حديث: ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في الرحمة
يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون».
حسن: رواه أحمد (٦٥٤١)، والبخاري في الأدب المفرد (٣٨٠) كلاهما من حديث حريز، حدثنا حبان الشرعبي، عن عبد الله بن عمرو، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فسأقوم بشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة، مع بيان فوائده ودروسه.
الحديث بتمامه:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ أنه قال وهو على المنبر: «ارحموا ترحموا، واغفروا يغفر الله لكم، ويل لأقماع القول، ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون».
رواه الإمام أحمد في مسنده، والبيهقي في شعب الإيمان، وصححه الألباني.
1. شرح المفردات:
● ارحموا ترحموا: (ارحموا) فعل أمر من الرحمة، أي اظهروا الرحمة للخلق. (ترحموا) مجزوم بفعل الشرط، أي يرحمكم الله.
● اغفروا يغفر الله لكم: (اغفروا) اعفوا عن الناس وتجاوزوا عن زلاتهم. (يغفر الله لكم) أي يعفو الله عنكم ويستركم.
● ويل: كلمة وعيد وتهديد، تدل على الهلاك والعذاب الشديد.
● أقماع القول: (القمع) هو الوعاء الذي يُصب فيه الشيء، ويُطلق على من يحفظ القول ولا يعمل به، كالقمع الذي لا يمسك شيئًا بل يمرره فقط.
● المصرين: (المُصِرّ) هو الذي يُواصل على الذنب ولا يتوب منه، بل يُصِرُّ عليه.
● يصرون على ما فعلوا: يُواصلون ويعاندون في فعل المعاصي والذنوب.
● وهم يعلمون: يعلمون أنها معاصٍ ويخالفون أمر الله عن علمٍ وقصد.
2. شرح الحديث:
هذا الحديث العظيم يرشدنا إلى جملة من الأخلاق الإسلامية الرفيعة، ويحذر من صفات ذميمة، وهو مقسم إلى قسمين:
القسم الأول: الوصايا الإيجابية (الأمر بالرحمة والمغفرة):
- قوله ﷺ: «ارحموا ترحموا»: يحث النبي ﷺ على الرحمة بين الناس، فمن رحم خلق الله ورأف بهم، رحمه الله تعالى. والرحمة هنا تشمل الرحمة بالضعفاء، والمساكين، والأطفال، والحيوانات، بل تشمل سائر الخلق. وهذا من أسباب رحمة الله تعالى للعبد.
- وقوله: «واغفروا يغفر الله لكم»: يأمرنا النبي ﷺ بالعفو والصفح عن الناس، فمن عفا عن زلات الآخرين وسامحهم، عفا الله عنه وسامحه. وهذا من أعظم أسباب مغفرة الذنوب.
القسم الثاني: التحذير من الصفات الذميمة (الوعيد لأقماع القول والمصرين على الذنب):
- قوله: «ويل لأقماع القول»: "أقماع القول" هم الذين يسمعون العلم والحكمة ولا يعملون بها، بل تذهب أدراج الرياح. مثلهم كمثل القمع الذي يصب فيه الماء أو غيره فيمر ولا يبقى فيه شيء. فهم يحفظون الحديث والعلم ولكن لا ينتفعون به، ولا يطبقونه في حياتهم. وهذا وعيد شديد لهم.
- وقوله: «ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون»: هذا وعيد آخر للمصرين على المعاصي، الذين يواصلون فعل الذنوب ولا يتوبون، مع علمهم بأنها محرمة. والإصرار على الذنب من كبائر الذنوب، لأنه دليل على الاستهانة بأمر الله وعدم المبالاة بمعصيته.
3. الدروس المستفادة والعبر:
1- الحث على الرحمة: ينبغي للمسلم أن يكون رحيمًا بجميع الخلق، فهذا من أسباب رحمة الله له في الدنيا والآخرة.
2- فضيلة العفو والمغفرة: العفو عن الناس من صفات المتقين، وهو سبب لمغفرة الله تعالى للعبد.
3- ذم حفظ العلم بلا عمل: العلم يجب أن يقترن بالعمل، فمن حفظ العلم ولم يعمل به فهو من "أقماع القول" المستوجبين للوعيد.
4- تحريم الإصرار على الذنب: لا يجوز للمسلم أن يُصِرَّ على معصية، بل يجب أن يبادر إلى التوبة فورًا، فإن الله يقبل التوبة عن عباده.
5- الوعيد الشديد للمعاندين: الذين يعلمون حرمة الشيء ويواصلون فعله، هم من أشد الناس عذابًا لأنهم يعصون الله عن علم.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث يجمع بين الترغيب والترهيب؛ فالرحمة والمغفرة ترغيب، والوعيد لأقماع القول والمصرين ترهيب.
- من رحمة الله تعالى أن جعل الجزاء من جنس العمل: فمن رحم رحم، ومن غفر غفر له.
- الإصرار على الصغيرة قد يجعلها كبيرة، لذا يجب على المسلم أن يحذر من الاستمرار على أي معصية.
- ينبغي للمسلم أن يكون عاملاً بعلمه، فلا يكون من الذين يقولون ما لا يفعلون.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا العمل بهذا الحديث، وأن يجعلنا من الرحماء المغفور لهم، وأن يعيذنا من أن نكون من أقماع القول أو المصرين على الذنوب.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل حبان وهو ابن زيد الشرعبي فإنه في أقل أحواله حسن الحديث.
قوله: «لأقماع القول» الأقماع جمع قُمع - بضم القاف - وهو ما يوضع في فم الإناء إذا صُبَّ فيه دهن وغيره وهو لا يعي شيئا، فكذلك الذين يستمعون القول الحسن ولا يحفظونه ولا يعملون به.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 85 من أصل 1112 حديثاً له شرح
- 60 من لم يشكر الناس لم يشكر الله
- 61 من لا يشكر الناس لا يشكر الله
- 62 من أعطي عطاء فوجد فليجز به
- 63 من أبلي بلاء فذكره فقد شكره
- 64 إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة
- 65 إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة
- 66 السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من النبوة
- 67 الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من النبوة
- 68 خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره
- 69 ذهب النبي ﷺ إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم
- 70 اذهبوا بنا نصلح بينهم
- 71 إصلاح ذات البين أفضل من الصيام والصلاة والصدقة
- 72 أفضل الأعمال الصلاة وصلاح ذات البين وخلق حسن
- 73 ائذنوا له فبئس ابن العشيرة
- 74 خبأت هذا لك
- 75 تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد
- 76 تواضعوا ولا يبغي بعضكم على بعض
- 77 من تواضع لله رفعه الله
- 78 ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم
- 79 اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا
- 80 معنى من لا يرحم الناس لا يرحمه الله
- 81 شرح من لا يرحم الناس لا يرحمه الله
- 82 تقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم
- 83 لا تنزع الرحمة إلا من شقي
- 84 الراحمون يرحمهم الرحمن
- 85 ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون
- 86 لا يضع الله رحمته إلا على رحيم
- 87 فنزل البئر، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى...
- 88 عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت
- 89 إن رحمت الشاة رحمك الله
- 90 من رحم ولو ذبيحة رحمه الله يوم القيامة
- 91 معنى من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا
- 92 ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا
- 93 من لم يرحم صغيرنا ويجل كبيرنا فليس منا
- 94 قتل عبد الله بن سهل وخروج النبي ﷺ دِيَته من...
- 95 هي النخلة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها
- 96 إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن وذي السلطان المقسط
- 97 إيمان بالله، وجهاد في سبيله
- 98 يعين ذا الحاجة الملهوف
- 99 أي الأعمال أفضل؟ الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله
- 100 سماني رسول الله يوسف وأقعدني على حجره
- 101 كان النبي ﷺ في مهنة أهله
- 102 ما كان النبي ﷺ يصنع في بيته يخصف نعله ويرقع...
- 103 مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير
- 104 الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل
- 105 «اشفعوا فلتؤجروا، وليقض الله على لسان نبيه ما أحب»
- 106 إني لأريد الأمر، فأؤخره كيما تشفعوا فتؤجروا
- 107 عبد ستر عبدا في الدنيا ستره الله يوم القيامة
- 108 الله يستر على عبد في الدنيا ستره يوم القيامة
- 109 من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته...
معلومات عن حديث: ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون
📜 حديث: ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








