حديث: لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في تحريم مكة والمدينة

عن جابر قال: قال النَّبِيّ ﷺ: «إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا يقطع عضاها ولا يصاد صيده».

صحيح: رواه مسلم في كتاب الحجّ (١٣٦٢: ٤٥٨) من طرق عن أبي أحمد قال أبو بكر: حَدَّثَنَا عن محمد بن عبد الله الأسدي، حَدَّثَنَا سفيان، عن أبي الزُّبير، عن جابر قال: فذكره.

عن جابر قال: قال النَّبِيّ ﷺ: «إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا يقطع عضاها ولا يصاد صيده».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لحديث جابر رضي الله عنه، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث بلفظه:
عن جابر قال: قال النبي ﷺ: «إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها».


1. شرح المفردات:


● حَرَّمَ: أي جعلها حرمًا آمناً، له حرمة وقدسية خاصة، يحرم فيها ما يحل في غيرها.
● مَكَّة: البلد الحرام، التي فيها الكعبة المشرفة.
● الْمَدِينَة: مدينة النبي ﷺ، "طيبة الطيبة".
● لاَبَتَيْهَا: اللابة هي الأرض ذات الحجارة السوداء (الحرّة). واللابتان هما حرتان معروفتان عند أهل المدينة: حرة واقم شرقًا، وحرة الوبرة غربًا. فما بينهما هو حرم المدينة.
● عَضَاهُهَا: شجرها الذي له شوك، كالطلح والسمر والأراك. وقيل: كل شجرها بصفة عامة.
● يُصَادُ صَيْدُهَا: يُصطاد حيوانها البري المباح في الأصل.


2. شرح الحديث:


يخبر النبي ﷺ في هذا الحديث العظيم عن فضل المدينة المنورة ومكانتها، ويقرن تحريمها بتحريم مكة على لسان خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، مما يزيدها تشريفًا وتعظيمًا.
● «إن إبراهيم حرم مكة»: هذا إخبار عن أمر قدري شرعي، فقد جعل الله تعالى مكة حرامًا آمناً منذ زمن إبراهيم الخليل عليه السلام، بدعوته: {رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا} [البقرة: 126].
● «وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها»: وهذا تشريف من الله تعالى لمدينة نبيه ﷺ، حيث جعل لها حرمة خاصة على لسانه ﷺ. فالحرمة تشمل كل ما داخل حدودها المعروفة بين الحرتين (اللابتين).
● «لا يقطع عضاها»: هذا من مظاهر تحريمها، وهو النهي عن قطع أشجارها ونباتها الأخضر المعمر. أما إذا كان للانتفاع، كقطع الشوك المؤذي أو لأجل الزراعة أو البناء، فقد أجاز العلماء ذلك للحاجة، لأن النهي عن القطع إذا كان عبثًا أو إضرارًا بدون منفعة راجحة.
● «ولا يصاد صيدها»: يحرم اصطياد الحيوانات البرية الموجودة داخل حرم المدينة، فلا يجوز لأحد أن يعتدي عليها بالصيد. وهذا من حرمة المدينة وأمنها حتى لحيواناتها.


3. الدروس المستفادة منه:


1- تشريف المدينة المنورة: الحديث دليل على المكانة العظيمة التي اختص الله بها مدينة النبي ﷺ، فهي حرم آمن، لها حرمتها وقدسيتها، وهي دار الهجرة والإيمان.
2- الحكمة من التحريم: تحقيق الأمن والسلام للبلدة وأهلها، وحماية بيئتها الطبيعية من العبث والتخريب، مما يجعلها مكانًا هادئًا مناسبًا للعبادة والعلم.
3- الاقتداء بالأنبياء: النبي ﷺ يقتدي بخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام في تعظيم حرمات الله، فكما حرم إبراهيم مكة، حرم محمد ﷺ المدينة.
4- الرحمة بالبيئة: النهي عن قطع الأشجار وصيد الصيد يدل على عناية الإسلام بالتوازن البيئي وحماية الحياة الفطرية، وعدم الإفساد في الأرض.
5- التشريع النبوي: أن للنبي ﷺ أن يشرع لأمته ما فيه مصلحتهم، وهذا التحريم تشريع ملزم لأمته إلى يوم القيامة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم من فعل المحظور: من قطع شجر الحرم أو اصطاد صيده وهو محرم (أي داخل حدود الحرم) فقد ارتكب إثمًا، وعليه الكفارة على الصحيح من أقوال العلماء. وكفارة ذلك مثل كفارة الصيد في حرم مكة، وهي إما أن يُقَوَّم الصيد ويُشترى به طعام يوزع على الفقراء، أو يصوم عن إطعام كل مسكين يومًا.
● هل حرمة المدينة كحرمة مكة؟: حرمة مكة أعظم درجة، ففي مكة يحرم القتال والصيد وقطع الشجر على الإطلاق، ويحرم على غير المسلم دخولها، بخلاف المدينة فإنها دون ذلك في بعض الأحكام.
● فضائل أخرى للمدينة: وردت أحاديث كثيرة في فضل المدينة، منها: أنها تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد، وأن الدجال لا يدخلها، وأن الإيمان يأرز إليها، وغير ذلك من الفضائل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في كتاب الحجّ (١٣٦٢: ٤٥٨) من طرق عن أبي أحمد قال أبو بكر: حَدَّثَنَا عن محمد بن عبد الله الأسدي، حَدَّثَنَا سفيان، عن أبي الزُّبير، عن جابر قال: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 7 من أصل 136 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها

  • 📜 حديث: لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب