إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس

حديث: إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس

عن أبي ذرّ، عن النبيّ ﷺ قال: «إذا مكث المني في الرَّحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس فعرج به إلى الرّب في راحته، فيقول: أي ربّ عبدك هذا ذكر أم أنثى، فيقضي اللَّه إليه ما هو قاض، ثم يقول: أي ربّ أشقي أم سعيد؟ فيكتب بين عينيه ما هو لاق».
قال: وتلا أبو ذر من فاتحة التغابن خمس آيات.

حسن: رواه عثمان بن سعيد الدّارميّ في «الرّد على الجهميّة» (٩٤) عن عمرو بن خالد الحرانيّ، ثنا ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن أبي تميم الجيشانيّ، عن أبي ذر الغفاري، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث العظيم الذي رواه الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، يتناول مرحلة عظيمة من مراحل خلق الإنسان، ويجلي جانبًا من قدرة الله تعالى وعلمه المحيط، وسنشرحه وفق النقاط المطلوبة:

1. شرح المفردات:

* مكث المني في الرَّحم: بقي وتوقف.
* أتاه ملك النفوس: هو الملك الموكل بتصريف شؤون الأجنة وأرواحهم، ويُسمى أيضًا "ملك الأرحام".
* عرج به: صعد به ورفعه.
* في راحته: في هيئته وصورته التي خلقها الله عليها في ذلك الوقت.
* فيقضي اللَّه إليه ما هو قاض: فيوحى الله تعالى إلى ذلك الملك بما قدّره وقضاه في الأزل لهذا الجنين.
* أشقي أم سعيد؟: هل هو من أهل الشقاوة في الآخرة أم من أهل السعادة؟
* يكتب بين عينيه ما هو لاق: أي يكتب الملك ما قضاه الله له من ذكر أو أنثى، وشقي أو سعيد، وهذا الكتابة حقيقية يعلمها الله ويشهدها الملك، ولكنها غير مرئية للبشر.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النطفة إذا استقرت في الرحم ومكثت فيه أربعين ليلة، يأتيها ملك موكل من قبل الله تعالى، فيصعد بها (أو بروحها) إلى الله عز وجل، فيسأل ربه عن حال هذا الجنين: أذكر هو أم أنثى؟ فيعلمه الله بما قدّره له. ثم يسأل عن مصيره الأخروي: أشقي هو أم سعيد؟ فيعلمه الله بذلك أيضًا، فيقوم الملك بكتابة ما قضاه الله وقدره لهذا الإنسان بين عينيه، فيصبح هذا القدر حتمًا لاقيه لا محالة.
وقول أبي ذر رضي الله عنه: (وتلا من فاتحة التغابن خمس آيات) إشارة منه إلى قوله تعالى في سورة التغابن: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (5) ذَٰلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا ۚ وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ ۚ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (6)}. فهذه الآيات تؤكد علم الله السابق وخلقه وتدبيره، وأنه يعلم من سيؤمن ومن سيكفر.

3. الدروس المستفادة منه:

* إثبات علم الله الأزلي وقدرته المحيطة: فالله تعالى يعلم مقادير الخلائق قبل أن يخلقهم، ويكتبها ويقدرها في أوقاتها المعلومة.
* عظمة خلق الإنسان وبديع صنع الله: تظهر عظمة الله في كيف يخلق الإنسان من نطفة صغيرة، ثم يتولى أمره ويقدر له شؤون حياته ومصيره.
* التسليم بقضاء الله وقدره: الحديث يربي المؤمن على التسليم والرضا بقدر الله، سواء في جنس المولود (ذكر أو أنثى) أو في مصيره (شقي أو سعيد)، مع العلم أن العبد مأمور بالسعي والأخذ بالأسباب.
* إثبات صفة العلو لله تعالى: قوله (عرج به إلى الرب) من الأدلة على علو الله تعالى على خلقه، واستوائه على عرشه، كما يليق بجلاله.
* وجود الملائكة الموكلين بأمور البشر: الحديث دليل على أن الله يسخر ملائكة لأعمال عظيمة، منها ما يتعلق بخلق الإنسان وتدبيره.
* الحث على التفكر في بداية الخلق: لينتهي الإنسان إلى معرفة ربه، ويعلم أن مصيره بيد الله، فيستعد للقائه بالعمل الصالح.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* مصدر الحديث: هذا الحديث جزء من حديث طويل رواه الإمام مسلم في صحيحه في "كتاب القدر" مما يدل على أن موضوعه مرتبط بعقدية القدر.
* المراحل الأخرى: هذا الحديث يشرح مرحلة من مراحل الخلق بعد الأربعين الأولى، وقد ورد في أحاديث أخرى بيان أن مراحل الخلق هي: النطفة (40 يومًا)، ثم العلقة (40 يومًا)، ثم المضغة (40 يومًا)، ثم ينفخ فيه الروح بعد ذلك، كما في الصحيحين.
* التوفيق بين القدر والسعي: لا تعارض بين هذا القدر السابق وبين اختيار العبد وكسبه لأعماله، فالله يعلم ما سيعمله العبد بعلمه الأزلي، ويكتب ذلك، ومع هذا فالعبد هو الذي يختار باختياره العملي طريق الشقاء أو السعادة، والله خالق له ولاختياره.
أس

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه عثمان بن سعيد الدّارميّ في «الرّد على الجهميّة» (٩٤) عن عمرو بن خالد الحرانيّ، ثنا ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن أبي تميم الجيشانيّ، عن أبي ذر الغفاري، فذكره.
وفي الإسناد ابن لهيعة وفيه كلام معروف، ولكن روي هذا الحديث عبد اللَّه بن وهب عنه كما ذكره الحافظ ابن القيم في «شفاء العليل» (ص ٢٠) وروايته عنه مستقيمة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 248 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس

📜 حديث: إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية