حديث: تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله ﷺ: قال: «كيف بكم وبزمان يوشك أن يأتي يُغربل الناس فيه غربلة، وتبقى حثالة من الناس، قد مرجت عهودهم وأماناتهم، فاختلفوا، وكانوا هكذا؟» - وشبك بين أصابعه - قالوا: كيف بنا يا رسول الله! إذا كان ذلك؟ قال: «تأخذون بما تعرفون، وتدعون ما تنكرون، وتقبلون على خاصتكم، وتذرون أمر عوامكم».

صحيح: رواه أبو داود (٤٣٤٢)، وابن ماجه (٣٩٥٧)، وأحمد (٧٠٦٣)، وصحّحه الحاكم (٤/ ٤٣٥) كلهم من طريق أبي حازم، عن عمارة بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، فذكره.

عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله ﷺ: قال: «كيف بكم وبزمان يوشك أن يأتي يُغربل الناس فيه غربلة، وتبقى حثالة من الناس، قد مرجت عهودهم وأماناتهم، فاختلفوا، وكانوا هكذا؟» - وشبك بين أصابعه - قالوا: كيف بنا يا رسول الله! إذا كان ذلك؟ قال: «تأخذون بما تعرفون، وتدعون ما تنكرون، وتقبلون على خاصتكم، وتذرون أمر عوامكم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي ﷺ التي تتحدث عن علامات آخر الزمان وفساد أحوال الناس، وهو يحمل توجيهات نبوية غالية لكيفية التعامل في تلك الأزمنة الصعبة. ودعونا نشرحه جزءاً جزءاً بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:


● يُوشَك أن يأتي: يقرب مجيئه ويحصل قريباً.
● يُغربل الناس فيه غربلة: يشبه النبي ﷺ ما سيحصل بالناس بعملية الغربلة، حيث تُفصل الحبوب الجيدة عن الرديئة (القشور والغبار). أي سيُميز الصالحون من الطالحين، ويختبر الناس بفتن شديدة.
● حثالة من الناس: الحثالة هي أسوأ ما في الشيء، كالغبار والرديء من الحبوب. أي سيبقى أسوأ الناس وأردؤهم.
● قد مرجت عهودهم وأماناتهم: "مرجت" تعنى اختلطت وفسدت واضطربت. أي أن العهود (المواثيق والوعود) والأمانات (ما يُؤتمن عليه الإنسان من حقوق وغيرها) ستضيع ويختلط الحق بالباطل فيها، فلا يعود الناس يوفون بالعهود ويؤدون الأمانات.
● فاختلفوا: أي اختلفوا وتفرقوا بسبب ضياع الأمانات واختلاط الأمور.
● وشبك بين أصابعه: أدار النبي ﷺ أصابعه بعضها في بعض ليوضح كيف سيكون اختلاطهم واختلافهم وتفرقهم.
● خاصتكم: خاصتكم هم خواصكم من أهل الصلاح والعلم والمعرفة، أو أقاربكم وأهلكم المخلصين.
● عوامكم: عامة الناس الذين ليس لهم علم أو تمييز، ويتبعون كل ناعق.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي ﷺ عن زمان قريب (أو وصف لحالة ستحدث) سيكون فيه امتحان عظيم للناس، يشبه غربلة الحبوب لتمييز الجيد من الرديء. ستُزال الطبقة الصالحة أو تقل كثيراً، ويبقى "حثالة الناس" - وهم الأردؤون - الذين اختلطت عندهم المواثيق وضاعت الأمانات، مما أدى إلى اختلافهم وتفرقهم وفساد أحوالهم.
عندما سأل الصحابة النبي ﷺ عن كيفية التعامل في مثل هذا الزمان، أعطاهم أربع توجيهات ذهبية:
1- «تأخذون بما تعرفون»: أي تتمسكون بما تعلمون يقيناً أنه الحق من الكتاب والسنة، وما تعرفونه من الحق والخير والفضيلة. فلا تترددوا في العمل بالحق الذي تعرفونه.
2- «وتدعون ما تنكرون»: أي تتركون وتجتنبون ما تعلمون أنه باطل ومنكر، سواء كان في العقيدة أو القول أو العمل. فلا تتلبسوا بالباطل حتى لو كان شائعاً.
3- «وتقبلون على خاصتكم»: أي تهتمون بأمر خاصة الناس من أهل الصلاح والعلم والخير، وتلازمونهم، وتستفيدون من علمهم، ويتعاون بعضكم مع بعض على البر والتقوى. أو تهتمون بأقاربكم وأهلكم الذين يشاركونكم منهج الحق.
4- «وتذرون أمر عوامكم»: أي تتركون شأن العامة من الناس الذين يتبعون الأهواء ويختلفون، ولا تخوضون معهم في كل ما يخوضون فيه من الباطل والاختلاف. لا تضيعون وقتكم وجهدكم مع من لا فائدة من مخالطتهم، بل قد يكون في مخالطتهم ضرر عليكم.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- بيان حكمة الله تعالى: أن الابتلاء والامتحان سنة إلهية لتمييز الصادق من المنافق، والصالح من الطالح.
2- التحذير من علامات الساعة: الحديث من أشراط الساعة الصغرى التي أخبر عنها النبي ﷺ، والتي تشمل فساد الأمانة واختلال المواثيق.
3- التوجيه النبوي للنجاة: يقدم النبي ﷺ خطة عملية للنجاة في زمن الفتن، ترتكز على التمسك بالحق المعروف، واجتناب الباطل المنكر، والاعتصام بأهل الخير والصلاح، وعدم الانشغال بالعامة المضطربة.
4- أهمية الصحبة الصالحة: في زمن الاختلاف والفتن، يكون الاعتصام بأهل العلم والصلاح من أسباب الثبات على الدين.
5- الحفاظ على الجهد والوقت: عدم إضاعة الوقت والجهد في مخالطة من لا فائدة من مخالطتهم، والذين قد يجرون إلى الفتن.

رابعاً. معلومات إضافية:


● الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
- معنى "مرجت عهودهم وأماناتهم" يتجلى اليوم في أشكال عديدة، مثل: خيانة الأمانات في المعاملات، ونقض العهود والمواثيق بين الأفراد والدول، وعدم الصدق في الحديث، وغير ذلك.
- توجيه النبي ﷺ «تأخذون بما تعرفون» هو أصل عظيم من أصول التعامل مع الفتن، وهو التمسك باليقيني الثابت وترك المشتبه والمختلف فيه.
نسأل الله أن يثبتنا على دينه، وأن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٣٤٢)، وابن ماجه (٣٩٥٧)، وأحمد (٧٠٦٣)، وصحّحه الحاكم (٤/ ٤٣٥) كلهم من طريق أبي حازم، عن عمارة بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، فذكره.
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد» وهو كما قال.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 780 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون

  • 📜 حديث: تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب