حديث: استذكروا القرآن فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كراهية قول: نَسِيتُ آية كذا، وجواز قول: أُنْسِيتُها

عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال النبي ﷺ: «بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيتَ وكيتَ، بل نُسِّيَ، واستذكروا القرآن، فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم».

متفق عليه: رواه البخاريّ في فضائل القرآن (٥٠٣٢) ومسلم في صلاة المسافرين (٧٩٠) كلاهما من حديث منصور، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه، فذكره، واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم مثله، وزاد بعد قوله: «من النعم»: «بعقلها».

عن عبد اللَّه بن مسعود قال: قال النبي ﷺ: «بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيتَ وكيتَ، بل نُسِّيَ، واستذكروا القرآن، فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الحث على تعاهد القرآن الكريم والمحافظة عليه، وبيان عظم شأن نسيانه.

الحديث بلفظه:


عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بِئْسَمَا لأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ نُسِّيَ، وَاسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ».

شرح المفردات:


● بِئْسَمَا: "بئس" كلمة ذم، و"ما" مصدرية، أي: بئس الشيء الذي يفعله.
● كَيْتَ وَكَيْتَ: كلمة تقال للتمويه وعدم التصريح، أي: نسيت آية كذا وكذا (يذكر اسمها ضمناً دون تصريح).
● نُسِّيَ: صيغة مبنى للمجهول، أي: أُنسِيَها اللهُ إياه بسبب تقصيره في تعاهدها.
● اسْتَذْكِرُوا: طلبوا تذكره وحفظه، من الذكر بمعنى الحفظ.
● تَفَصِّيًا: من التَفَصِّي، أي الانفصال والهرب بسرعة.
● النَّعَم: جمع نَعَمة، وهي الإبل.

شرح الحديث:


يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث آداباً عظيمة تتعلق بحملة القرآن:
1- النهي عن إضافة النسيان إلى النفس: يذم النبي صلى الله عليه وسلم من يقول "نسيت آية كذا وكذا" لأن في هذه العبارة إضافة النسيان إلى نفسه، وكأنه هو الذي تسبب في ذلك باختياره. والصواب أن يضيف النسيان إلى المشيئة الإلهية، فيقول "نُسِّيَت" أو "أُنسِيتُها"، أي أن الله هو الذي أذن بنسيانها بسبب تقصير العبد في حقها وعدم تعاهده لها. وهذا من أدب المسلم مع ربه، وأن لا ينسب التقصير إلى نفسه في الأمور التي تكون بقدر الله، مع أن السبب الحقيقي هو تقصيره هو.
2- الأمر بتعاهد القرآن واستذكاره: يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ القرآن وتعهده بالمراجعة والدروس، لأن القرآن سريع التفلت من الصدور إذا لم يُراجع ويُحفظ.
3- تشبيه سرعة تفلت القرآن من الصدر بهروب الإبل: شبه النبي صلى الله عليه وسلم هروب القرآن من الصدور التي لا تتعهده بهروب الإبل من عقلها (أي من مكان ربطها وإمساكها). والإبل معروفة بقوتها وسرعة هربها إذا أُطلقت من عقالها، وصعوبة إعادتها بعد ذلك. فكذلك آيات القرآن، إذا لم يتعهدها المسلم بالتكرار والحفظ، فإنها تذهب من صدره بسرعة فائقة، ويصعب عليه استرجاعها.

الدروس المستفادة والعبر:


1- وجوب تعاهد القرآن الكريم: يجب على حامل القرآن أن يكون له ورد يومي يقرأ فيه ويُراجع، لئلا ينساه. وقد جاء في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإِبِلِ مِنْ عُقُلِهَا».
2- الأدب في التعبير: ينبغي للمسلم أن يتأدب في كلماته، فلا ينسب التقصير إلى نفسه مباشرة، بل يعلم أن كل شيء بقدر الله، مع الأخذ بالأسباب.
3- خطورة نسيان القرآن: نسيان القرآن بعد حفظه من الذنوب العظيمة، وقد ورد الوعيد في ذلك. عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا».
4- الحث على ملازمة حفظ القرآن: لأن فضله عظيم، وهو شفيع لأصحابه يوم القيامة.

ختاماً:


فهذا الحديث يحثنا على ملازمة كتاب الله تعالى تلاوة وحفظاً وتعهداً، وأن نحذر من الغفلة عنه، فإنه أسرع تفلتاً من الإبل إذا هربت. نسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في فضائل القرآن (٥٠٣٢) ومسلم في صلاة المسافرين (٧٩٠) كلاهما من حديث منصور، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه، فذكره، واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم مثله، وزاد بعد قوله: «من النعم»: «بعقلها».
وفي رواية عند مسلم من حديث الأعمش، عن شقيق (وهو أبو وائل) قال عبد اللَّه: تعاهدوا هذه المصاحف، وربما قال: القرآن، فلهو أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم من عقله، وقال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا يقل أحدكم: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نُسِّيَ».
وقوله: «تفصيا» أي تفلّتا. والتفصي هو الانفصال.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 72 من أصل 118 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: استذكروا القرآن فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم

  • 📜 حديث: استذكروا القرآن فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: استذكروا القرآن فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: استذكروا القرآن فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: استذكروا القرآن فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب