حديث: الراحمون يرحمهم الرحمن

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الرحمة

عن عبد الله بن عمرو بن العاص، يبلغ به النبيّ ﷺ قال: «الرّاحمون يرحمهم الرحمن، ارْحمُوا أهلَ الأرض يرحمكم من في السماء».

حسن: رواه أبو داود (٤٩٤١)، والترمذيّ (١٩٢٤) كلاهما من حديث سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي قابوس مولى لعبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو، فذكره، واللّفظ لأبي داود.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص، يبلغ به النبيّ ﷺ قال: «الرّاحمون يرحمهم الرحمن، ارْحمُوا أهلَ الأرض يرحمكم من في السماء».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحثنا على خلق عظيم، ويبشرنا بثواب جسيم. وإليك الشرح المفصل له:

الحديث بلفظه كما رواه الإمام الترمذي وغيره:


عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ».


1. شرح المفردات:


* الرَّاحِمُونَ: هم الذين تتصف قلوبهم بالرقة والعطف، وتتحرك جوارحهم للإحسان إلى الآخرين، سواء كانوا من البشر أو الحيوان.
* يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ: أي يعطف عليهم ويغمرهم بلطفه وعفوه وفضله في الدنيا والآخرة. والرحمن هو اسم من أسماء الله الحسنى، يدل على سعة رحمته التي وسعت كل شيء.
* أَهْلَ الأَرْضِ: يشمل كل من على الأرض من البشر على اختلاف أديانهم وأجناسهم، ويشمل أيضاً الحيوانات والطيور وغيرها من المخلوقات.
* مَنْ فِي السَّمَاءِ: المقصود به الله عز وجل، فهو العلي الأعلى الذي استوى على العرش، وهو معنا بعلمه وقدرته، ولا يشبهه شيء من خلقه. وقوله (مَنْ) هنا جاء على سبيل التعظيم لله تعالى، كما في قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}.


2. شرح الحديث:


يضع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قاعدة ربانية عظيمة تربط بين فعل العبد وجزاء الرب، وهي قاعدة الجزاء من جنس العمل.
* الجزء الأول: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ»: هذا خبر من الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يقرر حقيقة ثابتة، وهي أن من اتصف بصفة الرحمة للخلق، فإن الله تعالى الذي وسعت رحمته كل شيء سيجزيه من رحمته وعطائه. فهناك تلازم بين رحمة العباد لبعضهم، ورحمة الخالق للعباد.
* الجزء الثاني: «ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»: هذا أمر وحث مباشر من النبي صلى الله عليه وسلم للأمة، يحضهم على أن يكونوا رحماء بينهم، ويعمموا الرحمة على كل من في الأرض. وفي المقابل، يبشرهم بأن الجزاء سيكون من الله تعالى نفسه، فهو الذي في السماء (المتعالي على خلقه) سيرحمهم ويغدق عليهم من فضله.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- الترغيب في خلق الرحمة: جعل النبي صلى الله عليه وسلم الرحمة سبباً مباشراً لنيل رحمة الله، وهي أعظم ما يمكن أن يناله العبد.
2- رحمة الله تعالى مقيدة برحمة العباد: فكما ترحم تُرحم، وكما تدين تدان. وهذا يحفز المسلم على بذل الخير والإحسان.
3- عموم الرحمة: الحديث لم يقل (ارحموا المسلمين فقط) بل قال (أهل الأرض)، مما يدل على أن الرحمة تشمل كل المخلوقات، مسلمهم وكافرهم، إنسانهم وحيوانهم. ومن صور ذلك: الإحسان إلى الجار، والتصدق على الفقير، الإحسان إلى الحيوان وعدم إيذائه، بل وحتى الشفقة على الأطفال والضعفاء.
4- إثبات صفة الرحمة لله تعالى: وأنه سبحانه هو الرحمن الرحيم، الذي يرحم عباده ويتفضل عليهم.
5- إثبات علو الله تعالى على خلقه: بقوله (مَنْ فِي السَّمَاءِ) وهو ما يعتقده أهل السنة والجماعة، أن الله تعالى مستو على عرشه، عالٍ على خلقه، بائن منهم، لا يماثلهم بشيء من صفاتهم.
6- الحديث يدعو إلى بناء مجتمع متعاون متآلف: تسوده المحبة والتراحم، بدلاً من القسوة والتناحر.


4. معلومات إضافية:


* درجة الحديث: صححه الإمام الترمذي والحاكم والألباني وغيرهم.
* مقارنة بآية قرآنية: هذا المعنى العظيم جاء موافقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]. فالمحسن إلى الخلق هو المقصود بهذه الآية، وهو الذي يرحم أهل الأرض فيدخل في الوعد بالرحمة.
* من أقوال السلف: قال الإمام الشافعي رحمه الله: "من وعظ أخاه سراً فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه".
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الرحماء بيننا، وأن يرحمنا برحمته التي وسعت كل شيء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٩٤١)، والترمذيّ (١٩٢٤) كلاهما من حديث سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي قابوس مولى لعبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو، فذكره، واللّفظ لأبي داود.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا الإمام أحمد (٦٤٩٤)، والدّارميّ في «الرّد على الجهميّة» (٦٩)، وصحّحه الحاكم (٤/ ١٥٩) وزاد البعض بعد قوله: «من في السماء»: «الرّحم شُجنة من الرحمن فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله». قال الترمذيّ: «حسن صحيح».
وجعل الحاكم هذا الحديث وما في الباب كلّها صحيحة.
قال الأعظمي: إنّما هو حسن فقط من أجل أبي قابوس، والكلام عليه مبسوط في كتاب الإيمان.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 84 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الراحمون يرحمهم الرحمن

  • 📜 حديث: الراحمون يرحمهم الرحمن

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الراحمون يرحمهم الرحمن

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الراحمون يرحمهم الرحمن

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الراحمون يرحمهم الرحمن

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب