حديث: بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ في غار حراء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)﴾

عن عائشة زوج النبي ﷺ قالت: كان أول ما بدئ به رسول الله ﷺ الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبِّبَ إليه الخلاء، فكان يلحق بغار حراء، فيتحنث فيه - قال: والتحنث: التعبد - اللّيالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله، ويتزوّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة، فيتزوّد بمثلها، حتى فجئه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ. فقال رسول الله ﷺ: «ما أنا بقارئ» قال: «فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ. قلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ. قلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني» فقال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ الآيات إلى قوله: ﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾. فرجع بها رسول الله ﷺ ترجف بوادره، حتى دخل على خديجة فقال: «زمِّلوني زمِّلوني»، فزمَّلوه حتى ذهب عنه الرَّوعُ، قال لخديجة: «أي: خديجة، ما لي لقد خشيت على نفسي؟» فأخبرها الخبر، قالت خديجة: كلا، أبشر، فواللهِ! لا يخزيك الله أبدا، فوالله! إنّك لتصل الرّحم، وتصدق الحديث، وتحملُ الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحقّ. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل - وهو ابن عم خديجة أخي أبيها، وكان امرءًا تنصَّر في الجاهليّة، وكان يكتب الكتاب العربي، ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرًا قد عمي -، فقالت خديجة: يا ابنَ عمِّ! اسمع من ابن أخيك. قال ورقة: يا ابن أخي! ماذا ترى؟، فأخبره النبي ﷺ خبر ما رأى، فقال ورقة: هذا النّاموس الذي أنزل على موسى، ليتني فيها جَذَعٌ، ليتني أكونُ حيًّا - ذكر حرفا - قال رسول الله ﷺ: «أو مخرجيَّ هُمْ؟ !» قال ورقة:
نعم، لم يأتِ رجلٌ بما جئتَ به إلّا أوذي، وإنْ يدركني يومُك حيا أنصرك نصرا مؤزّزًا. ثم لم ينشبْ ورقةُ أن توفي، وفَتَرَ الوحيُ فترة حتى حزن رسول الله ﷺ.

متفق عليه: رواه البخاريّ في التفسير (٤٩٥٣)، ومسلم في الإيمان (١٦٠) كلاهما من طريق يونس بن يزيد، قال: أخبرني ابن شهاب، قال: حدثني عروة بن الزبير، أن عائشة زوج النبي ﷺ أخبرته: فذكرته.

عن عائشة زوج النبي ﷺ قالت: كان أول ما بدئ به رسول الله ﷺ الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبِّبَ إليه الخلاء، فكان يلحق بغار حراء، فيتحنث فيه - قال: والتحنث: التعبد - اللّيالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله، ويتزوّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة، فيتزوّد بمثلها، حتى فجئه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ. فقال رسول الله ﷺ: «ما أنا بقارئ» قال: «فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ. قلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ. قلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني» فقال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ الآيات إلى قوله: ﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾. فرجع بها رسول الله ﷺ ترجف بوادره، حتى دخل على خديجة فقال: «زمِّلوني زمِّلوني»، فزمَّلوه حتى ذهب عنه الرَّوعُ، قال لخديجة: «أي: خديجة، ما لي لقد خشيت على نفسي؟» فأخبرها الخبر، قالت خديجة: كلا، أبشر، فواللهِ! لا يخزيك الله أبدا، فوالله! إنّك لتصل الرّحم، وتصدق الحديث، وتحملُ الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحقّ. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل - وهو ابن عم خديجة أخي أبيها، وكان امرءًا تنصَّر في الجاهليّة، وكان يكتب الكتاب العربي، ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرًا قد عمي -، فقالت خديجة: يا ابنَ عمِّ! اسمع من ابن أخيك. قال ورقة: يا ابن أخي! ماذا ترى؟، فأخبره النبي ﷺ خبر ما رأى، فقال ورقة: هذا النّاموس الذي أنزل على موسى، ليتني فيها جَذَعٌ، ليتني أكونُ حيًّا - ذكر حرفا - قال رسول الله ﷺ: «أو مخرجيَّ هُمْ؟ !» قال ورقة:
نعم، لم يأتِ رجلٌ بما جئتَ به إلّا أوذي، وإنْ يدركني يومُك حيا أنصرك نصرا مؤزّزًا. ثم لم ينشبْ ورقةُ أن توفي، وفَتَرَ الوحيُ فترة حتى حزن رسول الله ﷺ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين.
أما بعد، فهذا شرح وافٍ للحديث الشريف الذي روتْه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهو من الأحاديث العظيمة التي تُبيّن بدء نزول الوحي على النبي ﷺ، وسأقسم الشرح إلى أقسام كما طُلِب:

1. شرح المفردات:


● الرؤيا الصادقة: هي الرؤيا التي يراها النبي في منامه وتكون حقًا لا تخلف، وهي من أجزاء النبوة.
● مثل فلق الصبح: كضوء الصبح في وضوحه وصحته، أي أنها تتحقق كما يظهر الصبح واضحًا.
● الخلاء: الخلوة والاعتزال عن الناس للتعبد والتأمل.
● غار حراء: كهف في جبل حراء بالقرب من مكة، كان النبي ﷺ يختلي فيه.
● التحنث: التعبد والتفكر في خلق الله، وكان ذلك على طريقة الحنفاء في الجاهلية الذين يتبعون ملة إبراهيم عليه السلام.
● فجئه الحق: بغته وظهر له فجأة.
● غطني: ضمّني بشدة حتى أشعرتني بالضيق والاختناق.
● بلغ مني الجهد: بلغ بي التعب والمشقة إلى أقصى حد.
● ترجف بوادره: ترتعش فرائصه (عضلات كتفيه) من شدة الخوف والرهبة.
● زمّلوني: غطّوني بالثياب لأستدفئ ويهدأ روعي.
● الرَّوع: الخوف والفزع.
● النَّاموس: هو جبريل عليه السلام، أو يعني الكتاب الإلهي المنزل.
● جَذَع: شاب قوي، أي يتمنى أن يكون شابًا قويًا لينصر النبي.
● أو مخرجيّ هم؟: أي هل سيخرجونني من بلدي ويؤذونني؟
● نصرًا مؤزرًا: نصرًا قويًا متينًا.
● فَتَرَ الوحي: توقف وانقطع مدة من الزمن.

2. شرح الحديث:


يصف هذا الحديث بداية نزول الوحي على النبي محمد ﷺ، حيث كان أول ما بدأ به الوحي الرؤيا الصالحة في المنام، فكان كل ما يراه في منامه يتحقق كما يتحقق ضوء الصباح. ثم أحب إليه الخلوة، فكان يذهب إلى غار حراء ليتعبد فيه الليالي الطوال، ثم يعود إلى أهله ليتزود again. وفي إحدى هذه المرات، وهو في الغار، جاءه الملك جبريل عليه السلام بأول آيات القرآن: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} إلى قوله: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}.
حاول الملك ثلاث مرات أن يأمر النبي بالقراءة، وفي كل مرة كان النبي ﷺ يرد بأنه لا يعرف القراءة (لأنه أمي)، فضمه الملك بشدة حتى بلغ منه الجهد، ثم أرسله. بعد المرة الثالثة، تلا عليه الآيات. فرجع النبي ﷺ إلى خديجة خائفًا مرتعدًا، فغطته حتى ذهب عنه الروع، وأخبرها بما حدث. فطمأنته خديجة وبشرته، وذكرت له من صفاته الحميدة ما يجعل الله لا يخزيه أبدًا. ثم ذهبت به إلى ورقة بن نوفل، الذي أكد له أن هذا هو الناموس (جبريل) الذي نزل على موسى، وبشره بأنه سيوذَى ويُخرج، ولكن يتمنى أن ينصره لو أدرك زمانه.

3. الدروس المستفادة منه:


● التدرج في الوحي: بدأ الوحي بالرؤيا الصادقة، ثم نزل جبريل بالقرآن، مما يدل على حكمة الله في تهيئة النبي ﷺ لهذه المسؤولية العظيمة.
● فضل الخلوة والعبادة: فيها تهذيب للنفس وتجهيزها لتلقي الوحي.
● صبر النبي ﷺ وتحمل المشاق: تحمله للغطّ الشديد من جبريل ثلاث مرات يدل على صبره وقوته في سبيل تبليغ الرسالة.
● دور خديجة رضي الله عنها: كانت سندًا للنبي ﷺ، ووفرت له الدعم المعنوي، وصدقته وطمأنته، مما يدل على أهمية وجود الشريك الصالح.
● البشارة بالنبوة: تصديق ورقة بن نوفل، وهو من أهل الكتاب، لدعوة النبي ﷺ، فيه إشارة إلى أن أهل الكتاب يعرفون صفات النبي الموعود.
● أن النبوة لا تأتي إلا بمشقة: كما قال ورقة: لم يأت رجل بمثل ما جاء به النبي إلا أوذي، مما يدل على أن طريق الدعوة محفوف بالمصاعب.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من أصح الأحاديث.
- غار حراء يقع في الجبل الشمالي الشرقي لمكة، ويُعد الآن من المعالم الإسلامية.
- الآيات التي نزلت هي أول ما نزل من القرآن، وهي من سورة العلق.
- فترة فتور الوحي بعد نزول أول الوحي كانت لمدة، ثم عاد الوحي بعد ذلك، مما كان له أثر في تثبيت قلب النبي ﷺ.
- قصة ورقة بن نوفل تدل على أن هناك من أهل الكتاب من كان ينتظر النبي الخاتم، وقد مات ورقة قبل البعثة النبوية أو بعدها بقليل.
أسأل الله أن ينفعنا بهذا الحديث، وأن يجعلنا من اتباع سنة نبيه محمد ﷺ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٩٥٣)، ومسلم في الإيمان (١٦٠) كلاهما من طريق يونس بن يزيد، قال: أخبرني ابن شهاب، قال: حدثني عروة بن الزبير، أن عائشة زوج النبي ﷺ أخبرته: فذكرته. واللفظ للبخاريّ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1874 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ في غار حراء

  • 📜 حديث: بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ في غار حراء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ في غار حراء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ في غار حراء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ في غار حراء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب