حديث: وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)﴾
متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٨١٧)، ومسلم في صفات المنافقين (٢٧٧٥) كلاهما من طريق سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.أهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم يتناول صفة من صفات الله تعالى، وهي صفة السمع، ويبين خطأ أولئك النفر في تصورهم لعلم الله وسمعه.
أولاً. شرح مفردات الحديث:
● اجتمع عند البيت: أي عند الكعبة المشرفة في مكة.
● قُرَشِيَّان: أي رجلان من قبيلة قريش.
● ثَقَفِيّ: من قبيلة ثقيف.
● قليل فقه قلوبهم: أي قليل فهمهم وعلمهم بحقائق الإيمان وعظمة الله.
● كثير شحم بطونهم: كناية عن إقبالهم على الدنيا وشهواتها، وإعراضهم عن العلم والتفكر في آيات الله.
ثانياً. شرح الحديث:
يحكي الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قصة ثلاثة رجال اجتمعوا عند الكعبة، وكانوا ضعيفي الإيمان، قليلي الفقه في الدين، كثيري الانشغال بالدنيا. فبدأوا في حديثٍ显示出了 جهلهم بعلم الله المطلق:
1- قال الأول: "أترون الله يسمع ما نقول؟": هذا سؤال ينم عن شكٍ في سمع الله تعالى، وهو منكر لصفة من صفات الله، فالله تعالى يسمع كل شيء.
2- قال الثاني: "يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا": هذا اعتراف بنقص في علم الله، حيث ظن أن الله لا يسمع السر والخفاء، وهذا جهل عظيم، فالله سميعٌ للجهر والهمس، للعلانية والسر.
3- قال الثالث: "إن كان يسمع إذا جهرنا فهو يسمع إذا أخفينا": هذا الرجل كان أهدىهم سبيلاً، حيث استدل بما هو معلوم (سمع الله للجهر) على ما هو خفي (سمعه للسر)، فاستنتج نتيجة صحيحة، لكن طريقته في الاستدلال كانت ناقصة، لأنه جعل سمع الله للجهر هو الأصل الذي يُبنى عليه، بينما الأصل هو إيمان المسلم بأن الله سميعٌ لكل شيء بلا استثناء.
فأنزل الله تعالى الآية الكريمة من سورة فصلت رداً عليهم وتوبيخاً لهم: {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 22].
معنى الآية: أي لم تكونوا تستترون من أعضائكم (السمع، الأبصار، الجلود) أن تشهد عليكم يوم القيامة بما كنتم تعملون، فكيف تستترون من خالقها؟! ولكن استسرتم وعملتم المعاصي في الخفاء لأنكم ظننتم أن الله لا يعلم كثيراً من أعمالكم، وهذا الظن هو سبب ضلالكم.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- إثبات صفة السمع لله تعالى: يجب على المسلم الإيمان بأن الله تعالى يسمع كل شيء، جهراً كان أو سراً، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. وهذا إيمانٌ يورث المراقبة لله والخوف منه في السر والعلن.
2- الرد على المشبهة والمعطلة: الحديث والآية ردٌ على كل من أنكر صفات الله أو شكك فيها، أو قَلَّل من شأنها، كالجهمية والمعتزلة ومن سار على دربهم.
3- ذم الجهل وقلة الفقه: الحديث يبين خطر الجهل بالدين وعقيدته الصحيحة، وأنه يؤدي إلى الشك والضلال. مما يحثنا على طلب العلم الشرعي من مصادره الصحيحة.
4- التحذير من الغرور والاستهانة بمعاصي الله: ظن أولئك النفر أنهم يستترون عن الله، وهذا من أعظم الجهل. فيجب على المسلم أن يعلم أن الله مطلع عليه في كل وقت وحين.
5- عاقبة سوء الظن بالله: ظن أولئك أن الله لا يعلم كثيراً من أعمالهم، فكان هذا الظن سبباً في ضلالهم وعقابهم.
رابعاً. معلومات إضافية:
- هذا الحديث من الأحاديث التي تُعرف بـ "أحاديث الصفات"، ويجب إمرارها كما جاءت دون تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل، فنؤمن بأن الله يسمع ولكن لا نعلم كيفيته، فليس كمثله شيء.
- الآية التي نزلت هي تذكير بيوم القيامة، حيث تنطق الجوارح بشهادة على ما عمل الإنسان، فالسامع سيشهد بما سمع، والبصر بما أبصر، والجلد بما لمس.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، ويحفظنا من الشك والضلال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 1355 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 1330 من قتل مائة نفس فتاب فهل له توبة؟
- 1331 لولا الذنوب لخلق الله خلقا يذنبون فيغفر لهم
- 1332 لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون...
- 1333 لولا أن الله هداني لكنت من أهل النار
- 1334 المتكبرون يحشرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الناس
- 1335 الله يمسك السماوات يوم القيامة على إصبع والأرضين على إصبع
- 1336 يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه
- 1337 الله يأخذ السماوات والأرض بيديه ويقول أنا الملك
- 1338 ما بين النفختين أربعون
- 1339 أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبد الله...
- 1340 يدعى من جميع أبواب الجنة
- 1341 يدخل منه الصائمون يوم القيامة باب الريان
- 1342 الدعاء لأخيه بظهر الغيب.
- 1343 له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا...
- 1344 اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم
- 1345 أشد ما فعله المشركون بالنبي صلى الله عليه وسلم
- 1346 محاولة قتل النبي ﷺ عند الكعبة
- 1347 أبو بكر ينادي: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله
- 1348 من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم...
- 1349 إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي
- 1350 ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه
- 1351 معنى الدعاء هو العبادة
- 1352 من لم يسأل الله يغضب عليه
- 1353 إجابة ابن عباس عن اختلاف آيات القرآن
- 1354 كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم؟
- 1355 وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ
- 1356 آمنت بالله فاستقم
- 1357 المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته
- 1358 الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله
- 1359 كيف يأتيك الوحي؟
- 1360 لولا أني أخرجت منك ما خرجت
- 1361 أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي
- 1362 متى الساعة وما أعددت لها
- 1363 بشروا هذه الأمة بالسناء والرفعة والنصر والتمكين في الأرض
- 1364 صلوا ما بيني وبينكم من القرابة
- 1365 الله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم براحلته
- 1366 ما خير رسول الله في أمرين إلا أخذ أيسرهما
- 1367 لم يكن رسول الله فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في...
- 1368 لم يكن النبي ﷺ سبابا ولا فحاشا ولا لعانا
- 1369 إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبر ثلاثًا
- 1370 إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة يعطى بها في الدنيا...
- 1371 أما ترضى أن تكون لهم في الدُّنيا ولنا في الآخرة؟
- 1372 لا تشربوا في إناء الذهب والفضة ولا تلبسوا الديباج والحرير
- 1373 الدنيا أهون على الله من هذه على صاحبها
- 1374 ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل
- 1375 ما يصدون قومك من مثل ابن مريم
- 1376 «أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل»
- 1377 منزلك في الجنة ومنزلك في النار
- 1378 النبي يقرأ على المنبر نداء أهل النار لمالك
- 1379 تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان
معلومات عن حديث: وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ
📜 حديث: وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








