حديث: كفارة وطهور

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما يقال من الأدعية والرقية للمريض عند عيادته

عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ دخل على أعرابي يعودُه، وهو محموم فقال: «كفارة وطهور» فقال الأعرابي: بل حُمَّى تفور على شيخ كبير، تزيره القبور.
فقام رسول الله ﷺ وتركهـ.

حسن: رواه الإمام أحمد (١٣٦١٦) عن عفان، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا أبو ربيعة، عن أنس فذكره.

عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ دخل على أعرابي يعودُه، وهو محموم فقال: «كفارة وطهور» فقال الأعرابي: بل حُمَّى تفور على شيخ كبير، تزيره القبور.
فقام رسول الله ﷺ وتركهـ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أهلاً وسهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تجمع بين عظيم رحمة النبي ﷺ وحكمته في الدعوة، وصبره على الأذى. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:


● يعوده: يزوره ليطمئن على صحته ويدعو له.
● محموم: مصاب بالحمى، وهي ارتفاع حرارة الجسم.
● كفارة وطهور: الكفارة هي ما يُكَفِّر الذنوب ويمحوها، والطهور هو التطهير من الذنوب والأمراض.
● تفور: تغلي وتشتد، كغليان الماء.
● تزيره القبور: أي تقربه من الموت وزيارة القبور (أي تدنيه من أن يُدفن فيها).

ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ زار أعرابياً (أحد أهل البادية) كان مريضاً بالحمى، وفي زيارة المرضى يتجلى خلق النبي ﷺ الرحيم الذي كان يهتم بأصحابه وأمته. فلما رآه يعاني من الحمى، قال له ﷺ كلمات مليئة بالتفاؤل والمواساة: "كفارة وطهور"، أي أن هذه الحمى التي تصيبك هي تكفير لذنوبك وتطهير لك من الخطايا، كما أن فيها تخفيفاً للعذاب في الآخرة، وهي علامة على محبة الله لعبده إذ يصيبه بالبلاء ليرفع درجاته.
لكن الأعرابي -وقد غلبت عليه شدة المرض وآلامه- لم يستوعب هذه النظرة الإيمانية العميقة، فرد على النبي ﷺ رداً جافاً فيه شكوى واستنكار، فقال: "بل حُمَّى تفور على شيخ كبير، تزيره القبور"، أي أنه يراها مجرد حمى شديدة تؤلمه وهو شيخ كبير في السن، وتقربه من الموت، دون أن ينظر إلى الجانب الإيماني والثواب فيها.
فما كان من النبي ﷺ -وهو المربي الحكيم- إلا أن قام وتركه، لا غضباً منه ﷺ، ولكن لأنه يعلم أن هذا الأعرابي في حال لا تقبل فيها الموعظة، فاختار أن ينسحب بهدوء لئلا يزيد الموقف سوءاً.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- فضل عيادة المريض: في الحديث حث على زيارة المرضى والوقوف إلى جانبهم، وهو من حقوق المسلمين على بعضهم.
2- الصبر على البلاء وتفويض الأمر لله: المرض والحمى قد تكون تكفيراً للذنوب ورفعة في الدرجات، كما في قوله ﷺ: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" (رواه البخاري).
3- الحكمة في الدعوة: النبي ﷺ علمنا أن الدعوة تحتاج إلى حكمة وموعظة حسنة، وأنه إذا لم يُقبل الكلام من شخص في وقت ما، فالأولى تركه حتى يهدأ ثم العودة إليه.
4- التأدب مع النبي ﷺ: رد الأعرابي كان فيه قلة أدب مع النبي، وهو ما ينبغي للمسلم أن يتجنبه، ويجب أن يكون دائم الأدب مع النبي ﷺ ومع شرعه.
5- رحمة النبي ﷺ وصبره: على الرغم من رد الأعرابي الجافي، لم يغضب النبي ﷺ أو يؤذه، بل تحمل ذلك بصبر وحلم.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يدل على أن النبي ﷺ كان يزور المرضى ويهتم بهم، بل وكان يزور حتى غير المسلمين ليدعوهم إلى الله.
- فيه إشارة إلى أن المرض قد يكون نعمة في ثوب نقمة، إذا صبر العبد واحتسب الأجر عند الله.
- ينبغي للمسلم عندما يمرض أن يتذكر ثواب الصبر، ويستشعر رحمة الله به في تكفير ذنوبه.
أسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا الصبر والاحتساب في كل بلاء.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٣٦١٦) عن عفان، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا أبو ربيعة، عن أنس فذكره.
وإسناده حسن من أجل أبي ربيعة وهو سنان بن ربيعة الباهلي مختلف فيه غير أنه حسن الحديث وخاصة إذا كان في الشواهد.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٢/ ٢٩٩): «رواه أحمد ورجاله ثقات».
وأما ما رُوي عن شرحبيل قال: كنا جلوسًا عند النبي ﷺ إذ جاءه أعرابي طويل أبيض. فقال: يا رسول الله شيخ كبير به حُمَّى تفور تزيره القبور. فقال رسول الله ﷺ: «شيخ كبير به حُمَّى تفور، هي له كفارة وطهوره فأعادها، وأعادها عليه النبي ﷺ فأعادها ثلاث مرات أو أربعة، قال النبي ﷺ: أما إذا أَبيت فهي كما تقول، وما قضى الله فهو كائن» قال: فما أمسى من الغد إلا ميتا.
ففي إسناده من لا يعرفون، رواه الطبراني في «الكبير» (٧/ ٣٦٦ - ٣٦٧) عن العباس بن الفضل الأسناطي، ثنا أبو عون الزيادي، ثنا حماد بن يزيد المنقري، عن مخلد بن عقبة بن شرحبيل، عن جده شرحبيل فذكره.
قال الهيثمي في: المجمع (٢/ ٣٠٧): رواه الطبراني في: الكبير«، وفيه من لم أعرفه.
وأورده الحافظ في: الفتح (٦/ ٦٢٥) وقال: «أخرجه الطبراني وغيره من رواية شرحبيل والد عبد الرحمن فذكر نحو حديث ابن عباس».
قال الأعظمي: إن كان الحافظ يقصد به الحديث المذكور فهو ليس نحو حديث ابن عباس، بل عكس منه، ففي حديث ابن عباس عاد النبيُّ ﷺ الأعرابي، وفي حديث شرحبيل زار الأعرابيُّ النبيَّ ﷺ.
وقال في: الفتح (١٠/ ١١٩) بعد أن أخرجه من حديث شرحبيل: «وأخرجه الدولابي في «الكني» وابن السكن في «الصحابة»، ولفظه: «فقال النبي ﷺ: «ما قضى الله فهو كائن«فأصبح الأعرابي ميتًا».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 113 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كفارة وطهور

  • 📜 حديث: كفارة وطهور

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كفارة وطهور

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كفارة وطهور

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كفارة وطهور

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب