حديث: من قتل مائة نفس فتاب فهل له توبة؟

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣)﴾

عن أبي سعيد الخدري، أن نبي الله ﷺ قال: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدلّ على راهب، فأتاه، فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا، فهل له من توبة؟ فقال: لا. فقتله، فكمّل به مائة، ثمّ سأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلّ على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم. ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك، فإنها أرض سوء، فانطلق حتَّى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قطّ، فأتاه ملك في صورة آدمي، فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين
الأرضين، فإلى أيّتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه، فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة».

متفق عليه: رواه البخاريّ في أحاديث الأنبياء (٣٤٧٠)، ومسلم في التوبة (٤٦: ٢٧٦٦) كلاهما من طريق قتادة، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، فذكره، وهذا لفظ مسلم، وفي لفظ البخاريّ: «كان في بني إسرائيل .

عن أبي سعيد الخدري، أن نبي الله ﷺ قال: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدلّ على راهب، فأتاه، فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا، فهل له من توبة؟ فقال: لا. فقتله، فكمّل به مائة، ثمّ سأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلّ على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم. ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك، فإنها أرض سوء، فانطلق حتَّى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قطّ، فأتاه ملك في صورة آدمي، فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين
الأرضين، فإلى أيّتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه، فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من أحاديث الرجاء والتوبة، رواه الإمام مسلم في صحيحه، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● راهب: عالم أو عابد، ولكن هنا فيه دلالة على قلة علمه أو تشديده غير المبرر.
● فكمّل به مائة: أي جعله القتل القاتلُ العددَ مائة نفس.
● يَحُول بينه وبين التوبة: يمنع ويصد.
● أرض سوء: أرض معصية وكفر.
● اختصمت فيه: تحاجت وتنازعت.
● مَلَك في صورة آدمي: أي جاءهم ملك متشكلاً في صورة إنسان لفصل النزاع.
● قيسوا ما بين الأرضين: قاسوا المسافة بين الأرض التي خرج منها والأرض التي قصدها للتوبة.
● فإلى أيتهما كان أدنى فهو له: أي إلى أي الأرضين كانت المسافة أقرب عند موته، فحكمه حكم أهلها.

ثانياً. شرح الحديث:


يحكي النبي ﷺ قصة رجل من الأمم السابقة ارتكب ذنباً عظيماً وهو قتل تسعة وتسعين نفساً، ثم ندم وأراد التوبة، فسأل عن أعلم أهل الأرض ليعرف هل له توبة بعد هذا الذنب العظيم أم لا.
1- الخطأ الأول واليأس من الرحمة: ذهب إلى راهب (عابد قد يكون فاقداً للعلم الكافي أو متشدداً) فأخبره بأنه لا توبة له. هذا الجواب خاطئ شرعاً، لأن التوبة مقبولة من أي ذنب حتى الكفر والقتل، ما دامت شروطها متوفرة. فما كان من القاتل إلا أن قتل هذا الراهب، فأصبح عدد من قتلهم مائة نفس.
2- السؤال الصحيح والأمل بالله: لم ييأس الرجل من رحمة الله، بل سأل مرة أخرى عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على عالم حقيقي. هذا العالم العارف برحمة الله الواسعة أجابه بأن توبته مقبولة، بل لا أحد يمنعه من التوبة، ووجهه إلى فعل الخير وهو الهجرة إلى أرض صالحة ليعبد الله مع أهلها ويبتعد عن البيئة الفاسدة التي كانت سبباً في معاصيه.
3- قبول التوبة وفضل الله: انطلق الرجل طالباً رحمة الله، وفي منتصف الطريق أتاه الموت. هنا حصل النزاع بين ملائكة الرحمة وملائكة العذاب:
● ملائكة الرحمة: احتجوا بأنه جاء تائباً مقبلاً على الله بقلب صادق.
● ملائكة العذاب: احتجوا بأنه لم يعمل خيراً في حياته يستحق به الرحمة (أي لم يصل بعد إلى الأرض الصالحة ليعمل صالحاً).
4- الحكم العادل والفصل في النزاع: ليحكم بينهم، أرسل الله ملكاً في صورة آدمي، واقترح حلاً حكيماً وهو قياس المسافة بين الأرض التي خرج منها (أرض السوء) والأرض التي قصدها (أرض الصالحين). فوجدوه أقرب إلى الأرض الصالحة التي قصدها بنية التوبة والطاعة، فقبضته ملائكة الرحمة، فدخل الجنة برحمة الله تعالى.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- سعة رحمة الله تعالى: التوبة بابها مفتوح لكل عبد مهما بلغت ذنوبه، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]. هذا الحديث من أعظم الأحاديث التي تبين سعة رحمة الله.
2- عدم اليأس من رحمة الله: اليأس من رحمة الله من كبائر الذنوب، والرجل لم ييأس بل بحث عن الأمل حتى وجده.
3- أهمية طلب العلم من أهله: الفرق بين جواب الراهب غير العالم (أو المتشدد) وجواب العالم العارف برحمة الله واضح. فالعلماء هم ورثة الأنبياء، ويجب الرجوع إليهم في أمور الدين.
4- شروط التوبة النصوح: وهي الندم على الذنب، والإقلاع عنه، والعزم على عدم العودة، ورد الحقوق إلى أهلها إن كانت تتعلق بحقوق العباد. والهجرة من أرض المعصية إلى أرض الطاعة من الأعمال الصالحة التي تعين على التوبة.
5- نية العبد الخيرة تُكتب له: هذا الرجل قبل أن يصل إلى الأرض الصالحة، كتب الله له أجرها بسبب نيته الصادقة في السير إليها، كما في الحديث: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى».
6- الابتعاد عن مواطن المعصية: من الحكمة في التوبة أن يبتعد العبد عن البيئة والأصحاب الذين كانوا سبباً في معصيته.
7- الموت على الخير: ينبغي للعبد أن يحاسب نفسه ويسارع إلى التوبة قبل الموت، لأنه لا يدري متى يأتيه أجله.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل في باب التوبة والرجاء، ويجب أن يوازن معه أحاديث الوعيد حتى لا يغتر الإنسان ويستهتر بالذنوب.
- القتل من كبائر الذنوب، والتوبة منه عظيمة، ولكنها مقبولة إذا تاب تاب توبة نصوحاً.
- فيه فضل الهجرة في سبيل الله، وهجرة المسلم من أرض المعصية إلى أرض الطاعة.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا للتوبة النصوح،
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في أحاديث الأنبياء (٣٤٧٠)، ومسلم في التوبة (٤٦: ٢٧٦٦) كلاهما من طريق قتادة، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، فذكره، وهذا لفظ مسلم، وفي لفظ البخاريّ: «كان في بني إسرائيل ...» وزيادة بعد قوله: «فأدركه الموت»: «فناء بصدره نحوها» كما زاد قوله: «فأوحى الله إلى هذه أن تقربي، وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي». وقال: «فوجد إلى هذه أقرب بشبر، فغفر له».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1330 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من قتل مائة نفس فتاب فهل له توبة؟

  • 📜 حديث: من قتل مائة نفس فتاب فهل له توبة؟

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من قتل مائة نفس فتاب فهل له توبة؟

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من قتل مائة نفس فتاب فهل له توبة؟

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من قتل مائة نفس فتاب فهل له توبة؟

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب