حديث: تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
صحيح: رواه أبو داود (٤٣٤٢)، وابن ماجه (٣٩٥٧)، وأحمد (٧٠٦٣)، وصحّحه الحاكم (٤/ ٤٣٥) كلهم من طريق أبي حازم، عن عمارة بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يرزقنا و إياكم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما وفقها في الدين واجعلنا هداة مهتدين.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي ﷺ التي تتحدث عن علامات آخر الزمان وفساد أحوال الناس، وهو يحمل توجيهات نبوية غالية لكيفية التعامل في تلك الأزمنة الصعبة. ودعونا نشرحه جزءاً جزءاً بإذن الله.
أولاً. شرح المفردات:
● يُوشَك أن يأتي: يقرب مجيئه ويحصل قريباً.
● يُغربل الناس فيه غربلة: يشبه النبي ﷺ ما سيحصل بالناس بعملية الغربلة، حيث تُفصل الحبوب الجيدة عن الرديئة (القشور والغبار). أي سيُميز الصالحون من الطالحين، ويختبر الناس بفتن شديدة.
● حثالة من الناس: الحثالة هي أسوأ ما في الشيء، كالغبار والرديء من الحبوب. أي سيبقى أسوأ الناس وأردؤهم.
● قد مرجت عهودهم وأماناتهم: "مرجت" تعنى اختلطت وفسدت واضطربت. أي أن العهود (المواثيق والوعود) والأمانات (ما يُؤتمن عليه الإنسان من حقوق وغيرها) ستضيع ويختلط الحق بالباطل فيها، فلا يعود الناس يوفون بالعهود ويؤدون الأمانات.
● فاختلفوا: أي اختلفوا وتفرقوا بسبب ضياع الأمانات واختلاط الأمور.
● وشبك بين أصابعه: أدار النبي ﷺ أصابعه بعضها في بعض ليوضح كيف سيكون اختلاطهم واختلافهم وتفرقهم.
● خاصتكم: خاصتكم هم خواصكم من أهل الصلاح والعلم والمعرفة، أو أقاربكم وأهلكم المخلصين.
● عوامكم: عامة الناس الذين ليس لهم علم أو تمييز، ويتبعون كل ناعق.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبرنا النبي ﷺ عن زمان قريب (أو وصف لحالة ستحدث) سيكون فيه امتحان عظيم للناس، يشبه غربلة الحبوب لتمييز الجيد من الرديء. ستُزال الطبقة الصالحة أو تقل كثيراً، ويبقى "حثالة الناس" - وهم الأردؤون - الذين اختلطت عندهم المواثيق وضاعت الأمانات، مما أدى إلى اختلافهم وتفرقهم وفساد أحوالهم.
عندما سأل الصحابة النبي ﷺ عن كيفية التعامل في مثل هذا الزمان، أعطاهم أربع توجيهات ذهبية:
1- «تأخذون بما تعرفون»: أي تتمسكون بما تعلمون يقيناً أنه الحق من الكتاب والسنة، وما تعرفونه من الحق والخير والفضيلة. فلا تترددوا في العمل بالحق الذي تعرفونه.
2- «وتدعون ما تنكرون»: أي تتركون وتجتنبون ما تعلمون أنه باطل ومنكر، سواء كان في العقيدة أو القول أو العمل. فلا تتلبسوا بالباطل حتى لو كان شائعاً.
3- «وتقبلون على خاصتكم»: أي تهتمون بأمر خاصة الناس من أهل الصلاح والعلم والخير، وتلازمونهم، وتستفيدون من علمهم، ويتعاون بعضكم مع بعض على البر والتقوى. أو تهتمون بأقاربكم وأهلكم الذين يشاركونكم منهج الحق.
4- «وتذرون أمر عوامكم»: أي تتركون شأن العامة من الناس الذين يتبعون الأهواء ويختلفون، ولا تخوضون معهم في كل ما يخوضون فيه من الباطل والاختلاف. لا تضيعون وقتكم وجهدكم مع من لا فائدة من مخالطتهم، بل قد يكون في مخالطتهم ضرر عليكم.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- بيان حكمة الله تعالى: أن الابتلاء والامتحان سنة إلهية لتمييز الصادق من المنافق، والصالح من الطالح.
2- التحذير من علامات الساعة: الحديث من أشراط الساعة الصغرى التي أخبر عنها النبي ﷺ، والتي تشمل فساد الأمانة واختلال المواثيق.
3- التوجيه النبوي للنجاة: يقدم النبي ﷺ خطة عملية للنجاة في زمن الفتن، ترتكز على التمسك بالحق المعروف، واجتناب الباطل المنكر، والاعتصام بأهل الخير والصلاح، وعدم الانشغال بالعامة المضطربة.
4- أهمية الصحبة الصالحة: في زمن الاختلاف والفتن، يكون الاعتصام بأهل العلم والصلاح من أسباب الثبات على الدين.
5- الحفاظ على الجهد والوقت: عدم إضاعة الوقت والجهد في مخالطة من لا فائدة من مخالطتهم، والذين قد يجرون إلى الفتن.
رابعاً. معلومات إضافية:
● الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
- معنى "مرجت عهودهم وأماناتهم" يتجلى اليوم في أشكال عديدة، مثل: خيانة الأمانات في المعاملات، ونقض العهود والمواثيق بين الأفراد والدول، وعدم الصدق في الحديث، وغير ذلك.
- توجيه النبي ﷺ «تأخذون بما تعرفون» هو أصل عظيم من أصول التعامل مع الفتن، وهو التمسك باليقيني الثابت وترك المشتبه والمختلف فيه.
نسأل الله أن يثبتنا على دينه، وأن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد» وهو كما قال.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 780 من أصل 1112 حديثاً له شرح
- 755 تلك عاجل بشرى المؤمن
- 756 إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة فليقل أحسب فلانا...
- 757 لا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم
- 758 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من محمد عبد الله ورسوله إلى...
- 759 أخرجت الكتاب من عقاصها
- 760 إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بيتا...
- 761 مثلي ومثل الأنبياء كرجل بنى دارًا فأكملها إلا موضع لبنة
- 762 مثل النبي في الانبياء كبنيان اكتمل ببعثته
- 763 مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب
- 764 لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسًا
- 765 مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم.
- 766 مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله
- 767 مثل المؤمن كالخامة من الزرع تفيئها الريح
- 768 هي النخلة مثلها مثل المسلم
- 769 أكثر عملا وأقل عطاء. قال: هل ظلمتكم من حقكم شيئا؟
- 770 آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقحمون فيها
- 771 الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة
- 772 مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أو آخره
- 773 مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره
- 774 مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا...
- 775 من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده
- 776 من جاهدهم بيده أو لسانه أو قلبه فهو مؤمن
- 777 إن الناس إذا رأوا المنكر لا يغيرونه أوشك أن يعمهم...
- 778 من شهد الخطيئة فكرهها كان كمن غاب عنها
- 779 لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم
- 780 تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون
- 781 الزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ بما تعرف ودع ما...
- 782 تعمل ما تعرف وتدع ما تنكر
- 783 مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أجيبكم
- 784 لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يتكلم بحق إذا علمه
- 785 ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره؟
- 786 من يأمر بالمعروف ولا يأتيه وينهى عن المنكر ويأتيه
- 787 العالم الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج
- 788 تيسير الامور وعدم التعسير في الدعوة
- 789 يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا
- 790 ما خير بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن...
- 791 ترك صلاته من أجل فرس
- 792 من كان يتبع دابته في الصلاة أحب إليه من أن...
- 793 دعوه وأهريقوا على بوله ذنوبا من ماء
- 794 لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا
- 795 الدين يسر ولن يشاده احد الا غلبه
- 796 من أسلم على أن لا يصلي إلا صلاتين فقبل منه
- 797 ما بال أقوام يرغبون عما رخص لي فيه
- 798 النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد
- 799 كان رسول الله ﷺ إذا جلس يتحدث يكثر أن يرفع...
- 800 ألا أيها الناس إنما أنا بشر
- 801 بئس الخطيب أنت! قل: ومن يعص الله ورسوله
- 802 لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون
- 803 إذا نمتم فأطفئوا النار عنكم
- 804 خمروا الآنية وأجيفوا الأبواب وأطفئوا المصابيح
معلومات عن حديث: تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون
📜 حديث: تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








