حديث: هشام بن العاصي يفتتن ويرجع إلى الله بعد آية القنط

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣)﴾

عن عمر بن الخطّاب، قال: اتّعدت - لما أردنا الهجرة إلى المدينة - أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي بن وائل السهمي التناضب من أضاه بني غفار فوق سرف، قلنا: أينا لم يصبح عندها فقد حبس فليمض صاحباه. قال: فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عند التناضب، وحبس عنا هشام، فلمّا قدّمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء، وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عَيَّاش بن أبي ربيعة، وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما، حتَّى قدما المدينة، ورسول الله ﷺ بمكة، فكلما وقالا: إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتَّى تراك، ولا تستظل من شمس حتَّى تراك، فرق لها، فقلت له: يا عَيَّاش! إنه والله! إن يريدك القوم إِلَّا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فوالله! لو قد آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت، قال: فقال: أبر قسم أمي، ولي هنالك مال فآخذه. قال: فقلت: والله! إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالا، فلك نصف مالي ولا تذهب معهما. قال: فأبى عليّ إِلَّا أن يخرج معهما، فلمّا أبى إِلَّا ذلك، قال: قلت له: أما إذ قد فعلت ما فعلت، فخذ ناقتي هذه، فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب، فانج عليها. فخرج عليها معهما، حتَّى إذا كانوا ببعض
الطريق، قال له أبو جهل: يا بن أخي! والله! لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟ قال: بلى، قال: فأناخ، وأناخا ليتحول عليها، فلمّا استووا بالأرض عدوا عليه، فأوثقاه وربطاه، ثمّ دخلا به مكة، وفتناه فافتتن.
قال: فكنا نقول: ما الله بقابل ممن افتتن صرفا ولا عدلا ولا توبة، قوم عرفوا الله، ثمّ رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم، قال: وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم. فلمّا قدم رسول الله ﷺ المدينة، أنزل الله تعالى فيهم، وفي قولنا وقولهم لأنفسهم: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ قال عمر بن الخطّاب: فكتبتها بيدي في صحيفة، وبعثت بها إلى هشام بن العاصي قال: فقال هشام بن العاصي: فلمّا أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى، أصعد بها فيه وأصوّب ولا أفهمها، حتَّى قلت: اللهم! فهّمنيها. قال: فألقى الله تعالى في قلبي أنها إنّما أنزلت فينا، وفيما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا. قال: فرجعت إلى بعيري، فجلست عليه، فلحقت برسول الله ﷺ وهو بالمدينة.

حسن: رواه البزّار (١٥٥)، والحاكم (٢/ ٤٣٥)، والضياء في المختارة (١/ ٣١٧ - ٣١٩) كلّهم من طريق محمد بن إسحاق، قال: حَدَّثَنِي نافع، عن ابن عمر، عن عمر بن الخطّاب، قال: فذكره.

عن عمر بن الخطّاب، قال: اتّعدت - لما أردنا الهجرة إلى المدينة - أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي بن وائل السهمي التناضب من أضاه بني غفار فوق سرف، قلنا: أينا لم يصبح عندها فقد حبس فليمض صاحباه. قال: فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عند التناضب، وحبس عنا هشام، فلمّا قدّمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء، وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عَيَّاش بن أبي ربيعة، وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما، حتَّى قدما المدينة، ورسول الله ﷺ بمكة، فكلما وقالا: إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتَّى تراك، ولا تستظل من شمس حتَّى تراك، فرق لها، فقلت له: يا عَيَّاش! إنه والله! إن يريدك القوم إِلَّا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فوالله! لو قد آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت، قال: فقال: أبر قسم أمي، ولي هنالك مال فآخذه. قال: فقلت: والله! إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالا، فلك نصف مالي ولا تذهب معهما. قال: فأبى عليّ إِلَّا أن يخرج معهما، فلمّا أبى إِلَّا ذلك، قال: قلت له: أما إذ قد فعلت ما فعلت، فخذ ناقتي هذه، فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب، فانج عليها. فخرج عليها معهما، حتَّى إذا كانوا ببعض
الطريق، قال له أبو جهل: يا بن أخي! والله! لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟ قال: بلى، قال: فأناخ، وأناخا ليتحول عليها، فلمّا استووا بالأرض عدوا عليه، فأوثقاه وربطاه، ثمّ دخلا به مكة، وفتناه فافتتن.
قال: فكنا نقول: ما الله بقابل ممن افتتن صرفا ولا عدلا ولا توبة، قوم عرفوا الله، ثمّ رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم، قال: وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم. فلمّا قدم رسول الله ﷺ المدينة، أنزل الله تعالى فيهم، وفي قولنا وقولهم لأنفسهم: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ قال عمر بن الخطّاب: فكتبتها بيدي في صحيفة، وبعثت بها إلى هشام بن العاصي قال: فقال هشام بن العاصي: فلمّا أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى، أصعد بها فيه وأصوّب ولا أفهمها، حتَّى قلت: اللهم! فهّمنيها. قال: فألقى الله تعالى في قلبي أنها إنّما أنزلت فينا، وفيما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا. قال: فرجعت إلى بعيري، فجلست عليه، فلحقت برسول الله ﷺ وهو بالمدينة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحكي قصة مؤثرة من قصص الهجرة النبوية، ويظهر عظمة رحمة الله تعالى بعباده. سأشرحه لكم جزءًا جزءًا مع بيان الدروس المستفادة:

أولاً. شرح المفردات:


● اتعدت: تواعدت واتفقت.
● التناضب: مكان مرتفع بين مكة والمدينة.
● سرف: موضع قرب مكة.
● حُبس: منع واعتقل.
● فتناه: اختبراه وأرادا إرجاعه للكفر.
● افتتن: ارتد عن الإسلام تحت التعذيب.
● صرفاً ولا عدلاً: لا توبة مقبولة منه بأي حال.
● استغلظت: ثقلت وأتعبت.
● أوثقاه: ربطاه وقيداه.
● ذي طوى: مكان قرب مكة.

ثانياً. شرح الحديث:


1- اتفاق الهجرة: اتفق عمر بن الخطاب وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي على الهجرة إلى المدينة، وتعاهدوا أن من لم يصل إلى نقطة اللقاء (التناضب) فليواصل صاحباه طريقهما.
2- خدعة قريش: بعد وصول عمر وعياش إلى المدينة، جاء أبو جهل والحارث (أقارب عياش) وخدعاه بقصة كاذبة عن نذر أمه التي لن تمشط شعرها أو تستظل من الشمس حتى تراه.
3- نصيحة عمر: حذر عمرُ عياشاً من خداع قريش، وعرض عليه نصف ماله وناقته النجيبة لإنقاذه، لكن عياش أصر على الذهاب.
4- الخيانة والفتنة: في الطريق، خدعه أبو جهل والحارث، وقيداه وأعاداه إلى مكة حيث عذباه حتى ارتد عن الإسلام.
5- اليأس من التوبة: ظن المسلمون أن من ارتد تحت التعذيب لا توبة له، وكان هذا يشمل هشاماً وعياشاً.
6- نزول الآيات: عندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، أنزل الله تعالى الآيات (من سورة الزمر) تبين سعة رحمة الله وأنه لا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون.
7- تأثير الآيات: عندما وصلت الآيات إلى هشام بن العاصي (الذي كان قد ارتد أيضاً)، فهم أنها نزلت فيهم، فتاب ورجع إلى المدينة مسلماً.

ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- سعة رحمة الله: الله تعالى يقبل التوبة من عباده مهما عظم الذنب، حتى الشرك والردة تحت التعذيب.
2- خطر الخداع: يجب الحذر من مكائد الأعداء وأقارب السوء الذين قد يستغلون العواطف للإضلال.
3- قيمة النصيحة: نصح عمر لعياش يدل على حرص الصحابة على إخوانهم في الدين.
4- عدم اليأس: اليأس من رحمة الله من كبائر الذنوب، وقد ذمّه الله في القرآن.
5- عظمة القرآن: القرآن يشرح الصدور ويهدي إلى طريق الحق.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذه القصة من أسباب نزول قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ}.
- فيها بيان أن التوبة مقبولة حتى من المرتد إذا رجع إلى الإسلام.
- تدل على حرص الصحابة على كتابة الآيات ونشرها بين المسلمين.
نسأل الله تعالى أن يتوب علينا ويغفر لنا ذنوبنا، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزّار (١٥٥)، والحاكم (٢/ ٤٣٥)، والضياء في المختارة (١/ ٣١٧ - ٣١٩) كلّهم من طريق محمد بن إسحاق، قال: حَدَّثَنِي نافع، عن ابن عمر، عن عمر بن الخطّاب، قال: فذكره.
وهو في السيرة النبوية لابن هشام (١/ ٤٧٤ - ٤٧٦).
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، فإنه حسن الحديث إذا صرّح بالتحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1329 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: هشام بن العاصي يفتتن ويرجع إلى الله بعد آية القنط

  • 📜 حديث: هشام بن العاصي يفتتن ويرجع إلى الله بعد آية القنط

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: هشام بن العاصي يفتتن ويرجع إلى الله بعد آية القنط

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: هشام بن العاصي يفتتن ويرجع إلى الله بعد آية القنط

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: هشام بن العاصي يفتتن ويرجع إلى الله بعد آية القنط

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب