حديث: ما بين النفختين أربعون

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (٦٨)﴾

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «ما بين النفختين أربعون». قالوا: يا أبا هريرة! أربعون يومًا؟ . قا ل: أبيت. قالوا: أربعون شهرًا؟ . قا ل: أبيت. قالوا: أربعون سنة؟ . قال: أبيت. «ثمّ ينزل الله من السماء ماء، فينبتون كما ينبت البقل». قال: «وليس من الإنسان شيء إِلَّا يبلى إِلَّا عظما واحدًا، وهو عجْبُ الذَنَب، ومنه يُرَكّب الخلق يوم القيامة».

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٨١٤)، ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٥٥) كلاهما من طريق الأعمش، قال: سمعت أبا صالح، قال: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «ما بين النفختين أربعون». قالوا: يا أبا هريرة! أربعون يومًا؟ . قا ل: أبيت. قالوا: أربعون شهرًا؟ . قا ل: أبيت. قالوا: أربعون سنة؟ . قال: أبيت. «ثمّ ينزل الله من السماء ماء، فينبتون كما ينبت البقل». قال: «وليس من الإنسان شيء إِلَّا يبلى إِلَّا عظما واحدًا، وهو عجْبُ الذَنَب، ومنه يُرَكّب الخلق يوم القيامة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه يتناول جانبًا من أهوال يوم القيامة وعظيم قدرة الله تعالى في إحياء الخلق بعد موتهم، وسأشرحه لك جزءًا جزءًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث مثل النووي وابن حجر وغيرهم.
### أولاً. نص الحديث
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «ما بين النفختين أربعون». قالوا: يا أبا هريرة! أربعون يومًا؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون شهرًا؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت. «ثمّ ينزل الله من السماء ماء، فينبتون كما ينبت البقل». قال: «وليس من الإنسان شيء إِلَّا يبلى إِلَّا عظما واحدًا، وهو عجْبُ الذَنَب، ومنه يُرَكّب الخلق يوم القيامة».
(متفق عليه: رواه البخاري ومسلم)

### ثانيًا. شرح المفردات
● النفختين: النفخة الأولى هي نفخة الصعق التي يموت بها كل من في السماوات والأرض إلا من شاء الله، والنفخة الثانية هي نفخة البعث والنشور.
● أبيت: أي أُمتنع عن الجزم بوحدة القياس (أي لا أستطيع أن أقطع بأنها أربعون يومًا أو شهرًا أو سنة)، وهذا من دقة أبي هريرة رضي الله عنه في الرواية.
● ينبتون كما ينبت البقل: البقل هو النبات الأخضر الرقيق الذي ينبت سريعًا بعد نزول المطر.
● يبلى: يتحلل ويتفتت.
● عجب الذنب: هو العظم الصغير الذي في أسفل العمود الفقري (عظمة العصعص)، وهو أول ما يخلق من الإنسان وآخر ما يبقي منه.

### ثالثًا. شرح الحديث
1- المدة بين النفختين: يخبر النبي ﷺ أن المدة بين النفخة الأولى (نفخة الصعق والموت) والنفخة الثانية (نفخة البعث) هي أربعون. ولكنه ﷺ لم يحدد وحدة هذه الأربعين، أهي أيام أم شهور أم سنون؟ وهذا من علم الغيب الذي استأثر الله به، وقد امتنع أبو هريرة رضي الله عنه عن التحديد (قائلًا: "أبيت") تأدبًا مع الحديث وحرصًا على عدم الزيادة فيه مما لم يسمعه من النبي ﷺ. وهذا درس في دقة الرواية والأمانة العلمية.
2- كيفية البعث: بعد هذه المدة، ينزل الله تعالى مطرًا من السماء (وهو مطر خاص ليس كمطر الدنيا) يصيب عظام الموتى وترابهم، فتبدأ الأجساد في التخلق والنمو من جديد بسرعة هائلة، كما ينبت النبات الأخضر (البقل) بسرعة بعد المطر. وهذه الآية الكونية دليل على قدرة الله المطلقة على إعادة الخلق كما بدأهم أول مرة. قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۚ كَذَٰلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 57].
3- عجب الذنب: يخبر النبي ﷺ بحقيقة علمية عظيمة، وهي أن جسد الإنسان كله يبلى ويتحلل في الأرض إلا عظمة واحدة صغيرة في أسفل الظهر تسمى "عجب الذنب". هذه العظمة هي البذرة الأولى التي سيخلق منها الإنسان مرة أخرى يوم القيامة، فهي لا تأكلها الأرض ولا تتحلل. ومن هذه النواة الصغيرة يعيد الله تعالى بناء الهيكل العظمي كاملًا، ثم يُكسى اللحم، وتُردُّ الأرواح إلى الأجساد، فيقوم الناس لرب العالمين.

### رابعًا. الدروس المستفادة والعبر
1- الإيمان بالبعث والنشور: الحديث يثبت حقيقة البعث بعد الموت، وهو ركن من أركان الإيمان.
2- عظمة قدرة الله تعالى: الذي يحيي الموتى من عظمة صغيرة، وينبت الأجساد من التراب بالماء، فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
3- الحكمة من خلق الإنسان: فخلقه الله تعالى ليسير في الأرض ويعمرها وفق منهجه، ثم يموت ويبعث للحساب والجزاء.
4- دقة السنة النبوية العلمية: الحديث يشير إلى حقيقة علمية (عجب الذنب) لم يكن يعلمها أحد زمن النبي ﷺ، وقد أثبت العلم الحديث أن خلايا هذا العظم لا تتحلل تمامًا، وهي تحتوي على الخلايا الجذعية الأولية التي يمكن أن يتخلق منها الجسم كله، وهذا من إعجاز السنة النبوية.
5- الأمانة في نقل العلم: موقف أبي هريرة رضي الله عنه في قوله "أبيت" يعلمنا التوقي والتحري في نقل الدين، وعدم القول بغير علم.

### خامسًا. معلومات إضافية
- هذا الحديث جزء من مجموعة أحاديث تتناول أشراط الساعة وأهوالها، وهو متفق على صحته.
- "عجب الذنب" يسمى أيضًا "بعج الذنب" أو "عصعص".
- جاء في بعض الروايات الأخرى تحديد المدة بأنها أربعون عامًا، ولكن الرواية التي معنا هي الأصح حيث توقف فيها أبو هريرة عن التحديد.
- هذا البعث العام هو للبشر جميعًا، المؤمن والكافر، للحساب والجزاء.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يست
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٨١٤)، ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٩٥٥) كلاهما من طريق الأعمش، قال: سمعت أبا صالح، قال: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره. واللّفظ لمسلم.
قوله: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ أي: فزع كما قال تعالى في آية أخرى: ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النمل: ٨٧]، والمعنى: أنه يلقي عليهم الفزع إلى أن يصعقوا ويموتوا، ويكون ذلك بعد النفخة الأولى. ثمّ ينفخ في الصّور مرة أخرى، فيقوم الناس، كما قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾.
هذا الذي قال به جماعة من العلماء وعليه يدل حديث عبد الله بن عمرو الطّويل في صحيح مسلم في الفتن (٢٩٤٠): «ثمّ يُنفخ في الصّور فلا يسمعه أحد إِلَّا أصغى ليتا، ورفع ليتا قال: وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله. قال: فيصعق ويصعق الناس، ثمّ يرسل الله أو قال: ينزل الله مطرا كأنه الطل - أو الظل - فتنبت منه أجساد الناس، ثمّ يُنفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون».
انظر: الحديث بالتفصيل في أشراط الساعة.
ففي هذا الحديث ذكر للنفختين فقط.
وذهب البيهقيّ وابن تيمية وغيرهما إلى أن النفخات هي ثلاث. الأولى: نفخة الفزع كما في سورة النمل، والثانية: نفخة الصعق والموت، والثالثة: نفخة البعث كما في هذه الآية من سورة الزمر. والكل محتمل. والله أعلم بالصواب.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1338 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما بين النفختين أربعون

  • 📜 حديث: ما بين النفختين أربعون

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما بين النفختين أربعون

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما بين النفختين أربعون

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما بين النفختين أربعون

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب