حديث: من السنة أن يخفي التشهد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في إخفاء التّشهد

عن عبد الله بن مسعود، قال: «من السنة أن يخفي التشهد».

حسن: رواه أبو داود (٩٨٦)، والتِّرمذيّ (٢٩١) كلاهما من طريق يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، فذكره.

عن عبد الله بن مسعود، قال: «من السنة أن يخفي التشهد».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
فحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي ذكرته: «مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تُخْفِيَ التَّشَهُّدَ»، هو جزء من حديث أطول رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود والترمذي في سننهما، وغيرهم.
ولفهم هذا الحديث فهمًا صحيحًا، لا بد من وضعه في سياقه الكامل، وبيان معناه وفق ما ذهب إليه أهل العلم.
### أولاً. نص الحديث الكامل وسياقه
الحديث بتمامه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
«عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّشَهُّدَ، وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ، كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا، فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ. وَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ تُخْفِيَ التَّشَهُّدَ».
فالحديث يتضمن أمرين:
1. صفة تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه للتشهد، وهو تشهد ابن مسعود المشهور.
2. قوله: «وَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ تُخْفِيَ التَّشَهُّدَ».

### ثانيًا. شرح مفردات الحديث
* السنة: الطريقة والمنهج الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
* تخفي التشهد: أي أن يكون صوت المصلي عند قراءة التشهد في الصلاة منخفضًا، لا يرفعه ويجهر به.

### ثالثًا. المعنى الإجمالي للحديث
يبيّن الحديث أن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته في الصلاة أن يقرأ المصلي التشهد (الذي هو ذكر خاص في الجلوس الأخير من الصلاة، ويشمل أيضًا الصلاة الإبراهيمية) بصوت منخفض غير مسموع للآخرين، بحيث يسمع نفسه فقط أو من كان بجواره جدًا، ولا يجهر به كما يُجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية.
وهذا الحكم يشمل جميع الصلوات، سواء كانت سرية (كصلاة الظهر والعصر) أم جهرية (كصلاة المغرب والعشاء والفجر)، ففي جميعها يكون التشهد سرًّا.

### رابعًا. الدروس المستفادة والفقه في المسألة
1- وجوب إخفاء التشهد (الإسرار به): هذا هو مذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة، واستدلوا بهذا الحديث وغيره. وهو الراجح لقوة الدليل.
2- الحكمة من الإخفاء: التشهد ذكر ودعاء، والأصل في الأذكار والإدعية هو الإسرار، لقوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55]. فالصلاة فيها جانب من المناجاة بين العبد وربه، وهذا الجانب يكون بالإسرار بالذكر والدعاء.
3- الفرق بين القراءة والذكر: الفقه في الصلاة يقتضي الجهر بالقراءة في مواضعها (في الركعتين الأوليين من الصلوات الجهرية)، والإسرار بالذكر والدعاء، ومنه التشهد. فكلٌّ له موضعه.
4- التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم: الحديث يدل على وجوب الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة من أمور الصلاة، فهي توقيفية (يُتوقف فيها على ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم).
5- خطأ من يجهر بالتشهد: من يجهر بالتشهد ويرفع صوته به فقد خالف السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

### خامسًا. معلومات إضافية مفيدة
* حكم الجهر بالتشهد: ذهب بعض العلماء (كالمالكية في المشهور عندهم) إلى استحباب الجهر بالتشهد لحديث سمرة بن جندب في رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم في المنام وأنه سلم عن يمينه وعن يساره فسمعه يقول: «السلام عليكم ورحمة الله...» ولكن هذا الاستدلال فيه نظر، لأن السلام جزء من التشهد وليس كله، ولأن رؤيا المنام لا تقوى على معارضة الحديث الصريح الصحيح في اليقظة. فالقول بالإسرار هو الأرجح والأحوط.
* ما يدخل في حكم التشهد: يدخل في هذا الحكم كل ما يقال في الجلوس للتشهد،包括:
* التشهد نفسه (التحيات لله...).
* الصلاة الإبراهيمية (اللهم صل على محمد...).
* الأدعية التي تقال قبل السلام (اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم...).
فجميعها تقال سرًا.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٩٨٦)، والتِّرمذيّ (٢٩١) كلاهما من طريق يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، فذكره.
ورواه الحاكم (١/ ٢٦٧) وعنه البيهقيّ (٢/ ١٤٦) كلاهما من طريق محمد بن إسحاق، به، مثله.
قال الترمذيّ: «حسن غريب». وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم».
ومحمد بن إسحاق مدلِّس وقد عنعن، ولكنه توبع.
رواه الحاكم (١/ ٢٣٠) من وجه آخر عن العلاء بن عبد الجبار العطّار، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا الحسن بن عبيد الله، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، فذكره، ومن طريقه رواه أيضًا البيهقيّ (٢/ ١٤٦).
قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين».
وهو وهم منه؛ فإنَّ العلاء بن عبد الرحمن ليس من رجال مسلم، وشيخ شيخه الحسن بن عبيد الله ليس من رجال البخاريّ، إِلَّا أنهما ثقتان، والحديث صحيح.
قال الترمذيّ عقب تخريج الحديث: «والعمل عليه عند أهل العلم».
قال الأعظمي: لا أعلم من خالف في ذلك، بل قال النوويّ في «شرح المهذب» (٣/ ٤٦٣): «أجمع العلماء على الإسرار بالتشهدين وكراهة الجهر بهما، واحتجوا له بحديث ابن مسعود هذا».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 421 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من السنة أن يخفي التشهد

  • 📜 حديث: من السنة أن يخفي التشهد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من السنة أن يخفي التشهد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من السنة أن يخفي التشهد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من السنة أن يخفي التشهد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب