حديث: تعلَّموا كتاب اللَّه وتغنَّوا به

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الحثّ على تعاهد القرآن واستذكاره

عن عقبة بن عامر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «تعلَّموا كتاب اللَّه، وتعاهدوه وتغنَّوا به، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلُّتا من المخاض في العقل».

صحيح: رواه أحمد (١٧٣١٧) وابن أبي شيبة (٨٦٦٠)، وصحّحه ابن حبان (١١٩) والطبراني في الكبير (١٧/ ٢٩٠) كلهم من طريق موسى بن عُلَيّ بن رباح، قال: سمعت أبي يقول: سمعت عقبة بن عامر يقول: فذكره.

عن عقبة بن عامر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «تعلَّموا كتاب اللَّه، وتعاهدوه وتغنَّوا به، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلُّتا من المخاض في العقل».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، وصححه الألباني، عن الصحابي الجليل عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تَعَلَّمُوا كِتَابَ اللَّهِ، وَتَعَاهَدُوهُ، وَتَغَنَّوْا بِهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الْمَخَاضِ فِي الْعُقُلِ».

أولاً. شرح المفردات:


● تَعَلَّمُوا: الأمر بحفظ القرآن وفهم معانيه.
● تَعَاهَدُوهُ: المواظبة على تلاوته ومراجعته باستمرار لئلا يُنسى.
● وَتَغَنَّوْا بِهِ: تحسين الصوت به وتلاوته بطريقة حسنة، أو القناعة به والاستغناء به عن غيره من الكلام.
● تَفَلُّتًا: هروباً وذهاباً من الصدر.
● الْمَخَاضِ: هو الإبل، وجمعها مخاض.
● الْعُقُلِ: جمع عقال، وهو الحبل الذي تُعقل به الناقة لئلا تهرب.
فالمعنى: أن القرآن أسرع هروباً من الصدر من الناقة التي تُعقل (تُربط) بحبل، ثم تنفلت منه وتهرب.

ثانياً. شرح الحديث:


يحتوي هذا الحديث على ثلاثة أوامر نبوية عظيمة، ثم تحذير شديد:
1- «تَعَلَّمُوا كِتَابَ اللَّهِ»: هذا أمر مباشر بحفظ القرآن الكريم وتعلمه، ليس مجرد تلاوة الحروف، بل فهم معانيه، والعمل بأحكامه، وتدبر آياته. فالتعلم يشمل الحفظ والفهم والعمل.
2- «وَتَعَاهَدُوهُ»: بعد التعلم يأتي الأمر بالمحافظة على هذا العلم. والقرآن سريع التفلت من الذاكرة إذا لم يُراجع ويُداوم على تلاوته. والتعاهد يعني المراجعة الدورية والمستمرة، وهو ما نسميه اليوم "الورد اليومي" من التلاوة.
3- «وَتَغَنَّوْا بِهِ»: ولهذا الأمر معنيان رئيسيان، كلاهما صحيح ومطلوب:
● الأول: تحسين الصوت بالقرآن وتلاوته بخشوع وحسن أداء، دون تكلف أو خروج عن المشروع، كما قال صلى الله عليه وسلم: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ».
● الثاني: الاستغناء بالقرآن عما سواه من الكلام والباطل، والافتخار به، والتقوي به، فيكون هو غنى القلب والروح.
ثم جاء التحذير النبوي المؤكد بالقسم: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الْمَخَاضِ فِي الْعُقُلِ».
وهذا تشبيه بليغ من النبي صلى الله عليه وسلم يصور سرعة نسيان القرآن إذا لم يتعاهده المسلم. فكما أن الناقة شديدة القوة والحركة، إذا عُقلت بحبل (عقال) فإنها تسعى للانفلات منه وتهرب بسرعة، فإن القرآن أسرع هروباً من الصدور إذا لم تُعقله بالمراجعة والتعاهد الدائم.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- وجوب تعلم القرآن وتعليمه: فهو أفضل العلم، وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم فيه وحث عليه.
2- ضرورة المداومة على تلاوة القرآن ومراجعته: فلا يكفي حفظه ثم هجره، بل لابد من ورد يومي ثابت.
3- الحث على تجويد القرآن وتحسين الصوت به: مما يجلب الخشوع ويؤثر في القلوب.
4- التحذير الشديد من هجر القرآن ونسيانه: فهو أمانة في عنق حافظه، وإهماله تفريط عظيم.
5- بيان شدة حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته: حيث نبههم بهذا التشبيه المفهوم في بيئتهم ليعظموا شأن القرآن ويحافظوا عليه.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل عظيم في باب "فضيلة الحفظ والمراجعة" في علم القرآن.
- يستحب للمسلم أن يختم القرآن في مدة معقولة (كشهر أو أقل أو أكثر حسب القدرة) لتحقيق التعاهد.
- من نسي شيئاً من القرآن بعد حفظه بسبب الإهمال، فهو آثم، وعليه أن يستغفر ويعود للمراجعة.
- كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يحرصون على التعاهد أشد الحرص، فكان بعضهم يختم القرآن في ثلاثة أيام، وبعضهم في سبعة، وكانوا يسمون المصحف "العهدة" أي الأمانة التي يجب التعاهد عليها.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وأن يرزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٧٣١٧) وابن أبي شيبة (٨٦٦٠)، وصحّحه ابن حبان (١١٩) والطبراني في الكبير (١٧/ ٢٩٠) كلهم من طريق موسى بن عُلَيّ بن رباح، قال: سمعت أبي يقول: سمعت عقبة بن عامر يقول: فذكره. وإسناده صحيح.
قال الهيثمي في «المجمع» (٧/ ١٦٩): «رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح».
قوله: «تعاهدوا» أي: حافظوا عليه بالمداومة على تلاوته.
وقوله: «تغنّوا به» أي: اقرؤوه بالصوت الحسن.
وقوله: «تفلُّتا» أي: فرارا من الصدور.
وقوله: «المخاض» هي الحوامل من النوق.
وفي معناه عن أنس بن مالك، عن رسول اللَّه ﷺ قال: «تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده فهو أشد تفصيا من صدور الرجال من الإبل المعقَّلَة إلى أعطانها».
رواه الطبرانيّ في الأوسط (٣٤٧٥ - مجمع البحرين-) عن أحمد (هو ابن يحيى بن زهير التستري)، ثنا إسحاق بن شاهين الواسطي، ثنا هشيم، عن عوف، عن الحسن، عن أنس بن مالك، فذكره.
والحسن هو ابن أبي الحسن البصري مدلِّس وقد عنعن ولم يصرح بالتحديث.
وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ١٦٩): «رواه الطبرانيّ في الأوسط ورجاله ثقات إلا أحمد شيخ الطبرانيّ لم ينسبه، فإن كان هو ابن الخليل فهو ضعيف، وإن كان غيره فلم أعرفه».
قال الأعظمي: قد نسب الطبرانيّ شيخه أحمد هذا قبل ستة أحاديث، فقال: حدّثنا أحمد بن زهير، ثم ذكر له عدة أحاديث، وهو ثقة حافظ.
ورُوِيَ عن سعد بن عبادة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ما من امرئ يقرأ القرآن ثم ينساه إلا لقي اللَّه يوم القيامة أجذم».
رواه أبو داود (١٤٧٤) عن محمد بن العلاء، حدّثنا ابن إدريس، عن يزيد بن أبي زياد، عن عيسى بن فائد، عن سعد بن عبادة، فذكره.
ويزيد بن أبي زياد هو الهاشمي مولاهم الكوفي ضعيف باتفاق أهل العلم.
وعيسى بن فائد قال عنه ابن المديني: مجهول.
واضطرب في إسناده فمرة رواه هكذا، ومرة رواه عن عيسى بن فائد، عن رجل، عن سعد بن عبادة، فزاد رجلًا بين عيسى وسعد بن عبادة.
ومرة رواه عن عيسى بن فائد، عن عبادة بن الصّامت، فجعله من مسند عبادة بن الصّامت، كما في مسند أحمد (٢٢٧٨١)، وبه أعلَّه غير واحد من أهل العلم.
ورُوِيَ عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «عرضت عليَّ أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت عليَّ ذنوب أمتي، فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها».
رواه أبو داود (٤٦١) والترمذي (٢٩١٦) كلاهما عن عبد الوهاب بن عبد الحكم الخزاز، أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد، عن ابن جريج، عن المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب، عن أنس بن مالك، فذكره.
وإسناده منقطع، فإن ابن جريج لم يسمع من المطلب، كان يأخذ أحاديثه عن ابن أبي يحيى عنه، قاله علي بن المديني، كما في الكفاية للخطيب (ص: ٣٥٨)، وتحفة التحصيل (ص: ٢١٢).
وكذلك لم يسمع المطلب بن عبد اللَّه من أنس بن مالك.
قال الترمذيّ: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وذاكرت به محمد بن إسماعيل فلم يعرفه واستغربه، قال محمد: ولا أعرف للمطلب بن عبد اللَّه بن حنطب سماعا من أحد من أصحاب النبي ﷺ إلا قوله: حدثني من شهد خطبة النبي ﷺ. وسمعت عبد اللَّه بن عبد الرحمن يقول: لا نعرف للمطلب سماعا من أحد من أصحاب النبي ﷺ، قال عبد اللَّه: وأنكر علي بن المديني أن يكون المطلب سمع من أنس» انتهى.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 112 من أصل 118 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تعلَّموا كتاب اللَّه وتغنَّوا به

  • 📜 حديث: تعلَّموا كتاب اللَّه وتغنَّوا به

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: تعلَّموا كتاب اللَّه وتغنَّوا به

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: تعلَّموا كتاب اللَّه وتغنَّوا به

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: تعلَّموا كتاب اللَّه وتغنَّوا به

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب