من أنا؟ أنا ابن عبد المطلب

حديث: من أنا؟ أنا ابن عبد المطلب

عن ابن عباس قال: بعث بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة إلى رسول الله ﷺ فأناخ بعيره على باب المسجد، ثم عقله، ثم دخل المسجد فذكر نحوه (أي مثل حديث أنس) فقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ فقال رسول الله ﷺ: «أنا ابن عبد المطلب» وساق الحديث.

حسن: رواه أبو داود (٤٨٧) عن محمد بن عمرو، حدثنا سلمة، حدثني محمد بن إسحاق، حدثني سلمة بن كهيل ومحمد بن الوليد بن نُويفع، عن كريب، عن ابن عباس فذكر مثله.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث الذي ذكر – حفظك الله – هو جزء من حديث طويل مشهور، رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو قصة وفد بني سعد بن بكر ومقابلة زعيمهم ضمام بن ثعلبة رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم. وهو من الأحاديث العظيمة التي تحكي بلاغة النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته في الدعوة، وقوة تأثير الإسلام على النفوس المستقبلة للحق.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث:

1. شرح المفردات:

● بعث بنو سعد بن بكر: أرسلت قبيلة بني سعد بن بكر (وهي إحدى قبائل العرب المعروفة).
● ضمام بن ثعلبة: هو زعيم القبيلة وشخصيتها البارزة، وكان معروفًا بالفصاحة والحكمة والشجاعة.
● فأناخ بعيره: أوقف ناقته وأجلسها على الأرض.
● ثم عقله: ربط رجل الناقة (العقال هو الحبل الذي يُربط به).
● وساق الحديث: أي ذكر الراوي (ابن عباس) بقية الحديث.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن قبيلة "بني سعد بن بكر" أرادت أن تعرف حقيقة هذا الدين الجديد، فاختارت أرجحهم عقلًا وأقواهم شخصية، وهو ضمام بن ثعلبة، ليكون سفيرًا لهم ويلتقي النبي صلى الله عليه وسلم ليسأله عن сущية دعوته.
ولما قدم ضمام إلى المدينة، لم يتردد أو يتهيب، بل تصرف بثقة وحزم، فأناخ ناقته أمام المسجد النبوي وعقلها، ثم دخل بجرأة ووضوح، وسأل بصوت عالٍ يسمعه الناس: "أيكم ابن عبد المطلب؟" أي: أين محمد بن عبد الله بن عبد المطلب؟
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بتواضع وجزم: "أنا ابن عبد المطلب"، أي: نعم، أنا هو.
ثم يستمر الحديث (الذي أشار الراوي إليه بقوله "وساق الحديث") في وصف الحوار القوي والمباشر الذي دار بين ضمام والنبي صلى الله عليه وسلم، حيث سأله ضمام أسئلة صريحة ومباشرة عن حقيقة الإسلام، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بأجوبة واضحة، فأسلم ضمام في الحال وعاد إلى قومه داعية لهم، فأسلموا جميعًا بإسلامه.

3. الدروس المستفادة والفَوائد:

هذه القصة العظيمة تحوي كنوزًا من الدروس والعبر، منها:
1- الحكمة في اختيار السفراء والمبعوثين: حيث اختارت القبيلة أفقه رجل وأقدرهم على الحوار والنقاش، مما يدل على أهمية اختيار ذوي الكفاءة للمهمات الخطيرة.
2- الشجاعة والوضوح في طلب الحق: تجسدت شخصية ضمام في الشجاعة والصراحة، فدخل مباشرة إلى مكان لم يعرفه من قبل وسأل بلا مواربة. طالب الحق يجب أن يكون جريئًا واضحًا.
3- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وجرأته: لم يغضب النبي صلى الله عليه وسلم من طريقة نداء ضمام المباشرة، بل أجابه بتواضع عظيم وهو مقام النبوة والرسالة، قائلًا: "أنا ابن عبد المطلب". وهذا من أدبه وحلمه صلى الله عليه وسلم.
4- قوة تأثير الحق وقابلية النفس له: لم يكن ضمام مسلمًا قبل اللقاء، ولكنه كان قلبًا سليمًا يبحث عن الحق، فلما سمعه من مصدره الصحيح، قبله فورًا دون تردد. وهذا يدل على أن النفوس المستقبلة للهدى تَهُلُّك للحق عندما يصلها بصورته النقية.
5- فعالية أسلوب الحوار المباشر والواضح: كان حوار النبي صلى الله عليه وسلم مع ضمام مختصرًا، واضحًا، خاليًا من التعقيد، مما جعل أثره قويًا وسريعًا في النفس.
6- دور الفرد في هداية الجماعة: كان إسلام ضمام سببًا مباشرًا في إسلام整個 قبيلته، مما يدل على أثر الدعوة الفردية وكيف أن شخصًا واحدًا يمكن أن يكون سببًا في هداية أمة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- الحديث كاملاً موجود في صحيح البخاري (كتاب العلم، باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله).
- قصة ضمام بن ثعلبة هي نموذج مثالي لـ "وفود القبائل" على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة للاستفسار عن الإسلام.
- يضرب المثل بضمام في قوة الشخصية والثبات، حتى أنه لما عاد إلى قومه قال لهم كلمته المشهورة التي تدل على قوة إيمانه: "يا بني سعد بن بكر، والله ما تبعتُه حتى وَضعْتُه في المقامِ الأعلى والأرفع، يعنيه الإسلام".
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يجعلنا من المتّبعين لها العاملين بها. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٨٧) عن محمد بن عمرو، حدثنا سلمة، حدثني محمد بن إسحاق، حدثني سلمة بن كهيل ومحمد بن الوليد بن نُويفع، عن كريب، عن ابن عباس فذكر مثله.
وسلمة هو: ابن الفضل الأبرش، مولى الأنصار، مختلف فيه فوثَّقه أبو داود وابن سعد وذكره ابن حبان في الثقات، وتكلم فيه الآخرون، وهو من أثبت الناس في ابن إسحاق كما قال ابن معين.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق مدل إلا أنه صرّح بالتحديث.
وفي الإسناد أيضًا محمد بن الوليد بن نويفع الأسدي لم يوثقه غير ابن حبان ولذا قال فيه الحافظ: «مقبول»، قلت: وهو كذلك، لأنه تابعه سلمة بن كهيل.
والحديث رواه أحمد (٢٢٥٤) مختصرًا و(٢٣٨٠) مطولًا عن يعقوب، حدثنا أبي، عن محمد ابن إسحاق، به، وأخرجه الحاكم (٣/ ٥٤) من وجه آخر عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن الوليد (وحده) وقال: «صحيح».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 80 من أصل 126 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أنا؟ أنا ابن عبد المطلب

📜 حديث: من أنا؟ أنا ابن عبد المطلب

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من أنا؟ أنا ابن عبد المطلب

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من أنا؟ أنا ابن عبد المطلب

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من أنا؟ أنا ابن عبد المطلب

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية