حديث: خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦)﴾

عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: «خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم».

صحيح: رواه مسلم في الزهد (٢٩٩٦) من طرق عن عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزّهري، عن عروة، عن عائشة، فذكرته.

عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: «خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من الأحاديث التي تبين عظمة الخالق سبحانه وتنوع مخلوقاته، وقد رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث، أقدمه على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:


● خُلقت: أُوجدت وصُوِّرت من العدم.
● الملائكة: جمع مَلَك، وهي مخلوقات نورانية عظيمة، كرام بررة، خلقهم الله لعبادته وتنفيذ أوامره.
● من نور: النور هو ذلك الضياء الذي لا تُدرك حقيقته، وهو مادة شريفة لطيفة.
● الجان: هنا يُقصد به إبليس أبو الجن، أو جنس الجن كله.
● مَارِجٍ مِنْ نَار: المارج: هو اللهب الخالص من النار الذي لا دخان فيه، أو هو اختلاط اللهب بعضه ببعض.
● آدم: أبو البشر عليه السلام، والمقصود هنا جنس البشر.
● مما وصف لكم: أي من التراب والماء كما هو مفصل في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 26]، وقوله: {مِنْ طِينٍ} [السجدة: 7].

ثانيًا. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن أصل خلق ثلاثة من المخلوقات العظيمة:
1- خلق الملائكة: خلقهم الله سبحانه وتعالى من نور. وهذا النور هو خلقٌ من خلق الله، لا يشبه نور الدنيا، وهو يناسب طبيعة الملائكة اللطيفة النقية، التي لا تعصي الله ما أمرها وتفعل ما تؤمر. وهم غير مشتركين في أصل الخلق مع الجن والإنس.
2- خلق الجان: وقد خُلق أباهم إبليس (وهو من الجن) من مارج من نار، وهو أصفى ما يكون من النار وأشدها احتراقًا. وهذه الصفة تناسب طبيعة الجن، التي فيها من الخفة والاستتار والالتهاب ما يشبه طبيعة النار. وقد صرح القرآن بأصل خلق الجن في قوله تعالى: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَار} [الرحمن: 15].
3- خلق آدم (أبو البشر): خُلِق من ما وُصف لكم في القرآن، وهو التراب والماء (الطين). فقد مر خلق آدم بمراحل: تراب، ثم طين، ثم صلصال، ثم نفخ فيه الروح. هذه المادة (التراب) تناسب طبيعة الإنسان، فيها اللين والصلابة، والضعف والقوة، وهي إشارة إلى أن أصله تواضع وذلّ (من تراب)، وسيعود إليه.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظمة الخالق وقدرته: الحديث يظهر إعجاز الخلق والتفنن فيه، فمن النور خلق الملائكة، ومن النار خلق الجن، ومن التراب خلق الإنسان. وهذا من دلائل قدرة الله التي لا تقف عند حد.
2- التفاضل بأصل الخلق: أصل الخلق يدل على منزلة المخلوق. فخلق الملائكة من نور يدل على شرفهم وطهارتهم، وخلق إبليس من نار يدل على طبيعة الشر والغواية فيه، وخلق آدم من تراب يدل على التواضع والإمكانية للتكريم (كما كرمه الله) أو للإهوان.
3- سبب تكبر إبليس: بيان حقيقة تكبر إبليس واستكباره على أمر الله بالسجود لآدم، حيث احتج بأنه خلق من نار وآدم خلق من طين، والنار أشرف من الطين في زعمه. فرد الله عليه بأنه ليس له أن يتكبر بما ليس له فيه فضل، بل الأمر لله الذي خلق الجميع.
4- التواضع للإنسان: يعلمنا الحديث تواضع الإنسان، فمن تراب خُلق، وإلى التراب يعود. وهذا يدفعه إلى عدم التكبر على الآخرين، وعدم الغرور بما آتاه الله من نعم.
5- التعرف على طبائع الخلق: فهم أصل الخلق يساعد في فهم طبائع هذه المخلوقات وسلوكها، فطبيعة الملائكة الطاعة المطلقة، وطبيعة الجن الاستتار والخفة، وطبيعة الإنسان فيها قابليتان للخير والشر.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصله في صحيح مسلم، وهو من الأحاديث المتعلقة بالعقيدة.
- خلق الله للملائكة من نور لا يعني أن النور هو الله تعالى (حاشا لله)، بل النور مخلوق من مخلوقات الله، كالتراب والنار.
- قوله صلى الله عليه وسلم: "مما وصف لكم" إشارة إلى ضرورة الرجوع إلى القرآن الكريم لمعرفة التفاصيل الكاملة عن خلق آدم، مما يدل على ارتباط السنة بالقرآن وتوضيحها له.
- يستحب للمسلم أن يتدبر هذا الحديث ليعرف قدر نعمة الله عليه بتكريمه وتفضيله على كثير من المخلوقات، فيشكر الله على هذه النعمة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتدبرين لآياته وأحاديث نبيه، العاملين بها، وأن ينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الزهد (٢٩٩٦) من طرق عن عبد الرزّاق، عن معمر، عن الزّهري، عن عروة، عن عائشة، فذكرته.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1315 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار

  • 📜 حديث: خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب