حديث: من لم يعلم فليقل الله أعلم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (٨٧)﴾

عن مسروق قال: دخلنا على عبد الله بن مسعود قال: يا أيها الناس! من علم شيئًا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن مِن العلم أن يقول لِما لا يعلم: الله أعلم. قال الله عز وجل لنبيه ﷺ: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾.

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٨٠٩)، ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار (٢٧٩٨: ٤٠) كلاهما من طريق جرير، عن الأعمش، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن مسروق، قال: فذكره في حديث طويل.

عن مسروق قال: دخلنا على عبد الله بن مسعود قال: يا أيها الناس! من علم شيئًا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن مِن العلم أن يقول لِما لا يعلم: الله أعلم. قال الله ﷿ لنبيه ﷺ: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نعلم ويعلمنا ما ينفعنا.
هذا الحديث الذي ذكر هو أثرٌ رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، بواسطة التابعي العابد الفقيه مسروق بن الأجدع رحمه الله.

أولاً. شرح المفردات:


* من علم شيئًا فليقل به: أي من تيقن من حكم شرعي أو مسألة علمية بعلم راسخ، فليجهر به ويبينه للناس.
* فليقل: الله أعلم: أي فليتحرز ويتورع، ويعترف بعجزه عن العلم بحكم المسألة، ويرد العلم إلى عالمه.
* فإن من العلم: أي فإن من كمال العلم والورع والفضل.
* المتكلفين: المتكلف هو الذي يتعمد ما ليس منه، ويتشبع بما لم يعط، ويخوض فيما لا يحسنه. والمتكلفون جمع متكلف.

ثانيًا. شرح الحديث:


يوجهنا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في هذا الأثر النفيس إلى أدبين عظيمين من آداب طالب العلم والعالم:
1- أدب الجرأة في الحق والبيان: فمن كان عنده علمٌ صحيحٌ مستند إلى الكتاب والسنة وفهم السلف، فيجب عليه أن يبينه ويظهره ولا يكتمه، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159]. فقول الحق وبيانه شجاعة ومسؤولية.
2- أدب التواضع ورد العلم إلى أهله: وهذا هو محور النص. فإذا سُئل الإنسان عن شيء لا يعلمه، فليس عيباً أن يعترف بعدم علمه، بل هذا من كمال علمه وورعه وتقواه. لأن الجهل الحقيقي هو التحدث بغير علم، والجرأة على الله تعالى بالقول عليه بلا علم، وهو من أعظم المحرمات. فقول "الله أعلم" هو أعلى درجات العلم في المواضع التي لا يحيط بها الإنسان علماً.
ثم استشهد ابن مسعود رضي الله عنه بالآية الكريمة {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86]. فالنبي صلى الله عليه وسلم بريء من التكلف، والتكلف يشمل تحمل ما لا طاقة للمرء به، والتحدث بما لا علم له به، والتصنع في القول والفعل. فاقتدى ابن مسعود رضي الله عنه بنبيه في التبرؤ من هذه الصفة الذميمة.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- التواضع في العلم: إن الاعتراف بالجهل في مسألة ما هو باب من أبواب العلم، وليس نقصاً. بل هو دليل على رسوخ القدم في العلم وخوف من الله.
2- التحذير من القول بغير علم: وهو من كبائر الذنوب، لأنه افتراء على الله وكذب، وقد قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36].
3- الأمانة العلمية: يجب على المسلم أن يكون أميناً في نقله وحكمه، فلا ينسب إلى الشرع ما ليس منه.
4- القدوة في السلوك العلمي: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهو من كبار علماء الصحابة وحفاظ القرآن يوجهنا إلى هذا الأدب الرفيع، مما يدل على أن هذا الخلق يجب أن يكون سمة كل مسلم، عالمًا كان أو متعلمًا.
5- الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم: فكما تبرأ من التكلف، وجب على أمته أن تتبع خطاه وتتجنب التكلف في كل أمورها، خاصة في الدين.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الأثر هو قاعدة ذهبية في "آداب طالب العلم" التي يجب أن يتحلى بها.
* العلماء المتقون هم أكثر الناس قولاً لـ "الله أعلم" و "لا أدري"، لأنهم كلما ازدادوا علماً، ازدادوا شعوراً بضآلة علمهم frente لعلم الله تعالى.
* الإمام مالك رحمه الله كان إذا سئل عن أربعين مسألة قال في معظمها: "لا أدري"، مع أنه إمام دار الهجرة، وهذا من تقواه.
نسأل الله أن يرزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، ويلهمنا الصواب في القول والعمل.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٨٠٩)، ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار (٢٧٩٨: ٤٠) كلاهما من طريق جرير، عن الأعمش، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن مسروق، قال: فذكره في حديث طويل.
قوله: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾ أي إن دعائي إياكم بدون أجر، فإن دعوة الأنبياء عليهم الصّلاة كانتْ خالصة لله عز وجل بدون مقابل من المال والجاه.
وقوله: ﴿إِنْ هُوَ﴾ أي أن هذا القرآن الذي أدعو إليه تذكرة لكم وللعالمين جميعًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1316 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من لم يعلم فليقل الله أعلم

  • 📜 حديث: من لم يعلم فليقل الله أعلم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من لم يعلم فليقل الله أعلم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من لم يعلم فليقل الله أعلم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من لم يعلم فليقل الله أعلم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب