ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب

حديث: ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب

عن ابن عباس قال: لما حُضِر رسول الله ﷺ وفي البيت رجال، فيهم عمر بن الخطاب قال النبي ﷺ: «هَلُمَّ أَكتبْ لكم كتابًا لا تضلوا بعده» فقال عمر: إن النبي ﷺ قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتابُ الله. فاختلف أهل البيت فاختصموا. منهم من يقول: قَرِّبوا يكتب لكم النبي ﷺ كتابًا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر. فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي ﷺ قال رسول الله ﷺ: «قوموا». وفي رواية: «قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع»، قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ﷺ وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.

متفق عليه: رواه البخاري في المرضى (٥٦٦٩)، ومسلم في الوصية (١٦٣٧/ ٢٢) كلاهما من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عتبة، عن ابن عباس فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
### أولاً. تخريج الحديث
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه في كتاب العلم، باب كتابة العلم، ورواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه.
### ثانيًا. شرح المفردات
● حُضِر: أي نزل به الموت وقرب أجله.
● هَلُمَّ: تعني أقبلوا وتعالوا.
● الوجع: الألم والشدة التي كانت به صلى الله عليه وسلم.
● حسبنا كتاب الله: أي يكفينا كتاب الله.
● اللغو: الكلام الكثير غير المفيد.
● الاختلاف: التعارض في الآراء.
● التنازع: التجادل والخصومة.
● الرزية: المصيبة العظيمة.
### ثالثًا. شرح الحديث
يحدثنا الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن اللحظات الأخيرة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم. فقد اجتمع حوله عدد من الصحابة، ضمن которых был عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
في هذه اللحظات الحرجة، عرض النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة أن يكتب لهم كتابًا يكون ضمانة لهم من الضلال، وهو عرض عظيم ينم عن حرصه على أمته حتى في ساعة الاحتضار.
لكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بدافع من شفقته على النبي صلى الله عليه وسلم وخوفه من أن يتكلم في تلك اللحظة بما قد يُساء فهمه بسبب شدة المرض، قال: "حسبنا كتاب الله"، أي أن القرآن الكريم يكفينا ويحمينا من الضلال.
وقع اختلاف بين الصحابة الحاضرين؛ فمنهم من أراد أن ينفذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم ويحضر له ما يكتب به، ومنهم من وافق رأي عمر رضي الله عنه. أدى هذا الاختلاف إلى ارتفاع الأصوات والجدال near النبي صلى الله عليه وسلم.
فأنهى النبي صلى الله عليه وسلم الموقف بقوله: "قوموا عني"، وفي رواية: "قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع"، مؤكدًا أن مكانه ليس مكانًا للخصام والجدال، خاصة في تلك اللحظة.
### رابعًا. الدروس المستفادة والعبر
1- عظم المصيبة (الرزية): يؤكد ابن عباس أن المصيبة الكبرى كانت في حرمان الأمة من ذلك الكتاب الذي كان سيكتبه النبي صلى الله عليه وسلم، والذي كان سيمنع الضلالة. هذا يدل على عظمة ما فات.
2- اجتهاد الصحابة: الموقف يظهر اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم ونواياهم الطيبة. عمر رضي الله عنه لم يقصد معصية النبي، بل كان اجتهادًا منه بدافع الشفقة والخوف على النبي صلى الله عليه وسلم وحرمة مكانته. وهذا من مواقف الاجتهاد التي يُؤجر عليها المجتهد حتى لو أخطأ.
3- قدسية مقام النبوة: نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التنازع عنده يدل على عظمة مقامه وحرمة الجدال والخصومة في حضرته.
4- القرآن هو الأصل: قول عمر رضي الله عنه "حسبنا كتاب الله" يؤكد على أن القرآن الكريم هو الأساس والمنبع الرئيسي للهداية، وهو كافٍ لمن تمسك به.
5- التأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم: يجب على المسلم التأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم وعدم مخالفة أمره، والحرص على تنفيذ ما يأمر به.
### خامسًا. بيان موقف أهل السنة والجماعة
يؤكد أهل السنة والجماعة على عدة أمور في هذا الحديث:
- أن الصحابة كلهم عدول، وأفعالهم في هذا الموقف كانت عن اجتهاد ونيّة صالحة.
- أنهم لا يتوقفون في حب جميع الصحابة والترضي عنهم، والاعتراف بفضلهم وسابقتهم.
- أن هذا الاختلاف لا يمس عقيدة المسلم، بل هو من الأمور الاجتهادية.
نسأل الله أن يوفقنا لفهم سنة نبيه والعمل بها، وأن يجمعنا به في جنات النعيم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المرضى (٥٦٦٩)، ومسلم في الوصية (١٦٣٧/ ٢٢) كلاهما من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عتبة، عن ابن عباس فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 123 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب

📜 حديث: ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية