حديث: حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب حب النَّبِيّ ﷺ وأصحابه لمكة

عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: لما قدم النَّبِيّ ﷺ المدينة وعك أبو بكر وبلال، قالت: فدخلت عليهما فقلت: يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟ قالت: فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
كل امرئ مصبح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقيرته فيقول:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يومًا مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل
قالت عائشة: فجئت رسول الله ﷺ فأخبرته فقال: «اللهم! حبِّبْ إلينا المدينةَ كحبنا مكة أو أشد. وصحّحها وباركْ لنا في صاعها ومدها وانقل حُمّاها فاجعلها بالجحفة».

متفق عليه: رواه مالك في كتاب الجامع (١٤) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.

عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: لما قدم النَّبِيّ ﷺ المدينة وعك أبو بكر وبلال، قالت: فدخلت عليهما فقلت: يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟ قالت: فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
كل امرئ مصبح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقيرته فيقول:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يومًا مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل
قالت عائشة: فجئت رسول الله ﷺ فأخبرته فقال: «اللهم! حبِّبْ إلينا المدينةَ كحبنا مكة أو أشد. وصحّحها وباركْ لنا في صاعها ومدها وانقل حُمّاها فاجعلها بالجحفة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث السيرة النبوية، يروي لنا جانبًا من معاناة الصحابة الكرام في سبيل إقامة الدين، ودعاء النبي ﷺ الذي لا يخلو من حكمة وعبرة.

أولاً. شرح المفردات:


● عَكَّ: أصابه مرض الحمى والشدة.
● أقلع عنه: ارتفعت عنه الحمى وخفَّت.
● يرفع عقيرته: يرفع صوته بالكلام أو الغناء.
● الإذخر والجليل: نباتات طيبة الرائحة كانت تنبت حول مكة.
● مياه مجنة: اسم مكان بقرب مكة.
● شامة وطفيل: جبلان معروفان بمكة.


ثانيًا. شرح الحديث:


تخبرنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ عندما قدم المدينة مهاجرًا، أُصيب أبو بكر الصديق وبلال بن رباح رضي الله عنهما بالحمى، فدخلت عليهما لتطمئن على صحتهما.
موقف أبي بكر الصديق:
كان يقول عند اشتداد الحمى عليه:
*"كل امرئ مصبح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله"*
وهذا البيت الشعري يعبر عن يقينه بأن الموت قريب من الإنسان مثل قرب شراك نعله (أي رباط النعل)، فهو يذكر نفسه بالموت ويصبر على البلاء.
موقف بلال بن رباح:
كان إذا خفَّت عنه الحمى يرفع صوته بشوق وحنين إلى مكة فيقول:
*"ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل"*
يشتاق إلى مكة وأجوائها، وإلى مناظرها الطبيعية مثل جبلي شامة وطفيل، ومياه مجنة.
دعاء النبي ﷺ:
لمّا أخبرته عائشة بهذا المشهد، علم ﷺ ما في قلوبهم من حب لمكة وحنين إليها، فدعا بهذا الدعاء العظيم:
*"اللهم! حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، وصححها وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حمّاها فاجعلها بالجحفة"*.


ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- الصبر على البلاء:
- تعامل أبو بكر وبلال مع المرض بالصبر والتفكر في الآخرة، وهذا من أدب المؤمن عند نزول المصيبة.
2- الحنين للوطن لا يقدح في الإيمان:
- حنين بلال لمكة كان حنينًا طبيعيًا للوطن، ولم ينقص من إيمانه أو التزامه، بل كان دافعًا للنبي ﷺ أن يدعو الله أن يحبب إليهم المدينة.
3- دعاء النبي ﷺ بركة للمدينة:
- فيه طلب البركة في المعيشة (الصاع والمد مكيالان للطعام)، وطلب نقل الأمراض إلى مكان آخر (الجحفة) لحماية أهل المدينة.
4- اهتمام النبي ﷺ بأصحابه:
- حرصه على تطيب خواطرهم ودعوته لهم بما يُذهب حزنهم ويُشعرهم بالطمأنينة.
5- قبول الدعاء:
- فقد استجاب الله دعاء نبيه، فأصبحت المدينة محببة إلى الصحابة، وانتقلت حمّاها إلى الجحفة كما ورد في بعض الروايات.


رابعًا. فوائد إضافية:


- الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بفضائل المدينة.
- فيه بيان أن الشعر الذي لا يتضمن محظورًا شرعيًا جائز، خاصة إذا كان يعبر عن مشاعر صادقة.
- الدعاء بنقل البلاء إلى مكان غير مأهول أو أقل ضررًا جائز، وهو من رحمة الله بعباده.
أسأل الله أن يعيننا على الصبر عند البلاء، وأن يوفقنا لطاعته، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في كتاب الجامع (١٤) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.
ورواه البخاريّ في المناقب (٣٩٢٦) عن عبد الله بن يوسف، عن مالك بإسناد.
ورواه مسلم في الحجّ (١٣٧٦) من وجه آخر عن هشام بإسناده مختصرًا.
ورواه البخاريّ في فضائل المدينة (١٨٨٩) من طريق آخر عن هشام، عن أبيه، عن عائشة وزاد فيه بعد ذكر الأبيات قال: «اللهم! العن شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء، ثمّ قال رسول الله ﷺ: «اللهم! حبب إلينا المدينة ... «الحديث».
قالت - يعني - عائشة: وقدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله.
قالت: فكان بطحان يجري نجلا، تعني ماء آجنا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 40 من أصل 136 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد

  • 📜 حديث: حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب