حديث: تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في التواضع

عن عياض بن حمار أخي بني مجاشع، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغ أحد على أحد».

صحيح: رواه مسلم في الجنة وصفة نعيمها (٢٨٦٥: ٦٤) عن حسين بن حريث، حدثنا الفضل بن موسى، عن الحسين، عن مطر، حدثني قتادة، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عياض بن حمار، فذكره.

عن عياض بن حمار أخي بني مجاشع، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغ أحد على أحد».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل في طياته توجيهاً خلقياً رفيعاً. وإليك الشرح المفصل له:

الحديث بتمامه:


عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ».
(رواه مسلم في صحيحه)


1. شرح المفردات:


* أَوْحَى إِلَيَّ: الإيحاء هنا بمعنى الإلهام والإرشاد، وهو نوع من أنواع الوحي غير الوحي المتلو (القرآن). فهو وحي خاص من الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم لتوجيه الأمة.
* تَوَاضَعُوا: التواضع هو خفض الجناح ولين الجانب وعدم الترفع على الخلق، وهو خلق كريم ينبغي أن يتحلى به المسلم مع الله أولاً ثم مع خلقه.
* يَفْخَرَ: الفخر هو التفاخر بالأنساب والأحساب والأموال والمناصب، وهو التباهي بها واحتقار الآخرين.
* يَبْغِيَ: البغي هو التعدي والظلم والطغيان على الآخرين، والتجاوز على حقوقهم بالباطل.


2. شرح الحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن الله تعالى أوحى إليه وأمره أن يأمرهم بالتواضع، وهو الخلق العظيم الذي يمنع من وقوع مفاسد كبرى في المجتمع.
* «أَنْ تَوَاضَعُوا»: هذا أمر مباشر من الله تعالى لعباده بالتحلي بخلق التواضع، وهو ليس مجرد سلوك ظاهري، بل هو حالة قلبية ينبعث منها سلوك التعامل مع الآخرين باحترام وإكرام، وعدم النظر إليهم من علٍ.
* «حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ»: هنا يبين النبي صلى الله عليه وسلم الغاية الأولى من التواضع، وهي قطع دابر التفاخر المذموم. فالمتواضع لا يرى لنفسه فضلاً على غيره بسبب مال أو جاه أو نسب، لأنه يعلم أن هذه أمور دنيوية زائلة، وأن ميزان التفاضل الحقيقي عند الله هو التقوى. فإذا انتفى التفاخر، انتفت الكبر والعجب واحتقار الناس.
* «وَلَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ»: والغاية الثانية هي منع البغي والظلم. فالتواضع يمنع الإنسان من أن يتطاول على حقوق الآخرين أو أن يظلمهم، لأنه يرى لهم حقوقاً مساوية لحقوقه. المتواضع لا يستضعف الناس ولا يستغل منصبه أو قوته للإضرار بهم. فالبغي ناتج عن شعور بالعلو والاستكبار، والتواضع يقتل هذا الشعور من جذوره.
فالحديث يربط بين خلق قلبي رفيع (التواضع) وبين نتائج اجتماعية عملية ملموسة (منع التفاخر والبغي)، ليصنع مجتمعاً متماسكاً قائماً على المودة والاحترام والعدل.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- علو منزلة خلق التواضع: حيث جعله الله تعالى من الوحي الذي أوحاه إلى نبيه، مما يدل على عظم شأنه وأهميته في بناء الشخصية المسلمة والمجتمع المسلم.
2- التواضع سبب للسلام المجتمعي: الحديث يصور مجتمعاً مثالياً خالياً من الصراعات الطبقية والاستعلاء بالمال والنسب، وهو مجتمع يقوم على المساواة في الكرامة الإنسانية.
3- التحذير من آفات القلوب: يربط الحديث بين آفة قلبية (الكبر الذي يؤدي إلى التفاخر) وسلوك عملي (البغي والظلم)، ليذكرنا أن إصلاح السلوك يبدأ من إصلاح القلب.
4- الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم: كان النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في التواضع، فكان يجلس بين أصحابه كأحدهم، ويجيب دعوة المسكين، ويخدم في بيته. فالتواضع هو شيمة الأنبياء والصالحين.
5- التواضع لا يعني الذلة أو المهانة: فالمسلم يتواضع لله ولخلقه بحق، ولكنه يعتز بدينه ولا يذل لكافر، كما قال تعالى: *{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}* [المنافقون: 8].


4. معلومات إضافية:


* الفرق بين الفخر المحمود والمذموم: الفخر المذموم هو الذي يكون بالأمور الدنيوية للاحتقار والاستكبار. أما الفخر المحمود فهو الفخر بطاعة الله واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، كما كان الصحابة يتفاخرون بالسابقة في الإسلام والجهاد.
* من أقوال السلف: قال بعض السلف: "التواضع هو أن تقبل الحق من كل من جاء به، وإن كان صغيراً".
* ثمرات التواضع: من تواضع لله رفعه الله، كما في الحديث: «وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» (رواه مسلم). وهو سبب لحب الناس وقبولهم، ومفتاح للعلم والحكمة.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتواضعين في سبيله، وأن يعيذنا من الكبر والبغي والتفاخر الباطل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الجنة وصفة نعيمها (٢٨٦٥: ٦٤) عن حسين بن حريث، حدثنا الفضل بن موسى، عن الحسين، عن مطر، حدثني قتادة، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عياض بن حمار، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 75 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد

  • 📜 حديث: تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب