ألا أراك نائمًا

حديث: ألا أراك نائمًا

عن أسماء بنت زيد أن أبا ذر كان يخدم النبي ﷺ، فإذا فرغ من خدمته آوي إلى المسجد، وكان هو بيته يضطجع فيه. فدخل رسول الله ﷺ ليلة فوجد أبا ذر منجدلًا في المسجد فَنَكَتَهُ رسول الله برجله حتى استوى جالسًا فقال له رسول الله ﷺ: «ألا أراك نائمًا»؟ قال أبو ذر يا رسول الله! فأين أنام وهل لي بيت غيره؟ فذكر الحديث بطوله.

حسن: رواه الإمام أحمد (٢٧٥٨٨)، والطبراني في الكبير (١٦٢٣) كلاهما من طريق عبد الحميد بن بهرام، قال: حدثنا شهْر بن حوشب قال: حدثتني أسماء بنت يزيد فذكرته بطوله.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم يحكي قصة من قصص الزهد والفقر في حياة الصحابة رضي الله عنهم، وموقفاً من مواقف النبي ﷺ التربوية الرائعة.

الحديث باختصار:

يروي الحديث أن الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري رضي الله عنه، كان يخدم النبي ﷺ، وإذا انتهى من خدمته، كان يلجأ إلى المسجد ليبيت فيه، لأنه لم يكن لديه بيت سواه. فدخل النبي ﷺ المسجد ليلة فوجده نائماً، فأيقظه برجله الكريمه وسأله: «ألا أراك نائمًا؟»، فرد أبو ذر مستفسراً: يا رسول الله، فأين أنام؟ وهل لي بيت غيره؟

الشرح التفصيلي:

# 1. شرح المفردات:

● يخدم النبي ﷺ: أي يلازمه ليخدمه ويقوم بحاجاته.
● آوي إلى المسجد: أي لجأ إليه واتخذه ملاذاً ومكاناً للمبيت.
● منجدلاً: من الجدل، أي مُستلقٍ على ظهره أو على جنبه نائماً.
● نَكَتَهُ: أي دفعه أو حركه برفق باستخدام رجله الشريفة ﷺ لإيقاظه بلطف.
● استوى جالساً: انتصب وجلس بعد أن كان مضطجعاً.

# 2. المعنى الإجمالي للحديث:

يصور هذا الحديث جانباً من حياة الفقر والزهد التي عاشها بعض الصحابة رضي الله عنهم، ويتجلى في شخصية أبي ذر الغفاري، الذي كان من فقراء الصحابة ومن أزهدهم في الدنيا. كان رضي الله عنه يخدم النبي ﷺ ويقضي حوائجه، وبعد انتهاء خدمته، لا يجد مأوى يبيت فيه إلا المسجد، فيجعل منه بيته ومأواه. ويدخل النبي ﷺ المسجد في إحدى الليالي فيجد أبا ذر نائماً فيه، فيوقظه برفق ويسأله عن سبب نومه في المسجد، فيرد أبو ذر بأنه لا يملك بيتاً آخر يلجأ إليه.

# 3. الدروس المستفادة والعبر:

● الزهد في الدنيا والتقلل منها: كان أبو ذر رضي الله عنه نموذجاً فريداً في الزهد والورع، وعدم الاهتمام بالدنيا وزخرفها، حتى إنه لم يكن يملك بيتاً يسكنه.
● مكانة المسجد في الإسلام: كان المسجد في عهد النبي ﷺ مركز الحياة للمسلمين، ليس للصلاة فقط، بل كان ملاذاً للفقراء والغرباء وطلاب العلم، ومكاناً للاجتماع والتشاور.
● رفق النبي ﷺ وحنوه: طريقة إيقاظ النبي ﷺ لأبي ذر برجله برفق، وعدم تأنيبه أو تعنيفه، بل سؤاله بسؤال استفهامي يحمل في طياته العطف والاهتمام: «ألا أراك نائمًا؟».
● الصبر على الفقر والضيق: يظهر من رد أبي ذر استسلامه لقضاء الله وصبره على فقره، بل وسؤاله الاستنكاري الذي يعبر عن قناعته بوضعه: "فأين أنام؟ وهل لي بيت غيره؟".
● خدمة العلماء والصالحين: حرص أبي ذر على خدمة النبي ﷺ وملازمته، مما يدل على قيمة خدمة العلماء والصالحين والتقرب إليهم لنيل البركة والعلم.

# 4. معلومات إضافية مفيدة:

● أبو ذر الغفاري: هو جندب بن جنادة، من السابقين الأولين إلى الإسلام، معروف بصدقه وزهده وورعه، وكان من الذين لا يخافون في الله لومة لائم.
● نومة أبي ذر في المسجد: كان هذا في فترة مبكرة من الإسلام، حيث كان الفقراء والمساكين (أهل الصفة) يبيتون في المسجد، ولم يكن هناك نهي عن النوم في المسجد في ذلك الوقت.
● الحديث بطوله: الإشارة إلى أن للحديث بقية يذكر فيها النبي ﷺ رداً أو حكماً يتعلق بالموقف، وهو ما ورد في روايات أخرى.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (٢٧٥٨٨)، والطبراني في الكبير (١٦٢٣) كلاهما من طريق عبد الحميد بن بهرام، قال: حدثنا شهْر بن حوشب قال: حدثتني أسماء بنت يزيد فذكرته بطوله. وهو مذكور بكامله في موضعه.
وإسناده حسن لأجل الخلاف في شهر بن حوشب فقد ضعفه البعض، ووثقه البعض غير أنه حسن الحديث إذا لم يأت ما ينكر عليه، انظر كلام أهل العلم فيه في كتاب الطهارة: الأذنان من الرأس.
ورواه الطبراني في «الأوسط» (٧٩٤٦) من وجه آخر عن إسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غَنْم، عن أبي ذر أنه كان يخدم النبي ﷺ، فإذا فرغ من خدمته أتي المسجد فاضطجع فيه، -وعبد الرحمن بن غَنْم- بفتح الغين وسكون النون -من نقات التابعين، وقيل: كان له صحبة.
وفيه إسماعيل بن عياش صدوق إذا روى عن أهل بلده الشاميين، ومخلط إذا روى عن غير أهل بلده. وعبد الله بن عبد الرحمن أبو حسين النوفلي مكي.
ورواه الدارمي (١٤٠٥) من وجه آخر من طريق أبي حرب بن أبي الأسود الدِّئلي، عن عمِّه، عن أبي ذرٍّ قال: أتاني نبي الله ﷺ وأنا نائم في المسجد، فضربني برجله قال: «ألا أرَاك نائما فيه»
قال الأعظمي: يا نبي الله! غلبتني عيني. وإسناده صحيح.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 69 من أصل 126 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ألا أراك نائمًا

📜 حديث: ألا أراك نائمًا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ألا أراك نائمًا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ألا أراك نائمًا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ألا أراك نائمًا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية