حديث: من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما روي في مسح الوجه بعد الدعاء

لم يصح في هذا الباب شيء، أما ما روي عن عبد الله بن عباس أن رسول الله ﷺ قال: «لا تستروا الجدر، من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار سلوا الله ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم». فهو ضعيف.

ضعيف: رواه أبو داود (١٤٨٥) عن عبد الله بن مسلمة، حدثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن، عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، عمن حدثه، عن محمد بن كعب القرظي، حدثني عبد الله بن عباس فذكره.

لم يصح في هذا الباب شيء، أما ما روي عن عبد الله بن عباس أن رسول الله ﷺ قال: «لا تستروا الجدر، من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار سلوا الله ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم». فهو ضعيف.

شرح الحديث:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أحسنتم السؤال عن هذا الحديث، وأسأل الله أن يوفقنا جميعًا لفهم سنة نبينا محمد ﷺ والعمل بها.
هذا الحديث الذي ذكرتموه حديث ضعيف لا يصح عن النبي ﷺ، كما أشار إليه المحققون من علماء الحديث. ودعونا نشرحه تفصيلاً لنتبين مواضع ضعفه والفوائد المستفادة من بيان ذلك.
### أولاً. نص الحديث ومصدره
يروى الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال:
«لا تستروا الجدر، من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار. سلوا الله ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم».
### ثانيًا. شرح المفردات
● لا تستروا الجدر: "الجدر" جمع "جدار"، أي لا تضعوا ستائر أو غطاء على الجدران. وقيل المقصود "لا تكتُبوا على الجدران" كما في بعض الروايات.
● ينظر في النار: أي كأنه ينظر إلى النار بعينيه، وهو تعبير عن عظم الجرم والتحذير من عاقبته.
● ببطون أكفكم: أي بباطن الكف (الكف من الداخل).
● بظهورها: أي بظهر الكف (الجهة الخارجية).
● فامسحوا بها وجوهكم: أي امسحوا وجوهكم بأيديكم بعد الدعاء.
### ثالثًا. حكم الحديث وبيان ضعفه
هذا الحديث ضعيف جدًا ولا يثبت عن النبي ﷺ، وذلك للأسباب التالية:
1- انقطاع في سنده: في إسناده رجل اسمه يزيد الرقاشي، وهو من الرواة الضعفاء الذين لا يحتج بحديثهم. قال عنه الإمام أحمد بن حنبل: "ليس بشيء"، وقال البخاري: "منكر الحديث".
2- مخالفته للأحاديث الصحيحة: الحديث يجمع بين ثلاثة أبواب مختلفة (النهي عن ستر الجدر، والنظر في كتاب الغير بغير إذن، وآداب الدعاء)، وهذا الجمع غير معروف في الأحاديث الصحيحة الثابتة.
3- لم يصح في الباب شيء: كما ذكر أئمة الحديث مثل الإمام الترمذي وغيره، أنه لم يرد حديث صحيح ثابت في النهي عن ستر الجدران أو النظر في الكتاب بغير إذن صاحبه بهذا اللفظ المجموع.
### رابعًا. الدروس المستفادة من بيان ضعف الحديث
1- وجوب التحري في نقل الأحاديث: ليس كل ما يُنسب إلى النبي ﷺ صحيحًا، وهذا من حرص علماء الأمة على حفظ السنة النبوية من اختلاط الصحيح بالضعيف.
2- احترام خصوصيات الآخرين: على الرغم من ضعف هذا الحديث، فإن مضمون النهي عن النظر في كتاب أخيك بغير إذنه منهي عنه شرعًا، لأنه من باب الاطلاع على عورات المسلمين وأسرارهم، وقد قال تعالى: {وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12]. وهناك أدلة أخرى تحث على حفظ الأسرار وعدم خيانة الأمانة.
3- آداب الدعاء: جزء الحديث الذي يأمر بالدعاء بباطن الكفين وليس بظهورهما، ثم مسح الوجه بعد الدعاء، ثابت في أحاديث أخرى صحيحة. فمن السنة أن ترفع يديك بالدعاء مبسوطتين وباطنهما إلى السماء، ثم تمسح بهما وجهك بعد الفراغ. وهذا من آداب الدعاء المستحبة.
### خامسًا. الخلاصة والتوجيه
- هذا الحديث ضعيف لا يجوز نسبته إلى النبي ﷺ أو الاحتجاج به.
- المعنى المتعلق باحترام خصوصية الآخرين وعدم الاطلاع على ما لا يُرضي صاحبه صحيح بمجموع أدلة الشرع، وإن كان هذا اللفظ غير ثابت.
- أدب رفع اليدين في الدعاء ومسح الوجه بعده ثابت بالسنة الصحيحة، فيُعمل بهذا الأدب من خلال الأحاديث الصحيحة الأخرى.
نسأل الله أن يرزقنا الفقه في دينه، والاتباع لسنة نبيه ﷺ، وأن يعيذنا من القول عليه بغير علم.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٤٨٥) عن عبد الله بن مسلمة، حدثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن، عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، عمن حدثه، عن محمد بن كعب القرظي، حدثني عبد الله بن عباس فذكره. ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في الكبرى (٢/ ٢١٢) وفي الدعوات الكبير (٣٠٩).
وإسناده ضعيف من أجل عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، قال الذهبي في الميزان: «لا أعرفه».
وقال ابن حجر: «مجهول الحال».
وشيخه في الإسناد لم يسم.
ولذلك ضعفه أبو داود فقال عقب الحديث: «رُوي هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية، وهذا الطريق أمثلُها، وهو ضعيف أيضا» اهـ.
ومن طرقه الواهية ما رواه ابن ماجه (١١٨١) من طريق عائذ بن حبيب، عن صالح بن حسان الأنصاري، عن محمد بن كعب القرظي به.
ورواه الحاكم (١/ ٥٣٦) من طريق وهيب بن خالد، عن صالح بن حيان (كذا والصواب: حسان) به.
وإسناده ضعيف جدا من أجل صالح بن حسان الأنصاري المدني فإنه متروك.
وبه أعله البغوي في شرح السنة (١٣٩٩) فأخرجه من هذا الوجه ثم قال: «ضعيف، صالح بن حسان المدني الأنصاري منكر الحديث قاله البخاري» اهـ.
✅ وكذلك لا يصح ما روي عن السائب بن يزيد، عن أبيه: أن النبي ﷺ كان إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه.
رواه أبو داود (١٤٩٢)، وأحمد (١٧٩٤٣) كلاهما عن قتيبة بن سعيد، ثنا ابن لهيعة، عن حفص بن عاصم بن عتبة بن أبي وقاص، عن السائب بن يزيد، عن أبيه فذكره. ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في الدعوات الكبير (٣١٠).
وإسناده ضعيف من أجل سوء حفظ ابن لهيعة، وشيخه حفص بن عاصم مجهول.
وقد أشار عبد الله بن الإمام أحمد إلى علة خفية فقال عقب الحديث: «قد خالفوا قتيبة في إسناد هذا الحديث، وأحسب (وفي نسخة: وأبي حسب) قتيبة وهمَ فيه، يقولون: عن خلاد بن السائب، عن أبيه» اهـ.
وقال المزي في تحفة الأشراف (٩/ ١٠٧): «رواه يحيى بن إسحاق السليحيني، عن ابن لهيعة، عن حبان بن واسع بن حبان، عن خلاد بن السائب، عن النبي ﷺ.
وقال غيره: عن خلاد بن السائب، عن أبيه، عن النبي ﷺ» اهـ.
وهذه الرواية التي أشار إليها المزي رواها أحمد (١٦٥٦٣) عن يحيى بن إسحاق، أخبرنا ابن لهيعة، عن حبان بن واسع، عن خلاد بن السائب الأنصاري أن رسول الله ﷺ كان إذا دعا جعل باطن كفيه إلى وجهه.
✅ ورواه أيضا (١٦٥٦٤) بهذا الإسناد بلفظ: «كان إذا سأل جعل باطن كفيه إليه، وإذا استعاذ جعل ظاهرهما إليه».
✅ وكذلك لا يصح ما روي عن عمر بن الخطاب قال: كان رسول الله ﷺ إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح وجهه.
رواه الترمذي (٣٣٨٦) من طريق حماد بن عيسى الجهني، عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب فذكره.
ومن هذا الوجه رواه الحاكم (١/ ٥٣٦) وسكت عنه.
وضعّفه الترمذي بقوله: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى وقد تفرد به.
قال الأعظمي: إسناده ضعيف جدا، علته حماد بن عيسى هذا والمعروف بغريق الجحفة، ضعّفه أبو حاتم الرازي، وقال أبو داود: ضعيف روى أحاديث مناكير، وقال ابن حبان في المجروحين: «يروي عن ابن جريج وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أشياء مقلوبة تتخايل إلى من هذا الشأن
صناعته أنها معمولة، لا يجوز الاحتجاج به».
قال الأعظمي: ولا الاستشهاد به أيضا فقد ترجمه الحاكم في المدخل فقال: «حماد بن عيسى الجهني يقال له الغريق، دجّال يروي عن ابن جريج وجعفر بن محمد الصادق وغيرهما أحاديث موضوعة».
ومع هذا كله أخرج الحاكم حديثه هذا وسكت عنه كما سبق.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 120 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار

  • 📜 حديث: من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب