حديث: المؤمن طير يعلق في شجر الجنة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء أن أرواح المؤمنين من الشهداء وغيرهم كالطير تعلق في شجر الجنة

عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري أنه أخبره أن أباه كعب بن مالك كان يحدث أن رسول اللَّه ﷺ قال: «إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة، حتى يرجعه اللَّه إلى جسده يوم القيامة».

صحيح: رواه مالك في الجنائز (٤٩) عن ابن شهاب، عن عبد اللَّه بن كعب بن مالك، فذكره.

عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري أنه أخبره أن أباه كعب بن مالك كان يحدث أن رسول اللَّه ﷺ قال: «إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة، حتى يرجعه اللَّه إلى جسده يوم القيامة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك فهماً لسنة نبيه ﷺ.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي ﷺ التي تتحدث عن حال المؤمن بعد الموت وقبل البعث، وهو يبشر المؤمن بحال طيبة في البرزخ. وإليك الشرح المفصل له:
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام مالك في الموطأ، والإمام النسائي في السنن الكبرى، وغيرهم. وهو حديث صحيح، صححه عدد من أهل العلم.

ثانياً. شرح المفردات:


* نسمة المؤمن: أي روحه بعد مفارقتها الجسد عند الموت. والنسمة تطلق على الروح.
* طير: أي كالطائر في خفته وحريته وطيب عيشه.
* يعلق في شجر الجنة: يعني تستقر وتأوي إلى شجر الجنة، تتغذى من ثمارها وتتنعم بأريجها.
* حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه: أي تبقى الروح على هذه الحال من النعيم إلى أن يأذن الله تعالى بإعادة الأرواح إلى الأجساد يوم القيامة ليقوم الناس من قبورهم لرب العالمين.

ثالثاً. شرح الحديث ومعناه الإجمالي:


يخبرنا النبي ﷺ في هذا الحديث عن الكرامة التي يكرم الله بها روح المؤمن الصالح بعد وفاته. فحال المؤمن في قبره وفي الفترة ما بين الموت والبعث (وهي التي تسمى حياة البرزخ) ليست حال سكون وانقطاع، بل هي حياة أخرى ونعيم يليق بتلك الحالة.
فروح المؤمن ليست سجينة في القبر فحسب، بل هي طائر حر طليق، خفيف، تنتقل في رياض الجنة، وتتعلق بأشجارها، تأكل من ثمارها وتتنسم عبيرها، حتى يأتي يوم القيامة، فتعود إلى جسدها لتقف بين يدي الله تعالى للحساب والجزاء.
وهذا النعيم للروح هو مقدمة ونذير للنعيم الكامل الذي ينتظر المؤمن في الجنة بعد الحساب، وهو من دلائل رحمة الله تعالى وعفوه، حيث لا يترك عبده المؤمن في ظلمة القبر وحيداً، بل يمنح روحه حياةً طيبةً ونعيماً مقيماً.

رابعاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- عظمة نعيم الله على المؤمنين: حتى في الفترة التي يظنها很多人 أنها فترة انقطاع وسكون، يجعل الله لعباده المؤمنين نعيماً يليق بحالهم، مما يدل على سعة كرمه تعالى.
2- الفرق بين حال المؤمن والكافر في البرزخ: كما أن للمؤمن نعيماً، فإن للكافر عذاباً في قبره، وتشرد روحه وتعاستها، كما جاء في الأحاديث الأخرى. وهذا الحديث يذكر جانب النعيم للمؤمن فقط.
3- الطمأنينة القلبية للمؤمن: يجب أن يطمئن قلب المؤلم عند ذكر الموت، ويعلم أن ما بعده خير له بإذن الله إذا كان على الإيمان والتقوى.
4- حقيقة الحياة البرزخية: يؤكد الحديث على حقيقة الحياة في البرزخ، وهي حقيقة ثابتة بالإيمان بالغيب الذي أخبرنا به الله ورسوله.
5- الحث على استحضار هذه الحقيقة: يستحب للمسلم أن يستحضر هذا المعنى العظيم ليكون دافعاً له على زيادة الإيمان والعمل الصالح، وخوفاً من أن يحرم من هذا النعيم.

خامساً:

معلومات إضافية:
* هذا النعيم للروح هو نعيم برزخي، وهو غير النعيم الكامل في الجنة بعد البعث والحساب، الذي يكون للروح والجسد معاً.
* هذه الحالة (حال الأرواح في البرزخ) من الأمور الغيبية التي نؤمن بها كما جاءت، دون أن نخوض في كيفيتها، فهي من أمور الغيب التي لا يعلم كنهها إلا الله تعالى.
* يستدل بهذا الحديث على علو مكانة المؤمن عند ربه، وأن الله يكرمه في كل أحواله: في الدنيا، وفي القبر، وفي الآخرة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المؤمنين الذين تعلق أرواحهم في شجر الجنة، وأن ي resurrectنا على الإيمان والتقوى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الجنائز (٤٩) عن ابن شهاب، عن عبد اللَّه بن كعب بن مالك، فذكره.
ورواه النسائي (٢٠٧٣)، وابن ماجه (٤٢٧١) من طريق مالك به.
ورواه ابن حبان (٤٦٥٧) من طريق الليث بن سعد، عن ابن شهاب به.
ورواه أحمد (١٥٧٧٦)، والطبراني في الكبير (١٩/ ٦٣، ٦٤) كلاهما من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، قال: قالت أم مبشر لكعب بن مالك، وهو شاك: اقرأ على ابني السلام، تعني مبشرا، فقال: يغفر اللَّه لك يا أم مبشر، أولم تسمعي ما قال رسول اللَّه ﷺ: «إنما نسمة المسلم طير تعلق في شجر الجنة حتى يرجعها اللَّه عز وجل إلى جسده يوم القيامة» قالت: صدقت، فأستغفر اللَّه.
وإسناده صحيح، والحديث من مسند كعب بن مالك، وخالفه ابن إسحاق فجعله من مسند أم بشر كما رواه ابن ماجه (١٤٤٩) من طرق عن محمد بن إسحاق، عن الحارث بن فضيل، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه، قال: لما حضرت كعبا الوفاة أتته أم بشر بنت البراء بن معرور، فقالت: يا أبا عبد الرحمن إن لقيت فلانا، فاقرأ عليه مني السلام، قال: غفر اللَّه لك يا أم بشر، نحن أشغل من ذلك، قالت: يا أبا عبد الرحمن أما سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إن أرواح المؤمنين في طير خضر، تعلق بشجر الجنة» قال: بلى، قالت: فهو ذاك.
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا الطبراني في الكبير (١٩/ ٦٥).
ومحمد بن إسحاق مدلس، وقد عنعن، ثم هو خالف لمن هو أوثق منه، فجعل الحديث من مسند أم مبشر، والصواب أنه من مسند كعب بن مالك؛ لأنه هو الذي أقام الحجة على أم مبشر.
ووهم الهيثمي، فأورده في مجمع الزوائد (٢/ ٣٢٩)، وعزاه للطبراني في الكبير وقال: «وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس، وبقية رجاله رجال الصحيح». والحديث ليس من شرطه لإخراج ابن ماجه له.
ورواه الترمذيّ (١٦٤١) عن ابن أبي عمر، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه مرفوعا: «إن أرواح الشهداء في طير خضر تعلق من ثمر الجنة أو شجر الجنة».
قال الترمذيّ: «حسن صحيح».
وهذا اللفظ فيه تخصيص بأرواح الشهداء.
قال بعض أهل العلم: المراد بنسمة المؤمن نسمة الشهداء.
وذهب المحققون من أهل العلم بأن هذا يعم الشهيد وغيره؛ لأنه جاء أيضًا عن سفيان، عن عمرو بن دينار بإسناده بلفظ: «إنه نسمة المؤمن» رواه الحميدي (٨٧٣) عنه.
انظر للمزيد كتاب الروح لابن القيم (١٣١، ١٣٢). وقد سبق تحرير هذه اللفظة في كتاب الجهاد.
وأم مبشر هي: الأنصارية امرأة زيد بن حارثة ويقال: اسمها جهينة بنت صيفي بن صخر، وأخطأ ابن إسحاق فكناها: أم بشر، وقال: هي ابنة البراء بن معرور. واللَّه تعالى أعلم.
وقوله: «نسمة المؤمنين» بفتحتين، الروح.
وفي الباب ما روي عن أم هانئ، أنها سألت رسول اللَّه ﷺ أنتزاور إذا متنا، ويرى بعضنا بعضا؟ فقال رسول اللَّه ﷺ: «تكون النسم طيرا تعلق بالشجر، حتى إذا كان يوم القيامة دخلت كل نفس في جسدها».
رواه أحمد (٢٧٣٨٧) عن حسن، حدّثنا ابن لهيعة، قال: حدّثنا أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، أنه سمع ذرة بنت معاذ تحدث، عن أم هانئ، فذكرته.
وأم هانئ هي بنت أبي طالب، واسمها فاختة، هكذا رواه أيضًا يحيى بن بكير، عن ابن لهيعة، بإسناده مثله. رواه الطبراني في الكبير (٢٤/ ٤٣٨، ٤٣٩)، ثم عاد الطبراني فراوه في الكبير أيضًا (٢٥/ ١٣٦، ١٣٧) من طريق حسن بن موسى الأشيب، شيخ أحمد - بإسناده، إلا أنه جعل الحديث من مسند أم هانئ الأنصارية.
ورواه العقيلي من طريق ابن لهيعة فقال فيه: أم قيس.
فإن صح كل هذا؛ فإنه يدل على وهم ابن لهيعة، لأنه أصيب باختلاط بعد احتراق كتبه، وبه أعله الهيثمي في المجمع (٢/ ٣٢٩) فقال: «رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام معروف».
وإلى هذا الخلاف على ابن لهيعة أشار ابن عبد البر، كما ذكره الحافظ في الإصابة (٤/ ٥٠٣).
والعلة الثانية هي ذرة بنت معاذ، لم يرو عنها غير أبي الأسود، وهي مجهولة. وذكروا في كتب الصحابة ذرة غير منسوبة، وقالوا: إنها صحابية، روى عنها محمد بن عبد المنكدر، وزيد بن أسلم. هكذا ذكره المؤلفون في الصحابة، إلا أن الحافظ جعل في التعجيل ذرة بنت معاذ معدودة في الصحابة، ولم يأت بأي دليل على ما ذهب إليه، مع أنه من المؤلفين السابقين في جعل ذرة غير منسوبة من الصحابيات، كما في الإصابة، ولم يذكر ذرة بنت معاذ أصلًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 151 من أصل 286 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المؤمن طير يعلق في شجر الجنة

  • 📜 حديث: المؤمن طير يعلق في شجر الجنة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المؤمن طير يعلق في شجر الجنة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المؤمن طير يعلق في شجر الجنة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المؤمن طير يعلق في شجر الجنة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب