلك.
- العلماء استدلوا بهذا الحديث على تحريم القتال في مكة إلا دفاعاً عن النفس، لقوله تعالى: {وَهُمْ صَادُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}.
- من أخذ لقطة في الحرم وجب عليه تعريفها سنة كاملة كما هو الحكم العام في اللقطة.
نسأل الله أن يرزقنا حج بيته الحرام، وأن يعيننا على احترام حرماته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجة (٣١٠٨)، والبخاري في التاريخ الكبير (١/ ٤٥١ - ٤٥٢)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٣١٤٣) كلّهم من طريق يونس بن بكير، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق، حَدَّثَنَا أبان بن صالح، عن الحسن بن مسلم بن يناق، عن صفية بنت شيبة فذكرته.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق فإنه حسن الحديث إذا صرَّح.
وأمّا أبان بن صالح وهو القرشي مولاهم فقد وثّقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وقال النسائيّ: ليس به بأس فلا يلتفت إلى من ضعَّفه.
ولذا قال ابن حجر في التقريب: وثّقه الأئمة ووهِمَ ابن حزم فجهّله، وابن عبد البر فضعّفه.
وبه علّق البخاريّ في كتاب الجنائز عقب حديث ابن عباس (١٣٤٩) فقال: «وقال أبان بن صالح، عن الحسن بن مسلم، عن صفية بنت شيبة، سمعت النَّبِيّ ﷺ فذكرت مثله.
كما اختلف في صحبة صفية بنت شيبة، والراجح والصحيح أن لها صحبة فإنها هي التي وصفت دخول النَّبِيّ ﷺ مكة وطوافه وقصة مفتاح الكعبة كما سبق ذكرها في فتح مكة.
ولذا قال المزي في تحفته (١١/ ٣٤٣): «هذا الحديث يُضعّف قولَ من أنكر أن تكون لها رؤية، فإنه إسناد حسن. والله أعلم».
وبمعناه رُوي عن عبد الله بن عباد الزرقي أنه كان يصيد العصافير في بئر إهاب، وكانت لهم، قال: فرآني عبادة بن الصَّامت وقد أخذت العصفور، فينزعه مني فيرسله، ويقول: أي بني، إن رسول الله ﷺ حرم ما بين لابتيها كما حرم إبراهيم مكة.
رواه أحمد (٢٢٧٠٨) عن عليّ بن عبد الله بن جعفر، حَدَّثَنِي أنس بن عياض أبو ضمرة، حَدَّثَنِي عبد الرحمن بن حرملة، عن يعلى بن عبد الرحمن بن هرمز أن عبد الله بن عباد الزرقي أخبره فذكره.
وعبد الله بن عباد الزرقي لم يرو عنه غير يعلى بن عبد الرحمن بن هرمز ولم أجد فيه توثيق أحد فهو مجهول كما قال ابن حجر في التعجيل (٥٥٦) ويعلى بن عبد الرحمن لم يرو عنه إِلَّا عبد الرحمن بن حرملة ولم يوثّقه غير ابن حبَّان.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 29 من أصل 136 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مكة حرام إلى يوم القيامة لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها

  • 📜 حديث: مكة حرام إلى يوم القيامة لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: مكة حرام إلى يوم القيامة لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: مكة حرام إلى يوم القيامة لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: مكة حرام إلى يوم القيامة لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب