من يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه

حديث: من يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه

عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها، فتأبى عليه إلّا كان الذي في السّماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها».

متفق عليه: رواه مسلم في النكاح (١٤٣٦: ١٢١) عن ابن أبي عمر، حدّثنا مروان، عن يزيد (يعني ابن كيسان)، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا، فَتَأْبَى عَلَيْهِ، إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا».

١. شرح المفردات:

● وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ: قَسَمٌ بالنَّفْسِ المقدسة لرسول الله ﷺ، وهو يُفيد التَّأكيد على صِحَّةِ ما يَليه، والمقصود به الله تعالى.
● يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا: يطلب منها أن تأتي إلى مضجعها للجماع.
● فَتَأْبَى عَلَيْهِ: ترفض وتتمنع عن إجابة طلبه.
● الَّذِي فِي السَّمَاءِ: الله تعالى، وهو من أسمائه وصفاته التي وردت في النصوص، ولا يعني ذلك حصر الله في السماء، بل هو العليُّ الأعلى الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
● سَاخِطًا عَلَيْهَا: غاضبًا عليها ومستاءً منها.
● حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا: حتى ترجع وتطيع زوجها في ذلك.

٢. المعنى الإجمالي للحديث:

يُقسم النبي ﷺ بالله تعالى -وهو أشد أنواع القسم- على أن المرأة إذا دعاها زوجها إلى الفراش للجماع فرفضت دون عذر شرعي مقبول (كأن تكون في حيض أو مرض يمنعها، أو صائمة في نهار رمضان، أو غير ذلك من الأعذار الشرعية)، فإن الله تعالى يغضب عليها بسبب هذا الامتناع، ويبقى غضبه عليها حتى تتوب وترجع إلى طاعة زوجها وتلبي طلبه.

٣. الدروس المستفادة منه:

١- عِظَم حق الزوج على الزوجة: الحديث يبين أحد أهم حقوق الزوج على زوجته، وهو حق الاستمتاع، الذي جعله الشرع من الواجبات عليها، ما لم يكن هناك مانع شرعي.
٢- تحريم الامتناع عن طلب الزوج للجماع بلا عذر: الامتناع بغير عذر معصية كبيرة توجب سخط الله تعالى، لأنها إضرار بالزوج وإخلال بحقوق الزوجية التي أمر الله بها.
٣- بيان عِظَمِ عقوبة هذه المعصية: أن غضب الله واقع على من تفعل ذلك، وهذا وعيد شديد يدل على كبر هذه المعصية.
٤- التأكيد على أهمية إقامة العلاقة الزوجية على المودة والرحمة: طاعة الزوجة في هذا الجانب تقوي أواصر المودة بينهما، وتصون كرامة الزوج، وتحفظه من النظر إلى المحرمات.
٥- الترغيب في المسارعة إلى التوبة والرضا: الغضب الإلهي لا يزول إلا بالرجوع إلى الطاعة والرضا، مما يحفز الزوجة على المبادرة بالإصلاح والتوبة إذا وقعت في ذلك.
٦- العدل والرحمة في التشريع الإسلامي: لم يأمر الشرع الزوجة بالطاعة المطلقة دون اعتبار لحالها، بل قيد ذلك بعدم وجود الموانع الشرعية (كالحيض والنفاس والصوم الواجب والمرض الشديد)، مما يوازن بين الحقوق والواجبات.

٤. معلومات إضافية مفيدة:

● مصدر الحديث: أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" في كتاب النكاح، باب تحريم امتناع المرأة من فراش زوجها، كما أخرجه البخاري بمعناه.
● المراد بـ "الذي في السماء": هذا من نصوص الصفات، نثبتها كما جاءت على الوجه اللائق بجلال الله تعالى من غير تشبيه ولا تعطيل، فهو سبحانه مستو على عرشه فوق سماواته، وهو معنا بعلمه وسمعه وبصره.
● حكمة التشريع: في هذا التشريع حكمة عظيمة في حفظ النظام الأسري، وصيانة المجتمع من الفواحش، وإشباع الغرائز بالطرق المشروعة.
● تنبيه مهم: إذا كان للزوجة عذر شرعي أو حتى عذرٌ مقبول (كالتعب الشديد أو المرض)، فلا إثم عليها في الامتناع، بل عليها أن تبين عذرها لزوجها برفق وأدب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في النكاح (١٤٣٦: ١٢١) عن ابن أبي عمر، حدّثنا مروان، عن يزيد (يعني ابن كيسان)، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
ورواه البخاريّ في بدء الخلق (٣٢٣٧)، وفي النكاح (٥١٩٣) من حديث أبي حازم، ومن حديث زرارة (٥١٩٤) كلاهما عن أبي هريرة، وفيه: «لعنتها الملائكةُ حتى تصبح»، وفي رواية: «ترجع» ولم يذكر فيه: «الذي في السّماء».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 231 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه

📜 حديث: من يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية