حديث: من شهد الخطيئة فكرهها كان كمن غاب عنها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

عن العرس ابن عميرة الكندي، عن النبي ﷺ قال: «إذا عملت الخطيئة في الأرض، كان من شهدها فكرهها - وقال مرة: «أنكرها» - كان كمن غاب عنها،
ومن غاب عنها فرضيها، كان كمن شهدها».

حسن: رواه أبو داود (٤٣٤٥)، والطبراني في الكبير (١٧/ ١٣٩) كلاهما من طريق أبي بكر بن عياش، حدثنا مغيرة بن زياد الموصلي، عن عدي بن عدي، عن العرس بن عميرة الكندي، فذكره.

عن العرس ابن عميرة الكندي، عن النبي ﷺ قال: «إذا عملت الخطيئة في الأرض، كان من شهدها فكرهها - وقال مرة: «أنكرها» - كان كمن غاب عنها،
ومن غاب عنها فرضيها، كان كمن شهدها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بما ندرس ونعلم.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يبين حقيقة المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية للمسلم تجاه المنكر. وإليك الشرح المفصل:


أولاً: ترجمة الراوي ومصدر الحديث
● الراوي: هو العِرْبَاص بن عميرة الكندي رضي الله عنه، صحابي جليل.
● مصدر الحديث: أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والإمام أبو داود في سننه، وغيرهما. وهو حديث صحيح.


ثانيًا: شرح المفردات
● الخطيئة: كل معصية أو ذنب، صغيراً كان أم كبيراً، وهي مرادفة للمنكر.
● شهدها: حضرها ورآها بعينه أو علم بها.
● فكرهها / أنكرها: كرهها بقلبه، واستقبحها، ولم يرض بها. والإنكار أبلغ من الكراهية.
● غاب عنها: لم يحضر مكان وقوعها ولم يشهدها.
● فرضيها: ارتضاها وسكن قلبه لها، ولو لم يفعلها هو بنفسه.


ثالثًا: شرح الحديث ومعناه الإجمالي
يضع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ميزاناً دقيقاً للحكم على الفرد في موقفه من المنكرات التي تقع في المجتمع، مبيناً أن المعيار الحقيقي هو موقف القلب قبل موقف الجوارح.
1- الجزء الأول: «مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا... كَمَنْ غَابَ عَنْهَا»
● المعنى: الشخص الذي يحضر منكراً أو يعلم به، فيكرهه بقلبه وينكره، ويتمنى لو لم يقع، فإنه في الأجر والبراءة من الإثم كمن لم يحضره أصلاً.
● الدليل: هذا يرفع الحرج عن العاجز عن الإنكار بيده أو لسانه، فموقف القلب هو الأساس وهو الملجأ عندما تعجز الجوارح. قال تعالى: *{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}* [النحل: 106].
2- الجزء الثاني: «وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا... كَمَنْ شَهِدَهَا»
● المعنى: الشخص الذي لم يحضر المنكر، ولكن إذا بلغه خبره سره ورضيه واستحسنه، فإن إثمه وإثم المشاركة في هذا الذنب كإثم من حضر وفعل.
● الدليل: هذا تحذير شديد من رضا القلب بالمعاصي، فالمؤمن ينكر المنكر حتى ولو كان في أقاصي الأرض إذا علم به. الرضا بالمعصية دليل على موات القلب وفساد الإيمان.


رابعًا: الدروس المستفادة والعبر
1- الإيمان حقيقة في القلب: يربط النبي صلى الله عليه وسلم الحكم على الشخص بموقف قلبه من الحق والباطل، مما يؤكد أن حقيقة الإيمان هي ما وقر في القلب.
2- مسؤولية العلم بالمنكر: الحديث يظهر أن العلم بالمنكر يترتب عليه مسؤولية، سواء بالإنكار أو على الأقل بكراهيته في القلب.
3- النجاة بالبراءة القلبية: العاجز عن تغيير المنكر بيده أو لسانه، له مخرج عظيم وهو إنكاره بقلبه، فهذا ينجيه من الإثم والتبعية.
4- خطر الرضا بالمعصية: أشد خطراً على المسلم من فعل بعض الصغائر هو أن يرضى بالمعاصي أو يستحسنها، فهذا دليل على خلو القلب من التقوى.
5- الوعيد الشديد للمتسامح مع المنكرات: من سمع عن منكر في مجتمعه (كغش، أو ظلم، أو فاحشة، أو بدعة) فسكت ولم ينكر، بل ربما استحسنه أو دافع عنه، فهو شريك في الإثم.


خامسًا: معلومات إضافية مهمة
● مراتب الإنكار: ذكر العلماء أن إنكار القلب هو أضعف الإيمان، وهو فرض على كل مسلم لا يسقط عنه في أي حال، وهو الذي يتحدث عنه هذا الحديث. ثم يليه الإنكار باللسان (النصيحة، الأمر بالمعروف)، ثم الإنكار باليد (التغيير الفعلي حسب الاستطاعة والسلطة).
● الفرق بين السكوت والرضا: السكوت عن المنكر بسبب الخوف أو العجز مع كراهيته في القلب، لا إثم فيه كما في الجزء الأول من الحديث. أما السكوت المصحوب بالرضا والاستحسان، فهو الذي يعاقب عليه الإنسان كما في الجزء الثاني.
● التطبيق المعاصر: ينطبق هذا الحديث على كل منكر نشهده في الواقع أو نسمع عنه عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل. فمن رأى منكراً على شاشة هاتفه فرضي به أو شاركه، فهو كفاعله في الإثم. ومن كرهه وأنكره بقلبه، كان كمن لم يره.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن ينكرون المنكر بقلوبهم وألسنتهم وأيديهم، وأن يعيذنا من رضا القلوب بالمعاصي.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٣٤٥)، والطبراني في الكبير (١٧/ ١٣٩) كلاهما من طريق أبي بكر بن عياش، حدثنا مغيرة بن زياد الموصلي، عن عدي بن عدي، عن العرس بن عميرة الكندي، فذكره.
وإسناده حسن من أجل المغيرة بن زياد الموصلي وأبي بكر بن عياش فإنهما حسنا الحديث، وقد روي مرسلا عند أبي داود (٤٣٤٦)، والحكم لمن وصل.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 778 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من شهد الخطيئة فكرهها كان كمن غاب عنها

  • 📜 حديث: من شهد الخطيئة فكرهها كان كمن غاب عنها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من شهد الخطيئة فكرهها كان كمن غاب عنها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من شهد الخطيئة فكرهها كان كمن غاب عنها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من شهد الخطيئة فكرهها كان كمن غاب عنها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب