حديث: لا تنزع الرحمة إلا من شقي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الرحمة

عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ الصادق والمصدوق أبا القاسم صاحب الحجرة يقول: «لا تنزع الرحمة إلا من شقي».

حسن: رواه أبو داود (٤٩٤٢)، والترمذي (١٩٢٣)، والبخاري في الأدب المفرد (٣٧٤)، وأحمد (٨٠٠١)، وصحّحه ابن حبان (٤٦٢) كلهم من حديث شعبة، عن منصور بن المعتمر، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ الصادق والمصدوق أبا القاسم صاحب الحجرة يقول: «لا تنزع الرحمة إلا من شقي».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، الذي وصفه أبو هريرة رضي الله عنه بأوصاف جليلة تدل على صدقه ويقينه بما يبلغه عن ربه.

الحديث بلفظه كاملاً:


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق أبا القاسم صاحب الحجرة يقول: «لَا تَنْزَعُ الرَّحْمَةَ إِلَّا مِنْ شَقِيٍّ».
(رواه أبو داود والترمذي وأحمد، وهو حسن)


أولاً. شرح المفردات:


● تنزع: تَسْلُبُ وتُخْرِجُ بقوة.
● الرحمة: هنا يُقصد بها الرحمة العامة التي جبل الله عليها قلوب عباده، من رحمة الوالد بولده، والرحمة بالحيوان، والعطف على المحتاج، وغير ذلك من أوجه الشفقة والإحسان.
● شقي: هو الشخص الذي حُرِمَ الخير وسُلِبَ التوفيق، وهو ضد السعيد. والشقاء هنا هو الشقاوة في الدنيا والآخرة.


ثانياً. شرح الحديث:


معنى الحديث النبوي الشريف أن الله تعالى قد غرس في قلوب الناس جميعاً – مسلمين وكفاراً – رحمةً وغريزةَ شفقةٍ وعطف، تجعلهم يرحمون صغيرهم، ويشفقون على ضعيفهم، ويرأفون بمن يحتاج إلى المساعدة.
فإذا رأيت إنساناً قد تخلّق بخلقٍ قاسٍ، وفقد كل معاني الرحمة من قلبه، حتى إنه لا يرحم طفلاً ولا يرقُّ لضعيفٍ ولا يحنو على حيوان، فهذا علامة على شقاوة هذا الإنسان وخسرانه، وأنه مُعرَّض لعذاب الله وسخطه، لأن الرحمة من أعظم الصفات التي تقرب العبد من رحمة الرحمن.
والنبي صلى الله عليه وسلم يخبرنا أن نزع هذه الرحمة (أي سلبها وإخراجها من القلب) لا يكون إلا لأشد الناس شقاوةً وبُعداً عن الله.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظمة خلق الرحمة: فالرحمة ليست مجرد عاطفة، بل هي من أعظم الصفات التي يحبها الله، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم نفسه بأنه «رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ» للمؤمنين.
2- الرحمة من أسباب نزول رحمة الله: كما في الحديث القدسي: «ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» (رواه الترمذي وهو حسن).
3- التحذير من قسوة القلب: فإذا وجد الإنسان في نفسه قسوةً أو غلظةً، فليستعذ بالله منها ويسعى لعلاج قلبه بالذكر والعبادة ومساعدة الآخرين.
4- الرحمة شاملة للخلق جميعاً: حتى الحيوان، فقد دخلت امرأة النار في هرة حبستها ولا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، ودخل رجل الجنة لأنه سقى كلباً كاد يموت من العطش.
5- الرحمة علامة على الإيمان: قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ لَا يَرْحَمُهُ اللَّهُ» (متفق عليه).


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث يعد من أدلة أهل السنة على أن أفعال العباد من رحمة أو قسوة هي خلق الله، ولكن العبد يكتسبها ويسعى فيها، فمن كان شقياً سُلبت منه الرحمة، ومن كان سعيداً منحها الله إياه.
- ينبغي للمسلم أن يدعو دائماً بأن يثبت قلبه على الرحمة والرأفة، ويبتعد عن كل ما يقسي القلب من المعاصي والغفلة عن ذكر الله.
- من أعظم أسباب رحمة القلب: بر الوالدين، وصلة الرحم، والإحسان إلى الجيران، والرفق بالحيوان.
أسأل الله أن يرزقنا قلوباً رحيمة، ويبعد عنا القسوة والغلظة، ويجعلنا من الذين يرحمهم الله ويَرحمون خلقه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٩٤٢)، والترمذي (١٩٢٣)، والبخاري في الأدب المفرد (٣٧٤)، وأحمد (٨٠٠١)، وصحّحه ابن حبان (٤٦٢) كلهم من حديث شعبة، عن منصور بن المعتمر، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل أبي عثمان وهو التبّان مولى المغيرة بن شعبة، وقيل: اسمه سعد، وقيل: عمران، روى عنه جمع، ولا يوجد فيه جرح، ولحديثه أصول صحيحة.
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن، وأبو عثمان الذي روى عن أبي هريرة لا يعرف اسمه، ويقال: هو والد موسى بن أبي عثمان الذي روى عنه أبو الزناد وقد روى أبو الزناد، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ غير حديث».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 83 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تنزع الرحمة إلا من شقي

  • 📜 حديث: لا تنزع الرحمة إلا من شقي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تنزع الرحمة إلا من شقي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تنزع الرحمة إلا من شقي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تنزع الرحمة إلا من شقي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب