حديث: من لم يدع الله يغضب عليه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أن الله تعالى يحب أن يُسأل ويغضب إذا لم يُسأل

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إنه من لم يسأل الله يغضب عليه». وفي لفظ: «من لم يدع الله».

حسن: رواه الترمذي (٣٣٧٣) - واللفظ له -، وابن ماجه (٣٨٢٧)، وأحمد (٩٧١٩)، - واللفظ الآخر لهما -، والحاكم (١/ ٤٩١) كلهم من طرق، عن أبي المليح المدني، قال: سمعت أبا صالح، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إنه من لم يسأل الله يغضب عليه». وفي لفظ: «من لم يدع الله».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
الحديث الذي ذكر هو حديث عظيم، يدل على عظمة الدعاء ومنزلة السؤال من الله تعالى. وإليك شرحه على النحو التالي:

### أولاً. نص الحديث وروايته
الحديث رواه الإمام الترمذي في سننه، والإمام أحمد في مسنده، وغيرهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:
> «إِنَّهُ مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ».
وفي رواية أخرى: «مَنْ لَمْ يَدْعُ اللَّهَ».

### ثانياً. شرح المفردات
● يَسْأَلِ اللَّهَ / يَدْعُ اللَّهَ: أي يطلب من الله تعالى حاجاته، ويتضرع إليه بالدعاء في الملمات والمسرات.
● يَغْضَبْ عَلَيْهِ: أي يعاقبه الله ويحرمه من فضله ورحمته؛ لأن غضب الله تعالى هو استبعاد العبد من رحمة الله وكرامته.

### ثالثاً. شرح الحديث
معنى الحديث واضح وجلي، وهو أن من لم يتوجه إلى الله تعالى بالدعاء والسؤال، فإن الله يغضب عليه. وذلك لأن:
1- ترك الدعاء استغناء عن الله: والإنسان ضعيف محتاج إلى ربه في كل لحظة، فإذا امتنع عن سؤال الله، فكأنه استغنى عن عون الله ورحمته، وهذا من كبر النفس الذي يبغضه الله تعالى.
2- الدعاء من أعظم العبادات: بل هو مخ العبادة كما ورد في بعض الأحاديث. فتركه تفويت لأجر عظيم، وإعراض عن الله الذي أمر بالدعاء ووعد بالإجابة.
3- الدعاء إظهار للذلة والانكسار: والله تعالى يحب العبد المتضرع الذليل بين يديه، فمن لم يتذلل لله، فقد حرم نفسه من قرب الله ورحمته.
فالحديث يحث على الإكثار من الدعاء، ويحذر من الإعراض عنه أو التكاسل فيه.

### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- وجوب الإكثار من الدعاء: فإن الدعاء لا يقتصر على أوقات الشدة فقط، بل هو عبادة مستمرة.
2- التذلل والانكسار لله: فالله تعالى يحب العبد الذي يلجأ إليه ويسأله حاجاته كلها، صغيرها وكبيرها.
3- التحذير من الكبر والاستغناء عن الله: فإن الذي لا يدعو الله يكون متكبراً في نفسه، مستغنياً عن ربه، وهذا من أسباب حرمان الرحمة.
4- الدعاء سبب لدفع غضب الله: فكما أن تركه يوجب الغضب، ففعله يوجب الرضا والقرب من الله.


خامساً:

تنبيهات مهمة
- ليس المقصود أن الله يغضب على كل من لم يدع في لحظة معينة، بل المقصود من يعتاد ترك الدعاء ويستمرئ الإعراض عن الله، ويستغني عن سؤاله.
- الدعاء يشمل سؤال الله كل شيء: من أمور الدين والدنيا، والاستعانة به في كل صغيرة وكبيرة.
- ينبغي للعبد أن يدعو الله بخشوع ويقين بالإجابة، فإن الله لا يرد من سأله وتضرع إليه.

اللهم إنا نسألك أن ترزقنا حسن الدعاء، وأن تجعلنا من الذاكرين الشاكرين، ولا تجعلنا من الغافلين المعرضين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هذا والله أعلم، وأحسب أن هذا الشراف قد وضح المعنى، فإن كان لديك أي استفسار آخر فلا تتردد في السؤال.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٣٣٧٣) - واللفظ له -، وابن ماجه (٣٨٢٧)، وأحمد (٩٧١٩)، - واللفظ الآخر لهما -، والحاكم (١/ ٤٩١) كلهم من طرق، عن أبي المليح المدني، قال: سمعت أبا صالح، عن أبي هريرة فذكره.
وزاد الحاكم: «وإن الله ليغضب على من يفعله، ولا يفعل ذلك أحد غيره» يعني في الدعاء.
ثم قال: حديث صحيح الإسناد؛ فإن أبا صالح الخوزي وأبا المليح الفارسي لم يذكرا بالجرح إنما هما في عداد المجهولين لقلة الحديث اهـ.
قال الأعظمي: ليس كما قال، فإن أبا صالح الخوزي مختلف فيه، فنقل الدارمي عن ابن معين «ضعيف» كما في الكامل (٧/ ٢٧٤٩).
ولكن سئل أبو زرعة عن اسمه فقال: لا يُعرف روى عنه أبو المليح، لا بأس به. الجرح والتعديل (٩/ ٣٩٣) فأقل درجاته أنه حسن الحديث.
وأما أبو المليح المدني، والمعروف بالفارسي واسمه صبيح فقد روى عنه جمع من الثقات، ووثقه ابن معين.
وأما ما روي عن أنس مرفوعا: «ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع». فالصواب أنه مرسل.
رواه الترمذي (٣٦٠٤/ ٨)، وابن حبان (٨٦٦، ٨٩٤، ٨٩٥)، وابن عدي (٦/ ٢٠٧٦) كلهم من طريق قطن بن نسير البصري، أخبرنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس فذكره.
وقال الترمذي: «هذا حديث غريب، وروى غير واحد هذا الحديث عن جعفر بن سليمان، عن ثابت البناني، عن النبي ﷺ مرسلا، ولم يذكروا فيه عن أنس، ثم رواه عن صالح بن عبد الله، عن جعفر بن سليمان مرسلا، ثم قال: وهذا أصح من حديث قطن، عن جعفر بن سليمان». اهـ
قال الأعظمي: قطن بن نسير قال عنه ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عنه فرأيته يحمل عليه، وذكر أنه روى أحاديث عن جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس مما أنكر عليه. اهـ وهذا منها.
وذكر ابن عدي أن رجلا قال للقواريري: إن لي شيخا يحدث به عن جعفر، عن ثابت، عن أنس فقال القواريري: باطل. يعني أن وصله باطل، والصواب إرساله. قال ابن عدي عقبه: وهذا كما قال.
وثبت عن عائشة أنها قالت: «سلوا الله كل شيء حتى الشسع فإن الله عز وجل إن لم ييسره لم يتيسر». رواه أبو يعلى (٤٥٦٠)، وعنه ابن السني في عمل اليوم والليلة (٣٥٦) بإسناد حسن.
وكذلك لا يصح ما روي عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة، وما سئل الله شيئا يعني أحب إليه من أن يسأل العافية». وقال رسول الله ﷺ: «إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء».
رواه الترمذي (٣٥٤٨)، والحاكم (١/ ٤٩٨) كلاهما من طريق يزيد بن هارون، عن عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر فذكره. والسياق للترمذي، وليس عند الحاكم: «إن الدعاء ينفع مما نزل ...».
وقال الترمذي: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي، وهو المكي المليكي، وهو ضعيف في الحديث، قد تكلم فيه بعض أهل الحديث من قبل حفظه.
وقد روى إسرائيل هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن موسى بن عقبة عن نافع عن
ابن عمر عن النبي ﷺ قال: «ما سئل الله شيئا أحب إليه من العافية». حدثنا بذلك القاسم بن دينار الكوفي، حدثنا إسحاق بن منصور الكوفي، عن إسرائيل بهذا». انتهى كلام الترمذي.
وأما الحاكم فقال: «هذا حديث صحيح الإسناد»، وتعقبه الذهبي بقوله: «المليكي ضعيف».
وكذلك لا يصح ما روي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «سلوا الله من فضله، فإن الله عز وجل يحب أن يسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج».
رواه الترمذي (٣٥٧١)، وابن عدي في الكامل (٢/ ٦٦٥) كلاهما من طريق حماد بن واقد، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله فذكره. وحماد بن واقد هو الصفار ضعيف، وقد خولف في إسناده.
قال الترمذي: «هكذا روى حماد بن واقد هذا الحديث، وقد خولف في روايته، وحماد بن واقد هذا هو الصفار، ليس بالحافظ.
وروى أبو نعيم هذا الحديث عن إسرائيل، عن حكيم بن جبير، عن رجل، عن النبي ﷺ مرسلا، وحديث أبي نعيم أشبه أن يكون أصح». اهـ

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 109 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من لم يدع الله يغضب عليه

  • 📜 حديث: من لم يدع الله يغضب عليه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من لم يدع الله يغضب عليه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من لم يدع الله يغضب عليه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من لم يدع الله يغضب عليه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب