آخر من يدخل الجنة يرى ضوءا فيخر ساجدا

حديث: آخر من يدخل الجنة يرى ضوءا فيخر ساجدا

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «بينا هو، يعني آخر من يدخل الجنة، يمضي فيها، إذ رأى ضوءا، فيخر ساجدا فيقال له: ما لك؟ فيقول: أليس هذا ربي تجلى لي؟ فإذا هو برجل قائم، فيقول: لا، هذا منْزل من منازلك، وأنا قهرمان من قهارمتك، ولك مثلي ألف قهرمان، ثم يمشي أمامه، فيدخل أدنى قصوره، لا يشرف على شيء منها إلا أنفذ بصره أقصى مملكته مسيرة مائة سنة».

حسن: رواه أبو نعيم في صفة الجنة (٤٤١) عن القاضي أبي أحمد، ثنا محمد بن أيوب، ثنا عبد الرحمن بن المبارك، ثنا قريش بن حيان، ثنا بكر بن وائل، عن الزهري، عن أبي عبد اللَّه الأغر، عن أبي هريرة قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وهو في صحيح مسلم، يصور لنا مشهدًا عجيبًا وعظيمًا من مشاهد الآخرة، يتعلق بأدق التفاصيل في نعيم أهل الجنة، وخاصة ذلك الرجل الذي يكون آخر من يدخل الجنة.

أولاً. شرح المفردات:

● يمضي فيها: أي يسير في الجنة.
● ضوءاً: نورًا ساطعًا شديدًا.
● فيخر ساجداً: يقع على الأرض ساجدًا تعظيمًا لذلك النور.
● قهرمان: خازن أو وكيل أو رئيس الخدم، وجمعها قهارمة.
● أنفذ بصره: وصل بصره ونفذه حتى رأى أقصى ما يمكن رؤيته.
● مسيرة مائة سنة: المسافة التي يمكن قطعها في مائة سنة.

ثانيًا. شرح الحديث:

يصف النبي صلى الله عليه وسلم حال آخر رجل يدخل الجنة بعد أن يُنجيه الله من النار. فيسير هذا الرجل في الجنة فرحًا مسرورًا، وإذا به يرى نورًا عظيمًا شديد السطوع، فيظن أن هذا النور هو تجلي الله تعالى له (وهو اعتقاد خاطئ، فالله تعالى لا يُرى في الدنيا)، فيخرّ لله ساجدًا شكرًا وتعظيمًا.
فيُخاطَب: ما لك؟ أي: ما سبب سجودك المفاجئ؟
فيقول: أليس هذا ربي تجلى لي؟ أي: ألم يتجلى ربي لي في هذا النور؟
فيُرد عليه: لا، هذا منزل من منازلك. أي: هذا النور العظيم ليس تجليًا لله، بل هو نور قصر من قصورك في الجنة.
ثم يتبين له أن صاحب هذا النور هو: رجل قائم، فيقول له ذلك الرجل: وأنا قهرمان من قهارمتك، أي أنا أحد خزنتك ووكلائك الذين خُلقوا لخدمتك في الجنة.
ثم يبين له عظمة ما أعطاه الله من النعيم فيقول: ولك مثلي ألف قهرمان، أي أن لك ألف خازن مثلي، كل منهم على هذه الدرجة من الجمال والنور والحسن.
ثم يمشي أمامه هذا القهرمان ليدله على قصوره، فيدخل أدنى قصوره (أي أصغرها أو أوّلها)، ومع ذلك فإن هذا القصر على صغره نسبيًا، فإن صاحبه إذا وقف فيه لا يشرف على شيء منها (أي لا ينظر إلى جزء من أجزائه) إلا أنفذ بصره أقصى مملكته، أي أن بصره يصل إلى أقصى حد من ممتلكاته داخل القصر، وهذه المسافة تُقدَّر بمسيرة مائة سنة سيرًا.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- عظمة نعيم الجنة وخَصَبه: الحديث يصور لنا无法无法无法 (لا يمكن تصور) عظمة ما أعده الله لعباده المتقين في الجنة، حتى أن أدنى قصورهم تكون بهذه الضخامة والاتساع الذي لا يخطر على بال بشر.
2- تفاضل أهل الجنة في الدرجات: آخر من يدخل الجنة له هذه المنزلة، فكيف بأولياء الله المقربين والأنبياء والمرسلين؟!
3- كمال قدرة الله تعالى: خلق الله خدامًا لأهل الجنة (القهارمة) على صورة حسنة ونورانية، مما يدل على كمال قدرته وإبداع خلقه.
4- بشرية الرؤية في الآخرة: الحديث يقرر أن رؤية الله تعالى ليست في الدنيا، وإنما هي من أعظم نعيم أهل الجنة في الآخرة. وسجود هذا الرجل كان على اعتقاد خاطئ صححه له الخازن.
5- الطمأنينة والسعادة الدائمة: المشهد كله يُظهر ما ينعم به أهل الجنة من سعادة وفرح واطمئنان لا ينغصه أي كدر.
6- الحث على العمل للآخرة: هذا الحديث من أعظم الحوافز للإنسان لكي يجتهد في طاعة الله ويصبر على الشهوات والمكاره في الدنيا، من أجل نعيم لا يفنى ولا ينقطع.

رابعًا. معلومات إضافية:

* هذا الحديث جزء من حديث طويل في صحيح مسلم يصف أول من يدخل الجنة وآخر من يدخلها.
* القهرمان هنا من خلق الله، خُصص لخدمة أهل الجنة وتنظيم نعيمهم، وهم ليسوا من البشر ولا الجن، بل خلق آخر.
* المقصود بـ "مسيرة مائة سنة" هو بيان عظمة الاتساع والمساحة، والمقصود بها المدة الزمنية المعروفة عند العرب آنذاك، والله أعلم بحقيقتها.
أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يبلغنا وإياكم الجنة، وأن يرزقنا الفردوس الأعلى من غير عذاب ولا حساب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو نعيم في صفة الجنة (٤٤١) عن القاضي أبي أحمد، ثنا محمد بن أيوب، ثنا عبد الرحمن بن المبارك، ثنا قريش بن حيان، ثنا بكر بن وائل، عن الزهري، عن أبي عبد اللَّه الأغر، عن أبي هريرة قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل بكر بن وائل؛ فإنه حسن الحديث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 161 من أصل 286 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: آخر من يدخل الجنة يرى ضوءا فيخر ساجدا

📜 حديث: آخر من يدخل الجنة يرى ضوءا فيخر ساجدا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: آخر من يدخل الجنة يرى ضوءا فيخر ساجدا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: آخر من يدخل الجنة يرى ضوءا فيخر ساجدا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: آخر من يدخل الجنة يرى ضوءا فيخر ساجدا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية