حديث: إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن وذي السلطان المقسط
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب إكرام الكبير في الكلام
حسن: رواه أبو داود (٤٨٤٣) عن إسحاق بن إبراهيم الصواف، حدثنا عبد الله بن حمران، أخبرنا عوف بن أبي جميلة، عن زياد بن مخراق، عن أبي كنانة، عن أبي موسى الأشعري، قال: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يفتح لنا أبواب فضله وكرمه، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين وارض عنا يا أكرم الأكرمين. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يضع لنا قواعد إجلال الله تعالى بتكريم أصناف معينة من الناس.
الحديث بلفظه:
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ».
(رواه أبو داود في سننه، وهو حسن)
أولاً. شرح المفردات:
● إجلال الله: تعظيم الله تعالى والخوف منه، وهو يتجلى في طاعته واتباع أوامره.
● إكرام: التوقير والاحترام والتبجيل.
● ذي الشيبة المسلم: الرجل الكبير في السن، الذي شاب شعره في الإسلام، وهو رمز للخبرة والعطاء.
● حامل القرآن: هو الذي يحفظ القرآن في صدره ويعمل به، وليس مجرد حامل للمصحف.
● غير الغالي فيه: الذي لا يتجاوز الحد في فهمه وتطبيقه، فيتشدد ويغلو بما لم يأت به الشرع.
● والجافي عنه: الذي يقصِّر في حقه، فيهمله ولا يقرأه، أو لا يعمل به.
● ذي السلطان المقسط: صاحب الولاية والحكم الذي يعدل في رعيته ويحكم بينهم بالحق.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن من أعظم مظاهر تعظيم الله تعالى والخضوع له هو تكريم ثلاثة أصناف من الناس، لأن في تكريمهم تكريمًا للقيم التي يمثلونها وهي من أمر الله:
1- إكرام ذي الشيبة المسلم: تكريم المسن الذي عاش عمره في طاعة الله. هذا التكريم ليس لمجرد سنه، بل لأنه عاش تجربة طويلة في الإسلام، وغالبًا ما يكون قد خاض تجارب الحياة وله حكمة وخبرة. في تكريمه احترام للعمر الذي قضاه في العبادة والعمل الصالح، وهو نوع من الشكر لله على نعمة بقاء الدين في الأمة.
2- إكرام حامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه: وهذا الصنف هو العالم العامل، الذي جمع بين العلم والوسطية. فهو:
* حامل للقرآن: أي حافظ له، عارف بمعانيه، عاملاً بأحكامه.
* غير الغالي فيه: لا يتشدد في الدين بما لم يشرعه الله، ولا يحمِّل الناس ما لا طاقة لهم به، ولا يتكلف في تفسيره بما لا يحتمله النص.
* والجافي عنه: ليس ممن يهجر القرآن، فلا يقرأه ولا يتدبره ولا يحكمه في حياته.
فالحامل للقرآن بهذه الصفات يمثل الدين الحق، فتكريمه هو في الحقيقة تكريم للعلم الشرعي والمنهج الوسطي الذي جاء به القرآن.
3- إكرام ذي السلطان المقسط: وهو الحاكم العادل الذي ينصف المظلوم ويقيم الحدود ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحفظ حقوق الرعية. تكريمه ودعمه والنصيحة له (بما يضمن استمرار عدله) من أسباب استقرار المجتمع وانتظام مصالحه، واستقرار المجتمع من أعظم مقاصد الشريعة. وتكريم السلطان العادل يكون بطاعته في المعروف والنصيحة له بالحكمة والرفق، وليس بالتملق أو المدح الكاذب.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- ربط التعظيم المخلوق بالخالق: جعل النبي صلى الله عليه وسلم تكريم هذه الفئات من إجلال الله، ليبين أن التعظيم ليس لذواتهم، بل لما يحملونه من معانٍ وقيم دينية ordained by الله (مأمور بها من الله).
2- قيمة الخبرة والحكمة: إكرام كبير السن اعتراف بقيمة التجربة والحكمة التي جاءت مع السنين، وتحفيز للشباب على الاستفادة من خبرات من سبقهم.
3- الوسطية في الدين: الوصف الذي ذكره النبي لحامل القرآن ("غير الغالي فيه والجافي عنه") هو تأصيل لنهج الوسطية والاعتدال، والتحذير من طرفي الإفراط والتفريط. فهو منهج كل مسلم يجب أن يتحلى به، وليس حامل القرآن فحسب.
4- الحث على العدل和社会 الاستقرار: إكرام السلطان العادل يحقق stability and security للمجتمع، ويشجع الحكام على العدل، ويحمي الأمة من الفتن والاضطرابات.
5- تكريم الصفات لا الأشخاص: التكريم هنا مرتبط بصفات الخير والعدل والعلم، فإذا فقد الشخص هذه الصفات، فقد فقد حق هذا التكريم الخاص. فليس كل شيخ، وليس كل من حفظ القرآن، وليس كل حاكم يستحق هذا الإكرام إلا إذا تحلى بالصفات المذكورة.
معلومات إضافية:
- هذا الحديث من "الجوامع"، أي الكلمات القليلة التي تحوي معاني كثيرة.
- يستدل به العلماء على وجوب احترام أهل العلم والفضل والسن والولاية، وأن ذلك من كمال الإيمان.
- فيه تربية للمجتمع على القيم الأخلاقية والاجتماعية التي تحفظ تماسكه وتُقدِّر عناصره الفاعلة.
نسأل الله أن يجعلنا ممن يعظمون حرماته، ويوقرون أولي العلم والفضل، ويقدرون نعمة الاستقرار والعدل.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 96 من أصل 1112 حديثاً له شرح
- 71 إصلاح ذات البين أفضل من الصيام والصلاة والصدقة
- 72 أفضل الأعمال الصلاة وصلاح ذات البين وخلق حسن
- 73 ائذنوا له فبئس ابن العشيرة
- 74 خبأت هذا لك
- 75 تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد
- 76 تواضعوا ولا يبغي بعضكم على بعض
- 77 من تواضع لله رفعه الله
- 78 ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم
- 79 اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا
- 80 معنى من لا يرحم الناس لا يرحمه الله
- 81 شرح من لا يرحم الناس لا يرحمه الله
- 82 تقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم
- 83 لا تنزع الرحمة إلا من شقي
- 84 الراحمون يرحمهم الرحمن
- 85 ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون
- 86 لا يضع الله رحمته إلا على رحيم
- 87 فنزل البئر، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى...
- 88 عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت
- 89 إن رحمت الشاة رحمك الله
- 90 من رحم ولو ذبيحة رحمه الله يوم القيامة
- 91 معنى من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا
- 92 ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا
- 93 من لم يرحم صغيرنا ويجل كبيرنا فليس منا
- 94 قتل عبد الله بن سهل وخروج النبي ﷺ دِيَته من...
- 95 هي النخلة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها
- 96 إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن وذي السلطان المقسط
- 97 إيمان بالله، وجهاد في سبيله
- 98 يعين ذا الحاجة الملهوف
- 99 أي الأعمال أفضل؟ الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله
- 100 سماني رسول الله يوسف وأقعدني على حجره
- 101 كان النبي ﷺ في مهنة أهله
- 102 ما كان النبي ﷺ يصنع في بيته يخصف نعله ويرقع...
- 103 مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير
- 104 الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل
- 105 «اشفعوا فلتؤجروا، وليقض الله على لسان نبيه ما أحب»
- 106 إني لأريد الأمر، فأؤخره كيما تشفعوا فتؤجروا
- 107 عبد ستر عبدا في الدنيا ستره الله يوم القيامة
- 108 الله يستر على عبد في الدنيا ستره يوم القيامة
- 109 من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته...
- 110 الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم
- 111 إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق
- 112 من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل ثم يصبح فيكشفه
- 113 كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها
- 114 قسم النَّبِيّ ﷺ قسمة كبعض ما كان يقسم
- 115 المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا
- 116 من كظم غيظا وهو قادر دعاه الله على رؤوس الخلائق
- 117 المستشار مؤتمن
- 118 لا تقدس أمة لا يقضى فيها بالحق
- 119 أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما
- 120 لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من أهله وماله...
معلومات عن حديث: إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن وذي السلطان المقسط
📜 حديث: إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن وذي السلطان المقسط
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن وذي السلطان المقسط
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن وذي السلطان المقسط
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن وذي السلطان المقسط
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








