حديث: إيمان بالله، وجهاد في سبيله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب حبس النفس عن الشر صدقة

عن أبي ذرّ، قال: سألتُ النّبيَّ ﷺ: أيّ العمل أفضل؟ قال: «إيمان بالله، وجهاد في سبيله» قلت: فأيُّ الرّقاب أفضل؟ قال: «أغلاها ثمنًا، وأنفسُها عند أهلها». قلت: فإن لم أفعل؟ قال: «تعين صانعًا، أو تصنع لأخرق» قال: فإن لم أفعل؟ قال: «تدع النّاسَ من الشّر، فإنّها صدقة، تصدّق بها على نفسك».

متفق عليه: رواه البخاريّ في العتق (٢٥١٨)، ومسلم في الإيمان (٨٤) كلاهما من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي مراوح، عن أبي ذرّ، فذكر الحديث، واللّفظ للبخاريّ.

عن أبي ذرّ، قال: سألتُ النّبيَّ ﷺ: أيّ العمل أفضل؟ قال: «إيمان بالله، وجهاد في سبيله» قلت: فأيُّ الرّقاب أفضل؟ قال: «أغلاها ثمنًا، وأنفسُها عند أهلها». قلت: فإن لم أفعل؟ قال: «تعين صانعًا، أو تصنع لأخرق» قال: فإن لم أفعل؟ قال: «تدع النّاسَ من الشّر، فإنّها صدقة، تصدّق بها على نفسك».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يرشدنا إلى أبواب الخير الواسعة، ويسلك بنا مسالك البر حتى نصل إلى أعلى الدرجات وأدناها، بحسب استطاعة العبد وقدرته. وإليك الشرح المفصل له:
### أولاً. نص الحديث ومصدره
الراوي: أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، وهو جُندب بن جنادة، من السابقين إلى الإسلام والمشهورين بالزهد والورع.
المصدر: أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 2518)، والإمام مسلم في صحيحه (رقم 84)، وغيرهما.

### ثانيًا. شرح المفردات
● أيّ العمل أفضل؟: أي: أحب الأعمال إلى الله وأعظمها أجراً.
● الرّقاب: جمع رقبة، والمقصود هنا: العبيد والإماء، والسؤال عن أفضل أنواعهم عتقاً.
● أغلاها ثمنًا، وأنفسُها عند أهلها: أي التي يكون ثمنها غالياً وقيماً، وهي أعز ما يملكه أهلها وأحبّه إليهم.
● صانعًا: الحرفي أو العامل الذي يحتاج إلى مساعدة في صنعته.
● أخرق: الذي لا يُحسِن العمل، فهو ضعيف المهارة وثقيل في فعله.
● تدع النّاسَ من الشّر: أي تمتنع عن إيذاء الناس بقول أو فعل.
● صدقة، تصدّق بها على نفسك: أي هذا الامتناع عن الأذى يعتبر صدقة تؤجر عليها، والمنفعة تعود عليك بنيل الأجر وسلامة الدين.

### ثالثًا. شرح الحديث
يصور لنا هذا الحديث المشهد النبوي الرائع، حيث يأتي الصحابي الجليل أبو ذر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن أعمال البر، فيرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم رداً متدرجاً يناسب حال السائل وقدرته:
1- السؤال الأول: "أيّ العمل أفضل؟"
* الرد: «إيمان بالله، وجهاد في سبيله»
* الشرح: بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الدرجات وأسماها، وهي الإيمان الجازم بالله تعالى الذي هو أصل كل خير، ثم قرنه بأعلى عمل جهادي، وهو الجهاد في سبيل الله الذي هو ذروة سنام الإسلام. وهذا للقادر المستطيع الذي يبلغ هذه المرتبة.
2- السؤال الثاني: "فأيُّ الرّقاب أفضل؟" (أي للعتق)
* الرد: «أغلاها ثمنًا، وأنفسُها عند أهلها»
* الشرح: لما كان الجهاد يتطلب قدرة وطاقة، قدّمه النبي صلى الله عليه وسلم ببديل عظيم لأولئك الذين يملكون المال ولكن لا يستطيعون الجهاد بأنفسهم، وهو عتق الرقاب لإحياء النفوس وتحريرها. والأفضل في العتق هو أن تختار أغلى عبد عند سيده، لأن في عتقه مشقة على النفس وبذل للمال، فيكون الأجر أعظم.
3- السؤال الثالث: "فإن لم أفعل؟" (أي إن لم أستطع الجهاد ولا أملك المال لعتق الرقاب)
* الرد: «تعين صانعًا، أو تصنع لأخرق»
* الشرح: هبط النبي صلى الله عليه وسلم بالسائل درجة أخرى إلى عمل يستطيعه الكثيرون. هنا يوجهنا إلى مساعدة الآخرين وتفريج كربهم في أمور معاشهم. فإعانة الحرفي الماهر تكمل عمله وتيسر عليه رزقه، والمساعدة "للأخرق" الذي لا يحسن عمله هي إحسان إليه وحماية له من الحرج أو السخرية. وهذا من كمال الخلق和社会 التكافل.
4- السؤال الرابع: "فإن لم أفعل؟" (أي حتى هذه الدرجة لا أستطيعها)
* الرد: «تدع النّاسَ من الشّر، فإنّها صدقة، تصدّق بها على نفسك»
* الشرح: هذه آخر الدرجات وأيسرها، وهي في متناول كل إنسان دون استثناء. إذا عجزت عن فعل الخير، فعلى الأقل امتنع عن الشر. فكف الأذى عن الناس بلسانك أو يدك أو حتى بمجرد عدم إظهار الضجر أو السوء هو في ذاته صدقة. والصدقة هنا على نفسك؛ لأنك بامتناعك عن الإثم تحفظ دينك وتربي نفسك وتكسب أجر الصدقة.

### رابعًا. الدروس المستفادة والفَوائد
1- التدرج في التكليف: من حكمة الشريعة أنها تراعي أحوال المكلفين وقدراتهم، فلم تكلف نفساً إلا وسعها. فالإسلام يشرع أبواباً للخير تتناسب مع كل الناس، القوي والضعيف، والغني والفقير.
2- سعة مفهوم العبادة: العبادة ليست فقط الصلاة والصيام، بل تشمل كل عمل صالح، من الجهاد الأكبر إلى كف الأذى، ومساعدة الناس في شؤون دنياهم.
3- كف الأذى من الإيمان: يبين الحديث أن سلامة الناس من شر المرء هي من أعمال البر العظيمة، وهي علامة على كمال إيمانه. قال صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».
4- التكافل الاجتماعي: الحث على التعاون وإعانة الضعيف ومساعدة من لا يُحسِن العمل، مما يبني مجتمعاً متماسكاً تسوده المحبة والتعاطف.
5- أن الصدقة لا تقتصر على المال: بل كل معروف صدقة، وكف الشر صدقة، والكلمة الطيبة صدقة.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في العتق (٢٥١٨)، ومسلم في الإيمان (٨٤) كلاهما من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي مراوح، عن أبي ذرّ، فذكر الحديث، واللّفظ للبخاريّ.
وفي لفظ لمسلم: «تَكُفُّ شرَّك عن النّاس، فإنّها صدقةٌ منك على نفسك».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 97 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إيمان بالله، وجهاد في سبيله

  • 📜 حديث: إيمان بالله، وجهاد في سبيله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إيمان بالله، وجهاد في سبيله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إيمان بالله، وجهاد في سبيله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إيمان بالله، وجهاد في سبيله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب