لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه

حديث: لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه

عن أبي هريرة قال: قلنا: يا رسول اللَّه! حدّثنا عن الجنة، ما بناؤها؟ قال: «لبنة ذهب ولبنة فضة، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه».

حسن: رواه أحمد (٨٠٤٣)، وعبد بن حميد (١٤٢٠)، وصحّحه ابن حبان (٧٣٨٧) كلهم من طريق زهير بن معاوية، حدّثنا أبو مجاهد سعد الطائي، حدّثنا أبو المدلة مولى أم المؤمنين، أنه سمع أبا هريرة يقول: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة ويلحقنا بها. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وهو حسن، يصف لنا النبي صلى الله عليه وسلم جانبًا من عظمة بناء الجنة ونعيمها، مما يزيد المؤمن شوقًا إليها وحرصًا على العمل للفوز بها.

أولاً. شرح المفردات:

● لبنة: أي قالب الطين أو الآجر الذي يُبني به، أي أن حجارتها من ذهب وفضة.
● ملاطها: المادة التي تُلصق بها اللبنات (الإسمنت في زماننا).
● المسك الأذفر: المسك هو أطيب الطيب، و"الأذفر" يعني الفواح شديد الرائحة الذكية.
● حصباؤها: الحصى الصغير الذي يُفرش على الأرض.
● الزعفران: من أطيب وأغلى أنواع الطيب والبهارات.
● ينعم ولا يبأس: ينعم نعيمًا دائمًا لا ينقطع، ولا يحزن أو يأس أو يمل أبدًا.
● يخلد ولا يموت: يبقى فيها إلى الأبد بلا موت.
● لا تبلى ثيابه: لا تهرم أو تتلف.
● لا يفنى شبابه: لا يزول شبابه ولا يكبر في السن، بل هو في قوة الشباب ونضارته دائمًا.

ثانيًا. شرح الحديث:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن عظمة بناء الجنة، التي هي دار النعيم المقيم التي أعدها الله لعباده المتقين. فليس بناؤها كبناء الدنيا من حجر وطين وإسمنت، بل هو من أطيب وأغلى ما يمكن أن يتخيله الإنسان:
● جدرانها من ذهب وفضة: وهذا يدل على نفاسة وقيمة ما فيها من النعيم.
● المادة التي تربط بين هذه الجدران هي المسك: فأطيب الطيب هو ما يملأ جنباتها وجوها، وليس مجرد زينة.
● أرضها مفروشة باللؤلؤ والياقوت: بدلاً من الحصى العادي أو الرمل، فهي من أروع الجواهر.
● ترابها من الزعفران: حتى التراب الذي قد يُعتقد أنه أقل الأشياء قيمة هو في الحقيقة من أطيب أنواع الطيب.
ثم ينتقل الحديث لوصف نعيم أهل الجنة الذي هو نعيم كامل لا نقص فيه:
● ينعم ولا يبأس: النعيم الدائم الذي لا يعكره حزن أو ملل أو هم.
● يخلد ولا يموت: الخلود الحقيقي بلا انتهاء، وهو أعظم ما يتمناه الإنسان.
● ثيابهم جديدة دائمًا: لا تتسخ ولا تبلى، فهم في أبهى حلة دائمًا.
● شباب دائم: لا هرم ولا مرض ولا ضعف، بل نضارة وقوة لا تنتهي.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- تعظيم شأن الجنة: هذا الوصف يبعث في نفس المؤمن التعظيم والرهبة لهذه الدار، فيحرص على أن يكون من أهلها.
2- حقيقة الدنيا زائلة: مقارنة بهذا البناء الخالد، تظهر دنيانا وحجارتها وحصباءها في وضعها الحق من الزوال والتفاهة.
3- حثّ على العمل للآخرة: مثل هذا الوصف يزيد المؤمن عزيمة على طاعة الله واجتناب معاصيه، طمعًا في هذه الجنة.
4- عظمة خلق الله وقدرته: فالله قادر على خلق ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
5- الترغيب في الطاعات: فالجائزة بهذه العظمة تستحق أن يجتهد الإنسان في العبادة والطاعة.

رابعًا. معلومات إضافية:

- الجنة لها ثمانية أبواب، كما في الحديث الصحيح، وهذا الوصف قد يكون لعموم الجنة أو لبعض قصورها وغرفها.
- هذا الوصف من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها كما جاءت دون تحريف أو تعطيل أو تكييف بكيفية دنيوية.
- نعيم الجنة لا يشبه نعيم الدنيا، فهو أعلى وأكمل وأتم، {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17].
أسأل الله بمنه وكرمه أن يبلغنا وإياكم الجنة، وأن يجعلنا من أهلها، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٨٠٤٣)، وعبد بن حميد (١٤٢٠)، وصحّحه ابن حبان (٧٣٨٧) كلهم من طريق زهير بن معاوية، حدّثنا أبو مجاهد سعد الطائي، حدّثنا أبو المدلة مولى أم المؤمنين، أنه سمع أبا هريرة يقول: فذكره.
وإسناده حسن من أجل أبي المدلة؛ فإنه حسن الحديث، فقد وثقه ابن ماجه، وذكره ابن حبان في الثقات.
والكلام على أبي المدلة مبسوط في كتاب الصيام.
وقوله: «ملاطها» بكسر الميم، هو الطين الذي يجعله البناء بين كل طبقتين من لبنات الحائط.
وروي عن ابن عمر قال: سئل رسول اللَّه ﷺ: كيف هي؟ قال: «من يدخل الجنة يحيى لا يموت، وينعم لا يبأس، ولا تبلى ثيابه، ولا يبلى شبابه»، قيل: يا رسول اللَّه! كيف بناؤها؟ قال: «لبنة من فضة ولبنة من ذهب، ملاطها مسك، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران».
رواه ابن أبي شيبة (٣٥٠٨٧)، وأبو نعيم في صفة الجنة (٩٦) كلاهما من طريق معاوية بن هشام، ثنا علي بن صالح، عن عمر بن ربيعة، عن الحسن، عن ابن عمر قال: فذكره.
وفي الإسناد عمر بن ربيع قال فيه الحافظ ابن حجر: «مقبول» أي عند المتابعة، ولم أجد له متابعا.
وكذلك فيه الحسن البصري، وقد عنعن.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 168 من أصل 286 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه

📜 حديث: لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية