حديث: تواضعوا ولا يبغي بعضكم على بعض

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في التواضع

عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا، ولا يبغي بعضكم على بعض».

حسن: رواه ابن ماجه (٤٢١٤)، والبخاري في الأدب المفرد (٤٢٦) كلاهما من حديث عبد الله بن وهب قال: أنبأنا عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس بن مالك، فذكره.

عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا، ولا يبغي بعضكم على بعض».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل في طياته وصية ربانية وأمراً نبويًا بخلق عظيم من أخلاق الإسلام.
الحديث: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا، وَلَا يَبْغِيَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ».
(رواه مسلم في صحيحه)


أولاً. شرح المفردات:


* أَوْحَى إِلَيَّ: الإيحاء هنا بمعنى الإلهام والإعلام في المنام، أو بمعنى الأمر والوصية. وهو تشريف من الله تعالى لنبيه، حيث جعل هذه الوصية مباشرة منه سبحانه، مما يدل على عظم شأنها وأهميتها.
* تَوَاضَعُوا: التواضع هو خفض الجناح ولين الجانب، وعدم الترفع على الخلق، وخفض النفس وعدم الإعجاب بها. وهو ضد التكبر والغرور.
* يَبْغِي: البغي هو التعدي والظلم والطغيان والتجاوز عن الحد بالقول أو الفعل. وهو من أعمال القلوب السيئة التي تدفع صاحبها إلى احتقار الآخرين والتطاول عليهم.


ثانياً. شرح الحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الوصية العظيمة (التواضع واجتناب البغي) هي وصية مباشرة من الله تعالى له، ليبلغها لأمته. والحديث يربط بين أمرين: أمر إيجابي وهو التواضع، وأمر سلبي وهو اجتناب البغي، وكأنهما وجهان لعملة واحدة.
* "أَنْ تَوَاضَعُوا": هذا أمر من الله تعالى لجميع المؤمنين بأن يتخلقوا بخلق التواضع، وهو التواضع لله أولاً بطاعته وعبادته، ثم التواضع لخلقه بالإحسان إليهم وعدم احتقارهم أو الترفع عليهم بسبب مال أو جاه أو نسب أو علم.
* "وَلَا يَبْغِيَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ": هذا نهي صريح عن كل شكل من أشكال التعدي والظلم والاستطالة على الآخرين. والبغي يمكن أن يكون باليد (كالضرب والأذى)، أو باللسان (كالشتم والغيبة)، أو بالقلب (كالحقد والحسد والاحتقار). فالمسلم مأمور بأن يعامل إخوانه بالعدل والرحمة، لا بالظلم والتجبر.
والعلاقة بينهما وثيقة؛ فالتواضع يمنع الإنسان من البغي، والبغي هو نتيجة طبيعية لترك التواضع وحلول الكبر والغرور محله.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظمة خلق التواضع: بيان المكانة الرفيعة للتواضع في الإسلام، حتى إن الله تعالى أوحى به إلى نبيه مباشرة، مما يدل على أنه من أعظم القربات وأحب الأخلاق إلى الله.
2- تحريم التطاول والظلم: النهي عن البغي يشمل جميع صور الظلم والتعدي بين المسلمين، في المعاملات والأموال والأعراض والدماء. المجتمع الإسلامي قائم على الأخوة والعدل، لا على القوة والطغيان.
3- التربية على المساواة: يهدف الحديث إلى بناء مجتمع متكافئ، يشعر فيه الغني والفقير، والقوي والضعيف، والعالم والجاهل، بأنهم سواسية أمام هذا الأمر الرباني، لا فضل لأحد على آخر إلا بالتقوى.
4- سلامة المجتمع: التواضع واجتناب البغي من أعظم أسباب تماسك المجتمع وانتشار المحبة والألفة بين أفراده، وذهاب الحقد والحسد من القلوب.
5- الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم: أعظم قدوة في التواضع هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان المثال الحي لهذا الخلق، فكان يجالس الفقراء، ويجيب دعوة العبد، ويخدم في بيته، ولا يتكبر على أحد من خلق الله.


رابعاً. معلومات إضافية:


* من أعظم الثمار التي يجنيها المتواضع: محبة الله له، كما في الحديث القدسي: «من تواضع لي هكذا - وجعل صلى الله عليه وسلم يخفض كفه إلى الأرض - رفعته هكذا - ورفعها إلى السماء -» (رواه الطبراني وهو حسن)، وكذلك محبة الناس له وعلو مكانته في قلوبهم.
* التواضع لا يعني الذلة أو المهانة، بل هو قوة وشرف. فالمسلم يتواضع لله وللحق، ولكنه يعتز بدينه ولا يذل لكافر.
* البغي من الصفات المهلكة، قال تعالى: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت: 15].
نسأل الله تعالى أن يزيّننا بخلق التواضع، ويجنبنا البغي والظلم، وأن يجعلنا إخوة متحابين في ذاته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٤٢١٤)، والبخاري في الأدب المفرد (٤٢٦) كلاهما من حديث عبد الله بن وهب قال: أنبأنا عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس بن مالك، فذكره.
وإسناده حسن من أجل سنان بن سعد، ويقال: سعد بن سنان وهو مختلف فيه غير أنه حسن الحديث، وخاصة إذا كان له أصل.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 76 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تواضعوا ولا يبغي بعضكم على بعض

  • 📜 حديث: تواضعوا ولا يبغي بعضكم على بعض

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: تواضعوا ولا يبغي بعضكم على بعض

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: تواضعوا ولا يبغي بعضكم على بعض

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: تواضعوا ولا يبغي بعضكم على بعض

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب